تاريخ حركة النقابات العمالية في العراق بعد 2003


سيزار ماثيوس
2018 / 6 / 9 - 08:15     

لقد عانت النقابات العمالية في العراق بعد الاحتلال الامريكي للعراق لأزمات كثيرة؛مما ادى للكثير من الانشقاقات وضياع الهدف الاساسي للنقابات العمالية في العراق ، وهو تنظيم الطبقة العاملة في العراق واعطائها عن طريق التنظيم القوة اللازمة للمطالبة بحقوقها.

وينتج هنا ان الحركة العمالية اصبحت للبعض اصبحت ستارة يستغلوها من اجل المنافع التي تنتج عن طريق الايفادات والسفر ،التي تقام كل فترة وبسببها تكون هناك مشاكل كثيرة مما يزيد في الانقسامات التي بسببها يتم تشتيت الطبقة العاملة وزيادة عدم تمثيل الحركة النقابية في اوساط العمال، والبعض الاخر يستغلها سياسيا حيث تكون تابعة لتيار سياسي يروج عن طريقها دعاية له.

وهنا ياتي تحقيق الاهداف البرجوازية العالمية في ابقاء الطبقة العاملة مستغلة في ايدي ارباب العمل؛ عن طرق تدمير الحركة النقابية العمالية ووضع هذه الحركة باطار الصراعات الشخصية بين قياداتها وتهميش دور الشباب الثوري في قيادة هذه النقابات، بسبب تشبث قياداتها برئاسة الاتحاد مثال واقعي على هذا الامر (في مؤتمر انتخابي لاحد الحركات العمالية تم انتخاب نفس الوجوه التي انتخبت في الدورات السابقة ؛ولم يكون للشباب سوى صعود شاب واحد في المكتب المركزي).

مثال اخر على احد ألنقابات (يضع احد قيادات الحركة العمالية اقاربه في القيادات والمراكز المتواجدة في النقابة ،وكانها دائرة وظيفية ومنها ينتج امران تقليص دور النقابيين الحقيقيين مما يؤدي لضجرهم وانسحابهم او تكوين اتحاد عمالي جديد ؛مما يزيد الانقسامات في الحركة العمالية كما ذكرت قبلها والامر الثاني يتم وضع الطبقة العاملة ووضع القيادة في النقابة بيد الاشخاص غير الكفوئين مما يدمر الحركة العمالية في العراق).

وهذا كله صنيعة القوى البرجوازية العالمية ابان الاحتلال الامريكي، حيث زرعوا حب القيادة والمراكز في نفوس القيادات العمالية في العراق ،عن طريق ورش العمل التي ليست نصير للعمال ،وعن طريق منظمة التضامن الاجتماعي التي تدعم وضع شخص يقرر ويتكلم عن مصير الطبقة العاملة، مما يؤدي لتقليص قوة ودور الطبقة العاملة في قلب الساحة العراقية وينتج من دمار الحركة النقابية تدمير كلي للحركة الاشتراكية العمالية في العراق.

ونأتي هنا الى اهم الانقسامات التي واجهت الحركة العمالية في العراق حيث يكمن احدهما في دور ألحكومة في اضعاف وتدمير العمل النقابي العمالي في العراق وذلك بقرار مجلس الحكم رقم (3) لعام 2004 والذي نصت الفقرة الأولى منه على وجوب حل كافة مجالس الإدارات المنتخبة حديثا ومنها بالطبع مجالس إدارات النقابات والاتحادات العمالية لحين إجراء انتخابات جديدة. أعقبها امر وزاري بتشكيل لجنة سداسية (الأمر المرقم 8750 لسنة 2005 )اسندت رئاستها لاحقا لوزير العمل والشؤون الاجتماعية مهمتها الإشراف على اي انتخابات مزمع اجرائها وإعطاء الشرعية للفائزين ثم رفع اليد عن ممتلكاتها المنقولة وغير المنقولة ، وحينها كانت هنالك على الساحة العراقية العمالية النقابية اتحادين عماليين تتنازع الشرعية وهي (الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق ، الاتحاد العام لنقابات عمال العراق) ولما كانت التشريعات الوطنية النافذة لا تعترف إلا باتحاد واحد تعترف به الحكومة فقد سارعت هذه الاتحادات، مع بعض الملحقات النقابية الصغيرة للذهاب الى دمشق حيث مقر الاتحاد الدولي للعمال العرب وعقدت برعايته اتفاقا مشتركا بتاريخ 2005/9/19 لتشكيل هيئة قيادية عليا لإدارة شؤون الاتحاد لحين اجراء انتخابات عمالية جديدة مما ادى الى اضمحلال قوة وعدد الطبقة العاملة العراقية تبعا لسياسات الحكومات المتعاقبة المعادية للتصنيع والإنتاج ، والمجمدة لكل القوانين الداعمة لتنظيم العمل في العراق ، بدء من قانون العمل ، قانون التقاعد والضمان الاجتماعي والصحي ، قانون تحديد الاستيراد ، قانون حماية المنتج الوطني ، وغيرها.

انعكس ذلك كله على البنية الفوقية أو الهيئة القيادية المشكلة للاتحاد، التي تنازعت أعضائها الانتماءات الحزبية ورغبة الاستحواذ مما ادى الى عدم الانسجام ، وتغليب الجانب المهني النقابي على السياسي حتى العام 2012 والانشقاق الكبير او العودة للجذور حيث ارتأت المجموعتان النقابية( مجموعة يساريين ديمقراطيين ومجموعة بعثيين) قبل 2003 وممثلوا الاسلام السياسي من النقابيين الجدد القيام بمبادرة انتخابية و بمباركة من اللجنه التي يرأسها وزير العمل الممثل لأحد أركان الاسلام السياسي الحاكم في عام 2012 ثم عقد مؤتمر عام في 2012/7/24 غاب عنه ممثلوا اليسار اللذين سارعوا بأجراء انتخاباتهم الخاصة بتاريخ 2012/9/23 مع مؤتمرهم العام متسلحين باعتراف الاتحاد الدولي للعمال العرب بهم وكذلك الاتحادات العالمية ، ليصبح لدينا حاليا اتحادين احدهما ممثل حكومي ويرأسه ستار دنبوس والاخر ممثل اقليمي يقوده علي رحيم مما زاد في دمار الحركة العمالية في العراق.

ويأتي الانقسام الثاني لاتحاد المجالس والنقابات العمالية الذي يقوده فلاح علوان اثر خلاف دار بين المكتب المركزي للاتحاد وبين رئيس الاتحاد مما ادى لخروج عدد من النقابات وعقد المناقشات لسحب فروع المحافظات من يد الاتحاد حيث اسس الاتحاد العام للمجالس والنقابات العمالية تحت ادارة مؤقتة يقودها صبحي البدري ونائبا له سعيد نعمة، وتم تغير الاسم الى ان اصبح الاتحاد العام لنقابات العاملين حتى عام 2009 حيث تم اخراج صبحي البدري من قيادة النقابة وانتخاب سعيد نعمة رئيسا للاتحاد ونائبا له عبد الكريم عبد السادة (ابو وطن)، لفترة وتم اخراج سعيد نعمة من النقابة حيث قام بتاسيس الاتحاد العام لنقابات عمال وموظفي العراق ، وبعدها تم انتخاب عبد السادة(ابووطن) رئيسا للاتحاد ووليد نعمة نائبا له ؛ وهنا يظهر اخر انقسام في الحركة النقابية حيث بسبب الخلافات في قيادة الاتحاد نتج عن طريقها عقد ماأطلق عليه "المؤتمر التصحيحي" حيث انتخب وليد نعمة رئيسا للاتحاد في 30/12/2017 مما زاد حدة الخلاف بينهما مما ادى لاتفاق على ان يغير وليد نعمة اسمه وشعاره حيث قام بتسميته بالاتحاد العراقي لنقابات العمال، مع بقاء ابو وطن رئيسا اتحاد العام لنقابات العاملين.

ومن واقع هذه الاحداث اثبت نجاح البرجوازية في تدمير التمثيل النقابي داخل صفوف الطبقة العاملة ، عن طريق زرع الخلافات وتعزيزها بالانقسامات ، ؛والمتضرر الوحيد هي الطبقة العاملة حيث تسلب حقوقهم على يد ارباب العمل وانهاء شئ يسمى نقابات عمالية ، وذلك بسبب الخلافات والانقسامات التي حدثت في الحركة النقابية ولكن هل هناك بديل هل هناك حل؟وما هو ؟

الحل هوة اقامة المجالسية العمالية حيث تبتعد عن الخلافات السلطوية مما يزيد من قوة وتنظيم الطبقة العاملة وسيكون هناك صوت واحد ينظم ويطالب بحقوق الطبقة العاملة والتي هي
المــجــالــس الــعــمالــية او الاجتماع العام كفكرة منصور حكمت ، حيث يصر على أن البروليتاريا تمثل نفسها بنفسها دون أية وصاية نخبوية أو بيروقراطية ما , وسيرهم على خط منهجي واحد الا وهو الاشتراكية , لكي لا يسلب صوتهم في البداية و حريتهم في النهاية, المجالسية العمالية افضل سلاح بيد جماهير البروليتاريا لتحرر نفسها بنفسها.



ملاحظة:الهدف من المقال شرح تاريخ الحركة العمالية في العراق بعد 2003 وما هي ابرز المشاكل والانقسامات والحل الذي اراه الوحيد قادر على تنظيم العمال.

ســيزار