اشكاليات تحالفات القوى المدنية العراقية


فاضل عباس البدراوي
2017 / 11 / 15 - 23:05     

منذ سقوط النظام الدكتاتوري، والقوى المدنية والليبرالية والعلمانية، تعاني من التشتت والانقسام. لهذا السبب، ان حضوضها تكون شبه معدومة، في نيل مقاعد نيابية، في كل جولة انتخابية، مما سهل للقوى الطائفية والاثنية من السيطرة على مجلس النواب، بأغلبية مقاعده، وقد مكَنها من تشريع قوانين، بمعظمها ليست لصالح الجماهير الشعبية، بل كانت منطلقاتها، طائفية واثنية ورجعية، مما تسببت الى مزيد من الانقسامات في المجتمع العراقي.
لنكن صريحين عن ألأسباب الحقيقية التي تحول دون اصطفاف هذه القوى في تحالف انتخابي على ألأقل، لتكون بوصلة، لتوجيه الناخبين صوب التصويت لها، عبر برنامج انتخابي مركز ومختصر ممكن التحقيق، يركَز على الهموم التي تعاني منها جماهير واسعة من ابناء الشعب العراقي، بعيدا عن ألأطالة وألأسهاب، وتبصيرها عن من هم الذين يقفون وراء ما تعانيها من مشاكل حياتية، أقتصادية وأمنية، وتحميلها مسؤولية تكرار سوء أختياراتها، عندما لا تحكم العقل بدل العاطفة في ألأختيار الصحيح.
ان ألأسباب الحقيقة عن اخفاق القوى المدنية بمختلف مسمياتها في كل جولة انتخابية، هي في الحقيقة ذاتية أكثر منها أختلاف على البرامج وألأهداف، فهذا ألأمر ينم عن ألأنانية في من يكون ألأول في القائمة ومن يقود التحالف الى غير ذلك من ألأسباب، بالنتيجة يكون ألأخفاق والفشل من نصيب الحميع.
فلو أخذنا القائمة الوطنية بقيادة حزب الوفاق الوطني الذي يتزعمه الدكتور أياد علاوي، نجد انها تعاني من مشكلة أختيار الحلفاء، ففي كل دورة انتخابية، ينفض عدد من نوبها عن القائمة، لأنها تضم خليطا غير متجانس من تيارات وأحزاب متناقضة في الأهداف والرؤى، منهم من لا يؤمن اصلا بالدولة المدنية الديمقراطية، ولا أدري لماذا يصر الدكتور علاوي على تلك التشكيلات ويبتعد عن القوى المدنية والديمقراطية الحقيقية؟.
أما مجموعة الدكتور غسان العطية، فهي تطلق على نقسها (قوى ألأعتدال) وهي تسمية ضبابية غير معروفة ألأهداف، أتساءل لماذا لم تنخرط هذه المجموعة مع بقية القوى التي تجمعت في تحالف (تقدم)؟ حيث ان كل القوى المدنية والديمقراطية هي قوى معتدلة بألأساس، ولم يبين الدكتور عطية، تباين برنامجها عن برنامج القوى المدنية ألاخرى.
سأقولها بصراحة، عن ألأحزاب والقوى التي تشكلت منها تحالف (تقدم ) لو استثنينا الحزب الشيوعي العراقي وحزب التجمع الجمهوري وحزب ألأمة والتيار ألأجتماعي الديمقراطي الذي هو قيد التأسيس، فلا وجود حقيقي على الساحة السياسية لبقية ألأطراف التي ذكرت في بيان أعلان التحالف، فالحزب الوطني الديمقراطي برئاسة نصير الجادرجي، جمد نشاطه وتوقفت صحيفته صوت ألأهالي عن الصدور منذ عام 2013 ولم يعاود نشاطه لحد ألأن وألأمر كذلك للوطني الديمقراطي ألأول الذي أسسه الراحل هديب الحاج حمود، وهو لم يعد له وجود حقيقي، اضافة للتيارات وألاحزاب ألأخرى التي ذكرت أسماؤها، فهم ليسوا سوى بضعة أشخاص محترمين، اطلقوا على انفسهم مسميات شتى دون ان يكون لها وجود سياسي حقيقي على الساحة السياسية، هذا برأي المتواضع، سيشكل عبئا على التحالف، وستخلق مشكلة في ترتيب أسماء المرشحين في القوائم الأنتخابية، في هذه الحالة، سيطالبون بأن تكون اسماؤهم في مقدمة القائمة بأعتبارهم زعماء أحزاب وكتل! في الحقيقة، مع كامل أحترامي لشخوصهم، ليس لهم ثقل شعبي يذكر، وسيكونون مجرد ارقام لا غير.
في الوقت الذي يقترب فيه موعد أجراء ألأنتخابات، يجب على كل القوى المدنية والديمقراطية واليسارية الحقيقية، توحيد صفوفها والدخول في ألأنتخابات بتحالف انتخابي واسع موحد، وأستثمار ألأستياء الشعبي من اداء القوى المتنفذة التي تقود السلطة منذ أكثر من اثنتي عشر عاما، ولم يجني من سلطتها الشعب غير الخراب والفشل والفساد، والتي تحاول هذه المرة ايضا في التلاعب بالقانون ألأنتخابي بشكل يسد الطريق على فوز اي صوت نزيه وشريف، ان خاضت القوى المدنية المعركة ألأنتخابية بصورة منفردة.
دون التخلي عن ألأنانيات الذاتية، سيصيب الفشل هذه المرة ايضا قوى التغيير، وسيتحمل كل من يعرقل وحدة القوى المدنية والليبرالية والديمقراطية هذا الفشل امام الشعب والتاريخ.