ما السر.. اوربا تكافح النازية.. وتدعم الاسلام


حسين القطبي
2017 / 8 / 23 - 15:07     

من يتجول في شوارع المدن الاوربية الكبرى هذه الايام لابد ان يلفت انتباهه العدد الكبير من المساجد، وهي تنمو مثل الفطر الكونكريتي، في شوارعها الضيقة.. كنائس سابقة، شقق، قاعات كانت معامل خياطة او مستودعات مواد غذائية.. الخ

ولو قدر له ان يمر من شارع قريب من مسجد، سيرى الدشاديش القصيرة واحذية النايكي البيضاء واللحى.. خليط من الوجوه التي تميل للسمرة الصفراء، التي تميز شعوب الصومال وجنوب اسيا، مع ملامح الشمال الافريقي، بجباهها البارزة ووجناتها الجميلة، المرتفعة قليلا عن مكانها..

ولا بد ان تلفت انتباهه اكشاك الدعاية الدينية في اكثر الشوارع والمحطات ازدحاما... ظاهرها لتوزيع الكتب الاسلامية واشرطة القران، مجانا.. وباطنها، لا تستطيع ان تتجاهل هالة الريبة والحذر الذي يحيط بها...

هذا طبعا ونحن نعيش فترة الذروة للاعتداءات الارهابية التي يرتكبها دعاة الاسلام في نفس هذه المدن...

على الجانب الاخر، فان القوانين الاوربية تثير الريبة بنفس الدرجة لشدة تعاملها المفرط بالقسوة، مع ابسط اشاره او ايماءة من اي مواطن اوربي ولو لمجرد تعاطف بسيط مع الفكر القومي الالماني الموسوم بالنازية..

كمثال، الحكم الذي صدر بحق مواطن نمساوي (الاثنين الماضي 21 اب) بالسجن 18 شهرا فقط لانه قام باداء تحية على غرار التحية النازية عندما كان مخمورا في تشجيع نادي رابيد فيينا قبل سنة بالضبط (اب 2016) واكتشف انه كتب في العام 2013 على حسابه في الفيسبوك جملة "عيد ميلاد سعيد هتلر".

عمليا، لو حاولنا، على سبيل المقارنة بين النازية والاسلام في اوربا، ان نقدم احصائية لعدد ضحايا النازية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى اليوم، مع عدد ضحايا، او عدد العمليات الارهابية التي يرتكبها دعاة الاسلام في اوربا، لتبين ان النازية بكل تاريخها بعد الحرب العالمية لم تقترف ما يرتكبه الاسلاميون في شهر واحد، في هذه القارة، ناهيك عن حرائق بلدان كاملة في الشرق الاوسط...

لو كانت القوانين الاوربية متساهلة مع الارهاب، بدليل هذا الدعم المادي والمعنوي للاسلاميين، فلماذا تتطرف كثيرا في معاقبة مخمور ادى التحية، او كتب عيد ميلاد سعيد لهتلر...؟

بالمقابل، لو كانت القوانين الاوربية صارمة للحد الذي تسجن فيه شاب لمدة سنة ونصف بسبب تهنئة عيد ميلاد، فلماذا تتساهل لهذه الدرجة مع الارهابيين الاسلاميين، بل وتقدم الدعم المعنوي والمادي لهم...؟

الدعم المعنوي هو مقدار الدعاية الاعلامية للاسلام بغض النظر عن شقه السلفي الراديكالي، او المرن، في الصحافة الاوربية، ومحاولة تبرير الجرائم الارهابية بابعاد صفة التطرف الديني عنها، وتصويرها كانها حالات فردية لاشخاص مصابين بامراض نفسية...

اكثر من ذلك، لا يحق لاي مواطن اوربي ان يسيئ الى سمعة الايديولوجيا التي تحرك الارهابيين هؤلاء، لأن القوانين تنزل بحق المتجاوز في هذه الحالة اقصى العقوبات بتصنيفها كجرائم عنصرية، في نفس الوقت الذي توفر فيه الحماية البوليسية للمظاهرات التي تهتف بالموت لاوربا، وتنادي ضمنا بالمزيد من الارهاب.

هذا عن الدعم المعنوي، اما الدعم المادي، الاكثر وضوحا، فهو لا يشمل توفير المباني الملكفة لبناء هذه المساجد، فقط، وانما تمويلها بمنح سنوية، ورواتب للائمة، واعفائها من الايجارات ومن الضرائب، بل حتى دفع فواتير الكهرباء والماء والغاز والاتصالات عنها، منذ ان بدأت بالانتشار، في بداية تسعينات القرن الماضي، حتى هذه الساعة، حتى اصبح بناء مسجد هو احد اكثر المشاريع التجارية نجاحا، وارتيادها هو طريق للحصول على فرص عمل ومساعدات للمرتادين.

بالتاكيد منع النازية في اوربا، وكبح الترويج لها، هو اجراء يهدف الى حماية المجتمع من التطرف العنصري، ولكن المثير للريبة هو السماح، بل ودعم، هذا التطرف الديني، رغم انه يزيد خطورة، وعنصرية، عن التطرف العرقي لدى النازية.

لست في معرض التشكيك بـ "مخططات" سرية لدى الحكومات الاوربية.. لكني فقط اتساءل امام هذه المفارقة عن السر؟؟؟

حسين القطبي