العولمة آخر مراحل الامبريالية؟؟؟


فؤاد خطيب
2018 / 3 / 15 - 10:15     


كتب ماركس قبل أكثر من قرن ونصف بان الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية. ربما تنبأ بنهاية النظام الرأسمالي اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا ومن ثم فقد سيطرته على الحياة البشرية وطرق تطورها المُختلفة.
ماركس الموسوعي العبقري الكبير لم يتنبأ في أدبياته ولا حتى في كتابه الفذ "رأس المال" هذه الثورة المعلوماتية الجبارة التي نشهد تطوراتها وأحداثها يوما بيوم وهي تغزو العالم من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه.
الثورة المعلوماتية الهائلة الحاصلة في وسائل الاتصالات دخلت بدون وعي منا وبتلقائية مُدهشة في حياتنا العملية التي نحياها.
أصبحت رافدًا هامًا وأساسيا لمقومات الحياة المادية الاستهلاكية في هذا العصر السريع المجنون الذي تَلعب بمصيره رؤوس مُحوسبة ومُحكمة وبشعة، باتت الاداة العصرية الجديدة في نشر النفوذ الامبريالي من جديد ضد مصالح الشعوب في القارات الخمس كلها. يتم هذا الهجوم الامبريالي بواسطة أحدث تقنيات الاتصال الذي وصل اليه العلم المعاصر اليوم، آخذا بعين الاعتبار أن تطور الآسلحة وخلق الحروب هو ما زال الهدف المنشود للسيطرة على العالم. هناك أكثر من مئة وخمسين ألف شبكة معلومات خصوصية مُحوسبة مُنتشرة في أصقاع العالم وكلها مرتبطة بشبكة واحدة عظيمة "الانترنت" التي انتشرت كالأخطبوط في العالم وأثرت في قيمه وفلسفته وحضارته وحتى سيكولوجية أفراده، همها الأساسي هو فرض الهيمنة الاستعمارية على شعوب العالم المَغلوبة على امرها وسرقة ما تبقى من مُكونات وجودها وثرواتها الطبيعية ومن ثم ابقاؤها تحت رحمة سوق استهلاكية قاسية لم تعرفها شعوب العالم من قبل. وما يجري حولنا وخصوصا في سوريا والعراق خير دليل على ما نقول. نحن بتواضع شديد نعتبر بأن العولمة ربما تكون هي المرحلة النهائية للامبريالية وربما الخطوة الأولى المادية للأممية على اعتبار أن هذه العولمة التي ترافقها التقنية الرقمية الرهيبة التي نحياها الآن رَبطت شعوب الأرض ووحدت الحدث العالمي وجعلت العالم الكبير فعلا قرية صغيرة نشاهد كلنا أحداثها اليومية بالبث الحي المباشر.
هذا الأمر يستغله الاستعمار الجديد والرأسمالية المُتوحشة التي تحاول أن تستوحد بسيطرتها على العالم كما أسلفنا.
لو نظرنا للصورة بكل أبعادها لشاهدنا بداية تحقيق القول الذي تَنتظره البشرية المُتقدمة بأن الرأسمالية فعلا تَحفر قبرها بيدها اذ أن التقنية الهائلة في الاتصلات تساهم أيضا في توحيد مصير شعوب العالم في هذه المرحلة من التاريخ، وربما تساهم في الثورة على رأس المال بعد أن انكشفت كل عوراته أمام البشرية كلها ومَعها بانت واضحة أخطار بقاء النظام الرأسمالي وملحقاته من رجعية دينية متخلفة على الحق والمصير الوجودي للبشرية ومنها أيضا الحق الاساسي لهذا الوجود وهو الحفاظ البيئي على الكرة الأرضية التي تدمره الرأسمالية منذ بداية الثورة الصناعية في أوروبا منذ أكثر من قرنين من الزمن.
أصبحنا اليوم في مرحلة تُبشر بتحول البشرية الى نقيض الرأسمالية المُتوحشة وبناء نظم اقتصادية وسياسية واجتماعية حديثة وواعية تَحترم مقدرات الشعوب وتقدرها ولا تَسرقها، بل تَخلق بينها علاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية ندية مُتكافئة ومُتوازية لخلق وجود مُتقدم وقابل للعيش في هذه المرحلة المتقدمة من التاريخ. الأممية هي الحب الفطري لهذا الوجود بناسه وطبيعته وانسانيته بدون عصبية قومية أو عرقية أو دينية.
الهدف بالأساس يبقى حماية البشرية والكرة الأرضية من أبالسة الأرض والسماء معا.