القمارُ السّياسيّ


ييلماز جاويد
2017 / 9 / 22 - 11:29     

رأيت نفسي جالساً إلى طاولة القمار السياسيّ ، والجلاّس الآخرون ممثلو الكتل السياسية ، وخلفهم جموع الممولين والداعمين المستفيدين . كانت واحدة من الجلسات التي كنت فيها المحكوم عليه بالخسارة عبر تاريخي الطويل . والقمار السياسي شأنه شأن جولات القمار الإعتيادية التي يتبارى فيها حملة الأوراق ، ويراهنون بما يملكون من ثروة أمامهم . صادفت جولة ، ليس كباقي الجولات ، إذ كانت الأوراق في يدي أعلى الأوراق ، فنظرت في وجوه الجالسين قبالتي ، وتلمست لمعان عيونهم ، وحشرجة أنفاسهم ، بل وحتى رجفات أكفّهم وهي تضغط على الأوراق في أيديهم ، فتيقّنت أن كل واحد منهم يحمل أوراقاً توصله حد الإطمئنان في الفوز . كان الدور لي أن أتقدّم بما أراهن به . أحصيتُ أموالي على الطاولة ... ثم أعدت عدّها ثانية ، وفي خلسة أنظر إلى جلسائي . لاحظت أن جبين أحدهم قد تعرّق عندما كنت أحصي أموالي للمرة الثالثة ، وإصفر وجه آخر في العدّ الرابع ، الكل يحسبون أني سأراهن بكل ما عندي على الطاولة . وعددتها مرّة أخرى ، فسمعت أصواتاً ، خارج الصالة ، تشبه جعجعة أسلحة ، وقبلها لاحظت أن صوت الموسيقى في داخل القاعة أصبح مزعجاً وكأنه من ما يُعزف في الإستعراضات العسكرية ، وكأن إدارة الصالة متواطئة مع جلاسي ، فتعمل على إستفزازي . طلبت من موزّع ورق اللعب مهلة للتفكير ، فقمت لأنظر ما يحدث . نظرت من الشباك الشمالي فإذا بي أرى عسكراً ودبابات ومدافع ، بل وحتى طائرات حربية وقواعد صواريخ ، وعيوناً يتطاير منها شررالوعيد . نظرت من خلال الشباك الشرقي ، فوجدت قطعاناً من حيوانات كنا نسمع عنها في قصص جدّتي ، ونحن صغار ، حيوانات تصطاد البشر وتأكل لحمه نيّئاً ، وكانت النافذة الغربية تُطلّ على نار جهنّم الحمراء بينما الجنوبية يظهر منهاُ قطعان من كلاب لا قدرة لراعيهم على ربطهم . عدتُ إلى مقعدي إلى الطاولة ، وتيقّنتُ أنها الفرصة التي سنحت هذه المرة ، ولن تتكرر ظروفها مرّة ثانية ، والتي بها سوف أحقق الفوز ، وأعوّض عن كل ما فاتني من خسائر في الماضي ، وتذكّرت قول الشاعر :
إن قومي تجمّعوا وبقتلي تحدّثوا
لا أبالي بجمعهم كلّ جمع مؤنّث
فصحت " All In " دافعاً كل أموالي إلى وسط الطاولة .
موعدُنا يوم 25/9/2017