الأشكال البديلة للإشتراكية الماركسية

ناصر محسن المعاضيدي
2021 / 11 / 22 - 21:24     

ثمة مصاعب تواجه الباحثين في تتبع الاتجاهات الاشتراكية البديلة للماركسية وترتبط المصاعب هذه في أنه وعلى امتداد تاريخ تطور الأفكار والنظريات الاشتراكية برزت العديد من التيارات الاشتراكية المتقاربة والمتشابهة في تصوراتها والمختلفة مع الاشتراكية الماركسية في التحليل مثل : تيار الاشتراكية الزراعية والاشتراكية المسيحية والاشتراكية الفوضوية والاشتراكية الشعبية والاشتراكية الوطنية، فضلا عن ذلك ان هذه التيارات غالبا ما يلاحظ الباحث وجود بعض الاختلافات او التناقضات فيها، ويجد صعوبة في تحديد المسائل النظرية والعملية الاساسية التي جرى حولها الجدل في الميدان الاقتصادي بين الاشتراكية الماركسية وبين كل تلك الاتجاهات.

وقد يتمكن الباحث من ان يتقصى ظهور الأفكار البديلة وبرامجها وأيديولوجيتها من خلال تحديد المراحل الأساسية الثلاثة الآتية: الأولى من نهاية اربعينات القرن التاسع عشر وحتى نهاية سبعيناته، فمن الوجهة التاريخية كانت هذه المرحلة تمثل مرحلة صياغة أسس الاشتراكية الماركسية في ظل وضع شهد تصاعد حركة الاحتجاجات العمالية ومن ثم انتشار الماركسية في صفوف البروليتاريا والفئات الاجتماعية المهمشة والثانية : مرحلة الهدوء النسبي في الوضع الاجتماعي والاقتصادي في أوربا وتمتد من اندلاع كومونة باريس وحتى الثورة الروسية لاولى عام 1905، وفي هذه المرحلة تصاعد اعتناق فئات العمال والبرولتيارية للماركسية ونظرياتها في الاقتصاد، واضطرت التيارات الاشتراكية البديلة أو المناهضة للماركسية الى التخفي وراء شعارات وافكار طرحتها الماركسية نفسها. اما المرحلة الثالثة فهي : مرحلة ما بعد عام 1905 حيث فتحت الثورة الروسية الاولى الباب للتغيرات الاجتماعية لا في اوربا حسب بل في آسيا ايضآ، الشيء الذي عبرت عنه بتيارات (الاشتراكية اللاطبقية).

ومن النافلة الاشارة هنا الى ان الاشتراكية الفرنسية وافكار المصلحين الاجتماعية في فرنسا كانت المنبع الرئيس لافكار ماركس الاشتراكية، ومن هذا المنطلق سنتعرض لأهم الاشتراكيات البدلة للماركسية في مرحلة ما بعد الاشتراكية المسماة بالاشتراكية المثالية.

1- نظرية الاشتراكية الزراعية

أن الدور الاساسي الذي تمثله الارض او الزراعة في الانتاج الاجتماعي وعزل الانتاج الزراعي عن الملكية الزراعية (ملكية الارض) حسب ماركس حولت ملكية الارض الى اعظم مشكلة يتوقف على حلها مستقبل الطبقة العاملة. وقد قاد النضال حول مسألة الارض الى ظهور اتجاه في الفكر الاقتصادي عرف بالاشتراكية الزراعية أو الفلاحية. وفي نطاق هذه النظرية يمكن تمييز فترتين اساسيتين، في الاولى لم تكن افكار الاشتراكية الزراعية مرتبطة بأفكار الفزيوقراط بل بفكرة القانون الطبيعي، كما أنها لم ترتبط ايضا بنظرية الريع التي صاغها ريكاردو وفي هذه الفترة كان المفكر جيرارد G.Onstanly او نستالى وهو من اتباع مذهب جمعية (المتساويين) ، هذا المذهب الذي عبر عن الاتجاهات البرجوازية الانجليزية خلال مرحلة تفكك ونهاية علاقات المجتمع الاقطاعي، وفي الفترة الثانية من فترات تطورها اعادت بعض افكارها الاولى وخاصة حق الانسان بالأرض ، وكان توماس سبينس T.Spins من ابرز دعاتها في هذه الفترة، الذي دعا الى تأميم الارض متأثرا في دعوته هذه بأفكار الحركة الجارتية أو الحركة (الميثاقية) غير أنه لم يكن يفهم التأميم على أنه نقل ملكية الارض الى الدولة بل نقلها الى المشاعات أو (المشتركات).

لقد كانت النقطة الاساسية في أفكار سبنس تتمثل في ان الناس يمتلكون حقا ابديا في الارض ومنتجاتها، ومن أجل انجاز وتحقيق الناس لحقهم هذا أقتراح سبنس تحقيق الشيوعية في الزراعية، فتأميم الأرض سيقضي على الفقر والة تكوين اتحاد حر للمشتركات وليس للمشتركات حق توجيه وقيادة الاقتصاد، بل ان الارض تؤجر وبوساطة الريع والعوائد المجتمعة يتم دفع الضرائب المستحقة على سكان الارض المشتركة او المشاعة ويتم أيضا اشباع احتياجاتهم، وما يبقى يوزع بين السكان وبالتساوي. وعلى هذه الشاكلة فان نفقات الامن وبناء الطرق والادارة يتم تغطيتها من ريع الارض، وتعفى من دفع الضرائب السلع الصناعية والمشروعات التجارية. ونجد في تصورات سبنس هذه جذور الافكار المدافعة عن مصالح رأس المال الصناعي والتجاري من خلال الغاء ملكية الارض، وقد تعرضت نظرية الاشتراكية الزراعية الى تطويرات لاحقة في موطنها الاصلي انجلترا من قبل مفكرين آخرين ومنهم وليم أوجيلفى W.Ojelfi في منتصف ونهاية القرن التاسع عشر.

2- الاشتراكية المسيحية

لقرون طويلة كانت الكنيسة الكاثوليكية واجهة لتأمين مصالح الطبقة الاقطاعية والمناصرة الاساسية لعلاقات المجتمع الاقطاعي، حيث استخدم الدين المسيحي وسيلة من الوسائل الايديولوجية المهمة للتأثير على اتجاهات الوضع الاقتصادي بما يمتلكه الوازع الروحي من أهمية في تحديد موقف الانسان تجاه الأحداث والوقائع الاقتصادية التي كانت تجري في أوربا. في بداية القرن التاسع عشروضعت المبادئ الاقتصادية المعبرة عن مصالح الارستقراطية الاقطاعية على يد هنريش مولر Moller في وفرانز بادر F.Badder في المانيا، وكان مولر يعتقد بأن تقسيم العمل الذي جاء به آدم سمث يؤدي الى عزل الانسان عن الثورة الروحية ويؤدي الى تدهور القيم الدينية والى ضرر في الثورة العامة من اجل مصلحة اشخاص معدودين وكان يعتقد ايضا في ان التقدم العلمي والتكنولوجي ليس له الا قدر ضئيل من العقلانية عند استخدامه في الزراعة، وبذلك كان مولر يحاول ان يقدم تصوير ديني وثيولوجي للمبادئ الاقتصادية، اذ كان ينظر الى الدول والاقتصاد باعتبارهما وحدة عضوية وقوة تنعش روح الايمان، فالاقتصاد ينتج عن الدولة وهي بدورها ناجمة عن الله المؤسس للدولة.

أن مولر يعتقد ان الجزء الاكبر من الثورة لا يتمثل في الشكل المادي (كالنقود)، وانما في امتلاك الناس للأساس الروحي الذي يكون ليس فقط الدخل العام. وانما ايضا جزء الدخل الذي يحصل عليه مؤدو العمل الفيزيائي (العمال المأجورين، المزارعون، الحرفيون)، وهكذا يحاول مولر أن يقضي على نظرية القيمة كما قال بها آدم سمث وريكاردو.

وفي فرنسا شغل بير ليروا P.Lerya مكانة متميزة بين اتباع ومفكري الاشتراكية الفلاحية، حيث وجه انتقادا حادا للكنيسة الكاثوليكية موجها اياها بفكرة (الدين الانساني) المستند على التعاون والتساوي بينن بني البشر، حيث يتيح هذا الدين (دين الانسانية) للبشرية أن تفتح الطريق للانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية، وكان ليروا في تصوره هذا يعكس مصالح الطبقة البرجوازية الصغيرة ويجسد النظرة المثالية.

3- الاشتراكية الفابية

في نهاية العقد الاخير من القرن التاسع عشر أضاعت انجلترا فرصة اتمام سيطرة احتكاراتها الصناعية على الاقتصاد بعد ان بدأت تعاني خلال السنوات 1870- 1880 في ازمة صناعية وزراعية في آن واحد نتيجة للمنافسة الامريكية والألمانية واحتكاراتهما. وفي الثمانينات القرن التاسع عشر الماضي ظهرت في انجلترا أولى المنظمات الاشتراكية، ففي عام 1881 تكونت الفدرالية الديمقراطية التي تحولت عام 1884 الى فدرالية للاشتراكية الديمقراطية، كما تأسست في عام 1883 رابطة الاشتراكية (2). ان ظهور الاشتراكية الفابية في انجلترا أرتبط بتكوين الجمعية الفابية للاصلاحيين الانجليز في لندن 1884 من مجموعة مكونة من اثنا عشر شخصا واتخذت من اسم فابيا مكسيم Babia Maxim الايطالي الذي عاش في القرن الثالث عشر قبل الميلاد وكان معروفا في عزوفه عن الحروب ضد هانييال، اتخذت من اسمه نعتا لها فعرفت منذ ذلك الحين بالاشتراكية الفابية التي مازالت افكارها تجد لها صدى على المستويين الفكري والتنظيري. وعرف من مفكريها سيدني ويب C.Webb الذي اصدر مجموعة من المؤلفات المناهضة للفكر الماركسي وللاتجاهات اللبرالية السياسية وشارحا فيها حقائق عن حياة العمال الانكليز وتنظيماتهم، ومن مفكريها الأديب الانجليزي المشهور برناردشو ووليم موريس الشاعر والرسام والشخصية الاجتماعية المعروفة الذي شارك بفاعلية في الحركة العمالية والاشتراكية، كما كان من بين روادها ومفكريها كاتب هربرت جورج وايلسH.G.Wilies الذي طور في كتاباته خلال الفترة 1903- 1908 أفكاره عن التحولات الاجتماعية بوساطة الاصلاح داعيا الى تسليم السلطة الى العلماء والمهندسين، أما برناردشو فكان يرى أن للتغيرات في المجال الاقتصادي أهمية شكلية، فيما تكتسب التغيرات الأخلاقية الأهمية العظمى، ويذهب أحد الفابيين سدني بول C.Ball الأستاذ في جامعة اوكسفورد الى القول، بأن الاشتراكية تعني انجاز الديمقراطية الصناعية، فينبغي ان تطبق في الصناعة نفس المبادئ الفاعلة في الدين والسياسة والحقيقة أن مثل هذه التصورات وغيرها من التي تقدم بها وعرضها الفابيون كانت تعني عزل الاشتراكية عن الطبقات ، فالاشتراكية عن الفابين انما هي خطة لضمان الحقوق والفرص المتساوية للجميع وليس لأهدافها صلة بعلاقات المجتمع الاقتصادية او بالصراع الطبقي.

4- اشتراكية الطوائف

انتشرت افكار اشتراكية الطوائف في اوساط النقابين الاكليز قبل الحرب العالمية الاولى ان مؤسسي اشتراكية الطوائف هم من اعضاء الجمعية الفابية ومن بينهم كول Cole وهوبسنHobson ، اورانحOrandg بينتي Penty وآخرون غيرهم، وقد اعتبر هؤلاء تعاليمهم على انها المركب Synthesisالأفضل من أفكار السنديكالين والماركسين والفابين. ويمكن اعتبار 1906 وهو عام صدور الكتاب بنتيPenty (اعادة بناء انظمة الطوائف) تاريخا لظهور الاشتراكية الطائفية في هذا الكتاب يضفي بنتي طابعا مثاليا على تنظيمات الاقتصاد في العصور الوسطى ويدو فيه الى ضرورة احياء وحدة المهمات الفردية على اسس المبدء الاقليمي، اعتبارا من عام 1908 بدأت الجهات الناشرة لجريدة الفابيين (العصر الجديد) بتطوير هذه الفكرة مطالبة بأيجاد منظمات للنظام الاقتصادي للتعاونيات الانتاجية واعادة النظر في اشكال الاجور وتحويل النقابات المتحدة للادراة الذاتية في الصناعة. ومنذ عام 1913 تقدم منظر هذا الاتجاه الاشتراكي كول بنشر كتابه (عالم العمل) محاولة فيها تقريب يوتوبيا الطوائف في العصور الوسطى من القضايا الحقيقة للحركة العمالية وقت ذاك ويحدد طرائق التحقيق العملي لأفكار الطوائف في انجلترا مقارنه في ذلك العصر. ومن اشتراكية الطوائف ما ياتي :-

1- أن مجتمع الطوائف لا أن تنقسم فيه الامة الى منتجين ومشترين.

2- وكل المواطنين كمنتجين هم أعظاء المؤتمر الوطني للطائفة، كمستهلكين في الدولة.

3- الدولة تمتلك اسميا وسائل الانتاج وتقوم بدورها وفي فترة محددة تضعها القضايا المرتبطة بالانــتاج وتقوم بدورها وفي فترة محدودة تضعها تحت خدمة اعضاء الطائفة.

4-اعضاء الطائفة يقومون بحل جميع القضايا المرتبطة بالانتاج يحددون الاسعار والاجور وعلاقة المجهزين المستفيدين من المنتجات فاذا كانت سياستهم تناقض ومصالح المجتمع فبوسع المستهلكين اللجوء محاكم الدولة التي تستند في عملها الى الوعي (الرأي) العام لازالة التعارض القائم ، وفي الموضوعات الاكثر تعقيد يمكن اللجوء الى الهيئة الثالثة المعبرة عن تطلعات كلا الجانبين المتصارعين: أي المستهلكين المنتجين. وتدعو اشتراكية الطوائف الى تأمين المتدرج لوسائل الانتاج ووضعها تحت تصرف المنتجين المتحدين، وهذا يعني ان الغاء الملكية الخاصة ينبغي ان يحصل تدريجا وبشكل لا يفيد المالكين وعن تطبيق انحلال نظام جديد للادارة الانتاجية محل القديم، ويجذب نقابات العمال الاكثر نشاط وقدرة نحو فرض سيطرتها على انتاج بمعنى ان انصار الاشتراكية لطوائف افترضو وضع الرأسماليين امام حقيقة عدم وجود مبرر يمكنهم من قيادة العملية الاقتصادية، لذلك كان اصحاب اشتراكية الطوائف يعتقدون انه بسبب ذلك سيتنازل الرأسماليون بأنفسهم عن حقهم، فيما سيحتفظ المالك السابق بقيمة المشروعات كاملة عبر المساومة في الارباح أو في المكافآت.

ويرفض دعاة الاشتراكية الطوائف الفكر الماركسية عن افقار العمال مؤكدين على نسبية مفاهيم الفقر والغنى، وقد كان على دوام هناك الفقر الى جانب الغني مثلما يكون هناك على الدوام ايضا خاسرون ورابحون وهذا شيء حتمي من الناحية الاجتماعية والاقتصادية هذه هي معالم (الموديل) الذي قدمته اشتراكية الطوائف.

5- الاشتراكية التعاونية

كانت المحاولة الاولى لتأسيس نظرية التعاون قد شهدتها انجلترا باعتبارها الدولة الاولى التي شهدت اقامة الرأسمالية قبل الدولة الاوربية الاخرى، وقد تركت خصائص تطور المجتمع الرأسمالي في انكلترا بصماتها على مبادئ التعاونية التي كانت الاساس في صياغة الشكل الانجليزي لنظرية الاشتراكية التعاونية. وبهذا الصدد فأنها من المعروف تأريخيآ ان مفكري الاشتراكية التعاونية الانجليز كانوا قد اعتبروا المصالح المشتركة لاعضاء التعاونية كمستهلكين، تعتبر نقطة انطلاق تكوين المشروعات والمجتمعات التعاونية، ولم يقتصر مفهوم المصلحة المشتركة لاعضاء التعاونية من المستهلكين على ميدان المواد الاستهلاكية فقط، بل ينصرف الى مواد الاولية والسلع النصف المصنعة والادوات والمكائن وكذلك القروض النقدية. وطبقا لمفكري هذه الاشتراكية فأن ضرورة الاولى في ميدان السلع الاستهلاكية ينبغي ان تتمثل بالمصالح المشتركة الأوسع لفئات السكان، وأن هدف الاشتراكية التعاونية يكمن في استخدام مصالح المستهلكين بصفته مبدأ شمولية وفي تنظيم الروابط لجميع سكان وفقا للمزاج والروح التعاونية والتآزر. ان الحركة التعاونية ظهرت في بداية كرد فعل بالطبقات المعدومة على تطور رأس المال الصناعية، وكان محاولة تداول الاستهلاك هما مجالين الرئيسين للذين شهد انعدام الحقوق لهذه الطبقات الاجتماعية، فنمو المدن ونزوح العمال نحوها عزز قدرة الرأسمال التجاري على الاستغلال بفضل ما يتمتع به من مكانات في مجال التداول.

ويعتبر وليم كنج W.Kingاحد المنظرين الاول للأفكار اساسية اشتراكية تعاونية حيث كان يؤمن بتعامل مصالح العمال والرأسماليين وبأن التعاونية تمثل وسيلة لأنجاز الاصلاحات الاجتماعية، وارتبط النشاط العملي لكنج في مجال العمل التعاوني بما كان يطلق عليها (بالحركة التعاونية الاولى) التي كان قد وصل الى نهايتها عند عام1834 .

كما شهدت بلدان أوربا الغربية انتشار للحركة التعاونية ولم يقتصر وجودها على انجلترا ، فقد وجدت الحركات والمنظمات التعاونية في فرنسا وألمانيا وغيرها من البلدان.

كما وجدت الاشتراكية التعاونية تعبيرا لها وهتماما كبيرا في اعمال المفكر الفرنسي شارل جيد في بداية القرن العشرين الذي اعتبر مجتمع المستهلكين بمثابة القاعدة الراسخة للحركة التعاونية. وفي كتابه الصادرعام 1909 بعنوان (التعاونية) برزت ملامح تصوراته الأساسية عن الاشتراكية التعاونية.

عرف عن شارل جيد انه وقف موقفا رافضا لفكرة أن تعاونيات الانتاج كأرقى شكل من اشكال التعاون فحسب اعتقاده ان ملكية وسائل الانتاج في أي بلد يجب أن تؤول الى مجتمع المستهلكين أي الى اولئك الذين يعرفون في مصلحة من يستخدمونها. وفي مقابل مبدأ (اخوة المنتجين) تقدم جيد بفكرة التعاونية الاستهلاكية، التي ينبغي لها في مرحلة معينة من مراحل تطورها، ان تهيمن على الانتاج، وتقوم بتنظيم الورش والمعامل الخاصة فضلا عن المؤسسات الزراعية. وحسب جيد يجب أن تكون المنظمات الاستهلاكية وسيلة قوية لإقامة الملكية الاجتماعية، لأنها الوحيدة التي تستطيع بنجاح، (اكثر من أية أخرى) تحصيل الارباح وزيادة التراكم لأغراض التراكم لأغراض الانتاج. وبشكل عام، يمكن القول ان الاتجاهات الاشتراكية المناهضة لاشتراكية ماركس وحاولت ان تكون بديلة لها، واتخذ بعض منها تطبيقات محددة تشترك بخصائص متمايزة ومغايرة لاشتراكية ماركس يمكن أن نذكر بعضها منها:-

1- انها اشتراكيات ترفض بشكل تام الصياغة الماركسية المتعلقة بكيفية التعامل مع الملكية الخاصة كما وترفض أفكار ماركس حول الصراعات الطبقية وعلاقات الاستغلال التي يفرزها المجتمع الرأسمالي والناجـــــــــمة عن فائض القيمة.

2- أنها اشتراكيات تؤمن بالإصلاح المتدرج لمؤسسسات وآليات النظام الرأسمالي وترفض مقولة التحويل الثوري للمجتمع الرأسمالي من خلال الثورة البروليتارية.

3- انها تحاول اضفاء المسحة الانسانية على أشكال الصراع الاجتماعي وتنادي بالتسامح وبمبادئ الأخوة لتلطيف الصراعات المجتمعة وتخفيف حدة الأوضاع الاستغلالية.

4- أنها اشتراكيات ترفض المقاولات الأساسية للاقتصاد السياسي الماركسي كمقولة الاستغلال وفائض القيمة والعمل مصدرا للقيمة وغيرها من المقولات التحليلية الماركسية.

5- أن بعضا من المذاهب الاشتراكية أعطى قيمة عليا للعوامل الروحية والدينية في تكوين الصورة الانسانية للمجتمعات بالوقت الذي أهملت الماركسية فيه هذا الجانب أو على الاقل لم توليه الأهمية المناسبة.

أن الاتجاهات السابقة في مجملها كانت تعبر عن مصالح الطبقات

الاجتماعية المختلفة رغم تنافر وتناقض المصالح وصنفت على المستوى الفكري في اطار المذاهب الاشتراكية البرجوازية والبرجوازية الصغيرة وكان الاقتصاد الكلاسيكي المصدر الرئيس لأفكار في الميدان الاقتصادي.