كيف أن الإصلاحية لن تحميك من الإعتقال: عبدالمنعم أبوالفتوح نموذجاً


محمد حسام
2018 / 2 / 26 - 20:38     

كلنا تابعنا علي مدار الأيام الماضية الحملة الأمنية التي شنتها الديكتاتورية العسكرية على حزب مصر القوية بداية من إعتقال محمد القصاص نائب رئيس الحزب وإنتهاءً بإعتقال عبد المنعم أبو الفتوح رئيس الحزب في الرابع عشر من الشهر الجاري على خلفية لقائه التلفزيوني المذاع علي قناة الجزيرة في الحادي عشر من الشهر الجاري.
دعونا في البداية نعلن عن تضامننا الكامل مع عبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد القصاص وحزب مصر القوية، من منطلق دعمنا الكامل والغير محدود لكافة المعتقلين السياسيين والجنائيين على حد سواء في سجون النظام المصري، ودعمنا لحقهم في معاملة كريمة كحد أدني، ولحقهم الطبيعي في الإفراج عنهم، هذا الحق الذي لن ينالوه إلا برغبة النظام أو بقيام الثورة،فأن دعمنا لحقهم في التحرير من سجون النظام العسكري المصري هم ومئات الالاف من السجناء لن يتأتى إلا بهدم النظام القائم على قمع الطبقات الشعبية المصرية.
لكن دعمنا لعبدالمنعم أبوالفتوح وتضامننا الكامل معه كمعتقل سياسي لا يلزمنا أن ندعمه أدبياً أو سياسياً، و نتواني عن كشف زيف دعاياه التي هي داعمه للنظام الرأسمالي ولمؤسسات القمع (الشرطة والجيش)، مهما حاول التظاهر بعكس ذلك، وهذا ما ظهر جلياً في المقابلة التلفزيونية التي أعُتقل على اثرها، عندما حاول تسمية الاشياء بغير اسمائها متخيلا ان شعباً اسقط ست حكومات ورئيسين لن يفهمه ... وهذا ما سأبينه في المقال.

الطريق لتغيير النظام (الإصلاح أم الثورة):

دعونا في البداية نناقش أهم نقاط الحوار التلفزيوني الذي أجري مع عبدالمنعم أبو الفتوح، والنقطة المركزية التي دار حولها الحديث وهي المتعلقة بتغيير النظام والإنتخابات.
في البداية يتحدث عبدالمنعم أبوالفتوح "من المعروف في كل دساتير العالم وفي كل النظم السياسية المحترمة، إن الوسيلة لتغيير واقع أو تغيير شخص أو مسؤول أنا غير راض عنه أو مختلف مع سياساته هو صندوق الإنتخاب". في الحقيقة أنا لا أعرف من أين جاء عبدالمنعم أبوالفتوح بهذه المعلومة، وماذا يقصد ب"النظم السياسية المحترمة" التي تحدث عنها، هل كان يقصد النظام الأمريكي المحترم الذي أنتج لنا أمثال دونالد ترامب وهيلاري كلينتون وبارك أوباما وغيرهم؟، أم يقصد النظام البريطاني المحترم الذي تقبع علي سدة حكمه اليوم اليمينية تريزا ماي؟، أو بالطبع يقصد النظام التركي المحترم الممسك به رجب طيب أردوغان صاحب الميول الفاشية، صاحب التنسيق العسكري مع إسرائيل والغزو الغاشم الدموى للشمال السوري والقمع الفاشي للاقليات والمعارضة. كنت أود لو أن تفضل علينا عبدالمنعم أبوالفتوح وأعطي لنا أمثلة عن تلك النظم السياسية المحترمة لكي نقتضي بها، وأمثلة أخرى عن ذلك الواقع الذي تغيير عن طريق "صندوق الانتخاب"، والحق أنه لن يستطيع سوى تحوير الكلام باستخدام التعميمات المطلقة من مثيل "الانظمة المحترمة" لانه لن يستطيع ان يضرب اي مثال عن نظام رأسمالي يستحق الدعم والإشادة من أنظمة الأمم المتحدة لقمع الطبقات الشعبية، ذلك الواقع الموجود فقط في عقل عبدالمنعم أبوالفتوح وأمثاله الذين يعولون على لعبة الإنتخابات المتحكم فيها الدولة بمؤسساتها الإعلامية والصحفية والأمنية والقضائية.
بهذا الطرح يواصل عبدالمنعم أبوالفتوح بث هرطقاته الإصلاحية، ومن حقه أن يسأل مرعوباً وجدياً "أين يعبر الناس؟"، ومن المنطقي بهذه العقلية أن يكون حقاً لا يعرف الإجابة، إذا كانت كل فكرته عن تغيير النظام هي عن طريق صندوق الإنتخاب، وبما أن دولة عبدالفتاح السيسي قررت غلق ومصادرة صندوق الإنتخاب، فمن حق عبدالمنعم أبوالفتوح أن يغضب لأنه لا يعرف طريقاً آخر للتغيير سوى الثورة التي يخشاها في حزبه ووطنه أكثر ما يخشى أي شئ، أما طريق التنظيم والثورة حتي النهاية فهو ليس فقط بعيداً عنه بل هو أيضاً كابح له كما سأبين لاحقاً في المقال.
أنتقل في حواره بعد ذلك عبدالمنعم أبوالفتوح ليتحدث عن تجربته في الإنتخابات الرئاسية في العام 2012 قائلاً "الغريب والمثير لنا كمعارضة أن إنتخابات 2012 الذي أدارها وأشرف عليها هو المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي، والذي كان الدينامو له في الخير والشر اللواء في وقتها عبدالفتاح السيسي، و أداروا إنتخابات شهد العالم كله بنزاهتها"، هذا الجزء من كلامه يحتوي علي كم هائل من التدليس والجهل بشكل لا يصدق، أولاً كونهم أشرفوا علي إنتخابات نزيهة نسبياً -مع الأخذ في الإعتبار أن لا انتخابات ديموقراطية ونزيهة في ظل الدولة البرجوازية- ناتج عن وجود ضغط شعبي و راقبة شعبية نسبياً، ثانياً هذه الإنتخابات التي للأسف دعمتها وشاركت فيها مجموعات ثورية ،بالطبع ليس أبو الفتوح وتياره من ضمنهم، كانت من الأخطاء الكبرى للثورة المصرية، حيث لا يمكن دعم إنتخابات تشرف عليها الدولة البرجوازية في ظل سيطرة الجماهير على الشوارع والميادين و موجة إضرابات تجتاح البلاد. لقد كانت المنظمات الثورية في مصرنا المنهوبة تخطط للعصيان المدني أمام المقار الانتخابية في تلك الفترة من الثورة المصرية بينما كان ابو الفتوح يحاول سحب جماهير الثورة والاحتجاجات من الشوارع نحو صناديق الاقتراع.
لكن بالطبع لن يفهم هذا الكلام عبدالمنعم أبوالفتوح فهو يرى أن أهم تجليات العمل الديموقراطي هي الإنتخابات البرجوازية، وليس أن تأخذ الجماهير والطبقة العاملة في مقدمتها السلطة بأيديها. إن هذا هو أكثر ما يخشاه أبو الفتوح ومن يمثلهم من برجوازية صغيرة في مصر. أن يأخذ بسطاء الوطن وطبقاته الشعبية مصيرهم وسلطة مجتمعهم بأيديهم ولهذا سيظل أبوالفتوح يشرح ان الله والمصلحة والمستقبل يتطلبوا الخضوع لانتخابات أمريكا ورجال أعمالها العسكريين حكام مصر.
هاهو عبدالمنعم أبوالفتوح يتسأل مستغرباً " لماذا لا تكرروها وتحفظوا للعسكرية المصرية في الإدارة احترامها؟"، وهذا سؤال متوقع من شخص ذو خلفية إسلامية ورجعية، وساعد في كبح المد الثوري في العام 2012، وفي بث الأوهام في وعي المجتمع حول الإنتخابات تحت إدارة وإشراف المجلس العسكري، هذا المجلس الذي يراه أبوالفتوح نجح في إدارة البلاد والإنتخابات حدث تحت إشرافه وإدارته عديد من المجازر (المتحف المصري في شهر مارس، 8 ابريل، مذبحة البالون، ماسبيرو، محمد محمود، مجلس الوزراء، بورسعيد،.وغيرها من دهس لآلاف الإضرابات والاحتجاجات العمالية)، وهذا المجلس العسكري الذي ساعد الشرطة المصرية وجهاز أمن الدولة على العودة وإحاكم سيطرتهم على البلاد مرة أخري بشكل تدريجي وبعمليات عسكرية بحتة ترتقي لجرائم الحرب كالمحاكمات العسكرية والميدانية الفورية ...الخ إلا أن وصل بنا الأمر إلى عودة زوار الفجر و الإعتقال من المنازل مرة أخري، وهذا ما طال عبدالمنعم أبوالفتوح نفسه.
هكذا شارك عبدالمنعم أبوالفتوح بنصيب ما في ما وصلت إليه الأمور وفي الوضع الذي نحن فيه اليوم. اليوم يكرر نفس أخطائه، ليس هو بمفرده بل معه كل هؤلاء السياسيين الذين ساعدوا في هزيمة ثورتنا، والذين جزء منهم اليوم يشكلون ما يسمى ب"التيار المدني" بأداءه المهترئ والمنهزم والغارق في الأوهام، هذا الأداء من النوع الذي يسعد به عبدالمنعم أبوالفتوح.

عن الدولة:

ننتقل إلي ثاني النقاط أو المحاور التي تحدث عنها عبدالمنعم أبوالفتوح في لقائه، هو موقفه من الدولة ومؤسساتها وعلى رأسها المؤسسة العسكرية.
فبدأ كلامه في هذه النقطة بمطالبة الشباب ب" أن يفرقوا بين معارضتهم لعبدالفتاح السيسي ونظامه وبين معارضتهم للدولة"، وكالعادة لم أستطع أن أعرف ماذا يقصد أبوالفتوح بالفرق بين النظام والدولة، فالدولة كما نفهمها ونُعرفها هي مجموعة من الرجال المسلحين الهدف منهم هو ضمان استمرار الإستغلال الرأسمالي للشعب العامل والفقير، والحؤول دون إنتصار الثورة، بالقوة المسلحة في أغلب الأحيان، هذه هي الدولة كما نفهمها نحن الماركسيين، أما الواضح أن لدي أبوالفتوح نظرية أخري، نظرية الدولة الموفقة بين الطبقات، والحكم النزيه بينهم، الدولة التي لا تتدخل في الصراعات الطبقية والسياسية، وهذه نظرية متسقة تماماً مع أبوالفتوح وأمثاله مروجي هذا الدجل في المجتمع. مصلحتهم الاساسية كونهم رجال اعمال صغار ترعى لهم الدولة النظام الراسمالي ، مصلحتهم الاساسية والشخصية تتطلب منهم الدفاع عن هذا المفهوم عن الدولة الذي يلعنه ويفضحه كل مواطن بسيط في مصرنا المنهوبة وفي أغلب أقاليم العالم من حولنا.
أما مسألة فصل السيسي عن الدولة فهي مسألة غير مفهومة بالنسبة لي، فكل قيادات مؤسسات الدولة -بالأخص الأمنية والعسكرية- تدعم عبدالفتاح السيسي -وهو ما يظهر جلياً في عملية إعتقال سامي عنان رئيس الأركان الأسبق للقوات المسلحة-، لسبب بسيط أن جميع قيادات الدولة ومؤسساتها بهذا التأييد للسيسي تدافع عن مصالحها الطبقية، هذه المصالح التي تقتضي أن يبقي الوضع علي ما هو عليه، أن يستمر إستغلال الأغلبية لإثراء الأقلية، ويستمر الفقر والجهل في المجتمع. فعن أي فصل يريدنا عبدالمنعم أبوالفتوح أن نقيمه بين السيسي والدولة. بإختصار السيسي في هذه اللحظة هو الممثل لمصالح الطبقة الرأسمالية -الآلف عائلة في مصر- ومصالح البيروقراطية العسكرية المتمثلة بشكل أساسي في المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وبالطبع مصالح القوى الإقليمية والدولية الداعمة له. والحق ان أبو الفتوح ولما طالب بالفصل بين الدولة وبين السيسي كان يطالب ببقاء الضباط الذين نفذوا عملية اعتقاله هو نفسه.. وهل خرج السيسي من قصره ليعتقله أم كان ضباط الدولة المصرية هم أنفسهم معتقليه ؟؟ هكذا فإن من يدعمهم أبو الفتوح هم من اعتقلوه بأنفسهم ..والمشكلة الغير قابلة للتفسير هو كيف ان الإسلاميين القادة وحتى وهم يرتعون في السجون يمكنهم أن يدافعوا عن الدولة وضباطتها وحتى قادة الضباط ! حقاً إن الذئب يلزمه القطيع بقدر ما يلزم للقطيع الذئب !

عن أداء الدولة:

هذا ثالث محور تكلم فيه أبوالفتوح، وهنا أطّل علينا بفطنته ليقول لنا أن هناك إنجازات في المجال الإقتصادي تمت "لا أحد ينكرها، لكن ليست ضرورة أو أولوية"، من دون أن يبين لنا من المستفيدين الحصريين من هذه المشروعات، ومن دون أن يبين أو يشرح لنا المصالح الطبقية التي جعلت نظام عبدالفتاح السيسي يهتم بهذه المشروعات الغير ضرورية، لكن كالعادة يلجأ عبدالمنعم أبوالفتوح إلي تفسيرات لها علاقة بسوء الإدارة والتخطيط، دون ذكر إن مصلحة هذا النظام والطبقة الرأسمالية التي تدعمه وتموله هي على النقيض من المصلحة المشتركة لأغلبية المجتمع. فليحاول أبو الفتوح أن يقنع أي من العاملين بأجر في مصر او ربات المنازل او العاطلين عن العممل بأن إنجازات في المجال الاقتصادي قد تمت .. أقسم أنه سيتلقف السباب إن لم يكن البصاق.

لكن النقطة التي أذهلتني حقاً هي المتمثلة في رؤية عبدالمنعم أبوالفتوح للوضع في سيناء.
قال أبوالفتوح في نفس ذات اللقاء " نلوم نظام عبدالفتاح السيسي في فشله في القضاء علي الإرهاب"، هكذا ينحاز المعارض عبدالمنعم أبوالفتوح بشكل واضح وفج لدعايا النظام حول ما يحدث في سيناء، دون أي إشارة واضحة أن نظام عبدالفتاح السيسي الذي يلومه أبوالفتوح علي فشله في محاربة الإرهاب هو أكبر صانع للإرهاب في البلاد بممارساته القمعية والإستبدادية، وأن الدولة بمؤسساتها القمعية (الشرطة والجيش) هي المنظمة الإرهابية الأكبر والأقوى والأقذر في العالم، والطرف الوحيد محلياً المحتكر للسلاح والعنف. ليس هذا فقط بل تجاوز أبوالفتوح كل التوقعات عندما قال في لقاء آخر مع البي بي سي " إن أكبر عقبة أمام تنمية سيناء هم التنظيم الداعشي"، كمية مهولة من الحقارة والجهل مجتمعين في هذه الجملة، فالأستاذ عبدالمنعم أبوالفتوح المعارض الصلب لنظام عبدالفتاح السيسي الديكتاتوري يري أن تنظيم داعش في سيناء الذي يضم علي أكثر تقدير ألف مقاتل والذي أعُلن عن تأسيسه في العام 2014، هو العقبة أمام تنمية سيناء التي انتقلت إلي السيادة المصرية -ظاهرياً- في العام 1981 -ماعدا طابا التي أعُيدت في العام 1989، وأم الرشراش التي مازلت محتلة حتى الآن-، وليس ممارسات النظام المصري الوحشية إتجاه سيناء من قمع واضطهاد وتهميش لأهالي سيناء، و معاهدة الإستسلام مع الكيان الصهيوني التي أرجعت سيناء للحكومة المصرية منقوصة السيادة، ومانعة لتعمير وتنمية سيناء.
هكذا يُظهر لنا عبدالمنعم أبوالفتوح وجهه القبيح، فهو داعم لكل دعايا وأساليب النظام مهما بدا عكس ذلك، ولو قدر له وكان هو على رأس السلطة لكان منفذاً لأغلب إن لم يكن نفس وكل هذه السياسات كونه يدافع عن نفس برنامج السيسي (النظام الرأسمالي الإصلاحي !!) ، يبين لنا أيضاً إن سبب الإختلاف الرئيسي بين عبدالمنعم أبوالفتوح و حزبه مصر القوية من جهة والنظام المصري من جهة أخرى، هو عدم تقبل عبدالفتاح السيسي لشركاء له، خصوصاً من التيار الإسلامي، وليس في عدم تقبل أو معارضة عبدالمنعم أبوالفتوح لسياسات النظام، علي الأقل في الخطوط العريضة لهذه السياسات.
وهكذا ينهى هذا المحور بدعوى سافرة وحقيرة للدولة المصرية باستعادة دورها الإقليمي في دول المنطقة "مصر دورها الإقليمي مرحب به من كل الدول العربية والإسلامية"، وهذا متسق تماماً مع نظريته، وبالطبع يقول الحقيقة، فكل الطبقات الرأسمالية في الإقليم العربي -وبشكل خاص في شبه الجزيرة العربية- ينادون الدولة المصرية للمشاركة في حروب المنطقة، ولولا خوف السيسي من معارضة داخلية لحرب خارج حدود الدولة -رغم أنه قد نظم العديد من العمليات العسكرية خارج الحدود الإقليمية-، وخوفه من أن تكشف الحرب قدرات المؤسسة العسكرية الفعلية، وخوفه من آثار هذه الحرب علي الإقتصاد، لولا خوفه من كل هذا في المقام الأول، بجانب توازنات إقليمية ودولية، لكان بالطبع من أول الملبين لدعوة ولاة نعمته القابعين على عروش ممالك الخليج.

خاتمة:

هكذا تبين لنا زيف دعايا وسياسات عبدالمنعم أبوالفتوح وأمثاله من الإسلاميين المحافظين، الذين لا تختلف دعاياهم من حيث الجوهر عن دعايا عبدالفتاح السيسي ونظامه.

إن أي خط سياسي لا يتبنى وجهة نظر طبقية للصراع في المجتمع، وحل ثوري لهذا الصراع، هو خط سياسي غير مستقيم.

الخط السياسي المستقيم هو المتبني لوجهة نظر أن الصراع في المجتمع هو صراع طبقي بالأساس، صراع بين أقلية مستغِلة وأغلبية مستغَلة، هو صراع الجماهير الفقيرة وفي مقدمتها الطبقة العاملة وحزبها الثوري من جهة مع أقلية تحتكر الثروة والنفوذ وتحميها الدولة بمؤسساتها القمعية (الشرطة والجيش) من جهة أخرى.
والحل لهذا الصراع يجب أن يكون حل ثوري بإمتياز، حل يضمن سيطرة أغلبية المجتمع على السلطة السياسية لتغيير النظام الإقتصادي -النظام الرأسمالي-، ليصبح نظام يعمل على سد إحتياجات البشر ليس جني الأرباح، وهذا الحل من المستحيل تطبيقه في ظل سيطرة الطبقة الرأسمالية والدولة الخاصة بها على السلطة السياسية والسلطة الاقتصادية المتمثلة بشكل رئيسي في وسائل الإنتاج.

ليس الماركسيين هم من يعترفون بالتقسيم الطبقي للمجتمع أو الصراع الطبقي الموجود داخله - اكثر الليبراليين حقارة يعترف بحق العمال في النضال باستخدام الإضراب وليس العصيان المدني للحصول على مطالبهم وهذا يعني اعتراف الليبرالي بوجود طبقة العمال كفئة منخرطة في صراع طبقي حاد يرتقي الى العصيان المدني. ان الماركسيين يفهمون ان التطور العادي للصراع الطبقي وفقا لقوانينه الرئيسية - كالعلاقة بين البرجوازية والبروليتاريا بوصف الاولى طبقة سائدة ظالمة وبصفة الثانية طبقة مقاومة بطبيعتها اليومية - يقود الى ديكتاتورية العمال والجماهير عندما يصل الصراع إلى قمته بإحتلالهم الشوارع والميادين الرئيسية، وتسمى هذه الديكتاتورية بالكلمة المشهورة (الثورة).
كما يفهم الماركسيون أن تطور الصراع يقود إلى سحق تلك الديكتاتورية الجماهيرية -أي هزيمة الثورة- بسبب المشكلتين المذكورتين اعلاه: تركز السلاح والمال في يد البرجوازية.
لا مجال للحديث عن انتصار الثورة سوى بالتأكيد على ضرورة استمرار تلك الهيمنة الجماهيرية. لكن بشكل مبدئي وللتأكيد على واقع دعم كل الثوريين والمواطنين المظلومين لهذه الديكتاتورية الجماهيرية يمكن المقارنة بين أداء البرجوازيين والثوريين في ذروة الثورة (مثل هذه المقارنة "بيننا وبينهم" يمكن ان تفسر دوما الموقف الصحيح الواجب اتخاذه من أي قضية) طبقا للتقويم والثورة المصرية : الحكماء العشرة في الايام الاولى للثورة نددوا مرارا بالأفعال غير المسؤولة للجماهير أمام أقسام وزارة الداخلية، كما نادوا و أولهم السياسي المشهور محمد البرادعي بالتزام السلمية امام مدرعات الشرطة والجيش التي تسحق المواطنين والجماهير على مدار ثلاث سنوات متواصلة، وفي مواجهة هؤلاء لم تلتفت الجماهير أو الثوريين إلى ندائاتهم واستمرت في التحضير والتخطيط لحق الدفاع عن مظاهراتهم وفعاليتهم. هكذا تناضل الجماهير لنصرة ثورتها لحين تستطيع الثورة المضادة هزيمتهم بشكل سافر.
بعد تعريف المجتمع الطبقي والصراع الكامن بداخله، فإن سؤالاً هاماً بدأ به هذا العمل: في يد من تقع السلطة؟ ويمكن أن تظهر الإجابة وفقاً للسرد السابق: تقع السلطة في يد الرأسمالية. بينما يؤكد الواقع لكل من يفتح عينه للواقع، أن السلطة الحقيقية في المجتمع تقع في يد كلاب الرأسمالية : قوات قمع الشعوب (الشرطة والجيش).
في النهاية إذا كان عبدالمنعم أبوالفتوح الذي يفتخر أنه تلميذ عمر التلمساني -المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين- يواصل حتي الآن من داخل المعتقل الدعاء بأن يلعن الله من يريد هدم الدولة كما فعل في لقائه مع البي بي سي، فالحق أقول أن الجماهير ستلعن دائماً وأبداً جميع اللصوص مدعي الثقافة والسياسة الداعمين لبقاء نظام الإستغلال الرأسمالي، والداعمين لقوات قمع الشعوب (الشرطة والجيش).

المجد للشهداء
الحرية للمعتقلين
ابنوا الخلايا والتنظيمات الثورية
تسقط قوات قمع الشعوب (الشرطة والجيش)
تسقط حكومات رجال الأعمال
لا حل سوى انتصار الثورة الإشتراكية بحكومة عمالية