ايران : هل هي بداية النهاية للمشروع الفارسي الاستعماري؟


سيلوس العراقي
2018 / 5 / 22 - 23:40     

ان الشرق الاوسط منطقة يسيل فيها لعاب اللاعبين الكبار المتحكمين في الستراتيجية العالمية، يعرفون كيف يتنافسون بتعقل، يفيدون ويستفادون، لكن بكل تأكيد لا يمكن اعتبار ايران الاسلامية ونظامها الذي يتصرف كثورة يراد تصديرها الى كل دول الشرق الاوسط والعالم أجمع، ولا يتصرف بتاتا كدولة حديثة متمدنة تحترم شعوب الشرق العربية، وبالتأكيد ان تركيا اردوغان لم تعد من الدول المتعقلة في سياساتها بعد أن جعل منها اردوغان دولة اسلامية تتحدث باسم المسلمين بشكل واضح وإن كان أقل خطرًا من ايران لكنها ليست أقل جنونا من نظام ملالي قم وطهران وقوات حرسهم الثوري (الشيعي) الارهابي، لكن تركيا لازالت مقبولة اميريكيًا وروسيًا أكثر من ايران الدولة الراعية للارهاب في الشرق الاوسط
الدول التي لها ستراتيجيات تخدم دول الشرق الاوسط وتخدم مصالحها ترغب في اخراجه من الوضع التعيس والبائس الذي جاء نتيجة لتدخل النظام الارهابي الايراني الراغب بتصدير ثورته الآتية من عصور الظلام
بكل تأكيد هي : الولايات المتحدة الاميريكية واسرائيل وروسيا بالدرجة الأولى

أدناه ترجمة بتصرف لمقالة بقلم : ماثيو آر. جيه. برودسكين، وهو زميل أقدم في مجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن العاصمة وشارك في تأليف دراسة حول حضور الوجود العسكري الإيراني في سوريا وتأثيره على الأمن الإقليمي
لقد عزز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من موقعه على قمة هرم النفوذ والسلطة السورية، يظهر هذا جليًا نتيجة للحملة الجوية الإسرائيلية الضخمة التي استهدفت مواقع ايران ودفاعات الأسد الجوية. وصفها ودعاها المخططون العسكريون الإسرائيليون بأنها عملية "بيت الورق"، كان الهجوم الجوي الأوسع انتشارًا من قبل سلاح الجو الإسرائيلي على سوريا منذ أكتوبر 1973. إنْ كان نجاح اسرائيل العسكري المثير للإعجاب يترجم إلى نصر سياسي لكن بكل تحديد يعتبر انتكاسة محرجة لطهران ستكون له نتائجه الواضحة ومن دون شك يضاف اليها نكسة أخرى كبيرة على ايران في أسبوع واحد مليء بالفعل بخيبة أمل هائلة. ألا وهي موقف موسكو المخيّب لطهران، الذي عزّز موقف بوتين الاستراتيجي في الشرق الأوسط ، وهو ثمرة موقفه من اورشليم في اللحظة التي كل ما كان عليه فعله هو قول : "نعم" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

لم تكن نتيجة كهذه مضمونة عندما التقى نتنياهو ببوتين في موسكو، لكن الزعيم الإسرائيلي قد قام برصّ صفوف بطولاته الدبلوماسية في صف واحد. وقد بدأ الرد العسكري الإسرائيلي الكامل على الهجوم الصاروخي لأيران بعد ساعات قليلة من الزيارة وحظي بمباركة الكرملين. بحسب أحد كبار ضباط جيش الدفاع الاسرائيلي،وتم إخطار الولايات المتحدة مسبقا و"أخبرنا الروس أننا سنضرب في سوريا، لكننا لم نخبرهم أين بالضبط الأماكن التي سنهاجمها أو ما هي الأهداف". وأضاف قائلاً: "لقد حرصنا على آلية منع المواجهة بيننا وبين الروس على أكمل وجه، وحافظنا على حريتنا في العمليات العسكرية

وكان موقف الكرملين المطمئن والمريح تجاه مخاوف نتنياهو، بما في ذلك عدم توجيه الانتقادات لإسرائيل في أعقاب الهجوم ، تطورًا جديدًا كان موضع ترحيب بلا شك مع ارتياح كامل لحكومة اورشليم القدس. وذلك لأن روسيا لعبت دور الحكم منذ دخولها في الحرب السورية في سبتمبر / أيلول 2015 باسم الجزار المحاصر، بشار الأسد. على مدى عدة سنوات، شكّل تواجد روسيا المتنامي عقبة أمام تطبيق إسرائيل لخطوطها الحمراء، الأمر الذي تطلب دبلوماسية بارعة من جانب نتنياهو للتوصل إلى تفاهمات حول المعايير اللازمة للعمليات الاسرائيلية ولإدارة خط التواصل مع موسكو لمنع الحوادث أو الاصطدامات العسكرية
..
في خلال ما يقرب من عشرة لقاءات بين نتنياهو وبوتين منذ عام 2015، تمكنت إسرائيل وروسيا من تجنب الحوادث العملياتية ولكنهما لم تكونا على نفس التفاهم بما يخص ايران ودورها وبخصوص مكانة ايران في مستقبل سوريا

على سبيل المثال ، لم تأخذ بارامترات تعهدات وقف إطلاق النار وإزالة التصعيد في جنوب غرب 2017 - وهما المسعيان اللذان تقودهما موسكو - في نظر الاعتبار العديد من مخاوف إسرائيل الأمنية. والأكثر من ذلك، فإن البيان الأمريكي الروسي المشترك في نوفمبر تشرين الثاني 2017 الذي دعا إلى "تقليص المقاتلين الأجانب من جنوب سوريا والقضاء عليهم نهائيًا كجزء من عملية إنشاء منطقة تهدئة التصعيد، ولكن بعد بضعة أيام، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن الوجود الايراني في سوريا "شرعي" وقال إن روسيا لم تلتزم بضمان انسحاب ايران أو الميليشيات التابعة لها

كما أعربت روسيا عن امتعاضها من إسرائيل في وسائل الإعلام الروسية بعد الضربات الاسرائيلية في فبراير وأبريل ضد القاعدة الجوية تي ـ 4 في محافظة حمص، وهي مركز لوجستي رئيسي للحرس الثوري الايراني، وحيث تحتفظ روسيا أيضا بوجودها. كانت هناك تقارير تفيد بأنه بعد أن أسقط الأسد طائرة إف -16 إسرائيلية خلال العملية الاسرائيلية في فبراير، كان نتنياهو مستعدًا لإعطاء الضوء الأخضر لقوات اسرائيلية للقيام برد عسكري أكثر شمولية،لكنه تراجع بعد تلقي "مكالمة هاتفية غاضبة" من بوتين
كما شعرت روسيا بالغضب بعد أن قصفت إسرائيل في غارة جوية قاعدة تي -4 في أبريل، مما أدى إلى تدمير نظام الدفاع الجوي القصير المدى، وهو نظام اس أي 15 ـ النظام الصاروخي ـ تور. مما كان سيمثل عقوبة ملموسة من الكرملين في عملية بيع روسيا نظام الدفاع الجوي (اس - 300) إلى الأسد.

كان احتمال الاحتكاك المتصاعد بين إسرائيل وروسيا أمرًا ممكنًا و لا لبس فيه

لكن تراجعت روسيا (بوتين) عن الاتفاق الخاص لبيع الانظمة الدفاعية اس 300 بعد اجتماع نتنياهو في موسكو والتنفيذ الناجح للعملية العسكرية المسماة بيت الورق


وكان أكثر إثارة للاهتمام هو السياق الذي تم فيه الإعلان عن القرار. حين قال كوجين مساعد فلاديمير، وهو أحد كبار مساعدي الكرملين، عندما سئل عن إمكانية تزويد سوريا بـ إس -300
أجاب : في الوقت الراهن، لا نتحدث عن أي شحنات أنظمة حديثة (دفاع جوي). وأضاف كوجين أن الجيش السوري لديه "كل ما يحتاجه"، وهو تعليق لافت للنظر وفحواه أن اسرائيل دمرت امكانية الأسد في الحصول على الدفاعات الجوية الروسية أعلاه بعد استهدافها خلال عملياته

إن إزالة هذه العقبات والحصول على موافقة بوتين الضمنية هو تطور كبير يبدو أنه نتيجة لقيام نتنياهو بإقناع الرئيس الروسي بما يلي

كان اهتمام إسرائيل الوحيد هو الردّ على إيران وقواعد وكلاءها من الميليشيات التابعة لها في سوريا. لم يكن لاسرائيل مشكلة مع موقف روسيا في سوريا ولن تستهدف الأسد أو أنظمته الدفاعية. في الواقع، إن اسرائيل حذرت الأسد لعدم التدخل بمجرد بدء العملية. حيث كان على سرائيل أن ترد إذا قررت القوات السورية بحماقة المشاركة المضادة، فإن غاية اسرائيل هي إخراج الأهداف والمواقع العسكرية الايرانية من الخدمة، لكنها تترك الأسد دون أن تصيبه بأي أذى

كما أنها لن توسع النزاع إلى لبنان إذا لم تأمر ايران حزب الله بالهجوم عليها من هناك، وبالتالي تجنب التنبؤات المروعة التي حذر بعض المحللون بشأنها لسنوات

فيما يتعلق بتزويد سوريا بالـ اس 300 ، من المرجح أن نتنياهو قد أثار إعجاب بوتين بأن تسليم النظام إلى سوريا سيشكل عبور الخط الأحمر، وسيتم استهدافه على الفور كتهديد لأمن إسرائيل. من ناحية أخرى، كان نشر نظام اس 400 الأكثر تقدمًا بالقرب من القواعد الساحلية الروسية - التي تديرها القوات الروسية بشكل صارم - مقبولًا منذ وصوله ردًا على إسقاط تركيا لطائرة مقاتلة اس يو 24 في ديسمبر 2015. يكفي أن اس 400 هو نظام للدفاع الجوي على مستوى عالمي وروسيا ليست على القائمة السورية بالنسبة لاسرائيل.

يبدو أن هذا الفهم قبل بدء العملية سمح لاسرائيل باستهداف مواقع الحرس الثوري الايراني وحزب الله في منطقة الكسوة (جنوب دمشق) وفي القنيطرة (المتاخمة للحدود الاسرائيلية في الجولان) باستخدام طائرات مقاتلة اف 15 و اف 16 فقط كعنصر جوي. . إذا اعتقدت اسرائيل أن طائراتها قد تكون مستهدفة إما من قبل إس 400 أو أن المعلومات التي جمعتها ستنتقل إلى نظيرتها السورية في انتظار الكمين، فإن تشكيل القوات الجوية الاسرائيلية كان من المرجح أن يعطي الأولوية لإزالة التهديد الذي تشكله الدفاعات الجوية قبل أن يتحول اهتمامها بمقر القيادة والسيطرة الايرانية، ومراكز المخابرات، ومواقع القيادة اللوجيستية، ومراكز المراقبة، ومرافق تخزين القذائف والصواريخ، ومناطق العمليات البرية، وهلم جرا. لم يشر التقرير المفتوح المصدر إلى أن اسرائيل استخدمت طائراتها الشبح طراز أف 35 "أدير"، مع أنها قد جربتها واستخدمتها في هجماتها الجوية الأخيرة.

كان يمكن لروسيا أن تعقّد الصورة بشكلٍ كبير من خلال فرض مواجهة مع اسرائيل حول ما تعتبره القدس خطًا أحمرًا أمنيًا غير قابل للتفاوض. "اعتبر بوتين قرارًا كهذا ضد مصالحه، والذي تم تحديده في سوريا على أنه يحافظ على تواجده العسكري الموسع ويحافظ على تعزيز دوره كحكم إقليمي. ربما يكون قد توصل إلى فكرة أنه يستطيع تحقيق ذلك بدون ايران وضد رغبات الأسد، الذي سيصبح أكثر اعتمادًا على نعمِهِ الجيدة إذا انحسر موقف طهران

بالنسبة لفلاديمير بوتين، فإن الطريق إلى تعزيز إنجازاته السورية قد يكمن في اتفاق مع إسرائيل يزيد من ترسيخ مكانة روسيا، ومع الولايات المتحدة، التي تركز فقط على داعش في شرق سوريا وتخطط للانسحاب. قد يعني ذلك أمرين: الأول هو أن الايراني الذي جلبه بوتين إلى الجانب السوري لم يكن جذابًا بالنسبة للإسرائيلي. والثاني هو أن عملية إسرائيل قد كشفت طبيعة المكاسب التي حققتها ايران في سوريا، على أنها فعلا ليست أكثر من مجرد "بيت أوراق"، عرضة للقوات الجوية التي تهب بلا هوادة من الجنوب