الإله في حرج!


محمد مسافير
2018 / 1 / 22 - 02:14     

خَطفتِ المَنِية بغتةً أحَدَ السِّكِّيرين العَرَابيد، وهُوَ يَهِمُّ للخروج مِن بار بعد أن امْتلأ خمراً، صَدمته سيارة بعد ثوانٍ قليلةٍ مِن تقديمهِ صَدَقة لعجوز كانت مارَّةً قُرْب البَار، كانت قيمَة الصَّدَقة أربعُ رِيالات مَغْربية (وهِيَ قِيمَةٌ تافِهة) كانت كلَّ ما تبقى في حَوزته كبَاقي ثمنِ السِّيجارة الأخِيرة التِي رافقتِ الكأسَ الأخيرَ مِنَ الفُودكا...
هَذا العربيد، لم يتصدَّق قطٌّ في حياتِهِ، لم يعرِف اتِّجَاهَ القِبْلة، كان عاقًّا، بَلِ اجْتمَعَتْ فيه كلُّ صِفاتِ الشَّر، وكانت الأربعةُ ريالاتٍ، أولَ وآخِرَ صَدقةٍ يُقدِّمُها.
جاءه عزرائيل حائراً مِنْ أمره، وعَقَدَ بعد الجلسةِ الأولى اجتماعا مسْتعْجَلا، انقسمت من خِلاله المَلائكة إلى اتِّجاهينِ، الأول يقول أن العربيد يستحق نار جهنم لأن الصلاة عمادُ الدين، وأعماله كلها شريرة، والاتجاهُ الثاني يقولُ إنَّمَا الأعمالُ بالخواتِم.
وفي خِتام الاجتماع، رُفِع ملتمس التَّصْويت، وحُسِم الأمْرُ بالأغلبية لصَالحِ الأعمَالِ بالخَوَاتمِ!
دَخل العِربيد الجنة، لم يَمُرِّ اليَومان الأولان حتى ذَكَّى نار الفتنة وسط المُؤمنين، بعد أن استفزَّهم بقوله: أنا العربيد السكير الذي قضى أيام دهره لهْواً ومُجوناً، أجتمِعُ اليَوم مع الصَّالِحِين الذين أفنوا زهرَةَ عُمُرِهم في الاستعفاف عن مَلذَّاتِ الحَيَاةِ...
احْتَجَّ المسلمون غضباً ضدَّ تلك العدالة، اعتصموا وأضربُوا عن الطعام، حتى جاءتهُم لجْنَة ملائكية تطلب عناصرا للحوار، استطاعوا من خلاله انتزاع مطلبهم، وهو رَمْيُ ذاك العربيد في النار!
لم يمُرِّ الأسبوع الأول، (طالت المدة هنا بسبب الطقس الحار)، حتى أثار العربيد فتنة أخرى باستفزاز سكان جهنم قولا: أنا العِرْبيد السِّكِّير الذي قَضَى سنواتَ عُمره لهواً ومُجوناً وفِسقا أكثر من غالبيتكم، استطَعْتُ قضاءَ يَومين كاملينِ في الجنة...
انتشرت المظاهرات، وعلَتِ الصَّيحات، وأثاروا أعمال الشغب حتى أخضعوهم للحوارِ، وهنا رفعُوا الأمر للعليِّ القديرِ.
وكان أمرُهُ أن أعَادَ للعربيد أربعَ ريالاته وأمره بالعَودَةِ إلَى الدُّنيا.
صادفتُه أمْس في أحد الكَاباريهات، وَروى لي هَذِه القِصَّة.