طريق اليسار - العدد100


تجمع اليسار الماركسي في سورية
2017 / 9 / 27 - 23:19     


طريق اليســـــار
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي في سورية / تيم /
* العدد100 أيلول/سبتمبر 2017 - [email protected] E-M: *



* الافتتاحية:
ولكن أين التناقض الرئيسي؟

في عام 1927 جرت بحار من الدماء بين القوميين الصينيين في حزب «الكيومنتانغ» والشيوعيين. في تموز1937 غزت اليابان الصين. وضع زعيم الحزب الشيوعي ماو تسي تونغ تلك الدماء على الرف، ودعا إلى تشكيل جبهة وطنية متحدة مع «الكيومنتانغ» ضد اليابانيين. من أجل تقديم التسويغ السياسي لهذا التحول الدراماتيكي، كتب ماو نصاً في شهر آب 1937 تحت عنوان «في التناقض»، يمكن أن يُعد، مع كتاب مكيافللي «الأمير» وكتاب ماركس «الثامن عشر من بروميرلويس بونابرت»، من أفضل النصوص لتعليم السياسة. يقول ماو في ذلك النص ما يلي: «عندما تشن الإمبريالية حرباً عدوانية على بلد... فإن الطبقات المختلفة في هذا البلد، باستثناء حفنة من الخونة، يمكن أن تتحد مؤقتاً كي تخوض غمار حرب وطنية ضد الإمبريالية، وحينئذ يصبح التناقض بين الإمبريالية وذلك البلد التناقض الرئيسي، فيما تصبح مؤقتاً جميع التناقضات بين مختلف الطبقات داخل ذلك البلد في مركز ثانوي وتابع». تشارك الشيوعيون والقوميون لثمان سنوات في مقاومة اليابانيين، وبعد هزيمة طوكيو عام 1945 ساهمت أجواء الحرب الباردة، بما فيها الدعم الأميركي لزعيم «الكيومنتانغ» شيانغ كاي شيك في عودة المواجهات المسلحة بين الشيوعيين والقوميين منذ كانون الأول من عام 1947 حتى استطاع الشيوعيون الانتصار بالربع الأخير من عام 1949 ودحر «الكيومنتانغ» الذي لجأ زعيمه ومعه ملايين من أتباعه إلى جزيرة تايوان.
في ذلك النص، يحدد ماو التناقض الرئيسي بحسب كل مرحلة: ضد الخارج الامبريالي ثورة وطنية، ضد المرحلة ما قبل رأسمالية ثورة ديموقراطية، وضد السيطرة الرأسمالية ثورة اشتراكية.
في عامي 1863 ـ 1864 اعترض ماركس على سياسات زعيم الاشتراكيين الألمان فرديناند لاسال الذي اتجه إلى التحالف مع المستشار البروسي بسمارك والجيش والإقطاعيين (اليونكرز)، متوقعاً أن هذا سيقود إلى استحالة قيام ثورة ديموقراطية ألمانية تضم العمال والفلاحين والبورجوازيين الليبراليين من أجل ضرب العلاقات والبنى الما قبل رأسمالية في ألمانيا وإنهاء سيطرة الإقطاعيين والنبلاء على جهاز الدولة، ورأى أن وقوف الاشتراكيين وراء «الإقليم ـ القاعدة»، أي بروسيا، من أجل تحقيق الوحدة الألمانية سيقود إلى انسداد أفق الثورة الديموقراطية الألمانية على طراز ثورتي 1688و1789 الإنكليزية والفرنسية، وبالتالي انسداد أفق الثورة الاشتراكية الألمانية التي يعتبرها أنها لا يمكن أن تتم إلا بعد استنفاذ المرحلة الرأسمالية، وهذا واضح عنده منذ عام 1848 في «البيان الشيوعي». صحيح أن ماركس رحب بالوحدة الألمانية عام 1871 واعتبر بسمارك «يقوم بجزء من عملنا»، إلا أن اعتراضاته على لاسال كانت تحوي تنبؤات عن مستقبل أسود ألماني كان تجسيدها الأكبر أدولف هتلر، أو كما عبر جورج لوكاتش في «تحطيم العقل»: «العلة المركزية هي، بعد عام 1848 كما قبله، ذهنية الخضوع التي هي ذهنية الألماني المتوسط، كما هي ذهنية أكبر مثقفي هذا البلد... بما أن الوحدة القومية لم تفتح بثورة، بل فرضت من فوق، فقد بقي هذا الوجه في سيكولوجيا وأخلاق الألمان، إن صح القول، بلا تغيير». في هذا الكتاب يحاول لوكاتش تفسير نشوء ديكتاتور وحشي عند الألمان، مثل هتلر، في بلد أفرز مفكرين إنسانيين كبار مثل غوته وفنانين عظام كبتهوفن، ويرى أن السيكولوجيا والثقافة كانا عاملين مساعدين على ملاقاته لأرضية اجتماعية قوية لحزبه النازي. على الأرجح لو كان إدراك لاسال مثل ماركس في إدراكه أن التناقض الرئيس ليس «الوحدة القومية» بل «الثورة الديموقراطية»، لكان من الممكن تحقيق الأولى بعد الثانية ولكان بالإمكان تفادي شلال دماء البشرية في الحربين العالميتين. هنا، لم يكن عند الشيوعيين العرب ذلك الإدراك الذي كان عند ماو تسي تونغ لـ«التناقض الرئيسي»: في نيسان 1948 كان المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» في سوريا مصطفى السباعي ضمن قوات جيش الإنقاذ التي كانت تقاتل في معركة القسطل قرب القدس مع عبد القادر الحسيني ضد الصهاينة، بينما كان الشيوعيون العرب يصدرون بياناً بتأييد قرار تقسيم فلسطين، وهو ما رماه ظهير عبد الصمد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري عام 1971 بوجه خالد بكداش أثناء مداخلته في المجلس الوطني للحزب: «ليس صحيحاً ما قيل في التقرير السياسي الذي ألقي أمام المؤتمر الثالث للحزب عام 1969 من قبل الأمين العام أننا لم نؤيد التقسيم... هناك بيان موقع من أربع أحزاب شيوعية تؤيد التقسيم» («قضايا الخلاف في الحزب الشيوعي السوري»، دار ابن خلدون، بيروت 1972، ص272)، وذهب الشيوعيون العراقيون في يوم 11 حزيران 1948 في نص بعنوان «ضوء على القضية الفلسطينية» إلى القول «بأن لهذا الشعب الاسرائيلي الجديد الحق في تقرير مصيره» وإلى وصف منظمتي «الإرغون»، بزعامة مناحيم بيغن، و«شترن»، بزعامة إسحق شامير، بأنهما «منظمتان تقدميتان» (حنا بطاطو: «العراق: الكتاب الثاني...الحزب الشيوعي»، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت1992، ص 258-259). لم يكن ستالين معجباً بماو تسي تونغ، وضغط عليه كثيراً، ولكن ماو كان وطنياً ثم شيوعياً، واستخدم الماركسية لتحرير بلده من الأجنبي ثم لتحريرها من التخلف وإنهاضها وتحديثها، لذلك لم يكن خاضعاً لتوجيهات ستالين، بينما كان الشيوعيون العرب حتى عام 1947 ضد الصهيونية وضد قرار تقسيم فلسطين، وعندما استدار السوفيات وغيروا موقفهم يوم قرار تقسيم فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 قاموا بالاستدارة على الإيقاع السوفياتي. لم يدركوا ما أدركه الياس مرقص وقاله عام 1970 في كتابه «نظرية الحزب عند لينين والموقف العربي الراهن» عندما قام بتحديد إسرائيل ككيان وظيفي للامبريالية العالمية للهيمنة على العرب، وهو عندما يقول بالوحدة العربية فإنه لا يربطها لا باللغة ولا بالثقافة المشتركة، كما يفعل القوميون العرب، أو يشرطها بالاقتصاد المشترك، كما فعل بكداش متأثراً بنظرية ستالين حول «الأمة»، بل يحددها، كوحدة عربية، مكتسبة لمضمون واحد تؤدي إن تحققت كهدف إلى انجازه وهو «سقوط وضع التجزئة الامبريالي...» من أجل كسر (مصالح الامبريالية الثلاث: كيانات التجزئة، الهيمنة على البترول، إسرائيل)، (مرقص: «المرجع المذكور»، دارالحقيقة، بيروت 1970، ص301). هنا يقوم الياس مرقص بتحديد التناقض الرئيسي: «الامبريالية ومظاهرها الثلاث».
يمكن من خلال «التناقض الرئيسي» تحديد من هو «تقدمي» ومن هو «رجعي» بعيداً عن اصطفافات «اليمين» و«اليسار» وبعيداً عن معايير «الحداثة» و«التخلف»: وفق هذا المعيار عند الماركسيَّين، ماو تسي تونغ والياس مرقص، فإن مصطفى السباعي هو أكثر تقدمية في عام 1948 من خالد بكداش.
أيضاً ووفق هذا، فإن الشيوعيين العراقيين في فترة تموز 1958 ــ آذار 1959 لما أفشلوا انضمام العراق للوحدة السورية ــ المصرية، أو جعل بغداد في حالة اتحادية مع القاهرة وبغداد، كانوا رجعيين، وبالتأكيد كان أيزنهاور في واشنطن وماكميلان في لندن وشاه إيران وعدنان مندريس في أنقرة وبن غوريون في تل أبيب يصفقون لهم في قلوبهم، ولا يكفي هنا وقوف خروتشوف معهم لنفي ذلك ولا المنجل والمطرقة. لو حصلت عملية التقاء دجلة والفرات والنيل لما كانت حصلت عملية انفصال 1961 ولا هزيمة 1967 ولا حرب العراق وإيران في الثمانينيات ولا اجتياح الكويت ولا احتلال العراق، ولما كان هناك تنامياً لقوى الجوار العربي في طهران وأنقرة وأديس ابابا، وعلى الأرجح كانت إسرائيل ستنتهي أو على الأقل كان ظهرها سيكون للحائط، وكان الأكراد العراقيون سيستوعبون في الإطار الجامع. في حرب انفصال الجنوب اليمني عام 1994 كان علي عبدالله صالح أكثر تقدمية من زعيم الانفصال الماركسي علي سالم البيض. هنا أيضاً لا يمكن قياس «حزب الله» في لبنان من خلال «عدم وجود كأس البيرة» أو «التنورة القصيرة» في الضاحية الجنوبية لبيروت بل من خلال بوصلة واحدة هي التناقض الرئيسي الذي اسمه اسرائيل. أيضاً لا يمكن فقط قياس السيد حسن نصرالله من خلال علاقته بإيران أو من خلال مذهبه الشيعي بل أساساً من خلال كونه أكثر عربي كان مؤلماً لإسرائيل منذ يوم الجمعة 14 أيار 1948 لما أعلن ديفيد بن غوريون قيام تلك الدولة. وعملياً فإن شخصية مثل سمير جعجع هي متفاعلة أكثر مع الثقافة الحديثة من كثير من المقاومين المتدينين في جنوب لبنان في فترة 1982 ـ 2006، إلا أن إدراك التناقض الرئيسي هو الذي يحدد أن أولئك المتدينين هم أكثر تقدمية من شخص عصري وحداثي كان في تنظيم «القوات اللبنانية» الذي كانت تربطه خيوط تحركه من تل أبيب منذ عام 1976، كما أن علمانيته ليست ناتجة عن إيمان من قبله بها بل عن وظيفية يمكن أن يستخدمها فيها لحماية طائفته أو لإضعاف الطوائف الأخرى، وهو ما يشاركه في تلك الوظيفية الكثير من طارحي العلمانية العرب الراهنين


بيان أستانا
الاجتماع الدولي بشأن سوريا في أستانا 14-15 أيلول / سبتمبر 2017
إن جمهورية إيران الإسلامية والاتحاد الروسي وجمهورية تركيا ضامنة لمراعاة نظام وقف إطلاق النار في الجمهورية العربية السورية (المشار إليه فيما بعد ب "الضامن") :
إعادة تأكيد التزامها القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، مسترشدة بأحكام قرار مجلس الأمن 2254 (2015)؛
وإذ ترحب بالتخفيض الكبير للعنف على أرض الواقع في سوريا نتيجة التدابير الرامية إلى الحفاظ على نظام وقف إطلاق النار وتعزيزه:
1 - تعرب عن ارتياحها للتقدم المحرز في تنفيذ المذكرة المتعلقة بإنشاء مناطق لوقف التصعيد في سوريا جمهورية 4 أيار / مايو 2017؛
2 - الإعلان عن إنشاء مناطق التصعيد وفقا لمذكرة 4 أيار / مايو 2017 في الغوطة الشرقية وفي أجزاء معينة من شمال محافظة حمص في محافظة إدلب وأجزاء معينة من محافظات أولاتاكيا وحماة وحلب المجاورة) وكذلك في أجزاء معينة من سوريا الجنوبية (استنادا إلى مبادرة الاتحاد الروسي كضامن لعملية أستانا، بهدف ضمان نظام وقف إطلاق النار والسلامة الإقليمية للجمهورية العربية السورية ومواصلة الكفاح ضد الإرهاب).
3 - نؤكد مرة أخرى أن إنشاء مناطق تخفيف التصعيد والمناطق الأمنية هو تدبير مؤقت تكون مدته 6 أشهر مبدئيا وستمدد تلقائيا على أساس توافق آراء الضامنين.
4 - نؤكد على أن إنشاء مناطق التصعيد المذكورة أعلاه لا يقوض تحت أي ظرف من الظروف سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية.
5 - تخصيص قوات مكافحة التصعيد للضمانات الثلاثة على أساس الخرائط المتفق عليها في أنقرة في 8 أيلول / سبتمبر 2017 وفي وفقا لاختصاصات نشر قوات مكافحة التصعيد التي أعدها الفريق العامل المشترك المعني بالتصعيد على أساس مؤقت في المنطقة الأمنية في منطقة التصعيد في محافظة إدلب وبعض أجزاء المقاطعات المجاورة (اللاذقية، محافظات حماة وحلب) بهدف منع الحوادث والاشتباكات بين الأطراف المتصارعة (حكومة الجمهورية العربية السورية وجماعات المعارضة المسلحة التي انضمت إلى نظام وقف إطلاق النار وستنضم إليه)
6. التنسيق المشترك بين إيران والروسية والتركية وركز المركز على تنسيق أنشطة قوات مكافحة التصعيد في مناطق تخفيف حدة التصعيد.
7 - التأكيد على التقدم المحرز في مكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيم داعش / جبهة النصرة وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمشاريع والكيانات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو جيش داعش، وذلك نتيجة إطلاق مناطق التصعيد المذكورة أعلاه وتؤكد من جديد تصميمها على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواصلة الكفاح ضدها داخل مناطق التصعيد وخارجها 8 - التأكيد على ضرورة أن تتخذ الأطراف المتصارعة تدابير لبناء الثقة، بما في ذلك الإفراج عن المحتجزين / المختطفين وتسليمهم والهيئات، فضلا عن تحديد هوية الأشخاص المفقودين، من أجل تهيئة ظروف أفضل للعملية السياسية والوقف الدائم لإطلاق النار.
9 - التأكيد على ضرورة الاستفادة من مناطق تخفيف التصعيد من أجل وصول المساعدات الإنسانية بسرعة وآمنة وبدون معوقات، وفي هذا الصدد، تذكر الأحكام ذات الصلة من مذكرة 4 أيار / مايو 2017.
10 - نطلب إلى مراقبي عملية أستانا والأعضاء المهتمين الآخرين في المجتمع الدولي لدعم عملية التصعيد والاستقرار في سوريا من خلال جملة أمور منها إرسال مساعدات إضافية إلى الشعب السوري وتسهيل الإجراءات الإنسانية المتعلقة بالألغام والحفاظ على التراث التاريخي واستعادة أصول البنية التحتية الأساسية، الاقتصادية؛
11 - دعوة الأطراف المتصارعة وممثلي المعارضة السورية والمجتمع المدني إلى استخدام الظروف المواتية الناشئة لتكثيف الجهود وإعطاء زخم لإعطاء قوة دفع للحوار والدفاع عن النفس والنهوض بالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف، فضلا عن المبادرات الأخرى، والقيام بذلك على أساس عاجل؛
12 - يعيدون تأكيد عزمهم على مواصلة تنفيذ مذكرة المذكرة المؤرخة 4 أيار / مايو 2017 والقرارات الأخرى التي اتخذت في وقت سابق ضمن إطار عملية أستانا.
13 - أعرب عن خالص امتنانه لرئيس الجمهورية كازاخستان، ومعالي نور سلطان نزارباييف والسلطات الكازاخستانية التي استضافت في أستانا الاجتماع الدولي الرفيع المستوى السادس بشأن سوريا. 14. تقرر عقد الاجتماع الدولي الرفيع المستوى المقبل حول سوريا أستانا في نهاية أكتوبر 2017.
أستانا، 15 سبتمبر 2017
نص حول الماركسية:
الديموقراطية عند كارل ماركس
بابلو سيمون
الجمهورية-13تشرين ثاني2015
https://www.aljumhuriya.net/ar/34005
الترجمة الثالثة من سلسلة «الديمقراطية عند..» لبابلو سيمون، وهو أستاذ علوم سياسية في جامعة بومبيو فابرا في برشلونة. السلسة تقدّم مُراجعة لأفكار أهم الفلاسفة والمنظّرين الكلاسيكيين حول مفهوم الديمقراطية، وتُنشر في مجلة جوت داون الثقافية الاسبانية. الترجمات السابقة: «الديمقراطية عند جون ستيورات ميل»؛ «الديمقراطية عند ماكس فيبر».

*****
منذ أواسط القرن التاسع عشر، وبشكل حصريّ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، شكّلت الماركسية أحد أهم البدائل النظرية والعمليّة للديمقراطية الليبرالية. للماركسية، كجسم نظري، تفرعات كثيرة، لكنها تنطلق من جذع واحد، أي أعمال كارل ماركس وفريديريك أنجلز، الفيلسوفان الألمانيان اللذان كان لهما أثرٌ مهم للغاية في بناء الحركات الاشتراكية والشيوعية والعمالية. يستحيل فهم تاريخ الفكر دون المرور على أثرهما، وحقل التفكير في الديمقراطية ليس استثناءً من هذه القاعدة.
أودّ في هذا المقال أن أُراجع، بشكل سريع، بعض أفكار هذا التيار حول الديمقراطية، خصوصاً في أعمال كارل ماركس، ولو كان لزاماً علي أن أبدأ بالاعتذار، ذلك لأنني أجد نفسي مجبراً على البقاء ضمن حقل رؤيته حول الدولة والديمقراطية، ما يجبرني على إهمال جوانب أخرى من أطروحاته التحليلية لها مكانة مركزية أكثر من فكرة الديمقراطية، وأيضاً الانطلاق من افتراض أن لدى القارئ اطلاع على بعض أسس الفكر الماركسي.
على كل حال، أعتقد أنه قد أصبح من الضروري أن نراجع أفكار ماركس حول الديمقراطية في سياق الأزمة الاقتصادية التي نمرّ بها، حيث يبدو أن بمقدور القوى الاقتصادية أن تفرغ هامش العمل السياسي من مضمونه. الكثير من النقد للواقع الحالي له أسس ماركسية واضحة، وتلامس نواة النظرية الماركسية: العلاقة بين الديمقراطية والأسس المادية للمجتمعات الحديثة.
الدولة والرأسمالية
اعتبرَ ماركس أن قيام حكومة ديمقراطية في مجتمع رأسمالي هو أمر مستحيل، مشيراً إلى أن هذه الديمقراطية مشروطة بتحويل في أسس المجتمع نفسه، وينطلق هذا الاعتبار من مفهومه للدولة. بالنسبة للفكر الليبرالي، الدولة هي الممثل الجماعي (أو العام)، مقابل الأهداف والهواجس الشخصية للأفراد. لكن، حسب ماركس وإنجلز، هذه الفكرة ليست إلا محض خيال. حين تتعامل الدولة مع الناس بمساواة حسب المبادئ التي تحمي الحريات الفردية وحقّ التملّك، فإنها قد تتصرف بحياد، لكنها تولّد نتائج منحازة. أي، بقولٍ آخر، لا مهرب من انحيازها لامتيازات الملاّكين.
بالنسبة لماركس، شكّلت الحركات من أجل المساواة السياسية وتعميم حقّ التصويت خطوات مهمّة بالاتجاه الصحيح، لكنه اعتبر أن طاقتها التحرّرية محدودة للغاية نتيجة التفاوتات الطبقية، والتقييدات التي تفرضها هذه التفاوتات على الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للكثيرين. أشار ماركس إلى أن الاقتراع أداة عاجزة عن تقرير مسيرة الدولة (ومن هنا ولد الشعار الشهير: «لو أن الاقتراع ينفع فعلاً لمنعوه!»). في الواقع، تنوّعت آراء ماركس حول الموضوع في نتاجه، لكن الرأي الأكثر تواتراً وهيمنة هو أن الدولة والبيروقراطية تُشكلان أدوات لإدارة مجتمع مقسّم وفق مصالح الطبقة الحاكمة، ونجد أكثر مساجلاته تعمقاً حول الموضوع في الثامن عشر من برومير لويس بونابرت.
هذا الكتاب هو تحليل بليغ حول صعود لويس نابليون بونابرت إلى السلطة في فرنسا بين عامي 1848 و 1852، ويصف ماركس فيه كيف تراكمت السلطة بيد السلطة التنفيذية، مُنزاحةً عن المجتمع المدني والممثلين السياسيين للطبقة الرأسمالية. واستفاد ماركس من هذه الدراسة للابتعاد عن التفكير بالدولة كـ«أداة الروح العامة» أو كـ«مجتمع أخلاقي» يواجه الفوضى. يشير ماركس إلى أن الدولة هي جسم طفيلي على المجتمع المدني، ومصدرٌ مستقل للفعل السياسي في آنٍ معاً، ويصفها بأنها مجموعة هائلة من المؤسسات القادرة على نمذجة المجتمع المدني، والقادرة أيضاً على تقييد قدرات البرجوازيّة. بالإضافة إلى ذلك، يمنح ماركس الدولة درجة معينة من الاستقلالية عن المجتمع: الأفعال السياسية هي نتيجة التداخل بين تحالفات معقدة وأحكام دستورية.
يطرح ماركس، في الثامن عشر من برومير لويس بونابرت، أن عناصر الدولة لا تنسّق الحياة السياسية حسب مصالح الطبقة المهيمنة من المجتمع المدني فحسب، بل إن للسلطة التنفيذية، في بعض الحالات، مقدرة على أخذ المبادرة السياسية. لكن تركيز ماركس، عند مناقشة هذه النقطة، انصبّ على تقديم الدولة كقوّة قمعية، فقد أبرزَ أهمية شبكة معلوماتها بوصفها آلية مراقبة، وأشار إلى كيفية تشابك استقلاليتها السياسية مع قدرتها على تفخيخ الحركات الاجتماعية التي تُسائِل الوضع الراهن -أي العمال، بشكل أساسي-. إضافة إلى ذلك، يتكامل البُعد القمعي للدولة مع قدرتها على ترسيخ الاعتقاد بحصانة الوضع الراهن. تالياً، وبعيداً عن كونها أساساً للتعبير عن المصلحة العامة، «الدولة تحوّل الأهداف العامة إلى ضرب آخر من المصلحة الخاصة».
لكن رغم الإقرار بهذه الوقائع، كانت هناك تقييدات جوهرية تحدّ من مقدرة بونابرت على اتخاذ مبادرات دون سحب المجتمع باتجاه أزمة كبرى. فالنتيجة المركزية التي توصل إليها ماركس، والتي ستكون مفتاحيّةً في أعماله الأخرى، هي أن الدولة، في مجتمع رأسمالي، عالةٌ على المجتمع، وما هو أهم، تابعةٌ لمن يمتلك ويسيطر على وسائل الإنتاج. تالياً، يجب أن تتناسب سياسات الدولة العامة مع أهداف الصناعيين والتجار على المدى الطويل، وإلا تعرّض المجتمع المدني للخطر، وبالتالي يتعرّض استقرار الدولة للخطر أيضاً. لقد سحب بونابرت السلطة السياسية من ممثلي البرجوازية، لكنه حمى قوتهم المادية، بالتالي، كان نابليون الثالث مضطراً لدعم المصالح الاقتصادية للبرجوازية على المدى الطويل، بغض النظر عن قراراته بما يخص الحكم.

الرأسمالية تحكمنا
انطلاقاً من فكرته هذه حول الدولة، اعتبرَ ماركس أن التفكير بانعدام العلاقة بين توزيع الملكيّة وبنيان السلطة السياسية هو أمر مستحيل. وهذا ما يناقشه في عدد كبير من نصوصه السياسية، وبشكل خاص في أكثرها إثارة للجدل مثل البيان الشيوعي. بالنسبة لماركس وإنجلز، هناك علاقة تبعية مباشرة بين الدولة والقوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للطبقة المهيمنة، أي أنها «بنية فوقية» ترتكز على أسس العلاقات الاقتصادية والاجتماعية.
الدولة، حسب طرح ماركس، تخدم مصالح الطبقة الاقتصادية المهيمنة بشكل مباشر. ويتم استبدال فكرة الدولة ذات الفعل السياسي المستقل، بحماسة شعاره الشهير في البيان الشيوعي «السلطة التنفيذية في الدولة الحديثة ليست إلا لجنة تُدير القضايا المشتركة لكل البرجوازية».
لا يعني هذا الكلام أن البرجوازية ككل تُهيمن على الدولة، بل يمكن للدولة أن تكون مستقلّة عن بعض قطاعات الطبقة البرجوازية، لكنها تابعة، بشكل أساسي، لأولئك الذين يسيطرون على الاقتصاد. وتُفعَّل استقلالية الدولة فقط عند الحاجة لحل إشكاليات بين قطاعات رأسمالية مختلفة (الصناعيين والمصرفيين، على سبيل المثال)، أو بين الرأسمالية المحلية والضغوطات التي تأتي من الأسواق الرأسمالية الدولية. تدافعُ الدولة عن المصالح العامة للبرجوازية باسم المصلحة العامة للشعب.
لقي هذا الطرح الماركسي انتقادات كثيرة لافتراضه علاقة سببية بسيطة بين الهيمنة الطبقية والحياة السياسية. مع ذلك، يجدر القول إن اشتقاقه الأكثر أهمية هو أنه يشير إلى حدود فعالية الدولة في المجتمعات الرأسمالية. إن قوّضت الدولة عملية تراكم الثروة فإنها تقوّض الأسس المادية للدولة نفسها، وبالتالي فإن على السياسات أن تكون منسجمة مع علاقات الإنتاج الرأسمالي. أو، بتعبير آخر، هناك قيود تحدّ الخيارات السياسية في الديمقراطيات الليبرالية.

تفرض أنظمة المُلكية والاستثمار مطالبات موضوعية يجب على الدولة أن تُلبيها إن كانت ترغب في دعم التنمية الاقتصادية، وإذا هُدّد هذا النظام (على سبيل المثال، إن وصل إلى الحكم حزب سياسي يريد أن يدفع باتجاه مساواة اجتماعية أكبر) فإن النتيجة المباشرة ستكون الفوضى الاقتصادية (تهريب رؤوس أموال نحو الخارج، على سبيل المثال)، وبالتالي فإن الدعم الشعبي للحكومة سيتراجع بشكل حاد.
على هذا النسق، بإمكان الطبقة المهيمنة اقتصادياً أن تحكم دون أن تلوث أيديها، أي أنها تستطيع أن تؤثر سياسياً حتى دون وجود ممثلين لها في الحكم، وما زالت هذه الفكرة تشغل موقعاً حيوياً في النقاشات بين النظريين، وفي السجالات السياسية في زمننا. وهذا أساسٌ جوهري يستند عليه الماركسيون للتأكيد على أن الحريات في الديمقراطية الرأسمالية ليست إلا شأناً ظاهرياً («يدعونها ديمقراطية وهي ليست كذلك»)1. التفاوتُ الاقتصادي يقوّض الحرّية، ويجعل غالبية المواطنين أحراراً بشكل اسمي بحت. لذلك، فقط عن طريق تغيير البنية الرأسمالية نستطيع الوصول إلى الديمقراطية الحقيقية، أي الشيوعية.
1. Lo llaman democracia y no lo es: هو أحد أهم شعارات موجة احتجاجات عام 2011 ضد سياسات التقشف في اسبانيا (م).

Comuna-Paris.jpg
كومونة باريس عام 1871
كومونة باريس عام 1871
الشيوعية والديمقراطية
الاشتراكية والديمقراطية هما مكوّن واحد، واحدة من وحدات الفكر الماركسي. لكن قبل الدخول في معالمها الرئيسية ينبغي التذكير بالميول اللا-مثالية والعلمية لتفكير ماركس. نجد أفكاراً متنوعة وغنية عن المجتمع الاشتراكي، موزعة في عدد كبير من نصوص ماركس، لكنه لم يضع تحليلاً نظامياً متكاملاً حول الموضوع. على أي حال، هناك نصّان بارزان يتحدثان عن هذا الموضوع، الأول هو نقد برنامج غوته (1875)، والثاني هو الحرب الأهلية في فرنسا (1871). الأفكار المركزية في النص الأول هي ثلاث: التخطيط المركزي في مواجهة السوق؛ والملكية الجماعية (الحكومية) لوسائل الإنتاج بدل الملكية الخاصة؛ والعمل كواجب عام «لكل حسب عمله». بطبيعة الحال، يؤكد ماركس بحرص على أن هذه ليست إلا مرحلة انتقالية نحو المجتمع الشيوعي المتكامل.
للنص الثاني، أي الحرب الأهلية في فرنسا، أهمية أكبر بخصوص منظور ماركس للديمقراطية، ففي تعليقاته حول كومونة باريس نجد أن فكرته المركزية تتمحور حول التمييز بالتضاد بين الديمقراطية التمثيلية الليبرالية البرجوازية من جهة، والديمقراطية العمّالية التشاركية المباشرة. أتت هذه اللحظة بعد انهيار امبراطورية نابليون الثالث في الحرب بين فرنسا وبروسيا، وحركة التمرّد في باريس بين آذار وأيار 1871.
حسب ماركس وإنجلز، كان لكومونة باريس أن تكون النموذج التاريخي الأول للديكتاتورية الثورية للبروليتاريا. فبعد تحطيم جهاز الدولة القمعي القديم -أي الجيش والشرطة والبيروقراطيّة-، كانت الكومونة بصدد إرساء جمهورية ديمقراطية واجتماعية حقيقية. فكل أعضاء الحكومة وموظفي الدولة -من الشرطة وحتى القضاء- كانوا مسؤولين أمام منتخبيهم، وقابلين للعزل في كلّ وقت من قبلهم.
في الواقع، هنا كان ماركس (وسبقه روسو قبلها) يتخلى عن مبدأ التمثيل السياسي. فالفكرة هي أن مواطني الجمهورية العمّالية لديهم قادة (أو مفوّضون، حسب روسو)، وهم لا يتخلون عن السلطة من حيث أنهم لا يختارون ممثلين، ونواة هذا النوع من الديمقراطية المبنية على الانتخاب غير التمثيلي متمركزة حول مبدأ «القابلية الدائمة للعزل»، وهذا ما يفرض ضرورة وجود رقابة مستمرة وصارمة من قبل المواطنين المُنتخِبين. لو راجعنا أفكار بعض الأحزاب السياسية الاسبانية، القديمة منها والحديثة، لوجدنا أن هذه الفكرة ليست غريبة علينا إطلاقاً.
لهذا الأساس جوهرٌ جمهوري بحت. فالمشاركة ليست نتيجة للنموذج، بل شرطاً أساسياً لعمله. لكن هذه الديمقراطية التشاركية التي فكّر بها ماركس هي مباشرة فقط في قاعدتها، في نواة المجتمع، على مستوى «الكومونة الزراعية» أو «المجلس العمالي»، فاعتباراً من هنا يتشكّل البناء السياسي عبر شرح آليات غير مباشرة في الانتخاب، من مجالس الأحياء وحتى قمة الهرم، أي الجمعية الوطنية.
بالمحصلة، التخطيط المركزي، والمُلكية الجماعية لوسائل الإنتاج، والديمقراطية المباشرة، هي الأفكار المركزية التي تُشكّل المفهوم الماركسي للاشتراكية، وبالتالي الديمقراطية.

في كتابه الدولة والثورة، أعاد لينين بناء وتعميم أفكار ماركس حول كومونة باريس، وجعلها منسجمة مع فكرته حول «جمهورية السوفييتات». لكن لينين لم يأخذ بعين الاعتبار الآراء المتأخرة لماركس، أو بشكل خاص آراء إنجلز، حول المؤسسات البرلمانية والاقتراع العام كأدوات تحررية محتملة في خدمة الطبقة العاملة، وهي آراء أقل حديّة مما ظهر في كتاباته الأولى. وقد تمّ استرجاع هذه الآراء من قبل منظري الأمميتين الثانية والثالثة. منذ ذلك الحين، فُتحت نقاشات كثيرة ومهمة ضمن فضاء الماركسية الأوروبية والروسية: المسألة الوطنية، المسألة الزراعية، المسألة الكولونيالية، التكتيك والاستراتيجيا في صراع الطبقات، الحرب، الطبيعة الإمبريالية للرأسمالية، مسألة الطريقة الماركسية، العلاقة بين الأخلاق والماركسية، العلاقة بين الماركسية والفلسفة.. إلخ. لكن، عدا استثناءات نادرة، لم يجرِ الفصل بين الاشتراكية والديمقراطية الحقيقية.
التأثير القوي لماركس
تتوجّه انتقادات ماركس للديمقراطية الليبرالية نحو أكثر نقاطها العمياء ظهوراً من وجهة نظر عملية وأُسسيّة، ومراجعة الأسس الرئيسية المذكورة أعلاه تمثل نموذجاً عن ذلك. فعلى سبيل المثال، يؤدي اختزال مفهوم الديمقراطية إلى آليات مقوننة للانتخاب ومنح صلاحيات لأحزاب -مفهوم شومبيتير، الذي تبناه جزء من أدبيات العلوم السياسية- إلى إقصاء الممارسة الديمقراطية نتيجة الانفصال عن الشروط المادية للمواطنين. في الصيغة الأكثر جذرية للنقد الماركسي نجد أن التفاوتات الطبقية تتناقض تماماً مع أصل مفهوم الديمقراطية، حيث لا ديمقراطية دون شيوعية. يلجأ ماركسيون معاصرون إلى هذه الفكرة لنفي أن الولايات المتحدة، على سبيل المثال، هي دولة ديمقراطية.
ورغم أن بإمكاننا ترك الفكرة التبسيطية القائلة بأن الدولة هي أداة تابعة للبرجوازية جانباً، إلا أنه من المهم أن نُشير إلى التناقض ما بين السلطة السياسية وإمكانية ممارسة هذه السلطة. أو، بتعبيرٍ آخر، عجز حكومة ما عن الحكم بما يتناقض مع الأسس المادية للبرجوازية. لم يعد النُقّاد يتحدثون اليوم عن «برجوازية»، بل أصبحنا نتحدث عن الأسواق، أو عن القوى المصرفيّة، أو الاتحاد الأوروبي. كما لم نعد نحتاج للعودة إلى نابليون الثالث للبحث عن نماذج، إذ يكفي أن ننظر إلى الحكومة اليونانية كي نرى كيف تستعيد هذه الأفكار نضارتها على المستوى العملي. وأيضاً، أن تكون القوى الاقتصادية قادرة على التأثير في الحكم دون أن تجلس في مجلس الوزراء هو أحد أهم عناصر نقاشنا السياسي في اسبانيا، أكانت هذه القوى الاقتصادية بنوكاً، أو شركات تعمير كبرى، أو شركات الطاقة الكهربائية.
اختفت الإشارات إلى «الاشتراكية الحقيقية» من الأدبيات اليسارية المُعاصرة، لكن تمت استعادة مفهوم «القابلية الدائمة للعزل» من قبل مشاريع سياسية صاعدة في اسبانيا. وهذه الاستعادة لبعض عناصر الجمهورية التشاركية، والتي يعرضها فيليب بيتتي في صيغتها الأكثر ليبرالية، ليست إلا محاولة لإنقاذ بعض أقدم أفكار ماركس في نقده للديمقراطية الليبرالية. رغم كل شيء، وحتى إن كان ماركس قد أعاد صياغة بعض أفكاره الأكثر راديكالية حول الموضوع في وقت لاحق، لا يمكن إنكار الأثر الكبير للنقد الماركسي، خصوصاً ذلك الموجّه نحو العلاقة الشائكة بين الديمقراطية والسوق، وبين السلطة السياسية والقوّة الاقتصادية.
نصوص حول الأزمة السورية:
النص الحرفي الرسمي لـ”بيان جنيف”-30حزيران2012

الآتي النص الحرفي الرسمي لـ”البيان الختامي الصادر عن مجموعة العمل من أجل سوريا” في جنيف في 30 حزيران 2012، كما ورد في رسالتين رسميتين وجههما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى رئيسي الجمعية العامة ومجلس الأمن بتاريخ 5 تموز 2012:
-1 استضاف مكتب الأمم المتحدة في جنيف، في حزيران /يونيه ، اجتماعا ضمّ كلا من الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية الاتحاد الروسي وتركيا والصين والعراق(رئيس مؤتمر قمة جامعة الدول العربية) وفرنسا وقطر (رئيسة لجنة جامعة الدول العربية لمتابعة الوضع في سوريا ) والكويت (رئيسة مجلس وزراء الخارجية التابع لجامعة الدول العربية ) والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأميركية وممثلة الاتحاد الأ وروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، بوصفهم مجموعة العمل من أجل سوريا، برئاسة المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لسوريا.
-2 وقد اجتمع أعضاء مجموعة العمل من منطلق جزعهم البالغ إزاء خطورة الحالة في الجمهورية العربية السورية . ويُدين أعضاء المجموعة بشدة تواصل وتصعيد أعمال القتل والتدمير وانتهاكات حقوق الإنسان . ويساورهم بالغ القلق إزاء عدم حماية المدنيين واشتداد العنف وإمكانية استمرار تفاقم حدة النزاع في البلد، وإزاء الأبعاد الإقليمية للمشكلة . فطبيعة الأزمة وحجمها غير المقبولين يتطلبان موقفًا موحدًا وعملاً دوليًا مشتركاً.
-3 ويلتزم أعضاء مجموعة العمل بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها . وهم عازمون على العمل على نحو مستعجل ومكّثف من أجل وضع حد للعنف ولانتهاكات حقوق الإنسان وتيسير بدء عملية سياسية بقيادة سوريا تفضي إلى عملية انتقالية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري وتمكنه من أن يحدد مستقبله بصورة مستقلة وديمقراطية.
-4 وتحقيقًا لهذه الأهداف المشتركة ، (أ) حدّد أعضاء مجموعة العمل خطوات وتدابير تتخذها الأطراف لتأمين التنفيذ الكامل لخطة النقاط الست وقراري مجلس الأمن ) ) و) ) ، بما يشمل وقفا فوريا للعنف بكافة أشكاله؛ (ب) اتفقوا على مبادئ وخطوط توجيهية للقيام بعملية انتقالية سياسية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري؛(ج) اتفقوا على الإجراءات التي يمكنهم اتخاذها لتنفيذ ما تقدم دعمًا لجهود المبعوث الخاص المشترك من أجل تيسير القيام بعملية سياسية بقيادة سورية . وهم مقتنعون بأن ذلك يمكن أن يشجِّع ويدعم إحراز تقدم في الميدان وسيساعد على تيسير ودعم القيام بعملية انتقالية بقيادة سورية.
الخطوات والتدابير التي حددتها الأطراف لتأمين التنفيذ الكامل لخطة النقاط الست وقراري مجلس الأمن ) ) و) ) بما يشمل الوقف الفوري للعنف بكافة أشكاله
-5 يجب على الأطراف أن تنفذ خطة النقاط الست وقراري مجلس الأمن ) ) و) ) تنفيذًا كاملا. وتحقيقًا لهذه الغاية:
(أ) يجب على جميع الأطراف أن تلتزم مجدداً بوقف دائم للعنف المسّلح بكافة أشكاله وبتنفيذ خطة النقاط الست فور ًا وبدون انتظار إجراءات من الأطراف الأخرى . ويجب على الحكومة ومجموعات المعارضة المسلحة أن تتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في الجمهورية العربية السورية بهدف المضي ُقدمًا بتنفيذ الخطة وفقًا لولاية البعثة؛
ب) يجب أن يُعزَّز وقف العنف المسلح بإجراءات فورية وذات مصداقية وبادية للعيان تتخذها حكومة الجمهورية العربية السورية لتنفيذ البنود الأخرى من خطة النقاط الست، بما يشمل:
I- تكثيف وتيرة الإفراج عن الأشخاص المحتجزين تعسفا وتوسيع نطاقه، ب ا يشمل على وجه الخصوص الفئات الضعيفة، والأشخاص الذين شاركوا في أنشطة سياسية سلمية؛ ووضع قائمة بجميع الأماكن التي يُحتجز فيها هؤلاء الأشخاص وتقديمها دون تأخير عن طريق القنوات المناسبة؛ والعمل فورا على تنظيم الوصول إلى هذه المواقع؛ والرد بسرعة عن طريق القنوات المناسبة على جميع الطلبات المكتوبة المتعلقة بالحصول على معلومات بشأن هؤلاء الأشخاص أو بالوصول إليهم أو الإفراج عنهم؛
II – كفالة حرية التنقل في جميع أرجاء البلد للصحفيين وكفالة منحهم تأشيرات وفق سياسة غير تمييزية؛
) احترام حرية تشكيل الجمعيات وحق التظاهر السلمي على النحو الذي يكفله القانون.
(ج) يجب على جميع الأطراف، في جميع الظروف، أن تبدي الاحترام الكامل لسلامة وأمن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في الجمهورية العربية السورية وأن تتعاون مع البعثة وتسهل مهمتها بصورة كاملة في جميع الحالات؛
(د) يجب على الحكومة، في جميع الظروف، أن تتيح لجميع المنظمات الإنسانية فورًا وبصورة كاملة الوصول لدواع إنسانية إلى جميع المناطق المتأثرة بالقتال. ويجب على الحكومة وجميع الأطراف أن تتيح إخلاء الجرحى، وأن تتيح مغادرة جميع المدنيين الذين يودون ذلك . ويجب على جميع الأطراف أن تتقيّد بالكامل بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما يشمل التزاماتها المتعلقة بحماية المدنيين.

المبادئ والخطوط التوجيهية المتفق عليها للقيام بعملية انتقالية بقيادة سورية -6اتفق أعضاء فريق العمل على “المبادئ والخطوط التوجيهية للقيام بعملية انتقالية بقيادة سورية”، على النحو الوارد أدناه:
-7 أي تسوية سياسية يجب أن تقدِّم لشعب الجمهورية العربية السورية عملية انتقاليًة:
(أ) تتيح منظورًا مستقبليًا يمكن أن يتشاطره الجميع في الجمهورية العربية السورية؛
(ب) تُحدِّد خطوات واضحة وفق جدول زمني مؤكد نحو تحقيق ذلك المنظور؛
(ج) يمكن أن تنفَّذ في جو يكفل السلامة للجميع ويتسم بالاستقرار والهدوء؛
(د) يمكن بلوغها بسرعة، دون مزيد من إراقة الدماء، وتكون ذات مصداقية.

-8 منظور للمستقبل – أعربت الشريحة العريضة من السوريين الذين استُشيروا عن تطلعات واضحة لشعب الجمهورية العربية السورية. وثمة رغبة جامحة في إقامة دولة:
(أ) تكون ديمقراطية وتعددية بحق، وتتيح حيزًا للجهات الفاعلة السياسية القائمة وتلك التي نشأت منذ عهد قريب لتتنافس بصورة نزيهة ومتساوية في الانتخابات. ويعني هذا أيضا أن الالتزام بديمقراطية متعددة الأحزاب يجب أن يكون التزامًا دائمًا يتجاوز مرحلة جولة أولى من الانتخابات؛
(ب) تمتثل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، واستقلال القضاء، ومساءلة الحاكمين، وسيادة القانون . وليس كافيا أن يقتصر الأمر على مجرد صياغة التزام من هذا القبيل . فمن اللازم إتاحة آليات للشعب لكفالة وفاء الحاكمين بتلك الالتزامات؛
(ج)) تتيح فرصًا وحظوظًا متساوية للجميع. فلا مجال للطائفية أو التمييز على أساس عرقي أو ديني أو لغوي أو غير ذلك . ويجب أن تتأكد الطوائف الأقل عددًا بأن حقوقها ستحترم.
-

9- خطوات واضحة في العملية الانتقالية – لن ينتهي النزاع في الجمهورية العربية السورية حتى تتأكد كل الأطراف من وجود سبيل سلمي نحو مستقبل مشترك للجميع في البلد. ومن ثمّ، فمن الجوهري أن تتضمن أية تسوية خطوات واضحة لا رجعة فيها تتّبعها العملية الانتقالية وفق جدول ز مني محدد. وتشمل الخطوات الرئيسية لأية عملية انتقالية ما يلي:
(أ) إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية . وأن تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية . ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومن المجموعات الأخرى، ويجب أن تُشكّل على أساس الموافقة المتبادلة؛
(ب) الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلد . ولا بد من تمكين جميع فئات المجتمع ومكوناته في الجمهورية العربية السورية من المشاركة في عملية الحوار الوطني. ويجب ألا تكون هذه العملية شاملة للجميع فحسب، بل يجب أيضا أن تكون مجدية – أي أن من الواجب تنفيذ نتائجها الرئيسية؛
(ج)على هذا الأساس، يمكن أن يعاد النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية. وأن تُعرض نتائج الصياغة الدستورية على الاستفتاء العام؛
(د)بعد إقامة النظام الدستوري الجديد، من الضروري الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة وتعددية وإجراؤها لشغل المؤسسات والهيئات الجديدة المنشأة؛
(ه) من الواجب أن تُمّثل المرأة تمثيلاً كاملاً في جميع جوانب العملية الانتقالية.

-10 السلامة والاستقرار والهدوء – ما من عملية انتقالية إلا وتنطوي على تغيير . بيد أن من الجوهري الحرص على تنفيذ العملية الانتقالية على نحو يكفل سلامة الجميع في جو من الاستقرار والهدوء. ويتطلب ذلك:
(أ) توطيد الهدوء والاستقرار الكاملين . فيجب على جميع الأطراف أن تتعاون مع هيئة الحكم الانتقالية لكفالة وقف أعمال العنف بصورة دائمة . ويشمل ذلك إكمال عمليات الانسحاب وتناول مسألة نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريح أفرادها وإعادة إدماجهم؛
(ب) اتخاذ خطوات فعلية لكفالة حماية الفئات الضعيفة واتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المسائل الإنسانية في المناطق المحتاجة . ومن الضروري أيضًا كفالة التعجيل بإكمال عملية الإفراج عن المحتجزين؛
(ج) استمرار المؤسسات الحكومية والموظفين من ذوي الكفاءات . فمن الواجب الحفاظ على الخدمات العامة أو استعادة سير عملها. ويشمل ذلك فيما يشمل قوات الجيش ودوائر الأمن . ومع ذلك، يتعيّن على جميع المؤسسات الحكومية، بما فيها دوائر الاستخبارات، أن تتصرف بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان والمعايير المهنية، وأن تعمل تحت قيادة عليا تكون محل ثقة الجمهور، وتخضع لسلطة هيئة الحكم الانتقالية؛
(د) الالتزام بالمساءلة والمصالحة الوطنية . ويجب النظر في الجوانب المتعلقة بالمساءلة عن الأفعال المرتكبة خلال هذا النزاع . ومن اللازم أيضًا إعداد مجموعة شاملة من أدوات العدالة الانتقالية، تشمل تعويض ضحايا هذا النزاع أو ردّ الاعتبار إليهم، واتخاذ خطوات من أجل المصالحة الوطنية والعفو.
-

-11 خطوات سريعة للتوصل إلى اتفاق سياسي ذي مصداقية – إن شعب الجمهورية العربية السورية هو من يتعيّن عليه التوصل إلى اتفاق سياسي، لكن الوقت بدأ ينفد . ومن الواضح:
(أ) أن سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها يجب أن تحترم؛
(ب) أن النزاع يجب أن يُحل بالحوار السلمي وعن طريق التفاوض حصرا. ومن الواجب الآن تهيئة الظروف المفضية إلى تسوية سلمية؛
(ج) أن إراقة الدماء يجب أن تتوقف . ويجب على جميع الأطراف أن تعيد تأكيد التزامها على نحو ذي مصداقية بخطة النقاط الست . ويجب أن يشمل ذلك وقف العنف المسلح بكافة أشكاله، واتخاذ إجراءات فورية ذات مصداقية وبادية للعيان لتنفيذ البنود من إلى من خطة النقاط الست؛
(د) أن من واجب جميع الأطراف أن تتعامل الآن بصدق مع المبعوث الخاص المشترك. ويجب على الأطراف أن تكون جاهزة لتقديم مُحاورين فعليين للتعجيل بالعمل نحو التوصل إلى تسوية بقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب. ومن الواجب أن تكون العملية شاملة للجميع كيما يتسنى إسماع آراء جميع مكونات المجتمع السوري فيما يتعلق بصوغ التسوية السياسية الممهدة للعملية الانتقالية.
(ه) والمجتمع الدولي المنظم، بما فيه أعضاء مجموعة العمل، على أهبة الاستعداد لتقديم دعم كبير لتنفيذ الاتفاق الذي تتوصل إليه الأطراف. ويمكن أن يشمل ذلك الدعم وجود مساعدة دولية بموجب ولاية من الأمم المتحدة إن طُلب ذلك. وسيُتاح قدر كبير من الأموال لدعم الإعمار وإعادة التأهيل.

الإجراءات المتفق عليها
- 12- الإجراءات المتفق أن يتخذها أعضاء مجموعة العمل لتنفيذ ما تقدم، دعمًا لجهود المبعوث الخاص المشترك لتيسير القيام بعملية سياسية بقيادة سورية:
(أ) سيتحرك أعضاء مجموعة العمل، حسب الاقتضاء، ويمارسون ضغوطًا منسقة ومطردة على الأطراف في الجمهورية العربية السورية لاتخاذ الخطوات والتدابير المبيّنة في الفقرة أعلاه؛
(ب) يعارض أعضاء مجموعة العمل أي زيادة في عسكرة النزاع؛
(ج) يؤكد أعضاء مجموعة العمل لحكومة الجمهورية العربية السورية أهمية تعيين مُحاور فعلي مُفوّض، عندما يَطلب إليها المبعوث الخاص المشترك ذلك، للعمل على أساس خطة النقاط الست وهذا البيان معًا؛
(د) يحث أعضاء مجموعة العمل المعارضة على تحقيق مزيد من الاتساق وعلى أن تكون جاهزة للخروج بمحاورين فعليين لهم تمثيل وازن للعمل على أساس خطة النقاط الست وهذا البيان معًا؛
(ه) سيقدم أعضاء مجموعة العمل الدعم الكامل للمبعوث الخاص المشترك وفريقه في سياق تحركهما على نحو فوري لإشراك الحكومة والمعارضة والتشاور على نطاق واسع مع المجتمع السوري، فضلا عن سائر الجهات الدولية الفاعلة، من أجل مواصلة تمهيد الطريق نحو الأمام؛
(و)يرحب أعضاء مجموعة العمل بأية دعوة من المبعوث الخاص المشترك إلى عقد اجتماع آخر لمجموعة العمل عندما يرى ذلك ضروريا لاستعراض التقدم الفعلي اُلمحرز بشأن جميع البنود المتفق عليها في هذا البيان، وتحديد ما يقتضيه التصدي للأزمة من خطوات وإجراءات أخرى إضافية تتخذهامجموعة العمل . وسيتولى المبعوث الخاص المشترك أيضاً إطلاع الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية على ما يُستجد.
+
نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 حول حل الأزمة السورية
(18كانون أول2015)

نعيد فيما يلي نشر النص الكامل للقرار الدولي 2254 انطلاقاً من القناعة التامة بأهمية وضرورة اطلاع السوريون جميعهم على تفاصيل هذا القرار الذي يشكل المخرج الآمن من الأزمة السورية
عقد مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 18/12/2015 جلسة أقر فيها بالإجماع مشروع القرار الذي وافقت عليه الدول الخمس دائمة العضوية فيه، في أعقاب انتهاء اجتماع المجموعة الدولية لدعم سورية الذي جرى في أحد الفنادق القريبة في وقت سابق من اليوم ذاته. وفيما يلي ننشر الترجمة الكاملة لنص القرار المذكور.
إن مجلس الأمن الدولي،
1- إذ يُذكّر بقراراته السابقة بخصوص الوضع في سورية، ذوات الأرقام...
2- وإذ يؤكد التزامه القوي بسيادة واستقلال ووحدة الجمهورية العربية السورية، ووحدتها الترابية، وانسجاماً مع أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة،
3- وإذ يعبر عن قلقه البالغ إزاء المعاناة المستمرة للشعب السوري، والتردي المريع في وضعه الإنساني، وإزاء الصراع المستمر والعنف الوحشي المترتب عليه، وإزاء الأثر السلبي للإرهاب والفكر المتطرف العنيف الداعم للإرهاب، وإزاء الأثر الذي تحمله الأزمة تجاه زعزعة استقرار المنطقة ومحيطها، بما في ذلك الزيادة الناجمة في انجرار الإرهابيين للقتال في سورية، وإزاء الدمار المادي للبلد، والطائفية المتزايدة، ومع تأكيده بأن الوضع سيستمر بالتردي في ظل غياب حل سياسي،
4- وإذ يُذكّر بمطالبته الأطراف كافة باتخاذ الخطوات الملائمة لحماية المدنيين، بمن فيهم أبناء المجموعات القومية والدينية والمذهبية، وإذ يؤكد في هذا السياق على أن المسؤولية الأساسية تقع على كاهل السلطات السورية في حماية أبناء شعبها،
5- وإذ يؤكد على أن الحل المستدام الوحيد للأزمة الراهنة في سورية يقوم فقط من خلال عملية سياسية شاملة بقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، ضمن هدف التطبيق الكامل لبيان جنيف بتاريخ 30 حزيران 2012، كما صادق عليه القرار رقم 2118 لعام 2013، المتضمن قيام جسم انتقالي شامل، بصلاحيات تنفيذية كاملة يجري تشكيله على أساس التوافق المتبادل، بالتوازي مع ضمان استمرار عمل المؤسسات الحكومية،
6- وإذ يشجع في هذا السياق الجهود الدبلوماسية التي بذلتها المجموعة الدولية لدعم سورية لإنهاء الصراع في سورية،
7- وإذ يؤكد على التزام هذه المجموعة الوارد في البيان المشترك عن نتائج المحادثات متعددة الأطراف حول سورية في فيينا بتاريخ 30 تشرين الأول 2015، وبيان المجموعة الدولية لدعم سورية بتاريخ 14 تشرين الثاني 2015 (التي سيشار إليها لاحقاً ببيانات فيينا)، لضمان عملية انتقال سياسي بقيادة سورية ويملكها السوريون، استناداً إلى بيان جنيف بكليّته، وإذ يؤكد على ضرورة قيام كل الأطراف في سورية بالعمل على نحو جاد وبنّاء للوصول إلى هذا الهدف،
8- وإذ يحث كل الأطراف المنخرطة في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة على الالتزام بالمبادئ التي حددتها المجموعة الدولية لدعم سورية، بما فيها الالتزام بوحدة سورية واستقلالها ووحدتها الترابية، وطابعها غير الطائفي، وضمان استمرار عمل المؤسسات الحكومية، وحماية حقوق السوريين جميعهم، بغض النظر عن العرق أو الانتماء الديني، وضمان وصول المساعدات الإنسانية على امتداد البلاد،
9- وإذ يشجع على قيام مشاركة ذات معنى للنساء في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة في سورية،

10- وإذ يضع نصب عينيه هدف جمع أوسع طيف ممكن من المعارضة، التي يختارها السوريون، والتي ستقرر ممثليها للتفاوض وتضع مواقفها التفاوضية بما يمكّن من إطلاق العملية السياسية، وإذ يأخذ علماً بالاجتماعات التي جرت في موسكو والقاهرة وغيرها من المبادرات بغاية الوصول إلى هذا الهدف وإذ يلحظ خصيصاً الفائدة الناجمة عن الاجتماع الذي جرى في الرياض في الفترة بين 9-11 كانون الأول 2015، التي تسهم نتائجها في التحضير للمفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة حول التسوية السياسية للصراع، طبقاً لبيان جنيف وبياني فيينا، وإذ يتطلع إلى الجهود النهائية التي سيبذلها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية لهذه الغاية،
فإنه:
1- يؤكد مصادقته على بيان جنيف بتاريخ 30 حزيران 2012، ويصادق على بياني فيينا الهادفة إلى إحداث تطبيق كامل لبيان جنيف بوصفه الأساس للانتقال السياسي الذي يقوده ويملكه السوريون لوضع حد للصراع في سورية، ويؤكد أن الشعب السوري هو المعني بإقرار مستقبل سورية،
2- يطلب من الأمين العام عبر مساعيه الحميدة، ومن خلال الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص إلى سورية، دعوة ممثلي الحكومة والمعارضة السورية للدخول في مفاوضات رسمية حول عملية انتقال سياسي على نحو عاجل بتاريخ مستهدف بحلول أوائل كانون الثاني 2016، بهدف إطلاق المباحثات طبقاً لبيان جنيف وانسجاماً مع بيان المجموعة الدولية لدعم سورية بتاريخ 14 تشرين الثاني 2015، بهدف قيام تسوية سياسية دائمة للأزمة،
3- يقر بدور المجموعة الدولية لدعم سورية بوصفها المنصة المركزية لتسهيل جهود الأمم المتحدة في تحقيق تسوية سياسية دائمة في سورية،
4- يعرب في هذا السياق عن دعمه لعملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة والتي تقوم في غضون ستة أشهر بتشكيل حكومة شاملة وغير طائفية وتتمتع بالمصداقية وتضع جدولاً وتعمل على وضع دستور جديد، كما يعرب عن دعمه لقيام انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة (الجديدة) وبما يتطابق مع أعلى معايير الشفافية والمصداقية الدولية بمشاركة السوريين كلهم، بمن فيهم الموجودون في الشتات، المؤهلون للمشاركة، كما نص عليه بيان المجموعة الدولية لدعم سورية بتاريخ 14 تشرين الثاني 2015،

5- يقر بالصلة الوثيقة بين وقف إطلاق النار وعملية سياسية موازية، طبقاً لبيان جنيف لعام 2012، وأنّ كلا المبادرتين ينبغي أن تسيرا قدماً على نحو فوري ويعرب في هذا السياق عن دعمه لقيام وقف شامل لإطلاق النار في سورية، الذي التزمت المجموعة الدولية لدعم سورية بدعمه وبالمساعدة في تطبيقه، بحيث يدخل حيز التنفيذ حالما يبدأ ممثلو الحكومة والمعارضة السورية بالخطوات الأولى باتجاه عملية الانتقال السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة، على أساس بيان جنيف كما نص عليه بيان المجموعة الدولية لدعم سورية بتاريخ 14 تشرين الثاني 2015، على أن يتم ذلك على نحو عاجل،
6- يطلب من الأمين العام أن يتولى قيادة الجهد من خلال مكتب مبعوثه الخاص وبالتشاور مع الأطراف المعنية لتحديد سبل ومتطلبات وقف إطلاق النار بالإضافة إلى مواصلة وضع الخطط لدعم تطبيق وقف إطلاق النار، ويحث الدول الأعضاء، وتحديداً الأعضاء في المجموعة الدولية لدعم سورية، على دعم وتسريع كل الجهود للوصول إلى وقف لإطلاق النار، بما في ذلك ممارسة الضغط على الأطراف المعنية للموافقة على وقف إطلاق النار هذا والالتزام به،
7- يؤكد الحاجة لوجود آلية لمراقبة وقف إطلاق النار، والتحقق منه والإبلاغ عنه، ويطلب من الأمين العام أن يخبر مجلس الأمن حول خيارات هذه الآلية، التي يستطيع المجلس دعمها بأقرب وقت ممكن وبما لا يتجاوز مدة شهر واحد من تاريخ تبني هذا القرار، ويشجع الدول الأعضاء بما فيها أعضاء مجلس الأمن لتقديم المساعدة بما في ذلك الخبرة والإسهامات ذات الصلة لدعم هذه الآلية،
8- يؤكد دعوته الواردة في القرار رقم 2249 لعام 2015 للدول الأعضاء لمنع وقمع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها كل من الدولة الإسلامية في العراق والشام (المعروفة أيضاً باسم داعش)، وجبهة النصرة، وكل الأفراد والمجموعات والكيانات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو بتنظيم الدولة الإسلامية وغيرهما من الجماعات الإرهابية حسب توصيف مجلس الأمن أو حسب ما قد يتفق عليه لاحقاً من قبل المجموعة الدولية لدعم سورية بإقرار من مجلس الأمن، وذلك طبقاً لبيان المجموعة الدولية لدعم سورية بتاريخ 14 تشرين الثاني 2015، وأن تزيل الملاذ الآمن الذي أٌقامته هذه المجموعات فوق أجزاء هامة من سورية، ويلحظ أن وقف إطلاق النار المذكور آنفاً لن ينطبق على الأعمال الهجومية أو الدفاعية بحق هؤلاء الأفراد والجماعات والكيانات كما نص عليه بيان المجموعة الدولية لدعم سورية بتاريخ 14 تشرين الثاني 2015،

9- يرحب بالجهد الذي بذلته حكومة الأردن للمساعدة في وضع فهم مشترك ضمن المجموعة الدولية لدعم سورية حول الأفراد والمجموعات التي يمكن تحديدها بأنها إرهابية وسيأخذ في الحسبان فوراً توصية المجموعة الدولية لدعم سورية الهادفة إلى تحديد المجموعات الإرهابية،
10-يؤكد حاجة كل الأطراف في سورية لاتخاذ إجراءات لبناء الثقة تسهم في استمرارية كل من العملية السياسية ووقف دائم لإطلاق النار، ويدعو الدول كلها لاستخدام نفوذها مع الحكومة السورية والمعارضة السورية للمضي قدماً في عملية السلام، وإجراءات بناء الثقة، والخطوات المتخذة للوصول إلى وقف لإطلاق النار،
11-يطلب من الأمين العام أن يبلغ المجلس بأسرع وقت ممكن وبما لا يتجاوز مدة شهر من تاريخ تبني هذا القرار حول خيارات إضافية لإجراءات بناء الثقة،
12- يدعو الأطراف لأن تسمح فوراً بدخول الوكالات الإنسانية السريع والآمن ودون عراقيل، على امتداد سورية من خلال أكثر المسارات مباشرة، والسماح بالمساعدات الإنسانية الفورية للوصول إلى كل الأشخاص المحتاجين إليها، ولا سيما في كل المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، وبالإفراج عن كل الأشخاص المحتجزين اعتباطياً ولا سيما النساء والأطفال، ويدعو الدول الأعضاء في المجموعة الدولية لدعم سورية لاستخدام نفوذها فوراً لتحقيق هذه الأهداف، ويطالب بالتطبيق الكامل للقرارات 2139 لعام 2014، 2165 لعام 2014، 2191 لعام 2014، وكل القرارات المعتمدة الأخرى،
13- يطالب الأطراف كلها بالتوقف الفوري عن شن أية هجمات بحق المدنيين والأهداف المدنية بما في ذلك الهجمات على المنشآت الطبية والكادر الطبي وبالتوقف عن أي استخدام عشوائي للأسلحة بما في ذلك القصف والقصف الجوي، ويرحب بالتزام المجموعة الدولية لدعم سورية بالضغط على الأطراف بهذا الصدد، كما يطالب بأن تلتزم الأطراف كلها وعلى نحو فوري بالتزاماتها طبقاً للقانون الدولي بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان الدولي المعتمد،
14-يؤكد الأهمية البالغة للحاجة الماسة لإيجاد شروط العودة الآمنة والطوعية للاجئين، والنازحين داخلياً لمناطق سكنهم الأصلية، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة طبقاً للقانون الدولي بما في ذلك الشروط المعمول بها الواردة في «الاتفاقية والبروتوكول المتعلق بوضع اللاجئين»، والأخذ بعين الاعتبار مصالح البلدان المضيفة للاجئين، ويحث الدول الأعضاء على تقديم المساعدة بهذا الصدد، ويتطلع قدماً إلى مؤتمر لندن حول سورية في شباط 2016 الذي تستضيفه المملكة المتحدة وألمانيا والكويت والنرويج والأمم المتحدة كإسهام هام في هذا المسعى، ويعرب أيضاً عن دعمه لعملية إعادة إعمار وتأهيل سورية ما بعد الصراع،
15-يطلب من الأمين العام أن يبلغ مجلس الأمن حول سير تطبيق هذا القرار بما في ذلك التقدم الحاصل في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، وذلك في غضون ستين يوماً،
16- يقرر أن تبقى القضية قيد متابعته النشطة.
--------------------------------------------------------------------

----------------------------------------------------------------------------------------------------------
الموقع الفرعي لتجمع اليسار في الحوار المتمدن:
htt://www.ahewar.org/m.asp?i=1715




للاطلاع على صفحة الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي على الفيسبوك على الرابط التالي:
https://www.facebook.com/pages/الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي/1509678585952833
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.ahewar.org/m.asp?i=9135 5
موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org