راهنية بنية المجتمع المغربي وخيار النخبة


محمد بوجنال
2017 / 11 / 4 - 13:52     


البنيات المجتمعية، سواء منها الراهنة أو الماضية أو المستقبلية تحمل في ذاتها المعنى دوما؛ وعليه، وباللزوم المنطقي،فالمجتمع المغربي بنية تحمل ضرورة المعنى. وهذه البنيات المجتمعية، في مختلف مراحلها يمكن أن تتخذ إحدى المعاني الأربعة الممكنة. وما يهمنا نحن هنا هو البنية المجتمعية المغربية في راهنيتها؛ إمكانات نحددها في التالي: 1) إما أن توجد مكونات البنية كوحدة يرفض قانونها الداخلي أشكال الفساد وبالتالي استحالة وجود التوازن بينها بدون معقوليتها؛ بنية تتميز بالتماسك والبناء والتقدم ؛2) وإما أن تتميز البنية تلك بالتفكك فيما بين مكوناتها لصالح الدمار والاقتتال والنعرة العصبية ؛3)وإما أن تتميز البنية المجتمعية تلك بمحاولة التخلص من سلبيات الماضي واستحضار صعوبات الشروط الذاتية والموضوعية للحاضر، فنقول أنها بنية تحيا مرحلة انتقالية كتحضير للإنتقال إلى المرحلة الأولى ؛4) وإما أن تكون بنية المجتمع ذاك مسلعنة ومدجنة تقودها نخبة استبدادية لا هي بالأولى ولا هي بالثانية ولا هي بالثالثة.
ومن الجلي أن راهن بنية المجتمع المغربي تتحدد في كونها بنية المرحلة الرابعة التي تتميز بالفقر والدونية وأشكال الأمية. وللتوضيح فمكونات هذه البنية المجتمعية المغربية تتمثل في الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي؛ وهو ما أعطى ويعطي المجتمع المغربي معناه المتمثل في الفقر والتهميش وانتشار الفساد والاستبداد. من داخل هذه البنية المجتمعية المغربية الراهنة، بهكذا مميزات،تفهم دلالة المناطق المغربية؛ فبعضها الذي لم تعد له قدرة تحمل الفقر والاستغلال والتسلط، اختار أسلوب الاحتجاجات أمام المؤسسات وفي الساحات؛ والبعض الآخر،نظرا للعديد من الأسباب، استمر في كبث تلك الاحتجاجات. ومعلوم أن هذه الاحتجاجات العلنية أو المكبوتة حصلت وتحصل بفعل عمق التفاوت الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي. إنها بنية تتميز باستبداد وتسلط نخبة اجتماعية على باقي مختلف البنيات؛ نخبة لها نهجها المرحلي والاستراتيجي في إدارة أشكال الخلل بالشكل الذي يعتبر الخلل ذاك وضعا عاديا. وإدارة الخلل والتوتر والاحتجاجات لا ينحصر في الإطفاء الجزئي أو التعديل الشكلي، بقدر ما أن ذلك يقتضي منها إدارة بنيات المجتمع في شموليتها وهي ،بلغة علم الطب تعتبر بمثابة المهدئ الضروري للتخفيف من آلام المرض؛ بهذا المعنى يتأرجح انفجار المناطق المغربية بين الظهور تارة والاختفاء تارة أخرى، ناهيك عن المكبوت منه. قلنا أن علاج بنية مجتمعية ذاك وضعها يقتضي العلاج الذي هو عبارة عن أقراص مهدئة؛ ونجاح ذلك يقتضي توظيف النخبة مختلف آليات التسليع من مؤسسات إعلامية، ومثيلاتها السياسية والأخرى الدينية ورابعها الفنية خاصة منها الأغنية وغيرها من مكونات بنية المجتمع المغربي الراهن. وفي كل هذا تكون النخبة المستبدة بمختلف مستوياتها وتراتبيتها حريصة على إدارة مجمل مكونات بنية المجتمع؛ فتهدأ توترات واحتجاجات المناطق في انتظار الانفجار من جديد كلما ارتفعت حدة التعرض للاستغلال الذي هو منطق النخبة. هكذا فإدارة التوتر والاحتجاج يحكمه منطق حماية التفاوت الطبقي والاجتماعي والمناطقي الذي يعني، وبالكاد، سيادة النخبة المستبدة التي لا تحدد المناطق في قاموسها إلا كقوى صالحة للإنتاج والاستهلاك وفبركة الأبناء؛ أما نصيبها من النمو والتنمية والحقوق يبقى ضمنا غير مشروع، وظاهريا ملتفا عليه أو قل مناطق يبقى إنتاجها في خدمة النخبة المستبدة التي تعلن بين الفينة والأخري أن الاقتصاد المغربي يسير بوتيرة نمو مطمئنة ؛ وهي في كل ذلك تستند على،وتعتمد القاعدة الدينية: فضل الله بعضكم عن بعض في الرزق،والقاعدة البيولولجية:تفوقها العرقي.
إن تصورنا هذا لبنية المجتمع المغربي الراهن يدل على أن القاعدة العامة التي تحكم هذه البنية هي السير في اتجاه الزيادة من إفقار وتعميق الهوة بين المناطق وبالتالي الزيادة من ترسيخ موقع وقوة النخبة المستبدة؛ إنه الوضع الذي يبشر بانتظار الاحتجاجات من جهة، وحرص النخبة المستبدة على نهج الإدارة اليقظة للإحتجاجات تلك إلى حين حدوث انقلاب ميزان القوى الذي لا يمكن أن يحصل بمعزل عن التأسيس ل " الثورة الثقافية ".