أجنحةٌ بيضاءُ تلَّوحُ ...... في موكبِ الوداعِ


مرام عطية
2017 / 12 / 7 - 22:20     

أجنحةٌ بيضاءُ تلَّوحُ ...... في موكبِ الوداعِ
موكبٌ جنائزيٌّ ثقيلُ الخُطا ، وارفُ الشَّجنِ ، يلفُّ المساءَ بصمتٍ رهيبٍ ، مركبٌ مكسورُ الشراعِ يغرقُ في بحرِ أسىً ، أمواجُ الشَّوقِ ترميهِ على شطآنٍ غريبةٍ ، تغيمُ بوصلتهُ، تضيعُ مرافىء الأمانِ من يديهِ ، يحملُ أجنحةً بيضاءَ من سماءِ وطنٍ كان ربيعَ أحلامها إلى فضاءٍ آخرَ لعالمٍ جديد
أجنحةٌ بيضاءُ تلوِّحُ بمناديلِ الوفاءِ لأحبَّةٍ سكنوا أفئدةَ الروح وأوراقَ النظرِ في صباحاتِ ربيعٍ مسروقٍ من مخالبِ ليلٍ أسودَ
مركبٌ يضطربُ غصَّ بفائضِ الدمِ ، هشَّمتهُ شظايا الزهورِ الجريحةِ
انفجرَ بركانُ صمتهِ ، زلزلَ المدى ، قبضَ النَّهارُ
يديهِ المثلجتينِ في سترةٍ جلديَّةٍ حين بكى أرجوانُ
شمسهِ ، وانهمرَ البردُ عتياً على أرواحِ الكائناتِ
محكومٌ هذا المركبُ أن يقلَّ فلذاتِ أكبادهِ إلى بلادٍ بعيدةٍ ، يهدي أوراقَ الحبقِ إلى دهاليزَ صماءَ لاتسمعُ أنينهم ، عمياءَ لاترعى أزاهيرهم الناعمةَ ، حمقاءَ لاتدركُ أيَّ عطر تضمُّ لصدرها الحجريِّ مرغمٌ أن يدفنَ نسماتِ الحياةَ في سراديب الموتِ ، ويودعَ الملائكةَ في أحضانِ الأفاعي الضروسِ
على الضفةِ الثانيةِ كرنفالُ عقاربٍ و ذئابٍ ، صولجانٌ عَلَيْهِ وحشٌ من عصر الديناصورات يترنًّحُ ثملاً، يهنأُ لتساقطِ الفراشِ في بركةِ آسنة تدعى الموتِ ، أصابهُ الزهو ؛ لأنهُ حققَ نصراً في طعنِ قلبِ الجمالِ بخنجرهِ المسمومِ فخرتْ حسانهُ صريعةً تحتَ جحافلهِ
وفجرٌ على تلالِ الشِّمسِ ينشدُ أغنيةَ الحياةِ :
أيها القبحُ المحمومُ يامن تبني أبراجَ الفناءِ
وتشيدُ للزِّنى قصوراً من ريشِ الحمائمِ
اتئدْ ، لم ينتهِ الصراعُ ، بين الطُّهرِ والدَّنس
بين الحبِّ والكراهيةِ ، سيدينكَ من بيديهِ مفاتيحُ الموتِ والحياة ، ستطأ حمحمةَ جيادِكَ أقدامُ العصافيرِ ، و سيدفُنُكَ الفراشُ في وادٍ سحيقٍ .
-----
مرام عطية