العقل النقدى وصراعة مع القطعنه


سامح سليمان
2018 / 3 / 5 - 03:51     

إن مجتمعاتنا قد فقدت القدرة على الاختيار عن فهم واقتناع بعد تشكك ودراسة وبحث واستقصاء، فأصبحنا مجموعة من النسخ المؤدلجة المتطابقة المكررة بلا هوية وقاعدة ومنهجيه فكريه مميزه يعانى عقلائنا بسبب عدم أكتفائهم بذاتهم كنتيجة لضعف التلامس والتواصل العميق مع الذات وعدم الشعور بكفايتها، من الميل الشديد للتماهي والمحاكاة للأكثرية،وأيضاً فقدان قدرة المواجهة للطغيان المجتمعي المتمثل فى التيار السائد الواقف بالمرصاد لمن يناقش ثوابته و عاداته ويضع منهجه ومرجعيته فى التصنيف للخطأ والصواب تحت مجهر الفحص العقلانى والتى قد توارثها عن الأجداد أصحاب السير والأفكار والعادات والتقاليد المعصومة، تيار الأكثرية المتربص بكل من يحاول أن يختلف ويمتاز عن القطيع ليمارس تجاهه كافة أنواع القهر والضغوط ليصبه فى قالبه الفكرى و يطمس هويته ليصبح منفصلاً عن ذاته وملتحماً بالمجموع ويتفتت ويذوب بداخله ويفقد اختلافه وتفرده، وينضم لمحترفى النخاسة و كتائب المرتزقه والدجالين من قارعى دفوف التلوث والتعفن الفكري، فإن رضخ أصبح المخلص والبار، وإن صمد أصبح مارق ومجنون. فالذات الجماعية خاصةً المستفيدين من تخريب وتسطيح العقول وتغييب الوعي والإدراك،لا تهدف إلا للترويج والإبقاء على ما يخدم مصالحها من معتقدات ومرجعيات. ولأنها أضعف من المواجهة الفكرية الشريفة للفرد الناضج المبدع المستقل،وغير صالحه لممارسة ذلك الدور ، تستغل قدرتها على النبذ والاضطهاد المكثف،بتهييج أشباه البشر من السوقة والرعاع والحمقى والمجاذيب بأتهامة بتهمه شنيعة فى عرف الأكثرية لكي تزيد من معاناته وتنتقص من طاقته الفكرية والنفسية وتهدم وتزيل أي أثر لجهوده، فالتغيير أمر مرعب ومهدد لكيان من أعتاد التسليم والتلقين وأستعذب البرمجة والرتابة والعطن النفسي والفكري والسلوكي ،لما يتطلبه الارتقاء من قوة داخليه وشجاعة وضمير حي ويقظة وأستعداد لبذل الجهد وتحمل معاناة التلامس مع قسوة الحقيقة .
إن الحرية هي روح الإبداع وأرضه الخصبة وهى الهواء الذي يتنفسه المبدع، الإبداع لا وجود له في ظل الخوف وتقديس الأفكار، وإضفاء القيمة على الفكرة كلما أزداد عدد المؤيدين لصحتها فالكثرة العددية ليست من أدلة الصحة والصواب بل ربما تكون من أدلة الجهل والغوغائية والقابلية للقطعنة،وكذلك قدم الفكرة أو الحدث أو المعتقد،أو تصديق وإيمان عدد من الأجيال المتتالية بصحة تلك الفكرة أو إمكانية حدوث الحدث،فذلك ليس دليلاً على الصحة،فالخطير فيما يتعلق بما هو موروث من فكر أو سلوك هو أن الناس تأخذه بجدية أكثر كلما مر الزمن ، فقد يحول الوقت كثير من أسخف وأتفه الخرافات والأساطير وأكثرها سوء وبلاهة وهذيان إلي واقعه مسلم بحدوثها مع مرور الزمن .
إن العقل النقدي الحر الخلاق لم ولن يعرف القبول دون بحث وتحليل ولن يقبل بالرضوخ لما أتفق علية القدماء،العقل النقدي هو عقل مشتعل بالرغبة في المعرفة والاستقصاء والبحث الدؤوب عن الحقيقة