فالح عبد الجبار، الشيوعي عالم الاجتماع السياسي الذي فقدناه!


جابر حسين
2018 / 3 / 11 - 00:43     


كما القادة التاريخيون العظام في حياة البشرية، ومنذ أن تفتح وعيه بالحياة والمعرفة، توجه فالح، بأشواقه وأحلامه المشرعات كلها صوب المستقبل إلي حيث اليسار، حيث المعرفة سبيل أحد والكفاح لأجل الفقراء والكادحين هو جدوي الحياة النبيلة والقيمة الحقيقية للإنسان، فإنتمي إلي الحزب الشيوعي العراقي، في حراكه السياسي والفكري والاجتماعي، مناضلا في صفوفه الأمامية، كفاحا بالعمل التنظيمي والفكري. هكذا ظلت بذور المعرفة تنمو في وعيه، في حياته الشخصية والعملية. فالح كان ضيفا مساء الأحد الماضي علي قناة
( الحرة عراق )، في برنامج ( العراق في قرن )، عالما في علم الاجتماع السياسي، وبإعتباره من أعلام المفكرين الشيوعيين العراقيين. بدأت الحلقة بثها المباشر علي الهواء، وبدأ هو في حديثه الغني الثري عن حال العراق، لكنه، للأسف العميق لم يتمكن من الإستمرار جراء نوبة قلبية مفاجئة فإعتذر عنها توا، ليتم نقله مباشرة إلي مستشفي الجامعة الأمريكية في بيروت لتلقي العلاج، لكنه، وياللمفارقة المؤلمة، كان قد فارق الحياة فجر الأثنين الماضي 26/2/2018م!
كان فالح رئيسا لمعهد ( دراسات عراقية ) في بيروت متخصصا في تدريس الفكر السياسي والاجتماعي في محيط الشرق الأوسط. تناولت بحوثه ودراساته القيمة قضايا الدين والقانون، والصراع الديني في المجتمع المدني. العام 1978م كان قد غادر العراق ليعمل أستاذا وباحثا في علم الاجتماع بجامعة لندن في كلية بيركبيك التي سبق ونال منها شهادة الدكتوراة. ومنذ العام 1994م قاد مجموعة بحث ( المنتدي الثقافي العراقي ) في الكلية الانجليزية نفسها، كما عمل مديرا للبحث والنشر في ( مركز الدراسات الاجتماعية للعالم العربي ) بمقرها في نقوسيا وبيروت 1983م/1990م. نعاه المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي فقال عنه: *( ...وليس سرا ان الفقيد افتتح مسيرته الثقافية والفكرية والنضالية الوطنية في احضان الحزب الشيوعي العراقي، وبدعم منه غير محدود ولا منقطع. وفي ذلك ما يفسر اسباب بقائه قريبا من الحزب على الدوام، بل ولصيقا به حتى آخر ايامه.
لقد صدمنا الرحيل المفاجئ والمحزن لأبي خالد، وصدم معنا الكثيرين من عارفيه ومقدري علمه ومعرفته الثرّة، وإنجازه الفكري والثقافي الغزير والرفيع، ومتابعي نشاطه المدني الوطني الديمقراطي والاجتماعي التقدمي الدائب، واخلاصه لقضية وطنه وشعبه وحرصه عليهما وعلى سلامتهما وحريتهما وكرامتهما ومستقبلهما.
كبيرة هي خسارتنا وخسارة بلادنا برحيل الاستاذ فالح عبد الجبار!
تعازينا الحارة الى ابنائه واسرته جميعا، والى سائر رفاقه وزملائه واصدقائه وتلاميذه ومحبيه الكثيرين جدا. ستبقى ذكراه مضيئة في قلوبنا، ويبقى إلارث الفكري والثقافي التقدمي الذي تركه لنا يسهم في انارة عقولنا، ويبقى عنفوانه الذهني محفزا لتفكيرنا وتطلعنا الى غد عراقي لا ريب فيه، واعد وصاعد على الدوام ).
لقد ترك فالح تراثا معرفيا تقدميا كبيرا فيه عمق الفكرة وصلابة الموقف.
من مؤلفاته:
- الدولة والمجتمع المدني في العراق.
- الديمقراطية المستحيلة/ حالة العراق.
- معالم العقلانية والخرافة في الفكر العربي.
- المادية والفكر الديني المعاصر.
- بنية الوعي الديني والتطور الرأسمالي.
- المقدمات الكلاسيكية لنظرية الإغتراب.
ومن ترجماته:
- الأقتصاد السياسي للتخلف.
- موجز رأس المال.
- رأس المال.
- نتائج عملية الأنتاج المباشرة.
- غوته، رحلة ايطالية.
- ما العولمة، الأقتصاد العالمي وإمكانات التحكم,
قبل رحيله بحوالي ثلاثة أسابيع صدر له كتاب ( حول دولة الخلافة في العراق )، تناول فيه رحلة العقل السني في العراق منذ 2003م، وفيه يري أن الأزمة التي يعيشها العراق جراء الحركات الجهادية المسلحة هي نتيجة لما دعاه ( الدولة العربية الفاشلة ). وكان قد بدأ نشر مقال كبير له بموقع الحزب الشيوعي العراقي علي النت من أربع حلقات بعنوان: ( بناء الأمة/ الدولة – مقاربة سوسيولوجية / سياسية، نموذج العراق ) نشرت الحلقة الثانية في 21/1/2018م و سيستمر نشر بقية الحلقات.
كبيرة هي خسارتنا وخسارة الفكر التقدمي برحيل الدكتور فالح عبد الجبار!
تعازينا الحارة الى ابنائه واسرته جميعا، والى سائر رفاقه وزملائه واصدقائه وتلاميذه ومحبيه في أوطاننا، وسيبقي في ضمير ثقافتنا وفكرنا خالدا بمآثره الفكرية الشاهقة!

-----------------------------------------------
* المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي 26/2/2018م،