ما الحاصل عند - مرمدة - مكونات المجتمع؟

محمد بوجنال
2017 / 11 / 24 - 02:09     



لقد عرف ويعرف وسيعرف المغرب كبنية مجتمعية سلسلة أحداث تظهر للملاحظ العادي أنها مثيرة في الوقت الذي نرى فيه أنها الإفراز المنطقي لطبيعة العلاقات داخل هذه البنية؛ بنية تتحدد علاقاتها الاستبدادية بين من يهيمن ومن يهيمن عليه. وللهيمنة هذه ضمانات إثباتها واستمرارها المتمثلة في وظائف مختلف المؤسسات: العسكرية والأمنية والاقتصادية والحكومية والبرلمانية والجهوية والإقليمية والمحلية والتعليمية والقضائية والإعلامية.فتأسيس وتنظيم وتدبير هذه المؤسسات هو القوة الأساس المادية والمعنوية التي تبرر وتشرعن وتحمي ممارسة المهيمن هيمنته على المهيمن عليه. إنه محتوى العقل الذي يعتبر ذاته، استنادا إلى تلك القوى، بأنه الأقوى والأنجع من حيث الاستمرارية والاستقرار والقدرة؛ وفي مقابله يوجد الطرف المهيمن عليه (الممرمدون) الذي وإن كان هو الضحية في مجمله، فلا بد من ا ستحضار الخصوصية بداخله أو قل تراتبيته. فهذا الطرف تتحدد مكوناته في مجتمعنا المغربي في البورجوازية الصغيرة والعمال والفلاحين والمهمشين؛ إلا أن الفئة المتضررة أكثر من غيرها هي فئة الفلاحين والمهمشين في القرى والبوادي التي تتحمل أكثر من غيرها مسئولية تكاليف الحياة، والأكثر عرضة لسلبيات الجفاف، ووحشية ارتفاع الأسعار وتفشي الأمراض وضعف التغذية إلى حدود القول بشبه الصوم يوميا.
ومعلوم أن مجتمعا ذاك وضعه تكون دلالته الأمية والفقر والاستسلام (المرمدة) وعبادة المهيمن طمعا في الحصول على لقمة العيش. هذا الأسلوب يعتمده ويوظفه الطرف المهيمن وأعلى فئات البورجوازية المتوسطة مراحل الانتخابات والتغطية على الفساد والاحتكار .إلا أن للتاريخ قوانينه حيث أن البنية المجتمعية المغربية – كأية بنية مجتمعية أخرى- لا يمكنها تحمل المعاناة والدونية والفقر إلى ما لا نهاية؛ إذ أن الإفراط في ممارسة الإفقار والتسلط يلحق حتما الخلل بالعلاقات المنظمة لمكونات البنية، فتحصل ظواهر قد تفاجئ البعض في الوقت الذي تعتبر فيه بمثابة المرض الذي لحق البنية المجتمعية المغربية جراء ممارسات وجشع الطرف المهيمن وأعلى فئات البورجوازية المتوسطة. لذا، فمختلف ساكنة المناطق المغربية، نظرا للخلل السابق الذكر (المرمدة)، تعيش الفقر والجهل والدونية. ومن نفهم دلالة احتجاجات العديد من المناطق تنديدا بهيمنة الطرف المهيمن: احتجاجات الريف، احتجاجات زاكورة، مآسي ساكنة الجبال، كارثة توزيع الصدقات...إنه الفقر الذي تعيشه مكونات البنية المجتمعية المغربية؛ فقر تديره مجموعات تقوم بتوهيم ساكنة المناطق بإنسانية الطرف المهيمن وأعلى فئات البورجوازية المتوسطة أو قل بأبوتهم لهم كما نص على ذلك الدين والضمير. وهذا الوضع الفاسد تعاني منه مجمل المناطق المغربية التي منها من عبرت على سخطها، ومنها من توجد في نفس المرتبة من الفقر والتسلط (المرمدة) دون قدرتها على التعبير عن ذلك بفعل جدلية العوامل الذاتية والموضوعية. وكدليل لفقر هذه المناطق نجد أن أكثر من 50 في المائة من ساكنة هذه المناطق لا تتناول وجبة العشاء، و35 في المائة علي وجه التقدير لا نعرف كيف تتناول العشاء، إلا أنه في كل الأحوال يكون ضعيفا.
هذا ، على وجه التقريب، وضع البنية المجتمعية المغربية: طرف مهيمن يحتكر ويؤسس ويراقب العلاقات بين مكونات البنية معتمدا إمكاناته، وطرف مهيمن عليه، قاعدته عانت وتعاني الفقر والجوع والتسلط. لذلك، فالبنية المجتمعية المغربية بنية تحكمها قواعد التسلط والفقر التي أفرزت وتفرز وستفرز تصاعد الموجات الاحتجاجية والظواهر اللاإنسانية. إنها بنية مجتمعية معطوبة يحجب وضعها المأساوي ذاك الطرف المهيمن موظفا مختلف أيديولوجياته التي أخطرها الأيديولوجيات الدينية والتعليمية والإعلامية والأغنية.فهشاشة ولا عدالة العلاقات بين مكونات البنية المجتمعية إلى حد شبه إلغاء قاعدة الطرف المهيمن عليه تؤشر بانتظار ظهور المزيد من الظواهر اللاإنسانية وغير المشروعة طبيعيا وحقوقيا والتي بفعلها يعتبر المجتمع المغربي مجتمعا مهددا بالمزيد من خلل العلاقات بين مكونات بنيته أو قل بالزيادة من " مرمدته ".