كيف تحوّل بوذا الزاهد الى بدينٍ بكرشٍ ضخم


سيلوس العراقي
2018 / 3 / 13 - 21:39     

من المعروف أن بدايات البوذية كانت منذ القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد مع مواعظ وتعليم بوذا من الهند اولاً، ثم انتشرت في دول آسيا الوسطى والقصوى. بوذا المستنير والمتنور الذي كان قد تخلى عن العائلة والثروة والمجد باحثا دائمًا عن التحرر من الماديات في من خلال التأمل وفي حالة من التقشف والصوم من دون أن يستنفده الجوع والعطش والمعاناة الذاتية للتوصل الى حالة الاستنارة. وما يهمني هنا في هذا المقال أن بوذا كان رجلا بعيدًا كثيرًا عن الجشع في المأكل والمشرب بل كان زاهدًا وقد أكثر من الصيام، فلم تساعده طريقة حياته أن يكون بدينًا ثخينًا ذي بطن كبيرة وكرشٍ، فهو إنْ لم يكن نحيفًا جدًا لكنه لم يكن سمينًا بدينًا

إنْ لم يكن بوذا بدينًا، لماذا كلّ التماثيل المتوفرة له في كافة محلات وأسواق العالم اليوم تصوّره بدينًا جدًا وصاحب كرش ضخم كما تصور وهو يضحك ضحكة بمليء شدقيه تملأ وجهه البدين؟

تبدو على هيئة بوذا البدين جدًا في التمائيل وفي هياكل ومزارات البوذيين، هيئة الانسان السعيد بافراط

هذه الهيئة ظهرت متأخرًا وبالتحديد منذ القرن العاشر الميلادي في الصين، مع الصيني المدعو "شي اتزو" وهو راهب غريب الأطوار تحوّل من حياة مليئة بالملذات والمتعة في بدايات حياته قبل أن يكرّس نفسه في حياة الزهد، وحين جدّ في مسعاه وصل الى حالة الاستنارة، وقام بعددٍ من الأمور الغريبة ومنها تنبؤاته بالطقس والمناخ وغيرها التي اعتبرها مريدوه عجائب. وبحسب التقليد الصيني فانه كشف عن نفسه بأنّ "بوذا المستقبل" قد تجسّد فيه، أي أنه بوذا عصور المستقبل اللاحقة

وانتشرت قصته بين الصينيين وحيكت العديد من الروايات حوله وتم منحه اسم بوذاي ( في الصينية يلفظ : "بو تاي) من قبل الشعب الصيني حيث مريدوه كثيرون، وتم تصويره في صور وتمائيل، دائمًا أصلع الرأس وبدينٌ بكرشٍ ضخم ،ضاحكًا، مثلما نراه في تمائيله وصوره المنتشرة في أسواق ومحلات العالم اليوم، ليتمكن معبوديه ومحبيه الباحثين عن الأمل بالسعادة من لمسِ بطنه أو كرشه، وأصبح بوذا البدين رمزًا للبهجة وحسن الطالع والحظ السعيد، إضافة الى ذلك فيتم تصويره في رسومات وتمائيل وهو يحملُ كيسًا من القنب يحتوي على العديد من الأشياء والهدايا الجيدة واللطيفة كالحلويات للأطفال، كما يتم تصويره غالبًا محاطًا ببعض الأطفال
اذن تمّ تصويره كبوذا الذي يمثل السعادة والثروة والكرم، ويضاف الى ذلك أنه يعتبر في الصين حارسًا وحاميًا للأطفال وللفقراء والمساكين
وينوجد له تمثال ضخم في مدخل الهيكل الصيني البوذي الضخم

مثلما تحوّل بوذا الهندي النحيف المتأمل إلى بوذا بَدين يضحك دائمًا
تحوّل "يسوع" النحيف بشكلٍ رمزيّ في الغرب الى "بابا نوئيل" البدين الذي يحمل كيسَه المليء بالهدايا والحلويات ويحيط به عدد من الأطفال