مصطفى محمود.. ونشره الخرافة


داود السلمان
2017 / 10 / 1 - 23:26     

كنت قد قرأت بعض من كتب الدكتور مصطفى محمود في مطلع شبابي، ولا اكتم القارئ سراً من انني قد اعجبت بها كثيرا خصوصاً القصص منها وبعض البحوث الفكرية والفلسفية وما يتعلق بالدين؛ فمصطفى محمود كاتب ممتاز وقارئ نهم ومطالع جيد لكل ما يصدر من كتب حديثة ومجلات.
وهو يُعد أحد أشهر الكتّاب والمفكرين العرب، وله رؤية خاصة للحياة، وهو بعد من أكثر الشخصيات تأثيراً في بعض الشباب المسلمين. كان قد قدّم ما يقارب 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني "العلم والإيمان"، وقد استمعت الى بعض من تلك الحلقات الموجودة الآن على اليوتيوب. ولمصطفى محمود العديد من الروايات والكتب التي تتلق بالأفكار والاطر الاسلامية، والتي كتبها بعد أن صار يعتقد بوجود اله اذ قبلها كان مادياً.
وبداية مشوار حياته يقال أنه كان متفوقاً في الدراسة منذ البداية، وحتى قيل أنّه في يوم من الأيام قام مدرس لمادة اللغة العربية بضربه؛ وأدّى ذلك إلى انقطاعه عن الدراسة مدة ثلاث سنوات إلى أن انتقل هذا المدرس إلى مدرسة أخرى فعاد الى مقعد دراسته.
مصطفى محمود عاش بجوار مسجد "المحطة" الشهير الذي يعتبر من أحد المزارات الصوفية الشهيرة في مصر حيث ترك أثراً واضحاً على أفكاره وتوجهاته؛ على اعتبار أن الصوفية لهم تأثير مغناطيسي على من يحتك بهم، اذ يستطيعون أن يظهروا ما يسمونه بالكرامات وغيرها، مالم يفعلها غيرهم من فرق المسلمين. (واتذكر أنه في عام 1984 يوم كنت جندياً في خدمة العلم، كان معنا جندي من مريدي الصوفية- عرفت ذلك فيما بعد- وفي يوم من الايام قام هذا الجندي بدروشة، وراح يفعل امور غريبة كنت حينها لم افهم ولم اعرف أن هناك شيء اسمه صوفية، فقبض هذا الجندي على (الحربة) المعروفة كسلاح في الجيش واراد أن يضرب بها نفسه، ففوجئت بذلك واعتقدت انه مجنون، فلم نمنعه من ذلك الا بشق الانفس).
المهم، فمصطفى محمود يقال أنه تعرض الى أزمات فكرية كثيرة، اهمها أنه عندما قدم للمحاكمة بسبب كتابه (الله والإنسان) وطلب عبد الناصر بنفسه تقديمه للمحاكمة بناء على طلب الأزهر باعتبارها قضية كفر!.. إلا أن المحكمة اكتفت بمصادرة الكتاب، بعد ذلك أبلغه الرئيس السادات أنه معجب بالكتاب وقرر طبعه مرة أخرى!.
وكانت كتاباته وافكاره ناضجة وتتصف بالعلمية والعقلية وذات طابع جدلي، خصوصا وأن له قراء ومتابعين في جميع الوطن العربي.
وبعد أن انقلب على واقعه الفكري والمعرفي و"اليماني" كأنه اصيب بالشيزوفرينيا، فكتب كتابه" رحلتي من الشك الى الايمان" وياليته ظل بشكله بدل من أن ينشر خرافاته وخزعبلاته (ولنا عودة بذكر العديد من هذه الخرافات في مقال آخر) في كتبه الاخيرة وبرنامجه المذكور.
فمن اقواله إن "أجهزة التليفزيون والإذاعة والسينما وصفحات المجلات والجرائد تتبارى على شيء واحد خطير هو سرقة الإنسان من نفسه".
وهذا الكلام من المضحك المبكي، كأنه ناسيا أن له برنامج تلفزيون تتابعه آلاف وربما ملايين المشاهدين، وكذلك هو يكتب في الصحف والمجلات، فإذا كان كلامه صحيح فهو اول من سرق المشاهد والقارئ وساهم في ضياع اوقاته واعماله.
يريد مصطفي محمود أن يقوم أن قراءة الصحف والمجلات ومشاهدة التلفزيون والذهاب الى دور السينما في عطلة الاسبوع هي كلها مضيعة للوكت، وليس فيها من فائدة تذكر!. بمعنى آخر أنه لا يريد الناس أن تستمع الى الاخبار السياسية والثقافية والعلمية والرياضية، لأن في ذلك سرقة انفهم. وهل هذا كلام يقوله عالم مثقف فضلا عن كونه إنسان عاقل يدرك ويعي ما يقول.