العدالة الإلهية!


محمد مسافير
2018 / 2 / 1 - 21:29     

أستغرب حقيقة لأولئك الذين يتحدثون بصدق عن العدالة الإلهية؟ أين تجدونها يا عميان؟ أفلا تتدبرون...
أفهل يستوي ذاك الوسيم العريض المنكبين، الأزرق العينين، الأشقر الأطول، الذي ولد مصادفة في مدينة إسكندنافية خضراء، لأبوين غنيين تزوجا عن عشق، أحاطاه بعناية فائقة، لم تلحقه خصاصة، درس الطب في أرقى الجامعات، تخرج بأعلى الدرجات، تعلم العزف على البيانو والكمان، يتسلى أوقات الفراغ بالغولف أو الجيت سكي أو الخيالة أو السباحة مع إحدى العشيقات، أنجب أطفالا أكثر جمالا وإبداعا ورقيا...
أفهل يستوي هذا بذاك الذي ولد بإحدى المناطق القاحلة في هذا المغرب، أفهل يستوي بذاك ذو الشعر الأسود والقلب الأسود والمقلتين السوداويتين، والماضي الأسود والمستقبل الأسود... كل شيء فيك أسود يا وطني، ذاك الذي تربى في أسرة شقية فقيرة معدومة، لا جمال بها ولا وسامة، لا أخلاق ولا كرامة، تزوج أبوه بامرأة تصغره بالعشرين عاما، قضى في عشرتها العقدين ثم ألحق بها ثانية ثم ثالثة، كان ابن الثالثة، ترعرع في بيئة مليئة بالخصومات والنفاق والأقاويل، هجر المدرسة مبكرا أو ربما لم يعتبها قط، كان وأمه ضحية تعنيف الأب، قسى عليه الدهر مستقبلا، من الرعي إلى الفلاحة إلى معامل المدن، لا يجف بدنه ساعة من العرق، ثم يتكرر نفس السيناريو مع أبنائه... بعضهم يقاوم، بعضهم يجن أو ينتحر... وفي الأخير، يكال الكل بنفس المكيال!