فَوْقَ جسرِ الجمالِ ......حمائمُ بيضاءُ ( سرد تعبيري )


مرام عطية
2017 / 11 / 27 - 09:18     

فَوْقَ جسرِ الجمالِ ......حمائمُ بيضاءُ
*************************
تأوهَتْ غابةُ النخيلِ ، أنينُ زفراتها دقَّ أبوابَ السَّماءِ ، بكتْ على فقراءَ ناموا على الطَّوى وخوابيهِا شفاءٌ و عسلٌ ، ثارَتْ على قيودِ حكامٍ اغتصبوا عذريةَ غابةٍ شقراءَ ، فجَّرَتْ بركان غضبها حمماً اجتاحَ غرباءَ دنسوا الحمى ، و أراجيحَ ندىً غزلها الصَّدى على أنوالهِ : صوتٌ تدفق ماءً على أسرةٍ فقيرة على ضفافِ الفراتِ ، و خابيةَ عبيرٍ على أختين ترقدانِ فَوْقَ دجلةَ بسلامِ الله ، انثالَ حنينا لحبيبٍ اشتاقَ عطر أنفاسه على مشارفِ بغدادَ ، تسربُ ماؤها إلى جذعِ حقلٍ مترعٍ بذهبٍ وألماسٍ يتنهدُ ، ينشجُ بمرارةٍ من طعم الفراقِِ يشربُ حتى يرتوي .. يصرخُ واختاهُ : ( تعالي فكِّي أسري من ظلمِ الجناةِ ، أودعتُ قمحكِ وأساوركِ التي منحتكِ إياها أمِّي في جيوبٍ أمينةٍ ؛ فثقبها الغاشمون ، أفرغوا مافيها من حليٍ وجواهرَ ، امتصوا السَّكرَ من عيدان القصبِ ، عبيدُ شهواتهم ، عقولهم جرودٌ ، فتواهم سفهٌ مجنونٌ ، قصورهم دعارةٌ و فحشٌ لا يلتفتونَ لأمعاءٍ يجترعها السَّغبُ ، أو لشفاهٍ تشققتْ من العطشِ ، الدُّولارُ يقودهم يديرُ طواحين الرَّدى )
هناااااكَ فَوْقَ جسرِ الجمالِ شقيقانِ يلتقيانِ شجرةُ نخيلٍ و حقلُ نفطٍ بعدَ غيابٍ طويلٍ .
الأرضُ لبستْ ثيابَ الفرحِ ، أقامتِ الولائمَ
عقدتْ للمدعوين حلقاتِ البهجةِ والرقص ، كما تفرحُ أمٌّ بعودةِ أبنائها الضَّائعين ، زغردتْ ، ضمتهما وطناً دافئاً ، شقيقانِ استعادا ظلالَ الذِّكرياتِ على المدى تعانقا ، فاضتْ ينابيعُ حبهما قمحاً ورطباً وأطلقتْ في القلوبِ حمائمَ بيضاءَ ، تشابكتْ أيديهما حديداً، أعادت الكنوزَ من مخابئِ الثعالبِ ، سرحتْ قطعانهم في المراعي ، و وطَّدت في رمالهم أفكارَ الخيامِ
ينابيعُ أزهرتْ قرى عصافيرٍ بحثَ عَنْها أطفالي يالتعاستهم أينَ تغيبُ ؟!! .
--------------
مرام عطية