تَرَسْمُل المُتَمَرْكِس : عصام الخفاجي أنموذجاً /16-20


حسين علوان حسين
2018 / 5 / 4 - 18:32     

التجليات المستقبلية لقانون الصراع بين علاقات الإنتاج الرأسمالية و القوى المنتجة جراء الثورة العلمية التكنولوجية في حقل الذكاء الإصطناعي و عبقرية ماركس و إنجلز
المقصود بالذكاء الإصطناعي أو المصطنع (Artificial Intelligence) - و يرمز له بالمختصر (ِAI) - هو كل ماكنة أو آلة تستطيع أن تعي الوضع التي تتواجد فيه و أن تشتغل لتعظيم فرصها بالنجاح في تحقيق أهدافها المبرمجة . و بكلمة أخرى ، فإن الذكاء المصطنع يسمح للرابوط [ترجمتي لمفردة (robot) الإنجليزية المستعارة من التشيكية) بأن يحاكي الوظائف الإدراكية للبشر في اكتساب المهارات و في إنجاز الأشغال المرتبطة بتلك المهارات مثل العمل في المنشآت الإنتاجية و الخدمية و غيرها . هذه الروابيط الذكية المستقبلية لا تكتفي بإنجاز التعليمات الملقمة لها مسبقاً كبرامج ، بل أن بمقدورها تعلم البرامج الجديدة و تنفيذ التعليمات الجديدة من خلال التجربة و من معطيات الأوضاع الجديدة التي تمر بها ، أي أنها قادرة على التعلم و على زيادة ذكائها ذاتياً . و يستهدف حقل العلم هذا تلقيم الروابيط ببرمجيات اكتساب المهارات الذكية المرتبطة بالتفكير ، و بعرض المعارف ، و بالتخطيط ، و بالتعلم ، و بمعالجة اللغات البشرية ، و بالتحسس ، و بالقدرة على التحرك و تداول الأشياء بضمنها قيادة السيارات و الطائرات و توجيه الصواريخ و المركبات الفضائية .
يتأسس الذكاء الاصطناعي على حقيقة كون التفكير البشري يمكن تقعيد العناصر الأساسية المكونة له بما يكفي من الدقة و الضبط اللتان تسمحان ببرمجة المكائن لمحاكاته . هذا يعني ، في التحليل النهائي ، أن كل عمل يقوم به الإنسان سيكون بإمكان الرابوط القيام به ، سواء كان العمل يدوياً أم فكرياً ، روتينياً أو غير روتيني ، بضمن ذلك إنجاز مختلف أنواع الأعمال الفنية كالرسم و النحت و كتابة القصص و الروايات و المقالات و الترجمة و غيرها ، و هو الأمر الذي سيغني هذه الفنون بمساهمات جديدة مضافة إلى مساهمات الفنانين و الأدباء و الكتاب من البشر . و رغم أن هذا الحقل مازال في مرحلة الرضاعة اليوم ، إلا أن ما تم تصنيعه من الروابيط لحد الآن قد أثبت على نحو بات كونها تستطيع إنجاز مختلف الأعمال البشرية المتخصصة بوقت أسرع ، و أدق ، و أرخص ، و أقوى من البشر . كما تتفوق الروابيط على البشر بقدرها على العمل 24 ساعة في اليوم ، و بالتزامها التام بالتعليمات ، و بعدم حاجتها للأجور و الانضمام للنقابات المهنية و الإضرابات و لا للضمان الاجتماعي و الصحي .
الأمر الواضح بهذا الصدد هو أنه لا حدود لإمكانيات التطور العلمي-التقني المستقبلي في هذا الحقل . منذ الآن تنتج شركة "سوني" رابوطاً قادراً على "التعاطف" مع البشر ، كما إن الحاسوب يتفوق على أمهر أبطال الشطرنج في العالم ، مثلاً . و رغم العثرات المؤقتة ، فسيستحيل إيقاف وتيرة هذا التطور مطلقاً على المدى الطويل في هذا الحقل العلمي التقني الذي يتطلع للنجاح أخيراً في تصنيع رابوط رخيص كلي الذكاء و ليس متخصصَ المهارة فحسب ، و إن كان بلا لحم و دم و ضمير . اليوم الذي سيستطيع فيه الإنسان الحي خلق الإنسان الرابوط الند عقلياً له على الأرض قادم لا محال ، حيث سيستطيع الرابوط صنع رابوط ثان أفضل ، ليصنع هذا الأخير رابوطاً ثالثاَ ، و هكذا دواليك . و سيكون بإمكان كل صاحبة /صاحب محل أو ربة بيت تشغيل رابوط واحد أو أكثر في محل عملها و سكنها لإنجاز مختلف الأعمال لها مجاناُ على غرار وظيفة العبد قديماً . و رغم أن هذه التكنولوجيا الجديدة ستخلق فرص عمل جديدة ، و لكنها ستقضي بوتائر أسرع بكثير على نسبة عالية جداً (60-80%) من الوظائف البشرية لذوي الياقات الزرقاء و البيضاء على حد سواء و على نحو غير مسبوق في التاريخ .
و ما دام كل عمل ينجزه الإنسان يمكن للرابوط إنجازه على نحو أدق و اسرع و أرخص ؛ لذا ، فسيكون من مصلحة الرأسمالي استبدال كل العاملين لديه من عمال و فنيين و مهندسين و مديرين و محاسبين و مخططين و ناقلين .. إلخ بالروابيط ليتخلص من وجع الدماغ جراء تقلب أمزجة العاملين البشر لديه و نفوذ نقاباتهم و اضطراره لدفع أجورهم و علاواتهم الدورية و مخصصاتهم و كُلف الإجازات الاعتيادية و المرضية و التأمين الصحي و الضمان الاجتماعي ، إلخ . كما أن من مصلحة المجتمع ككل التمتع بالأفضليات الهائلة التي سيتيحها لهم تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي من منتجات رخيصة أكثر و خدمات أفضل و أكثر و أسرع و وقت فراغ كاف للاهتمام بعوائلهم و ممارسة هواياتهم و تطوير مهاراتهم و مداركهم و معارفهم و مشاهدهم .. إلخ .
أهم سؤال بهذا الصدد هو : هل تسمح قوانين النظام الرأسمالي بتسريح كل البشر العاملين في مجتمعه حسب مقتضيات تمامية التطور التكنولوجي المتسارع في حقل الذكاء الاصطناعي هذا ما دام الثابت الآن هو أن كل ما يستطيع الإنسان إنجازه من أعمال تستطيع الروابيط إنجازه على نحو أدق و أسرع و أرخص ؟ الجواب الأكيد هو : قطعاً لا ، ليس لسواد عيون أفراد المجتمع ككل أبداً ، و إنما لمصلحة الرأسمالي بالضبط الذي يموت بدون غرف و تجديد الغرف لتلال رأس المال المتأتية من عملية قيامه ببيع منتجاته و خدماته لمن يمتلك المال بفضل الأجور التي يتقاضاها . بدون شراء قوة العمل البشري لخلق القيمة و فائض القيمة و رأس المال منها حصراً لا مكان لوجود الرأسمالي . و من المعلوم أن المجتمع الذي تتولى فيه الروابيط إنجاز كل أشغاله و الذي لا يحصل فيه أي شغيل على الرواتب و الأجور لن يكون قادراً على شراء منتجات و خدمات الرأسمالي الذي سيضطر لغلق عمله و اشهار إفلاسه ، مرة و إلى الأبد ، بعد نهب مديد ، ليثبت بذلك للمرة الألف أن وجود الرأسمالي يتعارض أصلاً مع مصلحة كل أفراد المجتمع بالنظر لوقوفه عقبة كأداء تمنع المجتمع من التمتع على أتم وجه بالأفضليات التي تتيحها الثورة التكنولوجية في حقل الذكاء الاصطناعي للبشر .
أما إذا بقيت وسائل الإنتاج – بضمنها الروابيط – ملكية رأسمالية في مجتمع الذكاء الاصطناعي بيد حفنة من المليارديرين فسيحرص هؤلاء على غرف جل الأرباح منها على حساب إفقار السواد الأعظم من البشر عبر تسريح المزيد من طوابير العمال و احتكار براءات الاختراع في هذا الحقل العلمي التكنولوجي لأنفسهم ، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى توجه غالبية البشر للنضال المصيري الفعال لتشريك وسائل الانتاج إما بالأساليب الثورية أو بالأساليب الديمقراطية في نهاية المطاف . و من الآن حتى ذاك اليوم ، ستتفاقم المصاعب التي تواجهها ليس فقط دول العالم الثالث ، بل و كل الطبقة العاملة و الفلاحين ، بل كل العاملين طراً في العالم ، بضمنهم البرجوازية الصغيرة ، و هو ما يهدد بعودة الفاشية في الدول الرأسمالية الأقوى – لاحظ التوجه الفاشي في بنود قانون "باتريوت" الذي شرعه الكونغرس الأمريكي عام 2001 ، و في تسلكات الرئيس ترمب التي شبهها رئيس الأف بي آي السابق "كومي" بأفعال زعيم للمافيا (mafia boss) – و باندلاع المزيد من حروب النهب الإمبريالي المحدودة و الكبيرة على حد سواء المشفوعة بتسارع وتائر سباق التسلح الإلكترونية للقتل الأكثر و الأرخص و الأدق .
و سيكون مثل هذا السيناريو من المصاديق الجديدة على قول ماركس : "و في مرحلة معينة من تطورها ، تدخل قوى الإنتاج المادي للمجتمع في صراع مع علاقات الإنتاج القائمة ، أو بالتعبير القانوني الدال على نفس الشيء : مع علاقات الملكية التي كانت تعمل ضمن إطارها حتى ذلك الوقت . عندها ، تتحول علاقات الإنتاج من أشكال لتطوير قوى الانتاج إلى قيود عليها . ثم تحل حقبة من الثورة الاجتماعية . و التغييرات في القاعدة الاقتصادية تؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى التحولات في كل البناء الفوقي الهائل ."
كما سيكون هذا هو أنصع تجلي مستقبلي إضافي جديد لمقولة العبقريين : كارل ماركس و إنجلز في "البيان الشيوعي":
"و هنا يصبح واضحاً أن البرجوازية لم تعد مؤهلة لأن تصبح الطبقة السائدة في المجتمع ، و لا لأن تفرض شروط وجودها على المجتمع كقانون مُهيمِن . أنها غير مؤهلة للحكم بسبب عجزها عن ضمان الوجود لعبدها ضمن عبوديته ، لأنها لا تستطيع منع تدنيه لمثل هذه الحالة ، و لأنها تضطر لإطعامه بدلاً من قيامه بإطعامها . لا يستطيع المجتمع الحياة تحت هيمنة البرجوازية ، و بكلمة أخرى ، فإن وجودها لم يعد ملائماً للمجتمع .
... لذا ، فإن تطور الصناعة الحديثة ، يهدم من تحت أقدام البرجوازية نفس الأساس الذي تنتج بموجبه و الذي تتملك به المنتجات . أن ما تنتجه البرجوازية ، فوق كل شيء ، هم حفارو قبرها نفسه . لذا ، فان سقوطها و انتصار البروليتارية لا يمكن تفاديه . "
و هو أنصع تجلي لرجعية النظام الرأسمالي و عفنه .
الغريب هو أن كل هذه الرجعية و التعفن الصارخين لا يمنعان الدكتور عصام الخفاجي المحترم من القول :
تخلّت معظم الحركات الماركسية في منطقتنا عن هدف القيام بثورة اجتماعية تقلب النظام الإجتماعي- الإقتصادي القائم، لكنها ظلّت خجولة، حذرة من الإعتراف بثورية النظام الرأسمال ي. والحاجة إلى دفع هذا النظام للكشف عن كل جوانبه الثورية هي أكثر إلحاحا في بلداننا مما هي عليه في البلدان المتقدمة،لأن ما يحصل في بلداننا اليوم ليس تطوّرا رأسماليا بل هو تطوّر، إن صحّت تسميته تطوّرا، قائم على الريع."
و لن أناقش هنا القانون الرأسمالي الذي يقسم العالم إلى قطبي بلدان الدائرة المركزية المتقدمة إزاء ما يحيط بها من بلدان الدائرة الطرفية او المحيطية المتخلفة و النامية ، و الذي يفرض على البلدان الطرفية الريعية البقاء أسيرة ريعيتها القائمة على تصدير المواد الخام الرخيصة له ؛ كما انه و يتدخل سياسياً و عسكرياً لإدامة ذلك و لإبقائها سوقاً لتصريف منتجاته .
عجيب أمور ، غريب قضية !
ثم يقول الدكتور عصام الخفاجي المحترم :
ثالثاً /
"اليسار في بلداننا يطالب بسيادة القانون، لكنه لم يتنبّه أو أنه لا يريد التنبّه إلى أن سيادة القانون حقا وفصل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية لم تتحقق، ولايمكن أن تتحقق، إلا في ظل الرأسمالية لا لأن الرأسماليين أكثر حبا للعدالة من غيرهم، بل لأن التطور الرأسمالي لا يمكن أن يتحقق إلا حين يأمن الرأسمالي من تعرض مشاريعه للنهب ومن تعرّضه للإبتزاز من جانب هذا المسؤول أو ذاك وأن ثمة مؤسسة يستطيع اللجوء إليها إن حصل تعسّف بحقه. لكن مبدأ سيادة القانون متى ما سرى فإنه لن يتوقّف عند حدود حماية المصالح الرأسمالية، بل لا بد أن يحمي الآخرين من عسف الرأسمالي، وثمة أمثلة لاحصر لها عن الحالات التي حكم فيها القضاء في البلدان المتطورة لصالح المواطنين ضد الرأسماليين. "
التعليق
كم من مفردات هذا الكلام صحيحه ؟ الجواب كلها غير صحيح ، البتة ، للأسف . لماذا يعمد إذن الدكتور عصام الخفاجي على الإتيان بها ، متناسياً القاعدة الماركسية الذهبية عن الترابط التكاملي بين البناء الفوقي (القانون و العدالة ، هنا) و البناء القاعدي (الرأسمالية) بحيث يصبح القانون عبداً مطيعاً للمصالح العظمى لرأس المال التي تعلوا و لا يُعلى عليها ؟ الجواب لتطويب الإمبريالية بالأكاذيب الفاضحة .
نأتي على مبدأ سيادة القانون . أهم شيء هنا هو ملاحظة حقيقة أن القانون الذي يجري الكلام عنه هنا هو ليس إلا قانون حماية مصالح الطغمة الرأسمالية الحاكمة على حساب سواد الشعب . لنأخذ القانون المطبق داخل الولايات المتحدة الأمريكية و نتفحص مدى التزامه بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان . الحديث هنا هو فقط عن القانون المطبق داخل الولايات المتحدة الأمريكية و حسب ، و ليس خارجها ، لكون السياسة الخارجية الأمريكية الرسمية – مثلما أثبتت وقائع التاريخ مرارا ة تكراراً – لا تعتمد إلا شريعة الغاب بأبشع أشكالها التي تتجاوز حدود الخيال و التي لم يعرف لها التاريخ مثيلاً من شن العدوانات المسلحة و الإبادات الجماعية و القتل و التعذيب الممنهج الموجه ضد المعرضين السياسيين و فرض العقوبات الاقتصادية و المالية و التقنية الأحادية و الحصارات من كل الأنواع ... القائمة طويلة جداً و لا حصر لها من التاريخ الإرهابي البشع للإمبريالية الأمريكية . و لكن لنتفحص سجلها الداخلي فقط في مضمار الالتزام بواجباتها للوائح حقوق الإنسان المعترف بها دولياً بشأن مكافحة الفقر و منع التمييز بكل أشكاله و العنف ضد المرأة و تمكين المواطنين للاحتكام للنظام القضائي و منع الحرمان من حق التصويت و عدم غمط حقوق المهاجرين و إتاحة الحريات المدنية و السياسية و التعليم و العناية الصحية لنكتشف حالاَ تجاوزاً رهيباً على كل واحد من هذه الحقوق التسعة و ذلك بشهادة طرف نزيه و موضوعي هو : منظمة "أنصار حقوق الإنسان" على موقعها :
https://www.theadvocatesforhumanrights.org/u_s_human_rights_record.html
و التي سأترجم بعضاً من تقريرها المقتبس بتاريخ الثاني من آيار ، 2018 بهذا الصدد :
"مكافحة الفقر
إستناداً للبيانات الأمريكية الرسمية في إحصاء عام 2009 ، فإن (42.9%) من المواطنين الأمريكان يعيشون تحت خط الفقر ، و هذه النسبة آخذة بالازدياد . أما نسبة الفقر بين الأطفال - البالغة (29.7%) - فهي الأعلى في الدول المتقدمة رغم امتلاك البلد لأعلى دخل قومي . و يعاني خلال السنة الواحدة ثلاثة ملايين و نصف المليون مواطن من الحرمان من السكن ، و يُحْرَمُ أربعة مستحقين من كل عشرة مواطنين من برامج مكافحة الفقر بضمنها طوابع الطعام . كما أظهرت هذه الإحصائيات الرسمية أن (25.8%) من السود يعيشون تحت خط الفقر ، مقارنة بنسبة (9.4%) من البيض فقط ؛ في حين أن عدد العوائل الفقيرة التي تعيلها المرأة تزيد على ضعف العوائل الفقيرة التي يعيلها الرجل . هذه النسب توضح وجود ترابط قوي بين الفقر و لون البشر و جنسهم هي الانعكاس للتمييز العنصري ضد السود و النساء الأمريكيات .
منع التمييز بكل أشكاله بين المواطنين
يواصل التمييز الممنهج و التعصب العنصري تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية . فمثلاً ، بسبب التمييز في الأجور و الحرمان من الوظائف ذات الأجر الأعلى فإنه يترتب على كل من النساء و الأشخاص المعاقين و أفراد الأقليات الأثنية العمل ساعات أطول لبلوغ نفس مستوى المعيشة لأقرانهم من الرجال البيض . و يواجه الأمريكان من أصل أفريقي على وجه الخصوص المصاعب الأكبر في هذا الصدد ، لذا نراهم "أكثر عرضة للعيش الفقير ، و أقل حظوظاً في تملك مرفق للعمل خاص بهم ، و أقل حظوظاً في تحصيل شهادة جامعية ، و أكثر عرضة للسجن من أفراد بقية المكونات المجتمعية" . أما التمييز على أساس العرق و العمر و الجنس و العوق فهو قائم رغم وجود القوانين التي تحمي هذه المجاميع . و بالنسبة إلى مثليي الجنس و مزدوجيه و المتحولين فـإنهم محرومون من الضمانة الاتحادية لحقوقهم ، لذا فإنهم يواجهون التمييز في التعليم و في أماكن الإقامة العامة و من حق تكوين العائلة ..
العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة هو معضلة مستمرة في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تتعرض واحدة من كل أربع نساء تقريباً إلى الاغتصاب أو الضرب من جانب شريكها خلال سن الرشد . و يقدر أن مليوناً و ثلثمائة ألف امرأة تقع ضحية للهجوم من طرف شريكها الحميم كل عام . و النساء و الصبايا هن الأكثر عرضة للمتاجرة بالبشر و التي تكون في الأغلب الأعم بهدف الاستغلال الجنسي حيث يتم في كل عام توريد ما مجموعه خمسون ألف امرأة و صبية إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية - أين أنت من كل هذا البغاء المنظم ، يا من تدعي الطهرانية ؟ هل هذا هو الاتحاد السوفيتي أم الولايات المتحدة الأمريكية ؟
النظام القضائي
تستمر المشاكل في الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص المساواة في الإتاحة العدلية للجميع و حماية حقوق المساجين . و يساهم الإعداد المتعنصر للملفات الشخصية من جانب ضباط تنفيذ القانون في الأعداد الكبيرة غير المتكافئة للأفراد من الأقليات ممن يودعون في السجن . و رغم أن القانون الأمريكي يضمن حق الاستشارة في القضايا الجرمية ، إلا أن غالبية مكاتب المدَّعين العامين تعاني من نقص الكادر و من الأجور المتدنية التي تفضي إلى حرمان المتهمين الفقراء من الاستشارة القانونية الكافية حتى في القضايا ذات الأحكام الثقيلة أو الإعدام .
الحرمان من حق الانتخاب
تواجه مجموعات في الولايات المتحدة موانع عالية أمام ممارسة حقهم في الانتخاب ، أو حتى الحرمان التام من ممارسة هذا الحق . ففي معظم الولايات ، يُمنع ذوي الجنح من مطلقي السراح بشروط أو المحكومين مع وقف التنفيذ من حق الانتخاب ، فيما تحرمهم حفنة من الولايات الأخرى من حق التصويت على نحو مستديم حتى بعد إنهائهم مدة محكوميتهم . و يحرم على سكان مقاطعة كولومبيا حق انتخاب نوابهم للكونغرس . كما يواجه المواطنون ممن يتعذر عليهم السفر و ذوي الدخل الواطئ و المحرومين من السكن الثابت الصعوبات في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات بسبب القيود المفروضة بموجب قوانين تسجيل الناخبين .
الهجرة
رغم التعهدات المعلنة حيال القانون الدولي و المحلي ، فإن نظام الولايات المتحدة الأمريكية غالباً ما يخيب في حماية الحقوق البشرية للمهاجرين الذين يعانون من التمييز و الإذلال في أماكن العمل و في المجتمع ، و من عدم المساواة في إتاحة الخدمات الأساسية لهم مثل العناية الصحية و السكن و التعليم ، و من التجاوز التحكمي على حرياتهم المدنية ، و من انكار حقهم الأساسي في اللجوء للإجراءات القانونية . كما أن تطبيق سياسات الهجرة التي تجند الشرطة المحلية لتنفيذ الغارات على المهاجرين يقوِّض أساس الثقة بتطبيق القانون المحلي ، و يُنفِّر الجاليات المهاجرة ، و يخلق جواً من الخوف . و ما أن يتم اعتقال المهاجرين حتى يصبحوا عرضة لأوضاع قاسية مثل إيوائهم مع المجرمين المدانين بجرائم خطيرة ؛ و التقييد غير المناسب و الشديد على الحركة ؛ و عدم إتاحة العناية الصحية الملائمة لهم بضمنها خدمات الصحة العقلية ، و حرمانهم من ممارسة التمارين البدنية .
عقوبة الإعدام
يوجد هناك المئات ممن ينتظرون في طابور الإعدام ممن يواجهون إمكانية تنفيذه بحقهم رغم حرمانهم من التمثيل القانوني المناسب . إن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تفرض عقوبة الإعدام فإنها غالباً ما تتصرف على نحو غير مسؤول ، و كثيراً ما تتجاهل حصول الأخطاء الجسيمة في الالتزام بالأصول القانونية النافذة . فقد تم إلغاء حكم الإعدام الصادر ظلماً بحق ما يزيد على 138 شخصاً منذ عام 1973 ، الأمر الذي يثير الشكوك الجدية في نزاهة نظام عقوبة الإعدام الأمريكي .
الحريات المدنية و السياسية
قامت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالتضييق الحاد على ممارسة الحقوق المدنية و الحريات السياسية المعينة بالذات كجزء من جهودها في مكافحة الإرهاب و مقاضاته . هذه التضييقات وقع أثقل كاهلها على المهاجرين ، و على المسلمين و العرب ، و على من يشك بضلوعهم بالإرهاب . و يواجه المهاجرون إجراءات صارمة جديدة تحرمهم من حقوقهم في التقاضي . و قد تم استهداف الآلاف من المسلمين و العرب بتشريع يتم تنفيذه انتقائياً ، و بالمراقبة الحكومية ، و بالاعتقال دون تهمة ، رغم انتفاء وجود أي علاقة لهم بالنشاط الجرمي . و تتولى الحكومة إنكار حقوق المتهمين بالإرهاب ، و احتجازهم في المعتقلات السرية مع حرمانهم من حق اللجوء للمحاكم ، و ترتكب بحقهم التعذيب و الاستجواب المسيء ، و تعيدهم إلى البلدان التي يتعرضون فيها إلى المزيد من التعذيب المحتمل . أن كل الأفراد في الولايات المتحدة الأمريكية يشعرون بصدمة أفعال مكافحة الإرهاب مثل : قوانين المراقبة الجديدة التي تصعب معرفتها و تحديها قانونياً في المحاكم ، بل و حتى التعرض للمراقبة خارج إطار الاشراف العدلي كلياً .
التعليم
يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية بون كبير بين الإنجاز التربوي لسكانها من الأقليات من الفقراء من جانب و بين سكانها من البيض و الأغنياء من الجانب الآخر . هذه الفجوة التحصيلية موجودة في عدة ميادين مختلفة : الدرجات العلمية ، الانجاز في الاختبارات المعيارية ، معدلات التسرب من المدارس ، و نسب المتخرجين من الجامعة ...
الرعاية الصحية
في عام 2009 ، عانى حوالي خمسون مليوناً من المواطنين غير الكبار بالسن ، أي (18.8% من السكان) ، من الحرمان من التأمين الصحي . و في كل عام ، يموت 45000 ألف مواطن بسبب ذلك . و ينتمي أكثر من ثلاثة أرباع المحرومين من التأمين الصحي للعائلات العمالية ، و ينحدر أربع من كل عشرة من المحرومين من التأمين الصحي من عوائل فقيرة ... و علاوة على ذلك ، فإن خمساً و عشرين مليوناً من الأمريكيين يعانون من ضآلة غطاء تأمينهم الصحي ، الأمر الذي يدفعهم لتأجيل توفرهم على العناية الصحية اللازمة جرّاء التكاليف غير المغطاة بتأمينهم الصحي الزهيد . و حتى في حالة توفرها ، فإن هناك تبايناً ملحوظاً في نوعية العناية المقدمة لأفراد المجموعات العرقية و الاجتماقتصادية و الأثنية . و قد وجدت إحدى الدراسات بأن ردم الهوة بين وفيات السود/البيض من شأنه تفادي موت 83000 شخصاً أسود سنوياً جراء حرمانه من الرعاية الصحية ."
انتهى .
و لكن كل هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان المميزة لحكم رأس المال لا تدفع الدكتور عصام الخفاجي المحترم إلى إدانتها انتصاراً للإنسان ، أثمن ما في الوجود ، و إنما إلى البربرة بفرية أن "النظام الرأسمالي لا بد أن يحمي الآخرين من عسف الرأسمالي" ! كيف يمكن أن يتأتى لهذا النظام إتاحة مثل هذه الحماية ضد هذا "العسف" (كذا ! ) و هو قائم بالأساس على شرعنة و تكريس قيام الرأسمالي بالتمتع ليل نهار بسرقة قوة العمل بقوة القانون ؟

يواصل المنقود إفتراءاته الخبيثة ضد الماركسية بالقول
رابعاً /
"على اليسار أن يتأمل جديا في التجربة السوفييتة المروّعة لا من منظار إدانة الدكتاتورية فقط، بل من خلال النظر إلى الفساد وغياب القانون ومهزلة فصل السلطات الشكلية في تلك التجارب وهي ليست نتائج أخطاء أو انحرافات بل هي في صلب هذا الشكل من الأنظمة، وفي صلب نظرة ماركس إلى دكتاتورية البروليتاريا التي تنهي "الفصل الشكلي" بين سلطات كلها في خدمة الرأسمالية، وفي صلب النظرة إلى الدولة ك"هيأة أركان للطبقة الرأسمالية"."
انتهى .
هذه الافتراءات – التي تذكرنا بأكاذيب خدم الإمبريالية خلال الحرب الباردة – تستبدل عمداً وبفجاجة عبارة "النظام الرأسمالي" بعبارة "الإتحاد السوفيتي" ، و أنا أقول أن الواقع الثابت هو :
على البسار أن يتأمل جدياً في جرائم التجارب الرأسمالية المروعة طوال ثلاثة قرون لا من منظار إدانة الدكتاتورية فقط ، بل من خلال النظر إلى الفساد و غياب القانون و مهزلة فصل السلطات الشكلية في تلك التجارب و هي ليست نتائج أخطاء أو انحرافات بل هي في صلب هذا الشكل من الأنظمة التي عرّتها نظرة ماركس إلى دكتاتورية البروليتاريا التي تنهي استغلال الإنسان ، و هي صلب النظرة إلى الدولة الديمقراطية الحقيقية كـ "هيأة أركان للشعب كله ."
ثم ، كيف يجوز لمن يحرص على احترام وقائع التاريخ أن يزعم على الملأ و بالفم المليان بكون "الفصل بين السلطات" هو "مأثرة رأسمالية" (كذا !) مثلما يفتري المنقود بالكذب الفاضح و هو نظام قديم اكتشفه السومريون و طبقوه قبل أكثر من ستة آلاف عام مضت ؟ ألم يقرأ عن مجلسي الشيوخ و الشباب في نص ملحمة گلگامش ؟ ألم يستفتي "غوغل" بهذا الخصوص لكي تشيره إلى التطبيق لمبدأ فصل السلطات في النظام الإغريقي القديم و الروماني ؟ ألم يسمع بمقاضاة اليهودي للخليفة الراشدي الرابع على ملكية درع ؟ ألا يعلم أن أكثر من نصف البلدان الرأسمالية لا تعمل وفق نظام الفصل التام بين السلطان ، بل بالمزج بينها ؟ كيف تحكم الرأسمالية بلدانها في أوربا ؟ أنها تمول أحزاباً سياسية تفوز بالأكثرية البرلمانية (السلطة التشريعية) و بامتياز تشكيل الإدارة الحكومية (السلطة التنفيذية لمجلس الوزراء) معاً . أي أن السلطة التنفيذية تتماهى في هذه الحالة مع السلطة التشريعية بحيث تسقط الحكومة إذا ما فقدت أغلبيتها البرلمانية . تقسيم العمل بين هذه السلطات غالباً ما يتخذ الأسلوب التالي : وزارة الحزب الحاكم العبد للرأسمالية تقترح مسودات القوانين التي تخدم أسيادها على البرلمان الذي غالبيته من نفس الحزب ليصادق عليها فتطبقها السلطة القضائية . و بكلمة أخرى فإن واجب السلطة القضائية إنما هو تطبيق إرادة السلطة التشريعية الرأسمالية مهما كانت و التي هي أساساً أرادة السلطة التنفيذية حسب أوامر سادتها الرأسماليين . أما في الولايات المتحدة الأمريكية ، فإن الرأسمالية تستثمر في كلا الحزبين الحاكمين الديمقراطي و الجمهوري و كل من يفوز منهما في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية فهو "في الجيب" الرأسمالي : دكتاتورية رأس المال الشمولية الرهيبة بأفظع أشكالها ! و لهذا لا يصدر البرلمان الأمريكي أي قوانين ديمقراطية حقيقية تكفل التأمين الصحي و التعليم المجاني بكافة مراحله لكل أفراد المجتمع ، و لا القوانين التي تحد من الهيمنة المطلقة للوبي الصهيوني على السياسة الخارجية و الداخلية الامريكية على الضد من مصالحها القومية العليا ، و لا ضد "حرية" قيام اللوبي الحربي ببيع أسلحته في المتاجر العامة للحد من جرائم القتل بها ، ووو...
هذه هي مصداقية مقولة لينين :
"إن الحرية في المجتمع الرأسمالي تبقى دوماً هي نفسها تقريباً تلك التي تواجدت في اليونان القديمة : حرية مُلَاك العبيد ."

يتبع ، لطفاً .