لنهايات - الفوضى المدمرة : في سوريا


بدر الدين شنن
2018 / 3 / 26 - 13:59     

بزوال المعسكر الاشتراكي ، في أواخر القرن الماضي .. تآمراً .. وجهالة .. وغدراً . زال معه إطار زمن المعسكرين " القطبين " الدوليين ، وزمن التوازن الدولي ، وصمام السلام . واستبدل الحلم بالظلم ، وأغلق الأفق الجميل السعيد أمام الفقراء ,
ولتكريس هذا الواقع الرديء . نشر سادة النظام الدولي الأميركي الأحادي القطبي الجدد ، سياسات تحتقر العقل والتقدم ، سموها زوراً " الفوضى الخلاقة ، التي أباحت الأزمات والحروب التدميرية القذرة ، التي تخدم مصالحهم في مختلف القارات .
ونشروا التنظيمات الإرهابية المتخلفة المدمرة ، لسرقة ثروات الشعوب والعبث بمقدراتها .. مقابل عشرات الأشخاص الأثرياء فقط ، الذين يستحوذون على أعنى الثروات الكونية . ومع السيطرة القطبية الرأسمالية الأحادية زاد الجشعون جشعاً . وشرعوا يبرمجون عمليات الهيمنة على الشعوب ، والتحكم بمفاصل العالم الجيو سياسية ، وثروات البلدان الأخرى الوطنية . واستقر خيارهم على تملك الشرق الأوسط .. تمهيداً مفتاحياً للسيطرة على العالم كله

وقد سمي هذا الخيار " نفاقاً " الربيع العربي " . وكان يجب لما سببه من قتل وتدمير وتشريد .ز أن يسمى حقاً " الفوضى المدمرة " . وتمهيدا لنشر الدعوة له ، وتغلغل نفوذه .. فتح المجال للسياسيين المعارضين ، والانتهازيين .. والمرتزقة الخونة .للتعامل الإعلامي التلفزيوني ، ولتداول الآراء والشعارات ، التي سيتداولها الشارع السياسي ، ونشطاء " التدمير العربي " .

ولذا ينبغي أن تدخل مرحلة .. التفاصح .. المخادع .. في حركة الميكرفون قبل غتح نار " التدمير العربي " . ومن أسف أن الكثير من وجهات النظر الإعلامية المنافقة المسبقة ، صار منهجية ، وعناوين نشاط تظاهرات وتجمعات سياسية عشوائية . ومن ثم صارتمن شعارات " الثورة " . وفي زحمة هذا السياق .. في أوائل ( 2011 ) كان لابد من انتقال ما سمي " الربيع العربي " إلى سوريا . وبدأ الهجوم على . أي أن إسقاط النظام ، أو تقسيم سوريا ، موضوع ضمن لائحة حركة هذا الربيع التدميرية . وكانت المسألة مسألة وقت ، وليست مسألة أولويات . وكان ذلك ، كما تبين لاحقاً ، لعدم انفكاك التحالف السوري مع المقاومة ضد إسرائيل ، وعدم انفكاك التحالف مع يران ، وعدم الموافقة على دعم العدوان الأميركي على العراق .

وحسب البرامج المستخدمة ، فقد تم توسيع صلات المعارضة السورية مع القوى الدولية ذات الصلة . وتم وضع برنامج سوري خاص ، لتعميق الخلافات السورية الداخلية ، ودفعها نحو المزيد من التأزيم والتفجير ، لإسقاط النظام . وذلك باتباع حرب سلسية عنفية .. أو حرب مسلحة . وألقي على تلك " المؤامرة " توصيف أزمة ..

في لولسط ( آذار 2011 ) انزلقت معظم المعارضة .. وخاصة الخارجية .. إلى قبول السير في حقول ألغام " الربيع العربي " العسكرية والسياسية والمالية . ولما بدأت الانفجارات والدماء تصنع مقدمات حرب هذا الربيع المدمر ، كان العقل السياسي الغبي المغ امر يقوم بتغطية الحرب بعباءة الأزمة أحياناً .. وبعباءة الثورة أحياناً أخرى .

وتسارعت الأحداث . واستق الصراع اقي سوريا وعليها على الإقصاء المتبادل بأي ثمن لانتزاع السلطة . وتكرس مشهد سياسي ثنائي ـ عنفي ـ حربي ) مفتوح على سحق المعارضة أو إسقاط النظام .. ومفتوح على توسيع التدخل الخارجي الذي قد يسحق الكيان السوري . .

وحين أبدت رأيها مجموعة حوار جاد ، تضم عدداً من الباحثين الوطنيين ، في لقاءات عدة حول سيرورة الأحداث السورية .. وفي مقدمها الحرب .. والتدخل الخارجي ، التي تشابكت فيها خلال سنوات عدة من الفوضى المدمرة .. والسوريون يستخدمون السلاح والعنف الدموي ضد بعضهم البعض .
إن ما يجري قد يستمر إلى وقت غير معروف . لكنه بعمقه ما زال أ زمة سورية ، وقد تصبح عابرة . غير أن تدخل الأجنبي ، بخلفياته الشرعية .. وغير الشرعية الدولية . واستيلائه على معظم .. أو كل مقاليد الأمور .. فإن الأزمة تتحول إلى كارثة ، وتخرج عن سيطرة السوريين .

حذار .. حذار .. من سيطرة الأجانب .. النسبية .. أو المطلقة عل مقدرات .ز ومصائر البلاد . خاصة إذا وقعت بنية في بنية البلاد عامة . فيصبح من راهن على الأجانب أداة لهم . ولذا ، إن من الصعوبة بمكان الاعتماد على الأجنبي . خاصة ذاك الذي لنا معه تاريخ استعماري . مل بريطانيا ، وفرنسا ، وأميركا : ةتركيا ، وإسرائيل ، واسبانيا . ومثل أي بلد عربي رجعي يناصبنا العداء لمصلحة الأجنبي ، مثل المملكة السعودية ، وقطر ، والأمارات المتحدة . .

إننا نراوح الآن في بداية النهايات لوجود قوى العدوان في بلادنا , ويمكن أن تتسارع هذه النهايات ، أمام وحدة شعبنا ، وبسالة جيشنا
المشكلة الآن ، أن أطراف الحرب السوريين ، لايستطيعون الانفكاك عن دعم الأجنبي ، السياسي ، والعسكري ، والمالي ، وأن مجمل محصية الحرب هو أن الأزمة السورية قد صارت وراء الظهر ، وتحولت إلى حروب بين أطراف التدخل الخارجي الدولي محل الأزمة السورية ..

بمعنى واضح .. لم الذب يجري في سوريا .. من صراعات .. باردة .. وساخنة هو مجرد أزمة .. بين معارضة وطنية طموحة ، أو معارضة مرتزقة ، أو متعصبة متطرفة .. وبين نظام يمارس العنف والعسف ، في التعامل مع معارضيه .. وحيب . وإنما صار حرباً بين دول أجنبية كبرى ، متحالفة مع دول عربية رجعية .. للتعامل مع أزماتها فيما بينها هي . حيث تحولت معظم جذور الأزمة السورية ، إلى جزء ملموس من جذور الأزمات الدولية .

إن حركة وانتشار القوات الدولية الشرعية الصديقة .. وغير شرعية المعادية فوق أراضينا . مثل قوات روسبا الصديقة في الغرب .. أو الدول اللا شرعية المعادية .. البريطانية ، والفرنسية ، والتركية ، في الشمال الشرقي ، وقوات التحالف الأميركي الدولي العدوانية ، جواً، وبراً .ز وتدخل التنظيمات الإرهابية الدولية التعددية فوق الخريطة السورية .. وبناء وتعزيز المطارات والقواعد العسكرية المعادية .. والحشود والتهديدات المتبادلة فيما بينها .. أو بواسطة العملاء والمرتزقة .. هو برهان مكشوف لهذه الفوضى المدمرة لوطننا ,

إزاء ذلك لا غنى عن القول الوطني المسؤول .. كفى .. كفى .. لقد آن الأوان لأن يخرج الساسة السوريون من جحور التردد والانتهاز والارتزاق السياسي . والعودة إلى التفاهات الوطنية المشتركة .. لحماية سيادة ووحدة الوطن . ووضع نهاية عاجلة للفوضى المدمرة المستفحل ..
بطردها التام من بلادنا المقدسة .
لطالما منذ البدايات في صراعاتنا ، كنا نستطيع التوصل إلى حل سياسي شامل للخلافات المزمنة بيننا ، وبذلك كان الوطن سيبقى ، مزدهراً ، موحداً ، قوباً . ويمكننا الآن بعد هذه الأزمة .. وهذه الحرب .. ودفعنا الثمن عالياً جداً .. يمكننا أن نغفل ذلك الآن ما كان يجب أن نفعله قيل استفحال الآزمة ومآسي الحرب وخلاله ... شريطة الاعتماد أولاً على الذات .. على وجودنا الإنساني .. والوحدة الوطنية . وعلى الحليف الشرعي الشريك في دحر العدوان على الوطن .. واعتماد بناء وطن على أسس الد مقراطية العادلة في مختلف المجالات .. السياسية .. والاقتصادية .. والاجتماعية .. والثقافية .