طبقة الكادحين: ضرورة الوعي الطبقي


مالوم ابو رغيف
2018 / 5 / 1 - 22:02     

الطبقة الاجتماعية كتعريف موجز هي مجموعة الناس التي تمتاز بخصائص تميزها عن غيرها وعلى الاخص الخصائص الاقتصادية، اذ ان كل الخصائص الاخرى تمثل مشتركات قد تمتاز بها الطبقات الاجتماعية الاخرى، فالدين والثقافة والهوايات والسياسة والميول، كلها صفات قد تكون متداخلة ومشتركة عند جميع الطبقات.
لكن الطبقة الاجتماعية وان تميزت بخصائص اقتصادية تفرزها عن بقية الطبقات، كموقعها في عملية الانتاج او موقعها في علاقات الانتاج ومقدار حصتها او دخلها من الثروة، فانها لا تكون ثورية اذا افتقرت الى الوعي الطبقي، فهي من غير الوعي الطبقي طبقة خاملة غير فعالة وغيرة مؤثرة سياسيا واجتماعيا وان كانت فعالة اقتصاديا.
الوعي الطبقي هو المحرك والدافع الرئيس للعمل الثوري الخلاق، مثل الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات التظامنية والاحتجاجات على القوانين الجائرة او الفاسدة او على السياسات العدوانية الداخلية والخارجية او على التهميش الاجتماعي. وهذا احد اهم الاسباب بعدم تأثير المظاهرات والاحتجاجات العراقية الكبيرة نسبيا على الحكومة وارغامها على تغيير نهجها في تهميش الشعب والحد من امتيازات كبار المسئولين والفاسدين، فهي، اي الاحتجاجات وان كانت جيده بشعاراتها، لكنها افتقدت الى الحس الطبقي الذي يوحد المتظاهرين.
فلا يمكن تصور ثورة او انقلاب اجتماعي على الفساد( كما في العراق) دون وعي طبقي. لذلك يبقى شعار الاصلاح شعارا فارغا، والى حد ما غبيا اذا لم يقترن بتحفيز الوعي الطبقي للكادحين المهمشين في عملية توزيع الثروة الوطنية التي قسمتها العملية السياسية كحصص محكومة بالنسب الطائفية والحزبية.
ان الوعي الطبقي يمثل احد اهم العوامل الفعالة للتصدي لتهميش الوحدة الوطنية بواسطة الافكار الطائفية والقومية والدينية، او من خلال مشاريع الطوائف او ما يسمى بالمكونات والانتماءات المذهبية. ان اهم اسباب الضعف الحاصل في مقاومة الاستبداد الديني والطائفي واستيلاء السياسيين على الثروة وفرهدة المال العام بشكل مكشوف، هو التخلي عن بث الوعي الطبقي بين صفوف الطبقة الكادحة، وعدم تسليط الضوء على الفروق الهائلة في عملية توزيع الثروة الوطنية بين الطبقة السياسة الحاكمة( ومن ضمنهم اعضاء البرلمان) والذين يأخذون حصة الاسد وبين اغلبية الشعب المهمش والمغلوب على امره.
فكلما غاب الوعي الطبقي، كما تسلط الدين وسادت الخرافة واصبح الانسان ضحية الاثنين، رجال الدين ورجال الطائفة اللذان غالبا ما يتمثلان بالرموز( المرجعيات الدينية وومثلي الطوائف وشيوخ العشائر) ذلك ان الفكر الديني بشكله الطائفي يتكاثر مثل البكتريا فيحتل اي فراغ ثقافي او سياسي او اجتماعي يخلفه غياب الوعي الطبقي الاجتماعي.
طبقة الكادحين ، وهي الطبقة الاوسع والاكثر انتشارا، وقد تكون الطبقة الاكثر عددا في العراق، ذلك ان التهميش الاجتماعي والمعيشي يزداد يوما بعد اخر من خلال تحول العراق الى دولة فاشلة مثقلة بالديون(تبلغ ديون العراق واجبة التسديد 165 مليار دولار) كما انها (اي طبقة الكادحين) هي الاكثر تنوعا، فهي مزيج من العمال المياوميين الذين يبيعون قوة عملهم في سوق العمل يوميا او الكسبة الذين يبيعون السلع على ارصفة الطرقات وعمال المطاعم والمتعاقدين الموقتين الذي يوحدهم الخوف من التسريح الكيفي من العمل وعمال الكهرباء والنفط وورشات العمل. انها ايضا حقل مشترك يتم فيه زراعة الافكار الوطنية وغير الوطنية، الافكار الثورية والافكار الخاملة، افكار الانقلاب على الواقع الفاسد او افكار الانتظار الى ان ياتي المخلص( المهدي او الموت او غودو).. لكن الملاحظ ان الاحزاب اليسارية لا تهتم بهذه الطبقة بالقدر الكافي او بمثل اهتمامها باحراز بضعة مقاعد في البرلمان العراقي المؤسس على قاعدة من القوانين الفاسدة ميزت اعضاءه عن الشعب فجعلتهم اكثر حصانة وثراء من الأمراء.
واذا كان الوعي هو انعكاس للواقع الموضوعي، فان تغيير الواقع المتخلف يصبح ضرورة حتمية لبث الوعي الثوري التحرري والانساني الواقعي وليس الغيبي او الطائفي، وضرورة ايضا للانتصار على الاحزاب الطائفية والولاءات المهذبية في اي سجال انتخابي او ثقافي.