دور صندوق النقد الدولي في خدمة المصالح الأمبريالية


عودت ناجي الحمداني
2006 / 2 / 24 - 11:10     

يحظى صندوق النقد الدولي بأهمية كبيرة بين مؤسسات التمويل المالي الدولية بكونه وكالة دولية من الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
وقد اثارت نشأة الصندوق في العام 1945 جدلاً حاداً عن الدور الذي يضطلع به الصندوق في الأقتصاد العالمي وتسخيره لخدمة القوى الامبرياليه التي تسعى الى السيطرة على العالم. ولتسليط الضوء على سياسات صندوق النقد الدولي وعلاقته بالدول الاحتكاريه وما ادت اليه هذه السياسات من تداعيات خطيره على الاقتصاديات الناميه, سنتناول الموضوع وفقاً للمباحث الآتية :
المبحث الاول: الطابع الأستغلالي لسياسة صندوق النقد الدولي .
المبحث الثاني: أثر سياسة الأصلاح والهيكله على الاقتصاديات الناميه .
المبحث الثالث: استنتاجات ومقترحات لتطوير عمل آليات صندوق النقد الدولي .

المبحث الاول: الطابع الاستغلالي لسياسة صندوق النقد الدولي .
استجابة لرغبة البلدان الرأسمالية الغنيه في الغرب الرأسمالي التي ارادت منع حدوث تكرار كارثة الكساد التضخمي الناتج عن السياسات الرأسمالية الفاشلة,ظهرت فكرة انشاء صندوق النقد الدولي في مؤتمر بريتون وودز في العام 1944. لشد وشائج التعاون الاقتصادي بين الدول الرأسمالية التي انهكتها الحرب العالمية الثانية, وانعاش الاقتصاد المتهالك من ازمة الكساد والتضخم التي عمت النظام الراسمالي .

وبتوقيع 29 دولة على اتفاقية التأسيس ولد صندوق النقد الدولي في العام 1945. وبعد مضي عام واحد أي في العام 1946, أنشا البنك الدولي للانشاء والاعمار الذي ضم مؤسستين هما مؤسسة التنمية الدولية ومؤسسة التمويل الدولية . وبينما يركز صندوق النقد الدولي على اقراض البلدان التي تعاني من مشكلات الاختلال في ميزان المدفوعات وصياغة السياسات الكليه ,فان البنك الدولي يركز اهتمامه على تقديم القروض للبلدان التي تسعى الى تنمية مشاريع البنية التحتية وتطبق الاصلاحات الهيكلية .
ومن بين الاهداف الابرز في لصندوق النقد الدولي اعادة اعمار وبناء البلدان التي التي دمرتها الحرب وتلافي الانهيارات المحتمله لبعض الدول الراسماية التي اخذت تتأثر بالانتصارات الكبرى التي حققتها المنظومة الأشتراكية على الجبهة الاقتصادية في تلك الفترة . ومن بين الاهداف الاكثر اهمية في ستراتيجية صندوق النقد الدولي تشجيع البلدان الناميه على الاستدانة الخارجية وتكبيلها بشروط الدين الخارجي واعبائه لتحقيق هدفين
أساسيين الأول : جني الأرباح الخيالية التي تحلم بتحقيقها في البلدان الرأسمالية.
والثاني : احكام السيطرة على الاقتصاديات النامية وتحويلها الى المقصلة الرأسمالية .

لقد ارادت البلدان الاحتكارية ان يكون صندوق النقد الدولي اداة بيدها لتنفيذ مشاريعها في الاقراض الخارجي وخلق الفرص الذهبية لاستثماراتها في البلدان النامية , ولهذا تصاغ سياسات صندوق النقد الدولي بالتوافق مع السياسات الرأسمالية للدول الاحتكارية. وللتغطية على النوايا المبيتة والاهداف التي تخطط لها البلدان الاستعمارية خلف صندوق النقد الدولي لايقاع البلدان المتخلفة في شباك المديونية الخارجية , لابد من اطلاء تلك الاهداف الرامية الى استنزاف موارد العالم الثالث بشعارات المساعدة والمعونه وغير ذلك من الشعارات التي تختفي ورائها خططاً ومؤامرات جهنمية لاستعمار العالم النامي .

فمن الاهداف المعلنة لصندوق النقد الدولي ما يلي :
1-تسهيل النمو المتوازن للتجارة العالمية .
2-تطوير الاستقرار في سوق صرف النقدي الدولي .
3-تشجيع التعاون الدولي في الميدان النقدي والتآزر فيما يتعلق بالمشكلات النقدية الدولية .
4-تمكين البلدان الاعضاء بصندوق النقد من الاستفاده من موارده الماليه .
ومن الاهداف الاخرى لصندوق النقد الدولي تقديم المساعدة الفنية والتدريب من اجل دعم القطاعات المالية والتقنية وتنظيم الجهاز المصرفي وتحسين ادارة السياسات الضريبية والجمركية وادارة الدين الخارجي والداخلي . الا ان البلدان النامية لم تحصد من هذه الاهداف المعلنة سوى المزيد من الخراب الاقتصادي واستعصاء مشاكل التضخم والبطالة وتراكم الديون الخارجية , لأن سياسة الاقراض لصندوق النقد الدولي تقيد البلدان المدينة بحزمة من السياسات الراسمالية المعبر عنها بوصفة الصندوق التي تجهز على اخر الامال المرجوة من مساعدات الصندوق لأجتياز الازمة . فالاتجاهات الرئيسية لستراتيجية الصندوق تشدد الخناق على البلدان النامية بما يخدم مصالح الرأسمال الطفيلي ودفعها نحو المزيد من الاستدانة الخارجية في سبيل تكبيلها بديون باهضة لتكون مدخلاً لفرض شروط الدول الدائنة ومصادرة قرارها الوطني .
وتكتسب موافقة صندوق النقد على تمويل البلد المعني اهميةَ كبيرة , اذ ان موافقة الصندوق على تقديم القروض تمثل شهادة حسن السلوك في ان البلد المدين يسير في طريق الاصلاح والهيكلة التي هي اهم شروط صندوق النقد الدولي , كما تشكل تزكية الصندوق حافزاً مهماً لحصول البلد المدين على المزيد من التمويل المالي .

وبموجب اليات الشقيقين , صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فأن معظم دول العالم تشارك بنسب بسيطة في هتين المؤسستين ,الا ان المهيمن الحقيقي على عمل الصندوق وتحديد سياساته البلدان الرأسماليه الغنيه وهي الولايات المتحدة الامريكيه والمانيا وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة , بسبب ما تملكه هذه البدان من اسهم كبيره في رأسمال الصندوق . وللولايات المتحدة الامريكية دور اكبر في التاثير على قرارات الصندوق لاسباب عديده منها , موقع مقر الصندوق الدائم في العاصمة الامريكية وعلى بعد مئات الامتار من البيت الابيض , ويعمل في اجهزة الصندوق اكثر من 2800 موظف و 22 مكتب وادارة من المؤيدن لأقتصاد السوق الحر. (1) وفوق هذا وذاك ان للولايات المتحدة الامريكيه 17/ من الاسهم في صندوق النقد الدولي و22,6/ في البنك الدولي مما يمنحها صلاحيات اضافية في السيطرة على صندوق النقد الدولي وتوجيهه بما يخدم سياستها الخارجية وخططها في العالم الثالث .

ويمكن القول ان سياسة الاقراض بالرغم من نسب الفوائد العالية التي تفرض على القروض ربما تصبح مقبولة لو لم تكن مشروطة بالتغير الهيكلي التي ادت الى ارتهان الأقتصاديات المدينة لمشيئة البلدان الرأسمالية المتقدمة, ان سياسة التغيير الهيكلي تلزم البلدان المدينة بتنفيذ سلسلة من الاجراءات المخلة بمصالح وسياسات البلدان المدينة , فعلى صعيد التجارة الخارجية يحدد صندوق النقد مطالبه بالاتي :
1-تخفيض قيمة العملة الوطنية وفتح اسواق حرة لصرف العملات الاجنبية .
2-الغاء نظام الرقابةعلى النقد الاجنبي وازالة القيود المفروضة على التعامل بالعملات الاجنبية .
3-الغاء القيود المفروضة على الصادرات والاستيراد ودعم انشطة القطاع الخاص في هذه العملية .
وتؤدي هذه الاجراءات الى تخلي الدولة عن حماية المنتجات الوطنية وفرض نمط التجارة الحرة وخلق الظروف الموضوعية للفئات الطفيلية في تحقيق المزيد والارباح والاستغلال .
وعلى صعيد الانفاق القومي تتلخص شروط الصندوق في :
1-الغاء الدعم الحكومي للسلع التموينية التي تشكل المصدر الاول لعيش الفقراء ومحدودي الدخل .
2-زيادة الضرائب وتنويعها على السلع والخدمات المختلفه وتقليص التوظيف الحكومي للعمالة .
3-رفع اسعار منتجات القطاع العام .
4-رفع سعر الفوائد المدينة والدائنة .
5-تخفيض الانفاق الحكومي الجاري .
ومحصلة هذه الاجراءات هو الضغط على الفئات الفقيرة ونمو الاستهلاك الترفي من النمط الغربي .

وفيما يخص السياسة الاستثمارية يطلب صندوق النقد من المدينين :
1-تشجيع الاستثمارات الاجنبية الخاصة ووضع الضمانات الكافية للشركات المستثمرة .
2-اصدار القوانين التي تضمن مصالح القطاع الخاص المحلي والاجنبي .
3-اعفاء الاستثمارات الاجنبية من الضرائب والرسوم الجمركية وتمكينه من الحصول على المواد الأولية والأراضي بأسعار زهيدة .
4-اعطاء الحق للشركات في تحويل ارباحها ومستحقات العاملين في شركاتها بالنقد الاجنبي الى الخارج . (2)

وعليه فأن النهج الذي يتبناه صندوق النقد الدولي على صعيد الأستدانه الخارجية يجبر البلدان المدينة على التخلي عن الدعم المالي للسلع الضرورية في حياة المواطنين كالخبز والرز والذرة والسكر والحليب والزيت وكافة السلع الضرورية التي تشكل القوت اليومي لحياة الناس . ويلزمها بتخفيض عملتها النقدية مقابل العملات الاخرى كي تصبح المواد الخام المصدرة الى الخارج بأقل الأثمان , كمايلزم البلدان بتقليص الانفاق على القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم والاسكان والضمان الاجتماعي وبالمقابل يطالب الصندوق البلدان المدينة بزيادة الضرائب على الخدمات اليومية كالنور والمياه والنقل والاتصالات الهاتفية وكافة الخدمات الاخرى .
ويفرض صندوق النقد على البلدان التي تخطو نحو تنمية قطاعها الزراعي نوعا واحدا من الزراعة بهدف تامين امدادات الصناعة الراسمالية بما تحتاجه من المواد الاولية وتؤمن استمرار تدفق منتجاته السلعية .
وبالتالي فان سياسة صندوق النقد تجعل البلدان المدينة اسواقا مفتوحه لتصريف البضائع الراسمالية الكاسدة باسعار عالية وتخلق الاسس الكفيلة بتحويل الاقتصاد القومي القائم على بعض الضوابط والتوازنات الى اقتصاد مفتوح تعبث به الهمجية الرأسمالية التي لا تعرف سوى المزيد والمزيد من الارباح الجشعة .-
يتبع
د.عودة الحمداني

(1) مصدر الارقام نشريات صندوق النقد الدولي .
(2) للمزيد من الاطلاع انظر د. رمزي زكي ,الاقتصاد العربي تحت الحصار ,مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت ,لبنان ,1995.



















دور صندوق النقد الدولي في خدمة المصالح الأمبريالية
د.عودة ناجي الحمداني
يحظى صندوق النقد الدولي بأهمية كبيرة بين مؤسسات التمويل المالي الدولية بكونه وكالة دولية من الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
وقد اثارت نشأة الصندوق في العام 1945 جدلاً حاداً عن الدور الذي يضطلع به الصندوق في الأقتصاد العالمي وتسخيره لخدمة القوى الامبرياليه التي تسعى الى السيطرة على العالم. ولتسليط الضوء على سياسات صندوق النقد الدولي وعلاقته بالدول الاحتكاريه وما ادت اليه هذه السياسات من تداعيات خطيره على الاقتصاديات الناميه, سنتناول الموضوع وفقاً للمباحث الآتية :
المبحث الاول: الطابع الأستغلالي لسياسة صندوق النقد الدولي .
المبحث الثاني: أثر سياسة الأصلاح والهيكله على الاقتصاديات الناميه .
المبحث الثالث: استنتاجات ومقترحات لتطوير عمل آليات صندوق النقد الدولي .

المبحث الاول: الطابع الاستغلالي لسياسة صندوق النقد الدولي .
استجابة لرغبة البلدان الرأسمالية الغنيه في الغرب الرأسمالي التي ارادت منع حدوث تكرار كارثة الكساد التضخمي الناتج عن السياسات الرأسمالية الفاشلة,ظهرت فكرة انشاء صندوق النقد الدولي في مؤتمر بريتون وودز في العام 1944. لشد وشائج التعاون الاقتصادي بين الدول الرأسمالية التي انهكتها الحرب العالمية الثانية, وانعاش الاقتصاد المتهالك من ازمة الكساد والتضخم التي عمت النظام الراسمالي .

وبتوقيع 29 دولة على اتفاقية التأسيس ولد صندوق النقد الدولي في العام 1945. وبعد مضي عام واحد أي في العام 1946, أنشا البنك الدولي للانشاء والاعمار الذي ضم مؤسستين هما مؤسسة التنمية الدولية ومؤسسة التمويل الدولية . وبينما يركز صندوق النقد الدولي على اقراض البلدان التي تعاني من مشكلات الاختلال في ميزان المدفوعات وصياغة السياسات الكليه ,فان البنك الدولي يركز اهتمامه على تقديم القروض للبلدان التي تسعى الى تنمية مشاريع البنية التحتية وتطبق الاصلاحات الهيكلية .
ومن بين الاهداف الابرز في لصندوق النقد الدولي اعادة اعمار وبناء البلدان التي التي دمرتها الحرب وتلافي الانهيارات المحتمله لبعض الدول الراسماية التي اخذت تتأثر بالانتصارات الكبرى التي حققتها المنظومة الأشتراكية على الجبهة الاقتصادية في تلك الفترة . ومن بين الاهداف الاكثر اهمية في ستراتيجية صندوق النقد الدولي تشجيع البلدان الناميه على الاستدانة الخارجية وتكبيلها بشروط الدين الخارجي واعبائه لتحقيق هدفين
أساسيين الأول : جني الأرباح الخيالية التي تحلم بتحقيقها في البلدان الرأسمالية.
والثاني : احكام السيطرة على الاقتصاديات النامية وتحويلها الى المقصلة الرأسمالية .

لقد ارادت البلدان الاحتكارية ان يكون صندوق النقد الدولي اداة بيدها لتنفيذ مشاريعها في الاقراض الخارجي وخلق الفرص الذهبية لاستثماراتها في البلدان النامية , ولهذا تصاغ سياسات صندوق النقد الدولي بالتوافق مع السياسات الرأسمالية للدول الاحتكارية. وللتغطية على النوايا المبيتة والاهداف التي تخطط لها البلدان الاستعمارية خلف صندوق النقد الدولي لايقاع البلدان المتخلفة في شباك المديونية الخارجية , لابد من اطلاء تلك الاهداف الرامية الى استنزاف موارد العالم الثالث بشعارات المساعدة والمعونه وغير ذلك من الشعارات التي تختفي ورائها خططاً ومؤامرات جهنمية لاستعمار العالم النامي .

فمن الاهداف المعلنة لصندوق النقد الدولي ما يلي :
5- تسهيل النمو المتوازن للتجارة العالمية .
6- تطوير الاستقرار في سوق صرف النقدي الدولي .
7- تشجيع التعاون الدولي في الميدان النقدي والتآزر فيما يتعلق بالمشكلات النقدية الدولية .
8- تمكين البلدان الاعضاء بصندوق النقد من الاستفاده من موارده الماليه .
ومن الاهداف الاخرى لصندوق النقد الدولي تقديم المساعدة الفنية والتدريب من اجل دعم القطاعات المالية والتقنية وتنظيم الجهاز المصرفي وتحسين ادارة السياسات الضريبية والجمركية وادارة الدين الخارجي والداخلي . الا ان البلدان النامية لم تحصد من هذه الاهداف المعلنة سوى المزيد من الخراب الاقتصادي واستعصاء مشاكل التضخم والبطالة وتراكم الديون الخارجية , لأن سياسة الاقراض لصندوق النقد الدولي تقيد البلدان المدينة بحزمة من السياسات الراسمالية المعبر عنها بوصفة الصندوق التي تجهز على اخر الامال المرجوة من مساعدات الصندوق لأجتياز الازمة . فالاتجاهات الرئيسية لستراتيجية الصندوق تشدد الخناق على البلدان النامية بما يخدم مصالح الرأسمال الطفيلي ودفعها نحو المزيد من الاستدانة الخارجية في سبيل تكبيلها بديون باهضة لتكون مدخلاً لفرض شروط الدول الدائنة ومصادرة قرارها الوطني .
وتكتسب موافقة صندوق النقد على تمويل البلد المعني اهميةَ كبيرة , اذ ان موافقة الصندوق على تقديم القروض تمثل شهادة حسن السلوك في ان البلد المدين يسير في طريق الاصلاح والهيكلة التي هي اهم شروط صندوق النقد الدولي , كما تشكل تزكية الصندوق حافزاً مهماً لحصول البلد المدين على المزيد من التمويل المالي .

وبموجب اليات الشقيقين , صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فأن معظم دول العالم تشارك بنسب بسيطة في هتين المؤسستين ,الا ان المهيمن الحقيقي على عمل الصندوق وتحديد سياساته البلدان الرأسماليه الغنيه وهي الولايات المتحدة الامريكيه والمانيا وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة , بسبب ما تملكه هذه البدان من اسهم كبيره في رأسمال الصندوق . وللولايات المتحدة الامريكية دور اكبر في التاثير على قرارات الصندوق لاسباب عديده منها , موقع مقر الصندوق الدائم في العاصمة الامريكية وعلى بعد مئات الامتار من البيت الابيض , ويعمل في اجهزة الصندوق اكثر من 2800 موظف و 22 مكتب وادارة من المؤيدن لأقتصاد السوق الحر. (1) وفوق هذا وذاك ان للولايات المتحدة الامريكيه 17/ من الاسهم في صندوق النقد الدولي و22,6/ في البنك الدولي مما يمنحها صلاحيات اضافية في السيطرة على صندوق النقد الدولي وتوجيهه بما يخدم سياستها الخارجية وخططها في العالم الثالث .

ويمكن القول ان سياسة الاقراض بالرغم من نسب الفوائد العالية التي تفرض على القروض ربما تصبح مقبولة لو لم تكن مشروطة بالتغير الهيكلي التي ادت الى ارتهان الأقتصاديات المدينة لمشيئة البلدان الرأسمالية المتقدمة, ان سياسة التغيير الهيكلي تلزم البلدان المدينة بتنفيذ سلسلة من الاجراءات المخلة بمصالح وسياسات البلدان المدينة , فعلى صعيد التجارة الخارجية يحدد صندوق النقد مطالبه بالاتي :
4- تخفيض قيمة العملة الوطنية وفتح اسواق حرة لصرف العملات الاجنبية .
5- الغاء نظام الرقابةعلى النقد الاجنبي وازالة القيود المفروضة على التعامل بالعملات الاجنبية .
6- الغاء القيود المفروضة على الصادرات والاستيراد ودعم انشطة القطاع الخاص في هذه العملية .
وتؤدي هذه الاجراءات الى تخلي الدولة عن حماية المنتجات الوطنية وفرض نمط التجارة الحرة وخلق الظروف الموضوعية للفئات الطفيلية في تحقيق المزيد والارباح والاستغلال .
وعلى صعيد الانفاق القومي تتلخص شروط الصندوق في :
6- الغاء الدعم الحكومي للسلع التموينية التي تشكل المصدر الاول لعيش الفقراء ومحدودي الدخل .
7- زيادة الضرائب وتنويعها على السلع والخدمات المختلفه وتقليص التوظيف الحكومي للعمالة .
8- رفع اسعار منتجات القطاع العام .
9- رفع سعر الفوائد المدينة والدائنة .
10- تخفيض الانفاق الحكومي الجاري .
ومحصلة هذه الاجراءات هو الضغط على الفئات الفقيرة ونمو الاستهلاك الترفي من النمط الغربي .

وفيما يخص السياسة الاستثمارية يطلب صندوق النقد من المدينين :
5- تشجيع الاستثمارات الاجنبية الخاصة ووضع الضمانات الكافية للشركات المستثمرة .
6- اصدار القوانين التي تضمن مصالح القطاع الخاص المحلي والاجنبي .
7- اعفاء الاستثمارات الاجنبية من الضرائب والرسوم الجمركية وتمكينه من الحصول على المواد الأولية والأراضي بأسعار زهيدة .
8- اعطاء الحق للشركات في تحويل ارباحها ومستحقات العاملين في شركاتها بالنقد الاجنبي الى الخارج . (2)

وعليه فأن النهج الذي يتبناه صندوق النقد الدولي على صعيد الأستدانه الخارجية يجبر البلدان المدينة على التخلي عن الدعم المالي للسلع الضرورية في حياة المواطنين كالخبز والرز والذرة والسكر والحليب والزيت وكافة السلع الضرورية التي تشكل القوت اليومي لحياة الناس . ويلزمها بتخفيض عملتها النقدية مقابل العملات الاخرى كي تصبح المواد الخام المصدرة الى الخارج بأقل الأثمان , كمايلزم البلدان بتقليص الانفاق على القطاعات الخدمية كالصحة والتعليم والاسكان والضمان الاجتماعي وبالمقابل يطالب الصندوق البلدان المدينة بزيادة الضرائب على الخدمات اليومية كالنور والمياه والنقل والاتصالات الهاتفية وكافة الخدمات الاخرى .
ويفرض صندوق النقد على البلدان التي تخطو نحو تنمية قطاعها الزراعي نوعا واحدا من الزراعة بهدف تامين امدادات الصناعة الراسمالية بما تحتاجه من المواد الاولية وتؤمن استمرار تدفق منتجاته السلعية .
وبالتالي فان سياسة صندوق النقد تجعل البلدان المدينة اسواقا مفتوحه لتصريف البضائع الراسمالية الكاسدة باسعار عالية وتخلق الاسس الكفيلة بتحويل الاقتصاد القومي القائم على بعض الضوابط والتوازنات الى اقتصاد مفتوح تعبث به الهمجية الرأسمالية التي لا تعرف سوى المزيد والمزيد من الارباح الجشعة .-
يتبع
د.عودة الحمداني

(1) مصدر الارقام نشريات صندوق النقد الدولي .
(2) للمزيد من الاطلاع انظر د. رمزي زكي ,الاقتصاد العربي تحت الحصار ,مركز دراسات الوحدة العربية , بيروت ,لبنان ,1995.