نحو افق جديد للاعتراضات الجماهيرية...!


فؤاد محمد
2018 / 4 / 4 - 17:38     


نحو افق جديد للاعتراضات الجماهيرية...!

بعد مرور تسعة أيام على اعتصام معلمي وموظفي حكومة الاقليم في مدينة السليمانية، اعلن ممثلوا المعلمين والهيئات التدريسية عن انهاء الاحتجاج والاعتصام أمام مبنى محكمة مدينة السليمانية، ليبدؤا "اسلوبا جديدا للتعبيرعن الاحتجاج والرفض لسياسية حكومة الاقليم التقشفية المتملثة في استقطاع الرواتب و حجزها لأكثر من ثلاثة أعوام"، كما عبرعنها أحد الذين يمثلون الفئات المحتجة.
هذه الموجة من الاحتجاجات تاتي ضمن سلسلة من الاحتجاجات المتفرقة و المشتتة التي حدثت خلال السنوات الثلاث المنصرمة.
ما يميزالاعتصامات والاحتجاجات الاخيرة عن سابقتها، هواتساع رقعة الاحتجاجات لتشمل عاصمة الاقليم أربيل، ومدن دهوك وزاخو واقضية اخرى تقع تحت نفوذ سلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني! وهو ما يؤكد ان الجماهيرالمستاءة والمنكبومة يمكنها كسروتحطيم اجواء الرعب والتخويف الفاشي التي فرضها حزب البارزاني، هذا من جهة، ومن جهة اخرى تميزالحراك الأخير في أنه شمل فئات اوسع من الموظفين والعمال في القطاعات الانتاجية و الخدمية ( الكهرباء والصحة والبلدية وأجهزة الشرطة وغيرها).
إن مشاركة اعداد غفيرة و ملحوظة من النساء في الحراك الاحتجاجي، قد أعطى طابعا اجتماعيا وجماهيريا، أشمل وأعمق في مواجهة السلطات الفاسدة في الأقليم.
إن عدالة المطالب التي تم رفعها خلال الأيام الماضية، زاد من مساعي القوى البرجوازية، الليبرالية و القومية، لإحتواء هذه الاحتجاجات و ركوب حالة الغضب والاستياء العام ضد السلطة وقواها. وتحويلها إلى أداة في الصراع ععلى السلطة ومواجهة القوى التقليدية الحاكمة، والقوى الإسلامية الغارقة في الرجعية، ومحاولة تشتيت قوى الحراك الأخير وزرع الأوهام حول الاصلاح والانتخابات والقادمة وتحسين الأوضاع المتردية، إلا أن تلك المحاولات التي قامت بها بعض القوى، جماعة برهم صالح، على سبيل المثال، لم تتمكن من خداع الناس، التي تيقنت انها مجرد وعود فارغة ولايمكنها أن تقدم لسكان كردستان إي أمل بتغيير أوضاعهم.
اذا اقررنا بأن الجماهير المحرومة في حالة انفصال شبه تام عن سلطة الاقليم، وإيمانها العميق بعدم جدوى هذه السلطة، قد دفعها لتعليق الآمال على الحكومة المركزية في بغداد من أجل حل الازمة و خلاصها من هذا الجحيم والبؤس و الفقر الذي تعيش فيه، فان وعود وأوهام الحكومة المركزية الكاذبة لم تدم طويلا في تضليل الجماهير. فكل الامورالتي تبينت لاحقاً، كشفت عن صفقة مشينة بين تلك الحكومة والاحزاب الحاكمة في الأقليم..
ليس من المستغرب على القوى البرجوازية الكردية و حكومتها ان تفقد ثقة الجماهيرالعمالية و الكادحة و الفئات المحرومة وأن تغدو في عداء تام مع مصالح وامال الجماهيرفي العيش حياة حرة وكريمة. ولعل قيام نجيرفان بارزاني بمهاجة الجماهير المحتجة وتوجيه الاتهامات بممارسة العنف والسلاح ضد القوى الأمنية، واستعداده للتعامل بالمثل مع المتظاهرين، قد أكد، ودون لبس أو تظليل عن ابتعاد قوى السلطة عن حياة الناس ومطالبها المشروعة بحقوقها ورواتبها وتطلعها للعيش بكرامة.
مع استمرارالأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي تعصف بسلطة البرجوازية الكردية و حكومتها، تبقى التحركات الاحتجاجية، العادلة والمشروعة، مستمرة وتتفجر بين آونة و اخري، لكنها تبقى في حالة من التشتت وعدم وضوح الرؤية والآفاق التي يمكن أن تصل اليها، وستبقى عرضة للاحتواء والاستغلال من قوى سياسية تتصارع من أجل السلطة والنفوذ وتقاسم غنائم الفساد، إذا لم تسع الجماهير العمالية لتنظيم صفوفها وتوحيد مطالبها والتحول إلى قوة سياسية واجتماعية، أصيلة وفاعلة، من أجل قيادة المجتمع نحو تغيير جدي وثوري حقيقي.
تنظيم الجماهير العمالية في منظمات وتجمعات ثورية، وسعيها لقيادة التحركات الاحتجاجية في مواجهة السلطة، هو السبيل الأمثل للتحرر من الأوهام القومية وسطوة الافكار البرجوازية على عقول وممارسات فئات واسعة، لن يكون من أجل تحقيق مطالب اقتصادية واصلاحات سياسية فقط، بل انها ممارسة ضرورية وجادة من اجل وضع حد لهيمنة قوى الفساد ومشروعها المتعفن..



فؤاد محمد
3/4/2017