نصر الله ... أسقط القناع


مسعود محمد
2017 / 8 / 26 - 16:10     

إنطلقت معركة الجرود فكثرت التحليلات السياسية عن مدى التنسيق فيما بين الجيش اللبناني وحزب الله، فحرص مدير التوجيه في الجيش اللبناني العميد قانصو على تأكيد أن “لا تنسيق لا مع حزب الله ولا مع الجيش السوري” في المعركة التي أطلقها الجيش ضد تنظيم داعش وأطلق عليها إسم “فجر الجرود”، في رسالة واضحة هدفها التأكيد على أن الجيش يتحرك بمعزل عن حسابات حزب الله والجيش السوري، مما شكل خطوة إزعاج لحزب الله الذي وجد نفسه بوضع لا يحسد عليه، في ظل إجماع وطني على دور الجيش اللبناني، ومد سلطة الدولة اللبنانية على كافة التراب اللبناني، مما يسحب من حزب الله حجة ضرورة إستمراره بالإحتفاظ بسلاحه الغير شرعي، بسبب ضعف الجيش اللبناني، وعدم قدرته على الدفاع عن السيادة الوطنية اللبنانية.
لم يكتفي حزب الله بصفة المراقب بل عمل على تطويق إنتصار الجيش اللبناني، عبر دخول أمينه العام وماكينته الإعلامية بما سمي تهكما "سباق الكيلومترات" فحرص الحزب بالتعاون مع النظام السوري، على تسويق الأخبار التي تبين إنه قد حرر عدد أكبر من الكيلومترات التي حررها الجيش اللبناني، وبث أخبار على طريقة هوليود منها خبر ملفت نشرته جريدة الديار قالت فيه " نفذت قوات النخبة في حزب الله عملية انزال مفاجئة فوق مراكز تنظيم داعش الارهابي في الجرود بطوافات سورية وقد قتل العشرات منهم".
وجد حزب الله نفسه محشورا في ظل الإجماع على الدور الوطني للجيش اللبناني، فقرر اللعب على المكشوف ففتح خطوط التواصل مع داعش مدعوما من النظامين السوري والإيراني راعيي داعش، وقرر سحب الإنتصار من الجيش اللبناني، عبر فتح طريق الإنسحاب لداعش واللعب بورقة أسرى الجيش اللبناني لدى داعش حيث تسلمه داعش الأسرى ليتولى هو الإعلان عن تحريريهم ليجهض بذلك إنتصار الجيش. بمقابل المعركة الوطنية التي يخوضها الجيش اللبناني مدعوما من الشعب والقيادة، يستسلم أفراد داعش بالعشرات بأريحية واضحة لعناصر الحزب الذين يلتزمون بكل أصول الضيافة حيث تترك مع عناصر داعش هواتفهم الجوالة، ويبتسمون للكاميرات، ويداخلون عن المعركة مع حزب الله، حيث إختصرها أحد أمراء داعش بكلمة واحدة "خلصت"، ففيما يتجه الجيش في لبنان الى حسم المعركة على حدوده الشرقية في جرود القاع ورأس بعلبك، اقدم حزب الله والنظام السوري على ابرام الصفقة مع داعش، صفقة " إنسحاب عناصر داعش الى الرقة"، تلك الصفقة التي مررها حزب الله لمصلحته ملتفا على الجيش الذي خاض المعركة منفردا كما أعلن غير مرة وأسقط حجة الجيش الضعيف التي يتسلح بها حزب الله لبقائه قوة عسكرية متحكمة بالحياة السياسية اللبنانية. لم يكتفي حزب الله بالإلتفاف على دور الجيش ومحاولة إسقاط ذلك الدور بل أظهر لأول مرة وجهه وهدفه الحقيقي من معادلة " الجيش، والشعب، والمقاومة"، فأسقط أمينه العام القناع عن وجهه وأضاف الى تلك المعادلة الملتبسة المرفوضة من النسبة الأكبر من الشعب اللبناني، الضلع الرابع وهو الجيش السوري، فارضا على الجيش اللبناني التعاون والتنسيق مع الجيش السوري، لتصبح معادلة السيد حسن الحقيقية "جيش، شعب، مقاومة، جيش سوري، حشد شعبي عراقي، وحرس ثوري إيراني"، متجاهلا بذلك دماء شهدائنا الذين سقطوا في مواجهة الجيش السوري لفرض إخراجه من لبنان، من كمال جنبلاط، والمفتي حسن خالد، ورياض طه، وسليم اللوزي، وبشير الجميل وصولا الى شهداء 14 آذار.
كلا يا سيد حسن لن يعود الجيش السوري الى لبنان ليقف جنودهم على الحواجز ويشيروا الينا بالمرور "بشحاطة مهترئة مثل نظامهم"، لن نقبل بعودة الوصاية من الشباك بعد أن أخرجناها من الباب العريض.
أن قدرنا أن نبقى مؤمنين بخيار دولة المؤسسات وحرية التعبير وتقبّل الرأي الآخر والشراكة المتكافئة والاعتدال. إن لبنان يمر بلحظة التفاف وطنية تاريخية حول العلم الواحد والجيش الواحد والسلاح الواحد الذي لا رديف او مساو له، فالانجازات التي تحققت في معركة فجر الجرود هي نقطة تحول في مسيرة الامن في لبنان وتحيل على التقاعد كل الأسلحة الغير شرعية، والمعادلات التي ركبت تحت ضغط السلاح الغير شرعي. مصلحة لبنان في إنفتاحه على العالمين العربي والغربي، وليس إنغلاقه ضمن حلف الممانعة الآيل الى السقوط من طهران الى دمشق.
من الآخر، وبإلتفاف أكثرية اللبنانيين، لا ثلاثية ولا رباعية ... جيش واحد احد لا شريك له.