حول ظاهرة الاستقالات في الحزب الشيوعي العمالي , مساهمة في الحوار، رؤية من خارج التنظيم


سعد محمد حسن
2018 / 5 / 28 - 15:11     

رؤية من خارج لتنظيم
حول ظاهرة الاستقالات في الحزب الشيوعي العمالي العراقي
مساهمة في الحوار

لاشك من أن التطورات التي حدثت أخيرا في صفوف الحزب الشيوعي العمالي العراقي والتي تجلت باستقالة العديد من أعضاء اللجنة المركزية وأيضا مسئول تنظيمات لندن تعد مؤشرا خطيرا يؤشر على مدى الصعوبات التي يواجهها هذا الحزب كخطاب وممارسة تنظيمية وعملية على أرض الواقع وعلى مكانته في الحياة السياسية والاجتماعية , مما يستلزم ذلك قراءة متأنية للوقوف على طبيعة الأسباب التي أدت إلى تقديم تلك الاستقالات ودوافعها الحقيقية واستخلاص الدروس منها. كما يتطلب في الوقت نفسه التحلي بالمسئولية وروح الجماعة ونكران ذات وتضافر كل الجهود لردع الصدع وتعزيز قوة الحزب و مكانته في الحياة السياسية والاجتماعية والارتقاء بذلك
ورغم أن المؤشرات الأولية تعكس بحق عن وجود أزمة بنيوية داخل التنظيم نفسه وهو ما عبر عنها مؤيد أحمد في رسالة الاستقالة الموجهة إلى قيادة الحزب ألا أن ذلك لا يحول دون أن تأخذ اللجنة المركزية على عاتقها خطوات و إجراءات عملية لمعالجة تداعيات هذه الأزمة وإيقاف أتساعها مما قد يهدد وجود الحزب نفسه .
أن كل المؤشرات تدل على أن ما حدث من استقالات كان التجلي الراهن لازمة بنيوية تمتد جذورها على طول امتداد تاريخ الحزب منذ إعلان تأسيسه في العام 1993 و ما زالت تضرب في الصميم الأسس التنظيمية والفكرية التي قام عليها الحزب
لقد وضعت رسالة مؤيد أحمد بعض النقاط على الحروف في بيانه لأسباب استقالته هو ورفاقه الآخرين وكشفت من أن الصراع داخل الحزب ليس صراعا كتلويا وشخصيا بل أنه أعمق من ذلك ,فقد ساق أدعائه بالقول (نحن الموقعون أدناه توصلنا إلى القناعة التامة وبعد تجربة سنوات طويلة مع القيادة الحالية بالحزب بأننا لا نستطيع أن نستمر بالنضال الموحد معكم داخل الحزب الشيوعي العمالي العراقي ولا يمكن لنا أن نعمل في ظل قيادة الحزب الحالية ويعود ليؤكد وفي نفس رسالة الاستقالة بالقول ( أن هذا القرار بالنسبة لكل واحد منا وكذلك بشكل جماعي قرار حاسم في حياتنا النضالية من أجل قضية الشيوعية وصوب بناء حزب اجتماعي شيوعي عمالي قوي ومؤثر ) ولذلك نرى ( بأنه من غير الممكن بناء حزب اجتماعي شيوعي بروليتاري مؤثر وقوي من دون توفر قيادة حزبية شيوعية متسلحة بالماركسية, قيادة سياسية وتنظيمية نشطة منخرطة بشكل فعلي في بناء هذا الحزب الاجتماعي الواسع , أننا لا نرى بأننا نستطيع أن نديم عملنا بشكل مشترك مع هذه القيادة لتحقيق ذلك وأن ثقتنا بهذه القيادة الحالية أصبحت معدومة في تحقيق هذا الأمر ) ثم يضيف قائلا ( أن من الواضح أن توفير قيادة شيوعية ذات تقاليد وأساليب شيوعية عمالية راسخة للأحزاب ليست مسألة تقنية وانتقائية , وإنما هي مسألة سياسية وفكرية وطبقية من حيث الأساس ومسألة تتعلق بالخط السياسي والحزبي الشيوعي المحدد )
إذن أنها أزمة بنيوية تتعلق ليس بقيادة الحزب الحالية ولا بالعمل و آلية العمل الحزبي داخل الحزب الشيوعي العمالي العراقي, , و إنما أبعد من ذلك , ولو تتبعنا تاريخ الحزب فأننا سنلاحظ حجم الانشقاقات والتكتلات التي طبعت كل تاريخه منذ تأسيسه وإلى حد الآن . يكتب عبد الله صلح ( عضو ل م ) وعلى موقع الحوار المتمدن ليوم 24 / 5 / 2018 قائلا ( تأسيس الحزب الشيوعي العمالي جاء في ظروف سياسية كانت شبه مواتية لظهور حزب مركسي يناضل من أجل قضية تحرير الطبقة العاملة على صعيد العراق , حدد الهدف توحيد صف اليسار وإنقاذه من الشرذمة في تلك الظروف خصوصا وأن العديد من تياراته كانت تتبنى وتؤمن بمبادئ الشيوعية العمالية كخط عام , تلك المبادئ التي صاغها الر فيق الراحل منصور حكمت ووفقا لهذا الأساس بادر الراحل المذكور بتأسيس الحزب وتمت العملية في 21/ 9 / 1993 , البداية لم تكن صحيحة ولم تكن موفقة وكانت أشبه بتجميع ولصق ميكانيكي لهذه التنظيمات التي كانت تحمل أساليب وتوجهات سياسية مختلفة بغض النظر عن التوافق مع الخط العام , الأمر لم يكن بهذه السهولة وأن المسألة كانت أشبه بولادة قيصرية وليست طبيعية لحزب ماركسي يناضل من أجل قضية بحجم قضية تحرير الطبقة العاملة وبناء الاشتراكية , هذه البداية غير الموفقة لازمت الحزب وما تزال ) ثم يستعرض عبد الله صالح مسيرة الحزب التي لم تخلو من حالة الانقسام والتصدع وحتى قبل انعقاد المؤتمر الأول له في العام 1998 وصولا إلى الاستقالات الأخيرة وعزم المستقيلين إلى تشكيل حزب أخر.
لاشك من أن تاريخ الحزب الشيوعي العمالي العراقي الموبوء بمرض الانشقاقات منذ ولادته القيصرية وغير الطبيعية ليومنا هذا هو مؤشر واضح على عمق الأزمة ا التي دفعت بالحزب نحو مزيدا من العزلة والضعف وقد حولت هذه الأزمة بالحزب من يكون افتراضا قوة إيجابية تساهم في تعزيز قوة اليسار في العراق إلى قوة سلبية ومعزولة بحكم خطابه الإيديولوجي المغلق وغير المرن مما أفقده ذلك القدرة تماما على معرفة مسار الأشكال الملموسة واليومية للصراع الطبقي الذي يجري في المجتمع العراقي وما هي قواه الاجتماعية وما هي أشكال تحالفاتها وفي والموقف السليم المتخذ , وفي عدم تقدير ما هو تكتيكي وما هو راهن وما هو استراتيجي عند رسم سياسة الحزب العملية ناهيك عن بروز النزعة القومية البرجوازية الواضحة لدى أغلب القيادات خاصة ( الكردية منها ) التي دفعتهم للوقوف وراء الحزب الديمقراطي الكردستاني وبقية الأحزاب القومية البرجوازية في قضية استفتاء الإقليم متناسين الجرائم التي ارتكبتها هذه الأحزاب بحق أبناء الشعب الكردي , وغير مدركين مما قد يسببه موقفهم من تعميق روح الكراهية القومية الأساء لأواصر الأخوة العربية الكردية وعلى مسيرة التحولات والصراعات الطبقية التي تجري , إضافة إلى ترسخ روح التعالي و البيروقراطية في سلوك و وتفكير قيادة الحزب وما نتج عن ذلك من ممارسات غير سليمة وغير صائبة و التي أحالت دون أن تسود روح الحوار والاحترام لوجهات النظر المختلفة ناهيك عن إيثار قيادة الحزب بالسلطة بما تحفل هذه السلطة من امتيازات مادية ومعنوية مغرية, ويبدو أن تلك الامتيازات ( منح الرواتب , السفرات , الدورات في الخارج , وغيرها. كانت تشكل حافز للانتماء للحزب والبقاء في صفوفه ( أنظر ما تضمنه تعقيب عواد أحمد على مقالة رزكَار عقراوي المنشورة على موقع الأخير الشخصي )
أن معالجة الأزمة البنيوية الراهنة تتطلب إعادة الاعتبار لمنهجية سليمة تقوم على رؤية نظرية وعملية قادرة على تجاوز أثار هذه الأزمة لكي يتمكن الحزب بعدها من أن يتحول إلى قوة سياسية واجتماعية فعالة حقا وبدون ذلك فأن الحزب الشيوعي العمالي العراقي في مسيره نحو ا التفكك ومن ثم الانهيار تماما