مجازر الرهانات القومبة والدولية في عفرين


بدر الدين شنن
2018 / 3 / 20 - 13:05     

رهانات القوى القومية المتطرفة ، والدولية ، التي تتجلى في معارك شمال سوريا حول عفرين ، سوف تحدد دون ريب ، من سيتمكن من الفوز بعفرين .. وما بعد عفرين . وحسب ذلك يطرح السؤال .. هل تبقى عفرين جزءاً من سوريا ، أم يسيطر عليها " أردوغان " وحلفاؤه ، ليحول كما يزعم ، دون قيام دولة كردية على حدوده ، وتصبح عفرين ملحقة بتركيا ، أم يحتلها التحالف الأميركي الدولي مباشرة ، أو بواسطة " قسد " المتأ مرك ، وبقيم الأميركان محميات وقواعد عسكرية على أراضيها تحت السيطرة الأمبركية .

وفي أي حال ، إن اللعبة الدولية " المؤامرة " الدائرة عسكرياً حول عفري ، سوف تستقر حسب جميع الأطراف لصالح الأقوى . لذا تحاول تركيا أن تبرهن ، على أنها هي الأقوى ، سيما على الأرض .وأن رهانها حول عفرين سيتحقق .. وأنها كيداً .. وغدراً .. وتزامناً مع تحرير الجيش السوري للغوطة الشرقية في الجنوب .. سرعت بالتعاون مع حلفائها ، الجيش الحر ، وغيره ، وبرضى التحالف الأميركي الدولي ، وحلف الناتو .. سرعت القيام باحتلال استباقي لعقرين .

وهكذا تم حصر الرهانات بالتحالف الأميركي الدولي ، وتركيا ، و" قسد " وأقلياته الانفصالية المتعددة .
بمعنى ، ان التحالف الأميركي الدولي ، وتركيا ، وقسد ، يستبيحون الآن عفرين .. وما بعد عفرين . ويتناسى السوريون حلفاء أميركا وتركيا ، أنهم مواطنون سوريون ، منذ مئات .. وآلاف السنين .
يتناسون أولاً :
أن حركة التاريخ ، واستحقاقات التقدم الحضاري ، قد تجاوزت من زمن بعيد جداً مغامراتهم االعنصرية الراهنة ، المعادية للحضارة والتقدم .
ويتناسون ثانياً :
أن التحالف مع الأميركي الدولي هو ضد سوريا والدول العربية الأخرى ، وليس منسجماً ، بل معادياً لمصالحهم الآن ولأجيالهم في المستقبل .
إن ما يجري من جريمة عدوانية أجنبية في عفرين ومحيطها ، هو جريمة تاريخية ، تؤدي إلى نتائج معاكسة لمصالح الكرد المغامرين والمسالمين . ومصالح جميع سكان الشمال السوري .. بل لصالح أجندات أجنبية . إن اجتياح " أدوغان " لعفرين ، سوف يرتد عليه .. كردياً وطنياً تقدمياً خاصة .. وشعبياً سورياً عامة .. ودولياً محباً للسلام .

إن المعطى التاريخي الموضوعي الراسخ ، يعني أن المدن والحواضر السكانية ، تعيش منذ وجودها ، وبعضها منذ آلاف السنين ، عيشة التعاون والتكامل . وأحياناً عيشة اندماجية في المصالح ، والعلاقات الاجتماعية . وواقع العلاقات الاجتماعية المتعددة بين عفرين وحلب هي المميزة

وأولى الدلالات على ذلك ، هي العلاقات الإنسانية العائلية . حيث هناك على الأقل مئات آلاف العائلات السورية المكونة من انتماءات قومية ومذهبية متعددة .. والكردية العربية خاصة ..
وثاني الدلالات هي الوحدة الاقتصادية . بين منطقة عفرين وبقي محافظة حلب ، وفي مقدمها " زيت الزيتون الكردي الممتاز " . وكذلك بقي الأنشطة الزراعية والصناعية .
وثالث الدلالات هي الوحدة السياحية في المحافظة . وتعتبر منطقة عفرين هي مركزها السياحي الرئيس .. ومناطق ريف عفرين .. كفر جنة .. وميدانكي .. والنبي هوري هي في المقدمة . .

ويبدو أنه من خلال الممارسات البشعة المتواصلة ، أن ما يقوم به التحالف الأميركي الدولي وحلف الناتو وتركيا
أئهم ، لا يأخذون هذه الدلالات بعين الاعتبار . وأن ما يهمهم هو السيطرة على بلدان الشرق الأوسط .ز أو فرض تقاسم النفوذ الدولي على الآخرين في مختلف الصعد لصالحهم

فعنما ينظر التحالف الأميركي الدولي .. وتحالف التحالفات " الناتو " بعيون اللؤم والطمع والجشع إلى عفرين .ز ينظرون بها أيضاً إلى حلب .. ودمشق .. وموسكو . وعلى هذا المنظور يبني التحالف الأميركي الدولي وتركيا معادلاتهم الدولية الجديدة .
ووفقاً لهذه المعادلات .. تكبر .. وتتواصل الحرب في عفرين .. وتكبر مسؤولية التعامل معها .. سورياً .. وعربياً .. ودولياً
على أي حال ، ينبغي أن لا ينسى الكرد في عفرين وسوريا كلها ، والعرب السوريين .. أن عفرين هي شقيقة حلب .. وسوريا هي أم الحضارات السابقة .. وأم الطموحات الكردية وغيرها ، التي تتأتى عن استحقاقات موضوعية .. علمية .. معززة للتقدم في مختلف المجالات .
وعلى ذلك .. إن السؤال الآن .. هو هل يمكن حسب الواقع الجغرافي والسكاني والسياسي والعسكري الراهن في سوريا والمنطقة ، أن تتحول عفرين إلى دولة مستقلة عن سوريا .. ومثل هذه الدولة ستقع بين سوريا وتركيا المعاديتين لمشروع هذه الدولة ووجودها ؟ .. ألن تكون مثل هذه الدولة مشوهة محكومة بالتبعية للخارج .. ، وللتحالف الأميركي الدولي المعادي لشعوب المنطقة تحديداً .
أي أن أي دولة كردية ، إن تحققت بالشروط الأميركية الإقليمية والدولية ،ستكون دولة مشوهة فاشلة . وليس لها في المنطقة مستقبل كياني مستقل . أو أي فرصة للتعايش والاحترام المتبادل مع شعوب المنطقة الخرى . سيما في حال ارتباطها المكشوف مع المخططات والمصالح الأميركية .

إن الباب لازال مفتوحاً أمام الكرد السوريين ، أصحاب النزعات الانفصالية الطموحة، لإيجاد مخرج ، يعبر عن طرح ديمقراطي واسع في مؤسساتهم القومية الدستورية التقدمية .
ولابد أن نذكر أهلنا الكرد السوريين بممؤويلتهم التاريخية العالية . إن قدر سوريا ، ومصيرها التاريخي ، هو استعادة وحدتها ، الجغرافية ، والسياسية ، والثقافية ، والحضارية الكبرى ، وليس تقسيمها خدمة للاقطاع السياسي الكردي والعنصريين الكرد ، ومصالح الدول الاستعمارية . أي تكرار مفعول اتفاقية ( سايكس ـ بيكو ) الاستعمارية قبل مئة عام .

ولنا بصلاح الدين الأيوبي .. وإبراهيم هنانو .. ويوسف العظمة .. وسالح العلي .. وسلطان باشا الأطرش .. وفارس الخوري وشكري القوتلي .. وسعد الله الجابري .. وعفيف البزري .. وخالد العظم .. خبر قدوة لنا في النضال ضد العدو الأجنبي .. وفي الأخوة الوطنية المشتركة .. والعيش المشترك .
.