الجذور الفكرية و الفلسفية لهزيمة الثورة التونسية


برهان القاسمي
2018 / 3 / 6 - 13:04     

الجذور الفكرية و الفلسفية لفشل الثورة التونسية :



الشعب يريد إسقاط النظام " شعار انتشر في جميع أرجاء المعمورة ، ورددته الشعوب المقهورة ، وارتعدت منه فرائص القوى الرجعية و الامبريالية ، انه شعار الثورة التونسية ، الذي أربك الجميع واسقط رهانات قوى الهيمنة و الاستغلال و تنظيرات مثقفي اليمين و اليسار ، وبدأت "بومة منيرفا تفرد جناحيها" لمزيد تركيع الشعب التونسي و الطبقة العاملة وإخضاعها لقوى الثورة المضادة الدينية و الحداثية ، فتعددت اللقاءات و الحوارات و المنابر و تمحورت كل او اغلب القراءات و المقاربات و المقارنات و التحليلات حول هل أن ما وقع في تونس ، ثورة ، ام انتفاضة ام احتجاج ام هبة شعبية ،ام مؤامرة امبريالية ام هي الفوضى الخلاقة الأمريكية ومخططاتها الهادفة الى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية هذا كله مع التاكيد الإشادة و التنويه بسلميتها و انقسمت الى تيارين رئيسيين تيار ديني رجعي و تيار " حداثي" (بورجوازي ليبرالي و يساري ليبرالي)، وبقي التيار المقابل (ممثل الطبقة العاملة)الماركسي - اللينيني هامشيا ، وغير قاد على المواجهة ، رغم ما قدمه تاريخيا ، و رغم دوره المحوري واقعيا و عمليا . ونعتقد انه لفهم أسباب فشل الثورة التونسية ( حيث كل المؤشرات الواقعية ،الموضوعية، و خاصة الذاتية نقصد هنا أساسا حزب الطبقة العاملة تقود الى هذه النتيجة) وكذلك الثورات و الحركات الاحتجاجية السابقة ،في تونس و في بقية بلدان العالم ، حيث يجب العودة الى هذه الثورات و الانتفاضات والاحتجاجات في خصوصياتها التاريخية ، و أساسا في نظرية الوعي وحول التنظيم التي تشكل أساس و جوهر نظرية الثورة . فلينين لم يكن يتحدث عن الثورة و الاستيلاء على السلطة دون الحديث عن الحزب في كامل كتاباته ، كدرس من الدروس الأساسية و الجوهرية لتجربة الثورة البلشفية.

لقد جاءت كل القراءات والدراسات و المقاربات حول الثورة التونسية وفي واقعها وآفاقها ضاغطة في اتجاه كبح تطورها وتجذرها ،وتشويه أسسها و منطلقاتها ، ويلتقي في هذا القائلون بنظرية المؤامرة و القائلين بنظرية العفوية والتلقائية و القراءات الذاتية والقراءات الوثائقية ...وما يهمنا هنا هو الفكر اليساري الماركسي.
إن الثورة التونسية ككل الثورات في العالم عاشت حالة ثورية منذ 17 ديسمبر و التي كانت تنمو بصفة عامة داخل أشكال ديموقراطية , و تقترب بهذه السرعة أو تلك الى الحدود الفاصلة و الحاسمة , فإما ان تتجذر و تأخذ الاتجاه التقدمي الثوري , او أن تنتكس و تستولي على الحكم القوى السياسية الرجعية ، و بالتالي القضاء على الثورة و على طموحات الجماهير الثائرة ، فالثورة التونسية لم تكن نشازا تاريخيا ، و لم تخرج عن هذا الإطار العام الذي ميز جميع الثورات في العالم، اي عن قانون حركة التاريخ.
فالثورة التونسية و منذ البداية كانت شعاراتها واضحة , واتخذت منحا تطوريا واضحا ومتجذرا فمن شغل حرية كرامة وطنية الى التشغيل استحقاق الى ارحل الى الشعب يريد اسقاط النظام وتواصل هذا المنحى التطوري الى ما بعد 14 جانفي وكان متلازما مع أشكال نضالية و مؤسساتية , على غاية من التقدم و الأهمية ، و خاصة منها تشكيل لجان حماية الأحياء في كل المدن و المناطق و الأحياء و لجان حماية الثورة كآلية حمائية عفوية في منطلقاتها عرفتها تقريبا كل الثورات في العالم , و التي بدأت فعليا تمسك بالشؤون العامة للمواطنين كما بدات بالاستيلاء على المباني و المقرات و العمارات و الأراضي الدولية، وتشكل جبهة 14 جانفي و المجلس الوطني لحماية اهداف الثورة ، و في المقابل ايضا كانت القوى اليمينية المعادية للثورة في الداخل و الخارج تعمل بكل طاقتها من اجل الالتفاف على الثورة و إجهاضها و قد جاءت اولى محاولات الالتفاف على الثورة في قانون 56 - 57 الذي قدمه فؤاد المبزع , و الذي تراجعت عنه تحت الضغط الشعبي , و تتالت المؤامرات على الثورة , من هيئة بن عاشور الى وثيقة قرطاج.....و مازالت متواصلة الى يومنا هذا, مع حالة من الفتور الثوري ، وهو ما يهدد فعليا الثورة التونسية و ينبأ بنشوء الديكتاتورية , التي بدأت ملامحها تظهر للعيان , فالحكومات المتعاقبة لم تفعل سوى محاولة اعادة انتاج , و الحفاظ على النظام القديم , والقوى اليمينية داخل السلطة وخارجها لا تريد و لا تستطيع تغييرا جذريا حقيقيا , ولكن تغييرا يعطيها مساحة اكبر و و نفوذا سياسيا اكبر . فلوقف تطور الثورة و الالتفاف عليها يلجؤون الى كل الوسائل و متعاونين مع اكثر القوى رجعية و تخلفا و انتهازية فالرجعية السياسية كما عبر عن ذلك ماركس في مؤلفه 18 برومير لويس بونابرت ,و في كتاباته حول الثورة المضادة في المانيا و في فرنسا , مجبرة على طلب العون من العناصر المشبوهة , وتستولي على البيروقراطية الراهنة وتوزعها رشوة على عملائها وماجو ريها و السيطرة على مفاصل الدولة , و تجريدها من وظائفها الاجتماعية و تحويلها نحو المنظمات الخيرية و الوقفية ( انظر مشاريع القوانين المقدمة الى المجلس الوطني التأسيسي ) بالاظافة الى الانتخابات الرئاسية و التشريعية و البلدية , و الحوار الوطني , و و ثيقة قرطاج ....وفي الجهة المقابلة ظلت بقية القوى الثورية بعيدة و متخلفة على مستوى الأهداف التي طرحتها الثورة ’ من زاوية مهام الطبقة العاملة و اهدافها التاريخية , و الإطاحة بالطبقات المالكة اذ بقيت القوى الثورية من حيث أهدافها و شعاراتها و برامجها و وسائلها مرتهنة داخل الإطار الليبيرالي و في تحويل كامل المسار الثورى الى محطات انتخابية و الأشكال التنظيمية الحزبية في خدمة الانتخابات وهو ما نبه اليه ماركس في نقده لبرنامج الحزب الاشتراكي الالماني في مؤتمر غوتا ” فالديموقراطية المبتذلة التى ترى فردوسها الأرضي في الجمهورية الديموقراطية , و التي لا تظن ان النضال الطبقي يجب ان يجد حلا له بقوة السلاح .في ظل هذا الشكل الأخير للدولة في المجتمع البرجوازي , حتى هذه الديموقراطية بالذات اعلي بكثير من هذا الصرب من الديموقراطية المحصورة في نطاق ما يسمح به البوليس و ما يحرمه المنطق ”(نقد برنامج غوتا) و في نفس الاتجاه يؤكد انجلز في رسالة الى بيبل مستشهدا بثورة 1848 انه ” و في كل الحالات , خلال الأزمة وغداة الأزمة, سيكون عدونا الوحيد ’ الكتلة الرجعية بأكملها ’, المجتمعة حول الديموقراطية المحضة , و هذه الحقيقة برايي لا يجب ان تغيب عن نظرنا ابدا . فالديموقراطية كشل كامل للهيمنة البرجوازية أصبحت عند الانتهازية المثال الأعلى الذي تدعو اليه عبر الدعاية السلمية , وبان الانتقال الاشتراكي لم يعد بالضرورة انتقالا ثوريا , لتعويم الطابع الطبقي للديموقراطية البرجوازية , وإقصاء الثورة , وتذويب التنظيم داخل كتل هلامية واشكال مائعة و تذويب الحزب داخل التحالفات و الجبهات وما اليه .

الثـــــــورة التونسيـــــة و ثــــــورات الربيــــــــــع الاروبي

ان التشابه الغريب و الذي يصل الى حدود التفاصيل الجزئية في سيرورة تطور ثورات ما يسمى بالربيع الأوروبي وخاصة منها الثورة الفرنسية لسنة 1848 و انتكاستها من حيث الأهداف التي قامت من اجلها وضد الفساد السياسي والعناء الاقتصادي و التهميش الاجتماعي وإسقاط الأنظمة الاستبدادية و من حيث الانتشار ,بالإضافة الي ضعف الطبقة العاملة وعدم وجود احزاب و منظمات اشتراكية منغرسة في الطبقة العاملة و قادرة على قيادتها والاستيلاء على السلطة السياسية .فبعد ثلاثة ايام من اندلاع الثورة لاذ الملك بالفرار ، و بعد أربعة اشهر اجتاحت الثورات العواصم الأوروبية ، ببرلين و فيينا و بودابست و ميلان ، مطيحة بالأنظمة الاستبدادية الحاكمة آنذاك ففي 23فيفري تولت حكومة مؤقتة السلطة ودعت الى انتخابات عامة بعد شهر لاختيار الجمعية التأسيسية لتضع دستورا جديدا وتشكل حكومة و وقع إقرار حق الانتخاب وحق العمل كحق أساسي لكل مواطن فرنسي وانشات ورش العمل الوطنية التي ضمت الآلاف من العاطلين .....( تنظيف زرع الأشجار وتعبيد الطرقات ..)، وبين الثورة التونسية وسيرورة تطورها و ماﻻتها المحتملة ، كحلقات و فصول متتالية و متداخلة من حلقات و فصول الصراع الطبقي الجاري في بلادنا بين البرجوازية الكبيرة العميلة وممثليها و ان ظهرت بينهما بعض الاختلافات الجزئية ،و بين الطبقة العاملة و عموم الشعب التونسي الكادح و ممثليه ، وهي ايضا من الحلقات التي مرت بها ثورة 25 فيفري 1848 بفرنسا و ان كان في ظروف و ملابسات تاريخية و اقتصادية و اجتماعية مختلفة ،و التي تتبع كل من ماركس و انجلز مجرياتها يوما بيوم بالنقد التحليل، التي شكلت أجزاء من أسباب فشل الثورة و عدم تحقيق أهدافها ، ففي الأيام الأولى لشهر مارس ، مع انطلاق الحملة الانتخابية لانتخاب الجمعية الوطنية التشريعية في فرنسا ظهر ائتلاف كتلتي الاورليانيين والشرعيين اذ " لم يكن بوسع الجمهورية البرجوازية ان تكون عير الشكل الصافي ..لسيادة الطبقة البرجوازية كلها. " وفي صراع حزب النظام مع البروليتاريا الثورية و مع الطبقات الانتقالية أجبرت الكتلتين على "صيانة هذه القوة الموحدة" اذا " ليست الثورة هي التي هلكت في هذه الهزائم . فقد هلكت بقايا التقاليد مما قبل الثورة....وهلكت الأشخاص، و الأوهام، و التصورات، و المشاريع التي لم يتحرر منها حزب الثورة قبل ثورة شباط (فبراير)، ..... وبكلمة ( كما يقول) سارت الثورة الى الأمام وشقت الطريق لنفسها، لا بمكاسبها المضحكة المبكية المباشرة، بل، بالعكس، بكونها أدت الى نشوء ثورة مضادة متراصة و قوية، أدت الى ظهور عدو كان حزب الانقلاب يتحول في سياق النضال ضده بالذات الي حزب ثوري حقا ".
في خضم هذه من حلقات الصراع الطبقي في بلادنا ، وفي هذه المرحلة الحاسمة و المحددة من سيروة الثورة التونسية كان لابد من استعاب الدرس والدفع بالمسار الثوري ولن يكون ذلك ممكنا الا بتهيئة العنصر الذاتي و الذي ضل غائبا كما خلال الثورة الفرنسية لعدم وجود أحزاب ومنظمات اشتراكية قادرة آنذاك على الفعل........) ( و باستخلاص الدروس من تاريخ الحركات التحرر الوطني و الاجتماعي و حركة الطبقة العاملة العالمية ومن خلال استخلاصات ماركس و انجلز و لينين و ستالين لهذه التجارب ،
والقراءة العلمية والملموسة لوقائع ومجريات و افاق تطور الثورة التونسية ، بالربط المحكم بين التكتيك و الاستراتيجة و القدرة الدائمة علي ايجاد مرتكزات لتطوير العمل الثوري من حيث الوسائل و الأساليب ،واشكال النضال و التنظم ، وبطبيعة الحال و كما قلنا لن يكون ذلك ممكنا اﻻ عبر إعداد الطبقة العاملة و عموم الشعب للمعارك الحاسمة . ف "25 شباط 1848قد اعطى فرنسا الجمهورية ، و 25 حزيران فرض عليها الثورة .ولكن الثورة صارت تعني بعد حزيران اسقاط المجتمع البرجوازي، في حين انها كانت تعني قبل شباط: اسقاط شكل الدولة ."(النضال الطبقي في فرنسا من1848 الى 1852 ص 35 )ورغم ان ما بعد حزيران كان متوفرا في تونس وقد لخصه شعار "الشعب يريد اسقاط النظام",الا ان الهاجس الانتخابي اصبح القاعدة والأساس وتحول المسار الثوري الى مسار انتخابي كما قلنا ,وتحول السلمي و الانتقال الديموقراطي والتوافق اللغة السائدة وهو ما طبع كامل المرحلة من تاريخ الثورة التونسية في ديناميكيتها الداخلية وفي علاقاتها الجارجية وهو في الحقيقة فتح للباب امام قوى الأنظمة القديمة و الثورة المضادة للعودة وعودة الديكتاتورية ويبقى النظام القديم اساس و جوهر المسار الثوري واليتها لانتقالية على جميع المستويات و المسارات الانتخابات و الوحدة الوطنية و الحوار الوطني....وهذه السيرورة التي تعيشها البلاد لا يمكن ان تقود الى النصر دون حزب ثوري يضع امام عينية الاستيلاء على السلطة بالقوة ....فالقوى الثورية في فرنسا ...,وقد كانت هذه المسالة إحدى نقاط الاختلاف بين ماركس و برودون الذي كان آنذاك عضوا مغمورا في الجمعية التأسيسية , ويظهر ذلك جليا خاصة في الدستور ومن خلال اغلب فصوله,وفي تعديل النظام الداخلي والنظام المؤقت للسلط العمومية ,وهذا التكثيف السياسي ليس "سوى التعبير الواضح بدرجة تزيد او تقل،عن نضال بين الطبقات." (انجلز من مقدمة 18 برومير لويس بونابرت ) صراع بين شرائح البرجوازية الكبيرة العميلة (البرجوازية الخاصة، و البرجوازية الزراعية و برجوازية الدولة) قاعدة الاستعمار الجديد فيما بينها من ناحية ، وبينها و بين الطبقة العاملة و البرجوازية الصغيرة المدينية منها و الريفية و عموم المفقرين من ناحية اخرى و من الواضح ان الطبقة العاملة التونسية ، كما يقول ماركس في مؤلفه النضال الطبقي في فرنسا 1848 1850 محللا وضع الطبقة العاملة الفرنسية ابان الثورة مازالت " ضائعة تقريبا في الأغلبية الساحقة من الفلاحين و البرجوازية الصغيرة"ومرتهنة بشكل شبه كامل للبيروقراطية النقابية.
عمقت الحكومات المتتالية الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية التي كانت تعيشها البلاد ما قبل الثورة,وواصلت انتهاج نفس النهج الليبرالي المتوحش لنضام بن علي, ولم تحقق الحد الأدنى الذي قامت من اجله الثورة,في التشغيل و التنمية,بل بالعكس من ذلك ازدادت اوضاع المواطن التونسي ترديا,فارتفعت الاسعار , وتدهورت المقدرة الشرائية ,و استشرى الفساد .ان كل الحكومات المتعاقبة لجات جميعها الى التداين , و التداين كما هو معلوم للجميع يرتكز بطبيعة الحال على جملة من الشروط و الاملاءات و كما يقول ماركس في مؤلفه النضال الطبقي في فرنسا 1848-1850 ..ان التسليف "...يرتكز على الثقة بان مجمل علاقات الانتاج البرجوازي كله,بان النظام البرجوازي كله يبقى سليما مصونا...."و هو ايضا,اي التداين"..ميزان حرارة الثورة "في هبوطها و في تجذرها.فما كان من الحكومات المتعاقبة الا ان قدمت الإثبات تلوى الاخر و عبرت لأسيادها الدائنين عن مدى اخلاصها و التزامها بالتبعية و العمالة و الحفاض على النظام الاقتصادي القائم,فسارعت بتسديد ديون نظام بن علي و عائلته اي حى الديون الكريهة منها ان المديونية هي الية استعمارية ،تلجا اليها القوى الامبريالية لإخضاع الدول و الشعوب لإرادتها ،عبر أدواتها صندوق النقد الدولي و البنك العالمي و نادي باريس ...و الجميع يدرك ايضا ان سياسة التداين في تونس لم تكن في يوم من الايام خيارا تمليه ظروف طارئة ، او مؤقتة بل هو خيار استراتيجي لأنظمة العمالة التي تداولت على تونس ، و سمة ملازمة للاقتصاد التونسي ،وازداد هذا الخيار تعمقا بعد الثورة ، فالتركيبات الحكومية على مدار 7 حكومات و الرباعي الحاكم هي النتاج الطبيعي " للحوار الوطني " الذي كوفئ عليه الرباعي الراعي الحوار بجائزة نوبل للسلام ،.فهذا الخيار ( رهن البلاد و العباد ) هو الهدف بالنسبة للقوى الامبريالية ،و هو الخط الاحمر الذي لا تنازل تحته لتزكية حكومة الرباعي الحاكم او بالاحرى حكومة النهضة و النداء او اي حكومة اخرى,وهو ما حدى بصحيفة النيويورك تايمز ,وبعد ثلاثة سنوات من الثورة التونسية و في افتتاحيتها للإشادة بهذه التجربة و ا المسار وبحكومة المهدي جمعة تقول اما الان وبعد ثلاثة اعوام ”من الهامها مواطني الدول العربية للخروج و البحث عن عقد جديد مع قادتهم , تظهر تونس ان التنازلات السياسية ممكنة ,وبالنسبة للغرب , فهذا امر يستحق الدعم ” اما تركيبة هذه الحكومة فلا يمكن ان تكون الا مشروطة بالخيار الاول .
ان انخراط قوى المعارضة في مهاترات و اوهام ما يسمى بحكومة الوحدة من اجل انقاذ البلاد و باسم الروح الوطنية و المسؤولية ، ما هو في الحقيقة الا انقاذ لحكومة الثورة المضادة وهو جوهر الثورة المضادة ,اي اعادة ترتيب وتنظيم القوى المعادية للثورة من خلال تحالفات جديدة كما حدث في اوروبا خلال الربيع الاوروبي ففي فرنسا تحالفت الراسمالية الملكية مع التجار الصغار ضد الطبقة العاملة * وفي ايطاليا تحالفت الطبقات الراسمالية مع الجهاز البيروقراطي ضد الطبقة الوسطى وصغار التجار و الطبقات الشعبية المعدمة ، و تسهيلا لها لتنفيذ برنامجها ، وتطبيق املاءات صندوق النقد الدولي و البنك العالمي ،ان كان هذا على مستوى التركيبة الحكومية او البرنامجية اذ لا علاقة لكليهما بالوطنية و الوحدة الوطنية ، حيث ان الادنى المطلوب في مثل هذه الاوضاع ، اي عند اعلان الإفلاس السيادي ،و لإنقاذ الاقتصاد هو اتخاذ قرارات و اجراءات جريئة ، عبر تاميم الشركات و المصارف و الامتناع عن تسديد الديون ... اي حيث تكمن نواتات السيادة و الروح و الوحدة الوطنية ، وعموما ليست هناك وحدة وطنية ، ولن تكون هناك هذه الوحدة المزعومة الا بالقضاء على الصراع و الانقسام بين افراد المجتمع. اي بالقضاء التام على الملكية الخاصة،اساس التفاوت الطبقي ،وسبب الصراعات و الانقسامات ،و اتساع هذه الهوة اليوم ،سيادي الى صدام حتمي و مصيري مهما حاولوا تسكينه و تاجيله وهذا المصير الذي تسير نحوه تونس انفجار لا يبقي ولا يذر ، و الرباعي الحاكم يعي هذا جيدا وتسعى الى تشريك ما يمكن تشريكه لتحمل نتائج خياراتها من جهة وابقاء الشعب التونسي بدون قيادة وتجريده من سلاحه وهو الاهم بالنسبة لهم لامكانية توجيهه عند لانفجار. و كما هو واضح فما تقدمه السلطة اليوم وما تسعي للوصول اليه هو اعادة الشعب التونسي الى القرون الوسطى وفي احسن الحالات الى مفاهيم ماكيفالي و هوبز بكل الطرق لتدعيم اسس الولاء و الطاعة ،و الإذعان الأعمى ،و تقديس الحاكم بامره وسيطرة الدولة على الكل عبر الحكم المطلق ،الذي سيخضع المعارضين و الرافضين لما يسمونه بهيبة الدولة التي لا تعني لديهم شئ سوى القمع والاستبداد . وحتى هذه المخارج و الحلول الماكيافيلية لا يمكنهم الوصول اليها ،ذلك ان الشعب التونسي تحكمه في الحقيقة عصابات مافيوزية لا تتورع في الاقدام على اي شئ و مستعدة لكل شئ فالمسالة ليست في تركيبة هذه الحكومة او تلك ، ولا قضية انقاذ البلاد من الإفلاس و ما شابه وليست في محتوى البرامج المطروحة للإنقاذ مهما كانت هذه البرامج واقعية و جيدة .والسؤال الأهم يبقى من سيطبق هذه البرامج ؟ و باية قوة ؟
ولما كانت البلاد اثر اغتيال الشهيد محمد البراهمي في 25 جويلية, في حالة غليان, و امام العجز المطلق الذي أظهرته حكومة الترويكا في ادارة الشأن العام ,كما أنها أيضا لم تكن قادرة حينها على الكشف عن طبيعتها الاستبدادية الدموية,السافرة رغم الخطوات الكبيرة التي سلكتها في هذا الاتجاه ,ومع بداية التحولات في السياسة العالمية ,و الدائنين لم يعودوا مستعدين للإيفاء بتعهداتهم ومخافة انفجار ثورة ثانية,كان و لا بد من "تغيير" حكومة الترويكا بحكومة اخرى ,اي إضفاء قيمة تبادلية جديدة لشكل الدولة في السوق العالمية ,فكانت حكومة المهدي جمعة ,التي تسمى زيفا حكومة " التكنوقراط " رغم ان تركيبتها تضم بعض التكنوقراط ,وهم مرتبطون راسا بمراكز رأس المال ,أما ما تبقى فهم موالون للنهضة و حلفائها .للإيهام بالحيادية والواقعية وبدعوى تولية الامور الى اهل الاختصاص و الخبراء ,وفصل الحيز الاقتصادي عن اية اعتبارات اخرى سياسية واجتماعية واخلاقية ,وهي ما يسميها الاقتصادي غاري بيكر الحائز على جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية سنة 1992 ”المناطق الفنية الآمنة ”و هذه الحكومة كما قلنا ظهرت كنتاج " للتوافق " بين مكونات المجتمع المدني و السياسي ,او ما يسمى بالحوار الوطني للتامين –كما يقول ماركس "....لشكل الدولة الجديد قيمة تبادلية ,سعرا في البورصة...." و بهذا التسعير الجديد في البورصة العالمية الذي أضفاها عليها الحوار الوطني و الرباعي الراعي لهذا الحوار .أثبتت حكومة جمعة جدارتها في البورصة العالمية و امام أسيادها ,بتحميل نتائج خياراتها الاقتصادية و الاجتماعية اللاوطنية و اللاشعبية للشعب التونسي.....و للتراجع و الالتفاف عن استحقاقات الثورة ,في الكرامة و التنمية والتشغيل و للتراجع عن الالتزامات المتخذة سابقا كالمفاوضات الاجتماعية مع الاتحاد العام التونسي للشغل,وفي كل مرة كانوا يشهرون في وجه الشعب التونسي بعبع " افلاس الدولة " و امكانية عدم قدرتها على تسديد مرتبات الموظفين, و بان الأوضاع تفرض " اتخاذ إجراءات مريرة " و التي لن تكون بطبيعة الحال ,كما يقول ماركس ,الا على حساب " جاك البسيط. jaque bon homme" وبعد ايام من إضفاء القيمة التبادلية عليها تضرب هذه الحكومات البرجوازية العميلة ,عرض الحائط ببنود خارطة الطريق والدعوة الى إعادة النظام وإنهاء حالة الفوضى وتلفيق التهم ضد المعارضين و الصحافيين و قمع الحركات الاحتجاجية و خلق حالة من الفوضى و الاحتقان وبث الرعب و الارهاب ....وهي الإجراءات التي اتخذتها قوى الثورة المضادة في اروبا فحكومة تصريف الأعمال اقامت القضايا ضد الصحافة و اجرت الاعتقالات ضد الحركة الثورية الرافضة للزيادات الضريبية التي أقرتها هذه الحكومة و أجرت الاعتقالات الكثيرة وفقا لذلك مؤلفه ” البرجوازية و الثورة المضادة ”الصادر في ديسمبر 1848 وفقا لذلك قوت ”حكومة الأعمال قوى الشرطة البروسية القديمة والقضاء والبيروقراطية والجيش...“ وهو ما يسميه بالطابع البوليسي .و نشير هنا الي ان مشروع الميزانية البديل الذي تقدمت به الجبهة الشعبية و رغم واقعيته و استجابته لمتطلبات و شروط خروج البلاد من الأزمة التي وضعتها فيها الحكومات المتعاقبة ,و التي عمقتها الترويكا.وبقائه داخل علاقات الإنتاج القائمة ,فانه لن يجد أذانا صاغية فهو يتعارض بهذا الشكل او ذاك مع التوحش الراسمالي والتي هو ضمن شروط إضفاء القيمة التبادلية.ان الحوار الوطني ,بجميع مساراته الحكومية والتأسيسية و الانتخابية ,و بغض النظر عما يبثه من أوهام حول " التوافق "و "الانسجام" وغيرها من المفاهيم التي التي يروج لها منظرو االنيوليبيرالية لطمس حقيقة الصراع الطبقي , .فحكومة بهذا الشكل,مع جيش يتكون من الآلاف من الموظفين البيروقراطيين في جميع الإدارات و جميع مفاصل الدولة يأتمرون بإمرتها ,فانه لن يقود البلاد الا لمزيد من الخراب الاقتصادي و الاجتماعي ,و ضرب المسار الثوري ,و التأسيس للديكتاتورية .فالقوى الثورية التي اسقطت الملكية لم تتمكن من الاستمرار كما توقع ماركس ,ما لم تمسك بالسلطة ان ”كل فصل مهم في دليل الثورة بين 1848 و 1849 يحمل عنوان . فشل الثورة ؟“ ذلك ان ماركس ينطلق في تحليلاته للثوات الاروبية من مصالح الطبقة العاملة والشعب الكادح ,وخط سير التطور التاريخي لذلك نجده يصرح و منذ البداية في مؤلفه هذا قائلا ”اننا لم نخف ابدا حقيقة اننا لا ننطلق من اساس قانوني ,وانما من اساس ثوري“.
وكما راينا مدى اهمية وظرورة عقد التحالفات للحفاظ على القوة و اجبار العدو على التراجع و ربح المعارك ، الا ان ماركس و انجلز و في استخلاصا تهما لدرو س ثورة 1848 الفرنسية والألمانية و الأوروبية بصفة عامة وفي فصل اخر من فصول سيرورة الثورة حذرا مرارا من مشاركة و ترشح الاشتراكيين و الشيوعيين للمناصب التنفيذية مثل الرئاسة و الوزارة غيرها .... على الترشح والعمل داخل الهيئات التشريعية واستغلالها وتوظيفها الدعاية و التحريض الثوريين . ان قضية ترشح ومشاركة الماركسيين اللينينيين الى المهام و المناصب ذات الطابع التنفيذي يقود مباشرة الى طرح المسالة الجوهرية في النظرية الماركسية اللينينية الا وهي مسالة الدولة كجهاز قمع طبقي ، وبالتالي قضية التحول الثوري ام التحول السلمي او كما تقول روزا لكسمبورغ " اصلاح ام ثورة" ، ولقد تفطن ماركس و كان واضحا منذ البداية الى اهمية هذه المسالة، يقول :" كل الثورات صقلت هذه الالة بدﻻ من ان تكسرها."(18 برومير لويس بونابرت) كما حذر انجلز ، في رسالته الى فيليبو توراتي في حال وصول الجمهوريون الايطاليون الى السلطة بدعم من الاشتراكيين ، من قبول مقاعد في الحكومة اذا عرضت عليهم " بعد فيبراير 1848 ، اخطا الشتراكيون الديموقراطيون الفرنسيون ( ليدرو روﻻن ، لؤي بلان، فلوكون ، الخ...) بقبول مثل هذه المناصب ، بتشكيلهم اقلية في الحكومة قبلوا طواعية ان يتحملوا المسوؤلية عن جميع الأعمال المخزية و الخيانة التي ارتكبتها الأغلبية...، في حق الطبقة العاملة، بينما شل وجودهم في الحكومة الفعل الثوري للطبقة العاملة التي ادعوا تمثيلها تماما."وقبل ذلك بسنوات عبر انجلز عن نفس الموقف في نقده لبرنامج ارفورت 1891 معربا عن انه " سيكون من غير المعقول بالنسبة لأفضل جمهورنا ان نصبح وزراء تحت امبراطور." مثلما فعل يوهانس ميجل الذي كان عضوا في الرابطة الشيوعية ، هذا وقد تجددت المسالة مع الكسندر ميلليران و الذي اشترك في حكومة رينيه والديك-روسو و قبل بوزارة التجارة بدعوى الخوف من الاطاحة بالجمهورية من طرف الملاكين و الضباط و الكنيسة وهو ما رفضه حزب العمال الفرنسي ممثلا في كل من( جيد ، ولافارغ ) ولقد استلهم لينين مواقف ماركس و استخلاصاته لتجارب الثورات الاوروبية لسنة 1848 و ما بعدها حول مسالة الدولة اي بين الموقف الماركسي و المواقف التحريفية في مؤلفه ( ما العمل) حيث بين و بشكل واضح العلاقة الجدلية بين الاشتراك والترشح للمناصب التنفيذية و بين التحريفية اذ يقول لقد " قدم ميلليران مثلا ممتازا علي البرنشتاينية في التطبيق العملي........"
رغم ان شعارات الثورة التونسية عرفت تطورا و تجذرا - كما قلنا - , الا ان غياب الحزب الثوري ،حينها ( حزب العمال الشيوعي ،سنفرد له قراءة خاصة ) وكانت تتطور وفقا لبرنامج و اطروحات هذا الحزب الذي ظل مدافعا عن ديكتاتورية البروليتاريا ومحافظا وفيا للنهج الاشتراكي العلمي الماركسي اللينيني ” خبز حرية كرامة وطنية ” ” شغل حرية كرامة و طنية ” والحريات السياسية ” ومن اجل مجلس تاسيسي ” الى الشعار الذي رفعه المنتفضون في 14 جانفي 2011 امام مقر وزارة الداخلي في وجه بن علي ” ارحل“ كان عنوان عنوانا لنص اصدره الحزب في ماي 2001 ” من اجل بديل ديموقراطي : ليرحل بن علي ” طبعا كانت هذه المطالب التي رفعها الحزب في حينها كانت بالنسنة للقوي الفوضوية و اليسراوية شعارات اصلاحية , ولدى القوى الاصلاحية و الليبيرالية هي شعارات غير واقعية متطرفة ومغامرية فالمتتبع لتاريخ حزب العمال الشيوعي التونسي منذ تاسيسه سنة 1986 سيلاحظ دون كبير عناء مدى ثبات هذا الحزب على المبادىء الماركسية اللينينية,في جميع المستويات النظرية والبرنامجية والسياسية العملية,وهو ما اكسبه اشعاعا كبيرا على المستوى الشعبي الوطني والقومى والعالمي.لو عدنا الى برنامج حزب العمال الشيوعي في قسمه النظري وقسمه العملي و السياسي, تبين تمسك الحزب بديكتاتورية البروليتاريا كجوهر للماركسية الينينية ,حيث رسمت المقدمة النظرية بكل دقة خط التطور الراسمالي. كيف نشئت الراسمالية ,ما كانت عليه ,وكيف وصلت الى الامبريالية ,اي عهد الثورة الاشتراكية ,و الدور الطليعي للحزب والطبقة العاملة.كما انه تتوفر للحزب ايضا في هذا الجانب عددا من الكتب والمقالات النظرية الصادرة في مجلته النظرية "الشيوعي" التي خاض عبرهاالصراع صد القوى الفوضوية و الاصلاحية من اجل تاسيس هيئة اركان الطبقة العاملة التونسية بالاضافة الى عدد من المساهمات الصادرة في مجلة" وحدة و صراع "الصادرة عن الندوة الاممية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية.و هذه المقدمة النظرية في برنامج حزب العمال الشيوعي التونسي الذي يهدف الى تحقيق الرسالة التاريخية للطبقة العاملة ,اي بناء المجتمع الاشتراكي فالشيوعي وبناءا على المقدمة النظرية والسياسية العملية الواردة في البرنامج العام للحزب ,جاء القانون الاساسي لحزب العمال الشيوعي التونسي في فصله الاول يقول "حزب العمال الشيوعي التونسي,منظمة ثورية ,تجمع مناضلين انضموا اليها عن طواعية ,للنضال سويا من اجل تحقيق الهدف الاسمى الشيوعي على المستوى الوطني و العالمي" ففي المرحلة الوطنية الديموقراطية وعلى المستوى السياسي يسعى الى "اقامة الجمهورية الديموقراطية الشعبية على انقاض الدولة الاستعمارية الجديدة . واضيف مقتطفا اخر من"مقررات حول الاوضاع الدولية والعربية والمحلية الراهنة "صدر عن حزب العمال قبل سنة 2004 .يقول "ان الانتفاضة على الديكتاتورية ينبغي ان تكون مصب كفاحنا الفكري و السياسي و العملي ,الهدف الذي ياطر كافة نشاطنا و البوصلة التي تقوده."اما على مستوى التاريخ النضالي و النضالات التي خاضها و التضحيات التي قدمها مناضلوه ومناضلاته ,وهذا بطبيعة الحال لا ينفي بمكان نضالات اجيال من القوى الثورية و التقدمية والتضحيات التي قدمتها من اجل العدالة والتحرر الوطني و الاجتماعي عبر عقود من تاريخ تونس .
الا ان هيمنة الفكر الليبيرالي على مكونات الشعب التونسي ، احزابا و جمعيات وأفرادا ،سياسيين ونقابيين وادباء و مفكرين ، بدعوى تغير المراحل ،و تغير تركيب البنية الطبقية ،وتغير و"موت الفاعل التاريخي " وباسم الطريق الثالث و الديموقراطية الذرية ،،،و غيرها منذ هزيمة الثورة الالمانية سنة 1918 الى حركة الحقوق المدنية للسود بامريكا الشمالية والاحتجاجات الطلابية بفرنسا الى الحركات والانتفاضات والثورات في امريكا اللاتينية وخاصة " الثورة البوليفارية " بفنزويلا وفي بوليفيا والبرازيل والمكسيك والإكوادور الى حركة سيريزا باليونان و بوديموس باسبانيا و جماعة nuit debout بفرنسا و الخمس نجوم بايطاليا وهي جميعها مرتهنة و متاثرة بفكر و فلسفة مبشري الراديكالية البرجوازية الصغيرة و دعاة ما يسمى بالاشتراكية الانسانية ، و الطريق الثالث كما قلنا من امثال لوكاتش و غرامشي و هيربرت ماركيز و جان بول سارتر ، وروجيه غارودي وكوهين بوندات ومايكل هاردت وطوني نيغري الى مورفي ولاكالو ، وغيرهم من الزعماء والاحزاب المسمات زيفا شيوعية و ثورية التروتسكيين والماوييين والافاكيانيين فوت على الطبقة العاملة و الشعب التونسي امكانية الاستيلاء على السلطة وظلت الثورة التونسية في جانب منها كغيرها من الثورات و الحركات الاحتجاجية والانتفاضات الشعبية بأمريكا واروبا و امريكا اللاتينية منذ منتصف القرن رغم اختلاف السياق العام بينها مرتهنة و تحت تأثير هذا الفكر المخصي ليبراليا و المعادي للماركسية اللينينية . يتبع