غزالةٌ رشيقةٌ .....على ضفافِ الأملِ ( سرد تعبيري )


مرام عطية
2017 / 12 / 5 - 17:29     

غزالةٌ رشيقةٌ .....على ضفافِ الأملِ
*********************
عصفورةٌ شقراءُ لوَّنتْ خدَّ الأفقِ بالضِّياءِ ، انطلقتْ من حضنِ الصَّباحِ طفلةً
أزاحتْ أستارَ الَّليلِ عن وجهِ الأرضِ ، ثُمَّ مدَّتْ جناحيها على الرُّبا ضاحكةً بعدَ أنْ ضمَّتِ السُّهولَ لصدرها بقبلةٍ طويلةٍ ........
غزالةٌ رشيقَةٌ ضيفةُ كانونَ ، تمشي الهوينى راحتْ تغزلُ للعصافيرِ ثياباً شتويَّةً دافئةً لتجمع غذاءها اللبنيَّ من أشجارِ البلوطِ والسنديانِ تارةً وحيناً من عرائشِ العنب والتوتِ البريِّ ، ثُمَّ تعودَ إلى أعشاشها بسلامٍ تطعمَ صغارها مطمئنةً وادعةً .
إلاَّ سنونواتِ حقلي تغزوها قوافلُ الصَّقيعِ والحرمانِ ، فكلَّما منحَتها غزالةُ الكونِ بيادرَ الدفءِ ، سرقتْها منهنَّ أذرعُ الظَّلامِ ، وبدَّدتها مخالبُ الحربِ البربريَّةُ ، فتراهنَّ يرتجفنَ من الزَّمهريرِ ، تذرو قمحهُنَّ بين غمارِ الزؤوانِ ، ويسطو عَلَيْهِ الجرادُ أنَّى صارَ سنابلَ في المنزلِ والشارعِ بين المكاتبِ والوزاراتِ ، تصفعهُ أكفُ الطهرِ بالحبِّ فينسىَ سريعاً موسيقاها ويلتهمُ قوتها المتواضع ، يناكدها قهراً ومذلةً ليتربعَ على عرشِ الغنى والسُّلطةِ ممعناً في الإذلالِ ، يعاهدُ تاريخَ الظلمِ التليدِ على الوفاءِ بالميراثِ
قريبٌ من هنا أكادُ ألمحُ على ضفافُ الأملِ الكبير موجةً زرقاءَ تحملُ بياراتٍ خضراءَ تلوِّنُها سحائبُ سماءٍ بألوانِ البهجةِ والجمالِ
تسابقُ الفصولَ في الخطا ، وأسرابَ نوارسِ حبٍّ جديدةً ، يتوهجُ فيها الحنينُ وَالشَّوقُ للحياةِ ، ترفرفُ على أغصانِ ياسمينةٍ دمشقيَّةٍ قلَّمتْ أظافرَ حربٍ ضروسٍ بدماءٍ زكيةٍ وأنهارِ دموعٍ ، سكبتها حبيباتٌ وأمَّهاتٌ وزوجاتٌ فاضلاتٌ ، عساها تمحو سطورَ العتمةِ ، وتنزعُ أشواكَ الألم من جسدِ الزهرِ لتقُرَّ العيونُ ، ويهنأَ ثغرُ السَّلامِ .
------
مرام عطية