خِطابٌ لأولئك


ييلماز جاويد
2017 / 11 / 10 - 21:02     

قد يكون غريباً أن أتحدّث بلغةٍ ليست ، بالأصل ، لغتي ، ولكن ما دامت اللغة وسيلة للتخاطب بقصد إيصال فكرة إلى المقابل ، فإن إستخدامها مجازيٌّ لتحقيق الغرض . أودّ أن أخاطب قوماً ، يظهر أنهم صمّوا آذانهم وأغلقوا عقولهم حتى لا يسمعوا أو يفقهوا غير ما يخاطَبون به باللغة التي يدّعون أنهم أولياؤها . أريد أن أخاطب " المسلمين " الذين يصلّون الفروض كلما دعي إلى الصلاة ثمّ يسيئون إلى نبيّ المسلمين محمد ( ص ) بالإنتقاص من مقام زوجته ، خديجة ، التي كانت عماده في نشر رسالته السماوية . " ما كان محمّدٌ أبا أحدِ من رجالكم " ، لم يدرك مغزاها أولئك الذين يفتَون بأن الرجال قوّامون على النساء ، فتُرى بأيّ شرع يحكمون والله لم يجعل من ذريّة محمد ولداً ذكراً . أريد مخاطبة " شيعة عليّ " الذين يتمسكون " بتشيعهم " ، كذباً ، وينتقصون من قيمة الزهراء ( ع ) وهي شريكة حياته وأم الحسين ( ع ) الذي من أجله يبكون ويلطمون ويضربون القامات من ألف وأربعمائة ونيّف من السنين ، فترى مًن كان سيكون الحسين لو لم يكن من ذرية الزهراء ( ع ) ؟
" قل هو الله أحد ، ألله الصمد ، لم يلد ولم يولد " . إن القطع بأن الله ذكرٌ أم أنثى يعتبر كفراً بهذه الآية القرآنية ، التي نزلت للتوحيد ، فترى بأي شرع يفتَون بأفضلية الرجل على المرأة ، والله لم يختر أن يُعرّف بجنسه الذكورّيّ أو الأنثوي . الحياة لا تستقيم و لا تستمر بدون وجود الرجل والمرأة سوية متحدَّين ينجبان الأجيال ، وإلاّ ما الغرض من خلق حواء من ضلع آدم . لقد كانت لجميع الأئمة (ع ) زوجات أنجبنَ منهم أولاداً حملوا نسبهم المباشر إلى الزهراء ( ع ) ومن خلالها " وأؤكّد من خلالها " إلى النبي محمد ( ص ) ، وقد إنقطعت سلسلة الأئمة في الإمام الثاني عشر ، المهدي المنتظر ( ع ) لعدم حصول نجل له بسبب عدم وجود زوجة ، فكيف ، يا قوم ، تكفرون بدور المرأة وتنزلونها عن مقامها الرفيع ؟ أترى ، هل كانت الزهراء ( ع ) وجميع نساء وبنات الأئمة ناقصات عقل ودين ؟ وهل أنتم الكاملون عقلاً وديناً ، وقد ولدتكم أمهاتكم اللائي تدّعون أنهنّ ناقصات عقل ودين ؟ ألا والله ، فإن أفراخ العقارب ، وحدها من دون الكائنات الحية الأخرى ، تأكل جثامين أمهاتها بعد الولادة ، وأنتم تلك العقارب ، يا ناكري فضل أمهاتكم اللائي حملنكم تسعة شهور بين أحشائهنّ ، وسهرنَ الليالي ، من أجل أن تصيروا !

قدّمَ مجلس الوزراء ، في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به العراق ، مشروع قانون الأحوال الشخصية إلى مجلس النوّاب لتشريعه ، ولكن لم يكن إختيار هذا التوقيت ، من قبل الجهة المتبنّية له ، إعتباطاً بل إبتزازاً لشخص حيدر العبادي ، حيث أصبح بين أن يختار تقديم المشروع ، بما فيه وعليه من مآخذ ، أو يفقد الأصوات التي ترجّح بقاءه وإستمراره في منصبه . لقد إختار الرجل ، مُرغماً ، في سبيل تنفيذ مشروعه لخدمة العراق والعراقيين ، بأقل الخسائر .
تقديم مشروع القانون هذا ، في هذا الظرف بالذات ، جزءٌ من سلسلة تظاهرات ، وممارسات سياسية تقوم بها الجبهة المناوئة للإصلاح ومكافحة الفساد التي أعلن عنها حيدر العبادي ، وقطع وعداً أنها ستكون الفقرة التالية من برنامج حكومته ، بعد إنجاز النصر على الدواعش . يعتبر تقديم مشروع القانون في هذا الظرف مكمّلاً لجميع الخطوات الأخرى المتلاحقة في خلق المشاكل والإشتباكات بين القوات المسلحة الإتحادية والپيشمرگة في عملية بسط السلطة الإتحادية على المناطق المتنازع عليها ، وإستلام المطارات والمعابر الحدودية ، وفي عمليات التفجير في كركوك ومناطق أخرى ، وكذا تقديم الطلبات التعجيزية إلى الحكومة بضمنها مشروع تخفيض حصة الإقليم من موازنة الدولة من 17% إلى 12.6% بقصد تأجيج الخلاف بين المركز والإقليم .
إننا نعيش ، صراعاً عنيفاً ، وبأشكال مختلفة ، بين الكتل السياسية ، علينا أن نتوقعها على تنوّعها ، لكن يظل القاسم الأكبر محاولات كتلة معينة ، إعادة " شخص معيّن " إلى السلطة لولاية ثالثة ، وجعل العراق تابعاً لدولة " معيّنة " !