البحرُ يمسحُ دموعَ الغاباتِ .... بمنديلِ القبلِ


مرام عطية
2017 / 11 / 23 - 17:40     

البحرُ يمسحُ دموعَ الغاباتِ .... بمنديلِ القبلِ
******************************
ورديَّةٌ شاهقةٌ أحلامكَ ياولدي ، تقطفِ برتقالها من أشجارِ السَّحابِ ، و عجوزٌ متقوسُ الظهرِ هواءُ السُّفوح والتِّلالِ ،لاحيويًّةَ في جسدهِ ، ولا نسماتِ حبًّ تُظَلِّلُهُ ، أتعبتهُ أثقالُ الحربِ البائسةِ ، حدَّبتْ ساقاهُ أنفاسُ أربابها تفوح منهم رائحةُ الدَّعارةِ والسُّكرِ، كؤوسُهم مترعةٌ بالدماءِ، تعومُ في أنهارها فراشاتُ حدائقهِ كبقعِ زيتٍ تطفو على بللَور ماءٍ،اصطادَتها عقاربٌ وأفاعي مميتةٌ ، غاباتُ البلوطِ والصنوبرِ السنديانِ والسروِ ناءتْ عن دحرِ و تفكيكِ ألغامها، أسقمتْها أدرانُها القميئةُ ، هواءُ المدينةِ ينهمرُ جراداً أسودَ يقشَّرهُ الأطفالُ بأناملهم الغضَّةِ تعلقاً بالحياةِ تدميهم أشواكهُ الثخينةُ ، تقتلُ عصافيرَهم البريئةِ عقاربهُ المجنونةِ . لاتحزنْ يابنيَّ وإن بدا البحرُ حزيناً جداً لخيبةِ أصدقائهِ وخذلانِ بعضهم، قلبهُ ينفطرُ ، أسرتهُ الجميلةُ تهشمتْ تناثرتْ قطعاً من اللحمِ المفتتِ على شرفاتِ المنازلِ بين الأنقاضِ ، شلالاتُ الهواء وأرتالُ الأشجارِ دحرتهما الآلة العسكرية الهمجيةُ إنَّها تنشرُ الموتَ، غصَّ بجثامينها الفراتُ وبردى ، وبكتْ فلسطينُ و بغدادُ
انظرْ إليه الآنَ كيفَ تتلاطمُ أمواجهُ ، تنفجرُ براكينُ غصبهِ على أساطيلِ العداةِ ، يقذفُ طائراتهم بأطنانِ الضبابِ ، ألا تراهُ قبطانَ المركبِ يحملُ المهمةَ الثقيلةَ وحدهُ ؟!
يبلسمُ جراحَ الهواءَ كأمٍّ حنونٍ ، ويمسحُ دموعَ الغاباتِ بمنديلٍِ ، يتوهجُ قبلاً كعاشقٍ يخشى على حبيبتهِ من سياطِ العاذلينَ ؟!
يجمعُ صلواتِ الأمهاتِ ، صراخَهم ، وتمائمَ الكهنةِ والشيوخِ سفراً لإلهِ السَّحابِ الرَّحِيْمِ ؟! ولازالَ شراعهُ المسافرُ ، يحملُ حقائبَ أحلامهم على متنِ أشواقهِ إلى أقاليمَ جديدةٍ ، حتى موعدٍ آخرَ لغدٍأخضرَ ينبتُ لوزاً وزهراً ، يمحو صفحاتِ شتاءٍ أسودَ ، ويكتبُ أغاني الحبِّ والسَّلام .
---------
مرام عطية