مقتدى الصدر ومحوري الشر السعودية وايران


مالوم ابو رغيف
2018 / 5 / 17 - 20:38     

الخلافات بين الاحزاب العراقية ليست خلافات برامج او توجهات اقتصادية، فلا احد من هذه الاحزاب والكتل الانتخابية تميز ببرنامج اقتصادي- اجتماعي ولا بخطة عمل مدروسة لانقاذ البلاد من التدهور المتواصل نحو الاسوء ولا لانتشال الشباب من البطالة والضياع، وحتى وان كان لحزب منها مثل هذه البرنامج الا انها ستبقى مهملة لن تُنفذ ابدا ذلك ان مثل هذه البرامج طارئة على نهج وآيديلوجيا احزاب السياسي التي تؤمن بـ ( قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا) كما العملية السياسية في العراق من اساسها الى راسها مبنية على المحاصصة وتقسيم الثروة والمناصب بين ما يسمى ممثلي المكونات.
ورغم ان الفساد الفاحش الذي شمل جميع نواحي الحياة الادارية، المالية، الاقتصادية، العسكرية ولأجتماعية هو من صناعتها ونتاج علاقاتها وارتباطاتها، رفعت الاحزاب والكتل السياسية في العراق شعارات براقة عن النزاهة ومحاربة الفساد لتسويق نفسها الى الشعب الذي غسل يديه الى حد الكوع منها ومن مقدرتها على الاصلاح وانقاذ البلاد من العبث بالمال العام والاستخفاف بحياة الناس.
فاذا لم يكن الصراع بين الاحزب صراع برامج واتجهات اقتصادية فما هي حقيقته؟
الصراع بين الاحزاب السياسية في العراق يدور حول محورين، المحور الامريكي السعودي، والمحور الايراني. واذا جاز لنا الحديث بمسميات طائفية، فأن الاحزاب السنية، ما عدا بعض الاستثناءات، ترتبط بالمحور السعودي الذي يعتبر ايران محور الشر ومحور الكفر ومحور الارهاب، وان ايران عدو مضمون بينما اسرائيل عدو مظنون حسب التوصيف السعودي الديني.
اما الاحزاب الشيعية فتتميز سياستها بالتقية، فهي حتى بعلاقاتها مع جمهورها تبطن غير ما تظهر. ان اغلب الاحزاب الشيعية تقف موقفا معارضا للسياسية السعودية في البحرين وفي اليمن وفي لبنان وفي سوريا، وتحمل في دواخلها عداء طائفيا مستترا ضد الدولة الوهابية التي بدورها تجاهر بعدائها للشيعة وان غيرت في المدة الاخيرة من سياستها المعلنة فاخذت بالتفريق بين الشيعة كناس وبينهم كقيادات واحزاب.
ولعل اغلب التيارات السياسية الاسلامية التي تحاول التملص من التأُثير الايراني والدخول في ارتباط غير معلن مع السعودية، هو التيار الصدري، وهو تيار شعبي يتميز عن غيره بحبه لزعيمه وقائده مقتدى الصدر وغالبيته من سكان المناطق الفقيرة التي اهملتها الحكومات المتعاقبة خاصة مدينة الثورة(مديمة الصدر) ومدينة الشعلة.
مع ان التيار الصدري يؤمن عميقا في وجدانه الديني بظهور المهدي، الا ان تصريح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باحدى مقابلاته التلفزيونية بان السعودية لا يمكن لها التحاور والتفاهم مع دولة تخطط لظهور المهدي( يقصد ايران) لم يمنع زيارة السيد مقتدى الى السعودية والتصريح بما يعزز سياستها في المنطقة فاقترح على الرئيس بشار الاسد الاستقالة من منصبه واللجوء الى الكوفة لحقن دماء الشعب السوري.
ان تحول السيد مقتدى الصدر الى السعودية لا يمكن لنا تفسيره بحسابات سياسية او انه نهج ديني جديد يجنح نحو المصالحة بين الوهابية وبين الصدرية التي بنت آديولجيتها على فكرة ظهور الامام المهدي، انما بالعداء الذي يكنه زعيم التيار مقتدى الصدر لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي ولهادي العامري رئيس الحشد الشعب المقربان جدا من ايران وكذلك بالموقف السعودي الرافض لسياسة المالكي خاصة بما يتعلق بالمشكلة السورية.
ان السيد مقتدى الصدر يتحرك وفق المبدأ القائل عدو عدوي صديقي.
فاذا ما سحبت ايران البساط من تحت اقدام نوري المالكي وكفت عن دعم حزب الدعوة زالت اسباب التجافي والانقطاع وسيعود الابن الضال الى الحضن الايراني.