هدية العيد من البيروني


عدنان عاكف
2017 / 9 / 2 - 13:00     

هدية العيد من البيروني !
غرانفيللي بين، مؤلف و من جيولوجيي بريطانيا في النصف الأول من القرن التاسع عشر (1761 – 1844 )، عمل بيطري، ومساعد رجل دين، تخصص في شرح الكتاب المقدس – العهد القديم -، ينتمي الى عائلة انجليزية ارستقراطية شهيرة. كان من بين مجموعة من علماء الجيولوجيا في بريطانيا التي كانت تنادي بان عمر الأرض وتاريخها هو العمر والتاريخ الذي ورد ذكره في الكتاب المقدس.. ندرج ادنا مقطع طريف من حوار اشتهر به غرانفيللي، اعتمده ألان كوتلير ليقدم به كتابه " صدفة فوق قمة الجبل "! الصادر باللغة الانجليزية في 2003.
" – إدوارد : أصداف البحر – هل قُلت، انها الأم، في قلب الصخرة الصلبة، وبعيدا جدا في اليابسة؟ هنا لا بد وان يكون خطأ في كل هذا× على اقل تقدير بالنسبة لي انه أمر لا يصدق.
مستر ص : ان تاريخ الأصداق ، يا عزيزي، والكثير من الأشياء الرائعة الأخرى، من محتوايت العلم الذي اسمه الجيولوجيا، والتي تدرس الظهور الأول للصخور، الجبال، الوديان، البحيرات والأنهار، والتغييرات التي طرأت عليها منذ الخليقة والطوفان حتى العصر الحالي.
كرستينا : انا طيلة الوقت كنت اعتقد ان البحيرات، الجبال، والوديان قد خلقت منذ البداية من قبل الرب، ولم يعد بعد ذلك أي تاريخ آخر يمكن ذكره.
مستر ص : حقا، يا عزيزتي، ولكن ربما نحن ما زلنا نفتقر للجرأة لنفترض ما هي حقيقة ما حدث خلال الخليقة. ومن خلال فحص الحجارة والصخور، كما نعثر عليها الآن هي محاولة لتتبع التغييرات التي عرفتها فيما بعد عملية الخلق.
إدوارد : هذا يمكن بالفعل ان يبدو رومانسيا مدهشا !
بالفعل.. كل هذا يبدو مدهشا، ولكن لو عدنا لتاريخ تطور معارف الإنسان عن كوكبه وتاريخ هذا الكوكب لما وجدنا فيه اي شيء من الرومانسية.. سنأجل حديثنا عن تاريخ الأرض وعن الزمن الجيولوجي الواقعي ( وليس الرومانسي ) الى ما بعد العيد.. أكتفي الآن بهذه الفقرة التي يعود تاريخها الى نحو 800 سنة قبل ان يكتب الجيولوجي الرومانسي الانجليزي حواره.. فقرة يطرح من خلالها ابو الريحان البيروني وجهة نظره
في ماضي الأرض البعيد، وردت في مقدمة كتابه " تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن " :
" .. فهذه بادية العرب وقد كانت بحرا فانكبس، حتى ان آثار ذلك ظاهرة عند حفر الآبار والحياض بها، فانها تبدي أطباقا من تراب ورمال ورضاض، ثم يوجد فيها من الخزف والزجاج والعظام ما يمتنع ان يُحمل على دفن قاصد إياها هناك، بل يخرج منها احجار اذا كسرت كانت مشتملة على أصداف وودع وما يسمى آذان السمك، إما باقية فيها على حالها، واما بالية قد تلاشت وبقي مكانها خلاء متشكلا بشكلها، كما يوجد مثله بباب الأبواب على ساحل بحر الخزر. ثم لا يذكر لذلك وقت معلوم ولا تاريخ البتة.."!
ما هو معروف ان البيروني لم يقم بزيارة الى بادية العرب أو الى اي بلد عربي قديم.. كيف استطاع الرجل ان يقدم لنا مثل هذا الوصف الدقيق للطبقات الصخرية ومكوناتها التي تتكشف في بادية العرب..وانا اتحدى أي جيولوجي، وفي المقدمة انا، ان يقدم وصفا أكثر دقة وأبلغ من ما قدمه لنا البيروني عن تشكيلة الطبقات الصخرية المتنوعة، وما تحتوية من احافير مختلفة ( بقايا سمك وأصداف بحريةوودع وآثار خالية لبقايا عضوية قديمة)، ليعلن لنا ان بادية العرب كانت في زمن بعيد جدا بحر ثم نشأت فية الطبقات الصخرية الحاوية على الاصداف وآذان السمك!!
صدق من قال : لا يمكن لأي عالم ذكي ان يكون نابغة، إلا اذا كان يتمتع بفكر حر، و خيال لا حدود له!!