حزب دعم العمالي -دعم- لا يريدني صوتا وانما صانع قرار

مصطفى ابو خشب
2006 / 3 / 4 - 10:08     

كثيرا ما كنت اتمنى الانضمام للعمل السياسي والحزبي. كثيرا ما تمنيت لو يقبل عقلي بالرضوخ لرغبتي، ويسمح لي بالانتساب لاحد الاحزاب العاملة في الساحة الاسرائيلية. ولكن العقل كان دائما يمنع هذه الرغبة من ان تتحقق، وكان هذا الحوار يدور في ذهني بين الرغبة الممنوعة وبين العقل المانع، فتقول الرغبة:

"لماذا تمنعني ايها العقل؟ ألا تعلم ان من حقي كرغبة مواطن عربي يعيش في دولة اسرائيل، ان ابحث عن حزب يمثّل اقليتي ويبحث عن مصلحتها ويعمل على محاربة ظاهرة التمييز؟ ومن حقي كرغبة مواطن عربي ينتمي الى الامة العربية يتألم لمعاناة الشعب الفلسطيني ويحزن لضياع حقوقه، ان ابحث عن حزب يريد لهذا الشعب ان يستعيد حقوقه المسلوبة، ويطالب بوقف معاناته ورفع الظلم عنه؟

"ألا تعلم ان من حقي كرغبة مواطن فقير ينتمي للطبقة الفقيرة، ان ابحث عن حزب يطالب لي بمستوى معيشة افضل، ويعمل على تهيئة الاجواء والظروف التي تضمن لي توفير لقمة العيش ولكل الفقراء والكادحين امثالي، واستعادة دورنا في المجتمع وحقنا الضائع؟ ومن حقي كرغبة مواطن يعمل عاملا في مجال البناء، ان ابحث عن حزب يمثلني ويطالب بحقوقي لدى صُنّاع القرار، ويسعى لايجاد فرص عمل جديدة لي، ويكون هم العمال ومشاكلهم همه الرئيسي وشغله الشاغل وصلة الوصل بين العمال والدولة؟".

فيرد العقل: "نعم ايتها الرغبة، هذا حقك. ولكن ما تبحثين عنه لم يأت بعد، فليس كل ما يلمع ذهبا. انظري الفارق الكبير بين الشعارات والاهداف التي كانت ولا تزال تُطرح علينا قبل كل انتخابات، وبين ما حصلنا عليه! انظري الى هذا التخبط السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي نعيش! انظري اليهم وهم يوزّعون الغنائم على انفسهم وعلى محسوبيهم، فيزدادون نفوذا وغنى ونزداد فقرا وتعاسة!

"انظري اليهم وهم يموتون من التخمة الناتجة عن التمتع بمباهج الحياة التي حُرمنا منها نحن الكادحون، ونموت نحن بالسكتة القلبية من الاحساس بالقهر وعدم القدرة على فعل شيء! ان الوقت لم يأت بعد ايتها الرغبة".

وهنا ينتهي النقاش في ذهني بين الرغبة والعقل. وتمتثل الرغبة لاوامر العقل، وتبقى مدفونة في نفسي تنتظر قرارا من العقل يسمح لها بالتحقق.

ومنذ حوالي عام، وفي ظل ظروف صعبة كنت امر بها من الناحية المادية وقلة العمل ومعاناتي مع مكتب العمل، وبعد ان عملت خمس سنوات في احدى شركات القوى البشرية، وخرجت منها خالي الوفاض، دون اية مستحقات واية حقوق، توجهت الى جمعية معًا النقابية. وهي اطار نقابي بادر لتشكيله حزب دعم العمالي، وهي تخدم الطبقة العاملة بطريقة عملية محسوسة تشعر بها وبفائدتها على ارض الواقع.

وبعد تجربة شخصية استمرت عاما، ونحن على ابواب الانتخابات، اذا بعقلي ينادي رغبتي: "اخرجي ايتها الرغبة، فقد حان وقتك وجاء دورك. لقد وجدت ما كنت ابحث عنه على اساس تجربة عملية. وجدت من يحارب الظلم. وجدت قلة الشعارات وكثرة الانجازات. وجدت من منح العمال الشعور والثقة بانهم قادرون على التأثير في الحياة العامة. وجدت من عمل ويعمل على خلق جيل من العمال قادر على تحمل المسؤولية والاعباء والدفاع عن حقوق العمال.

"وجدت الحزب الذي ينظر الى الشعب الفلسطيني من ميزان العدل والانصاف ويطالب له بحقه في الحياة، ويرفض كل انواع الاحتلال الواقع عليه. وجدت الحزب الذي يعمل على استعادة دور المواطن العربي في المجتمع وحقه الضائع. وجدت من لا يريدني صوتا انما صانع قرار. وجدت من يحارب تمركز السلطات والصلاحيات بيد قوة واحدة، ويعمل على توزيع مصادر القوة على مختلف عناصر المجتمع.

"وجدت الاهتمام والتسامح واحترام المرأة وحقوق الانسان. وجدت لي ولكل الكادحين والمقهورين والمنسيين – وجدت حزب دعم. وهذه نصيحة من تجربة سنوات اقدمها لكل العمال والعاملات، لكل الكادحين والكادحات، لكل الفقراء والفقيرات: خذوا حذركم مما تموج به وسائل الاعلام حولنا من شعارات زائفة وكلمات طنانة رنانة. اما انا فقد اتخذت القرار الصائب والصحيح".



* عامل بناء من كفر مندا