البيان الختامي - 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017

لجنة تنسيق اللقاء اليساري العربي
2017 / 11 / 2 - 09:38     



عقدت لجنة تنسيق اللقاء اليساري العربي اجتماعها الدوري، في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017، في بيروت، بضيافة الحزب الشيوعي اللبناني وبمشاركة أعضاء اللجنة وممثلين عن أحزاب من منطقة المشرق العربي.

توقف المجتمعون عند الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية والتأثيرات التي تركتها، ولا تزال، على مجريات النضال السياسي والأيديولوجي والاقتصادي – الاجتماعي في العالم أجمع، وفي عالمنا العربي على وجه الخصوص، مؤكدين أن الاشتراكية هي الحل الوحيد للخلاص من الاستغلال والحروب التي يعيشها عالمنا. كما بحث المجتمعون التطورات السياسيّة في المنطقة وتداولوا بما يلي:

تتسم المرحلة الدوليّة الراهنة بالانتقال من نظام آحادي القطبية الى نظام متعدد الأقطاب. وهي تؤشّر على إحداث تبدلات عميقة على الصعد الدولية والإقليمية، ولا سيما في منطقتنا العربية؛ فالإدارة الأميركية ترزح تحت ضغط الأزمة الرأسمالية وتصاعد حدّة الانقسامات الداخلية، وتسعى اليوم، على الرغم من المنحى التراجعي لهيمنتها الأحادية، إلى محاولة التشبث بنظام القطب الواحد، بوجه القوى الصاعدة والشعوب التي تتّجه نحو عالم متعدد الأقطاب. في المنطقة العربية يحاول المشروع الأميركي المتراجع تسعير الحروب البينيّة والداخلية وتأجيج كل الصراعات المذهبية والطائفية والقومية. ويتجلّى تلك السياسات عبر المشروع الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع العربي – الصهيوني وفرض التطبيع؛ كما في محاولات التفتيت الجديدة في العراق وسوريا وليبيا، وفي تصعيد الحرب على اليمن، وتشديد الحرب الاقتصادية والمالية بما يسهّل إمرار مشاريع السيطرة على المنطقة بالكامل.

في هذا السياق، أتت قمة الرياض، بطلب وقيادة الرئيس الأميركي ترامب، لتشكيل تحالف سياسي يكرّس هيمنة الولايات المتحدة الأميركية، ولإفراغ خزائن دول الخليج لمصلحة الخزينة الأميركية عبر صفقات السلاح والصفقات التجارية والاستثمارية. ولا شكّ أن توقيع المملكة السعودية صفقات بقيمة 400 مليار دولار، إلى جانب ما أنفقته الدول الأخرى، يعتبر تبديداً للثروة الوطنية العربية. كما يحمل هذا التحالف هدفاً سياسياً يمهّد لتطبيع العلاقات العربية، وتحديداً لعدد من دول الخليج مع العدو الصهيوني.

وبالاستفادة من هذا المناخ السياسي، يستمرّ العدو الصهيوني في سياساته التوسعيّة ويسرّع إنشاء المستوطنات ويعتقل آلاف الأسرى ويبني جدار الفصل العنصري ويكرّس سياسات التهويد على حساب الشعب الفلسطيني الذي يواجه هذه السياسات من خلال تطوير أساليب المقاومة المسلحة والشعبية. كما يستمر جيش العدو باعتداءاته المتكرّرة على سوريا التي يحتل أراضيها في الجولان، ويستمر في احتلال الأراضي اللبنانية في مزارع شبعا وكفرشوبا، ويقوم باختراقات يومية لسيادة الدولة اللبنانية. وكذلك يأخذ التدخل الأميركي في شؤون لبنان منحاً خطيراً مع فرض عقوبات مالية وسياسيّة، وتسعير جو الانقسام الداخلي فيه.

أمّا في سوريا، فقد شهدت الأشهر الأخيرة هزائم متسارعة للتنظيمات المتطرفة والقوى الداعمة لها بفضل صمود الشعب السوري ومؤسساته الوطنيّة. إنّ هذا الانتصار العسكري يجب أن يتلازم مع الحل السياسي الذي يحفظ مصالح وحقوق الشعب السوري، ويضمن وحدة سوريا ودورها المستقبلي ويمنع تحويل مناطق خفض التصعيد إلى مدخل للتقسيم، ويفتح الطريق أمام الشعب لتحقيق رغبته في التغيير الديمقراطي الوطني الجذري الشامل من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية ذات التعددية السياسية، وفي التقدم الاجتماعي ولتخفيف المعاناة، إذ يعيش ما يزيد عن 10 ملايين نازح في ظروف لا إنسانية، وتتراجع نوعيّة الحياة في ظل الدمار والحرب والعقوبات وتفشي ظواهر الأمن الذاتي وصعود أمراء الحرب وتجار السلاح والفاسدين.

وفي حين كان العراق قد بدأ يستعيد استقراره وسلطته على أراضيه، شكّل الخلاف الداخلي المتصاعد بعد الاستفتاء خطراً على وحدة البلاد وهو ينذر بعودة شبح الحرب الأهليّة في ظلّ قيادة سياسيّة مركزيّة وإقليميّة تدفعان بالأمور نحو الانفجار.

وللعام الثاني تستمر الحرب السعودية المدعومة أميركياً وعربياً على الشعب اليمني، بمشاركة مرتزقة من عدّة دول خاصة السودان، حيث ترتكب أبشع المجازر بحقّه تحت ذريعة محاربة الحوثيين وحلفاء إيران في اليمن. أما في مصر، فيزداد الوضع الشعبي سوءاً مع تفاقم الوضع الاقتصادي وتوسّع النظام في سياساته القمعيّة وتفريطه بسيادة مصر على أراضيها في جزر تيران وصنافير رغم حركة الاحتجاج الشعبية الرافضة وقرار المحكمة الدستورية. وعلى الصعيد الأمني، تكثر التفجيرات والحوادث الأمنية التي باتت تهدد استقرار البلاد بشكل جدّي. وتستمر عدة دول خليجيّة في سياساتها المعادية للحريات العامة كما يحصل في الكويت والبحرين وآخرها حل جمعية "وعد". وفي تونس يواصل الشعب وقواه الديمقراطية نضالهم من أجل استكمال مسار الثورة لتحقيق الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية في وضع يتميّز باشتداد الأزمة الاقتصادية التي يواجهها التحالف اليميني الحاكم على حساب العمال والأجراء من خلال ضرائب جديدة والخضوع لاملاءات الدوائر المالية العالمية. ولا يفوتنا ان ننوّه بما توصلت إليه الحركة التقدمية والديمقراطية من إقرار مبدأ المساواة في الإرث بين المرأة والرجل الذي قامت من أجله بنضالات كثيرة.

بناءً عليه، رأت الأحزاب المشاركة ضرورة مواجهة هذا الواقع من خلال مهمات يمكن تلخيصها بما يلي:

· تصعيد النضال المشترك من أجل القضية الفلسطينيّة بكافة الوسائل المتاحة، والعمل على إسقاط مشاريع التطبيع مع العدو، ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني وصولاً إلى تحرير أرضه وإقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس، وتحرير جميع الأسرى والمعتقلين وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الديار التي هجروا منها منذ العام 1948.

· التأكيد على وحدة الأرض والشعب في سوريا والعراق، حيث يجب أن يشكّل دحر المجموعات الإرهابية والقوى الداعمة لها الخطوة الأولى على طريق الحل السياسي الذي ينهي الحرب وينقل الصراع من ميدانه العسكري إلى الميدان السياسي. فالحل في العراق أو سوريا يجب أن يقرره العراقيون والسوريون بأنفسهم بعيداً عن التدخلات الخارجيّة، ويؤدي إلى قيام نظام علماني وديمقراطي، يرسخ العدالة الاجتماعية، ويضمن تأمين كل الحقوق السياسية والثقافية لكل المواطنين، على أساس المساواة في المواطنة وفي مقدمتهم الأكراد.

· النضال ضد الفقر والنهب الرأسمالي والتهميش والتهجير والبطالة التي تعاني منها كل شعوب المنطقة، ومن أجل استعادة السيطرة على الثروات الوطنية وإطلاق مشاريع التنمية التي تعالج هذه المشكلات.

· دعم حق الشعب اللبناني بالمقاومة من أجل تحرير أراضيه المحتلّة، ودعم نضال القوى الديمقراطية والنقابية والشعبية من أجل التغيير الديمقراطي وصولاً إلى الدولة العلمانية الديمقراطية المقاومة.

· النضال من أجل وقف الحرب السعودية المستمرة على اليمن، وإنهاء الأوضاع الاستثنائيّة فيه ووقف التدخلات الخارجية والتأكيد على الحل السياسي اليمني - اليمني من أجل الوحدة والاستقرار والعدالة بعيداً عن الانقسامات المذهبية والمناطقية والعشائريّة.

· دعم نضالات القوى اليسارية والعماليّة العربية على امتداد المنطقة وتحديداً في مصر وتونس والمغرب والسودان والعراق من أجل الحقوق والعدالة، ودعم النضالات المدنية والديمقراطية لشعوب منطقة الخليج العربي الطامحة للمساواة والمشاركة والتقدم واستقلاليّة دولها.

· تفعيل أطر التعاون والتنسيق لمواجهة المشروع الأميركي والصهيوني من خلال وضع الأسس العملية الآيلة إلى تنفيذ شعار المقاومة العربية الشاملة في كافة ميدان العمل النضالي المشترك.

· تطوير التواصل والتنسيق مع القوى اليسارية والشيوعية في العالم من أجل دعم القضايا العربية.

· تنظيم الملتقى الشبابي العربي وفعاليات نقابية ونسوية بين المنظمات الجماهيريّة التي تشارك فيها أحزاب اللقاء اليساري العربي، وتطوير الجهد البحثي والنظري بين أحزاب اللقاء اليساري العربي، وتطوير البلاتفورم المشترك في مضامينه السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

· عقد اللقاء اليساري العربي التاسع في تونس في أواسط شهر نيسان 2018 وتحديد شعار اللقاء بالتنسيق مع الأحزاب العضوة، وإقرار جدول أعمال سياسي وتنظيمي