المراهق الموهوب لا يشاغب!


محمد مسافير
2018 / 1 / 4 - 23:31     

أيام كنت في المستوى الإعدادي، أي في بدايات مراهقتي، كنت إنسانا غير محتمل إطلاقا، مشاغبا حد القرف، وكل همي قبل أن أخلد إلى النوم، هو التفكير في أسوء طريقة أثير بها أعصاب أساتذتي، وأجعل تلاميذ القسم يضحكون، خاصة التلميذات، كنت نزقا جدا، أسعد كثيرا لأي إنجاز أحققه في عرقلة سير الدرس، دون أن أحس يوما بتأنيب الضمير... يقذفني الأستاذة أحيانا خارج القسم، وأحس بنشوة انتصار لا مثيل لها، وقعت التزاما في الحراسة العامة، فغمرني إحساس عميق بالبطولة... وكان كل طموحي وقتها، أن أحضى بفرصة عراك مع أحد الأساتذة، لقد كان التلاميذ الذين يتعاركون مع الأساتذة جد محترمين، كانوا يعاملون بنوع خاص من الإحترام والإعتبار من قبل أقرانهم، أحببت أن أحضى بنفس المعاملة، عزمت وتشجعت، لقد فعلتها أخيرا، تعاركت مع أستاذ اللغة العربية، صحيح أنه أشبعني ضربا وركلا، لكن لا يهم، فقد كان يكفيني شرف المحاولة...
لكن لماذا كنت كذلك، لقد كانت لي طاقة عظيمة في المشاغبة...
السبب في ذلك أصدقائي، هو أني لم أكن مجتهدا كثيرا حتى أتميز عن زملائي، ولم أكن أتقن أي هواية تقريبا، أقصد بالإتقان التميز، كنت أبحث عن منفذ إليه، وبأبسط السبل، كان ينبغي لي أن أكون متميزا... ولم أجد ضالتي إلا على حساب أساتذتي!
التلميذ الذي يستطيع فرض ذاته في مجال ما، مثلا الرياضي أو الموسيقي أو الشاعر أو المتفوق في دراسته، لن يشاغب إطلاقا، لأنه ينعم بشيء من الثقة بالنفس، وليس في حاجة إلى البحث عنها على حساب الآخرين، خاصة إن لم يكونوا أعداء!
لكل إنسان ميول خاص يجب أن يصقل، فقط يجب علينا أن ندركه، ونُوجِد فضاء يحتضنه، وأناسا يحفزونه!