في مرآة الصحافة الروسية : نتائج وتداعيات الانتخابات البرلمانية بالعراق


فالح الحمراني
2018 / 5 / 21 - 20:31     


فسر المراقب السياسي لصحيفة كوميرسانت "سيرجي ستروكان" أسباب تقدم تحالف "سائرون" الذي وحد التيارات الدينية والمدنية برئاسة السيد مقتدى الصدر إلى تنامي الشعور في المجتمع العراقي بالحاجة إلى المصالحة الوطنية. وبرايه أن الحفاظ على وحدة البلاد لن تكون سهلة. وعلى وفق أراء الخبراء الذين سالتهم الصحيفة فان تصعيد النزاع المتعلق بإيران يهدد بتحويل جارته العراق إلى ساحة للمواجهة بين طهران والتحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة.
ولفت إلى أن هذه هي الانتخابات الأولى التي جرى خلالها التعبير عن إرادة الناخبين بطريقة ديمقراطية في البلاد بعد الحاق الهزيمة بداعش، وان النتائج الأولى فندت التوقعات الأولية التي رجحت تقدم " تحالف النصر" الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي على التحالفات والكتل الأخرى.
وقال إن الفروقات الضئيلة بين التحالفات الثلاثة : سائرون والنصر والفتح تجعل من المناسب القول بان السيناريو المحتمل بعد الانتخابات سيكون إقامة تحالف واسع وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وفي الوقت نفسه، كما يشير المراقب السياسي، إن حل القضية المتعلقة بهل سيستطيع حيدر العبادي الاحتفاظ بكرسي رئاسة الوزراء أم لا، تعتمد على هل مدى قدرته على الاتفاق مع منافسيه الرئيسيين: السيد مقتدى الدر وهادي العامري.
وقال مدير البحوث العلمية لمعهد حوار الحضارات خبير الإسلام السياسي "الكسي مالاشينكو": للصحيفة: على الرغم من انخفاض مستوى المشاركة في الانتخابات التي بلغت حوالي 45% وغيرها من التكاليف، فان الانتخابات البرلمانية الجديدة جرت بالعراق من دون انتهاكات كثيرة، وأصبحت مثالا لتنافس فعلي، كان من الصعب التنبؤ بنتائجه، وهذا امر نادر بالنسبة للعالم العربي. وحسب تقديرات مالاشينكو " يمكن اعتبار العراق بعد 15 سنة من إطاحة الدكتاتورية، بلد اكثر الانتخابات ديمقراطية في الشرق الأوسط. وفي هذا تكمن المحصلة السياسية الرئيسية لتطور العراق خلال فترة 15 عاما"
وبدوره أشار المراقب السياسي للصحيفة إلى انه ورغم اتساع الميول الاجتماعية الداعية للوحدة الوطنية إلا أن الحفاظ على وحدة البلاد بعد سنوات طويلة من الانقسام الديني والعرقي العميق سيكون كالسابق صعبا، لاسيما وان البلاد تظل ومنذ بدء العملية العسكرية الأمريكية في العراق، ساحة للمواجهة التناحرية بين الولايات وايران. علاوة على ذلك إن تصعيد النزاع الدولي الذي جرت على خلفية الانتخابات في العراق، المتعلق بخروج الولايات المتحدة من الاتفاقية مع ايران يهدد باشتداد هذه المواجهة اكثر.
ومن ناحيته أوضح المحلل السياسي المهتم بالشئون العربية البروفيسور جريجوري كوساتش: إن واقع كون الفوز كان حليف الثلاثي المتكون من السيد الصدر وهادي العامري وحيدر العبادي يعني إن العراق يبقى ساحة للمواجهة الأمريكية الإيرانية بمشاركة دول إقليمية أخرى وان هذه المواجهة سوف تستمر وبغض النظر عن كل ما يُشاع عن حصول كل زعيم من هؤلاء الزعماء الشيعة الثلاثة على الدعم من ايران أو أمريكا.
وعرضت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" ذات التوجه الليبرالي في مقالة واسعة، نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق واحتمالات التطورات التي ستنجم عنها، وجاءت تحت عنوان تنبؤي " النفوذ الإيراني يصبح مهزوزا". ونقلت عن منسق برنامج المجلس الروسي للشئون الدولي والمعني بالشئون العراقية "روسلان محمدوف" قوله: إن الصدر شخصية مستقلة بامتياز، بيد انه برجماتي إلى درجة كبيرة. موضحا : ليس من البساطة إخراج ايران من العراق وينبغي الاتفاق معها على التعاون، معيدا الأذهان إلى أن السيد الصدر كان قد عاد من ايران من وقت ليس ببعيد، بمعنى أن لديه علاقات دائمة بجمهورية إيران الإسلامية. وعلى حد تقديره " لا يمكن اعتباره شخصية مناوئة لإيران"، بيد انه قريب إلى أفكار النظام المدني عند تبني القرارات السياسية والى أفكار الحفاظ على العراق في داخل العالم العربي". وأضاف الخبير" إن نتائج الانتخابات في العراق كانت إشارة إيجابية للمملكة العربية السعودية". منوها بأن "الزعيم الشيعي أقام اتصالات جيدة بالمملكة السنية".
ويرى محمدوف أن السيد الصدر لن يقف بقوة ضد الحضور الإيراني قائلا : أن تلك الأصوات التي حصلت عليها "الفتح" تشهد على ايران تمكنت من تأسيس قاعدة اجتماعية لها. وأضاف إن التحالف الذي يتراسه الصدر مكون من أنصاره ومن الشيوعيين، ويتعين عليهم أيضا تنسيق مصالحهم مع بعضهم البعض الآخر. لافتا إلى أن الأصوات التي حصدوها لا تتيح للسيد الصدر أن يقرر مسالة من سيكون رئيس الوزراء القادم . ومضى في القول" نعم انه الآن لاعب سياسي كبير، بيد انه ليس إلى الحد الذي يتيح له إن يحل قضية كيف ستبدو التشكيلة السياسية، ومن سيشغل كرسي رئيس الوزراء، على الرغم من أن تأثير تحالفه سيكون جدي" ويرى محمدوف إن " الدخول في تحالف مع القوى السياسية الأخرى سيتيح لتحالفه على ادنى حد، ضمان مراعاة مصالحهم وترشيح أعضاؤهم للمناصب الحكومية الرئيسية".
وفي قراءته لنتائج الانتخابات وتداعياتها المحتملة يذهب المحلل السياسي لمعهد الشرق الأوسط يوري شيليجوف إلى أن الولايات في ظل الاصطفاف المحتمل تفضل أن ترى حيدر العبادي على كرسي رئاسة الحكومة، بالمقام الأول في اطار الحفاظ على التعهد من جانبه بشان استمرار بقاء القوات الأمريكية في العراق وبذل الجهود المشتركة في اطار احتواء داعش. وقال : أن هذا السيناريو اصبح محتملا اكثر على خلفية مقاطعة عدد غفير من السنة للانتخابات وعدم حصول الصدر على النسبة اللازمة التي يؤهل تحالفه ليشكل الأغلبية البرلمانية، فضلا عن إن واشنطن تحرص على بقاء بنية السلطة العراقية كما عليه حاليا، وأضاف : حكما بكل التقديرات فان مصالح أمريكا وايران في العراق تتطابق في هذه النقطة.