المسلمون في أوروبا


نضال الصالح
2017 / 8 / 3 - 12:39     

لقد جئت الى تشيكوسلوفاكيا للدراسة في عام 1959 وعشت متنقلا بين الجمهوريتين التشيكية والسلوفاكية لأكثر من خمسين عاما لم اسمع خلالها أي تذمر من المسلمين ولم يكن الناس هنا ليهتموا لدينك ومذهبك. في الأعوام الأخيرة أصبح المسلمون مصدرا للتذمر والإزعاج وصل حد الكراهية. لم تكن اخبار الإرهابيين المسلمين واعتداءاتهم على المواطنين العزل في مختلف البلدان الأوروبية العامل الوحيد لهذه الكراهية ولكن سلوك المسلمين المقيمين او القادمين من البلاد الإسلامية وخاصة الخليجية بهدف الإقامة في فصل الصيف او إلى مراكز العلاج الطبيعية في سلوفاكيا والتشيك اثار حفيظة المواطنين وغرس فيهم الشعور بالقرف والكراهية.
تأتي النساء المسلمات وخاصة من الخليج بلباسهن الذي يغطيهن من الرأس إلى القدمين وحتى ايديهن تغطيها كفوف سوداء ويدخلن المطاعم ليأكلن ويراقبهن المواطنون وهم يأكلن بوجوههم المغطاة بالبرقع ويتعجبون كيف تستطيع المرأة إدخال الأكل إلى فمها من تحت هذا الغطاء ويراقبون كيف يتساقط الأكل من تحت النقاب على ملابسهن فيصيبهم القرف ويتعجبون من هذا الدين الذي يجبر المرأة على تغطية كل جسدها بما فيه وجهها.
منذ أيام ودرجة الحرارة في سلوفاكيا قد تخطت الثلاثين والبحيرات والمسابح هي المكان الوحيد للمواطنين من اجل السباحة والهروب من حرارة الجو ولكنك تجد الخليجيات قد ملأن المسابح وهن في كامل ملابسهن الذي يغطي اجسادهن من الرأس إلى القدم وما يعتبره المواطنون غير صحي. ولقد قدم المواطنون عدد من الشكاوى إلى المسؤولين ليمنعوا السباحة بالملابس اليومية ولكن الحكومة تخشى إثارة دول الخليج التي لها معهم علاقات تجارية.
لقد أشار علي طبيبي الذهاب إلى أحد المراكز المشهورة في سلوفاكيا من أجل القيام بالعلاجات الطبيعية، ولقد دهشت من أن المركز مليء بالخليجيين والخليجيات بلباسهن المعهود. وكان علي أن أقيم ثلاثة أسابيع في المركز ولكنني لم أستطع أن أقيم أكثر من أسبوع لما رأيته من عجائب. تذهب المحجبات في المساء إلى الحديقة العامة ومع ان السلطات قد هيأت كل أسباب الرفاهية للمواطنين ووضعت في الحديقة المقاعد المريحة في كل مكان إلى أن أهلنا من الخليج يفرشون على الأرض ويجلسون على الحشيش مما يسبب اتلافه. وأكثر ما اثار المواطنين أن هؤلاء قاموا بتقديم شكوى إلى المسؤولين لمنع المواطنين من جلب كلابهم إلى الحديقة لأن الكلاب تسبب لهم النجاسة.
المسلمون المقيمون في سلوفاكيا كما في بلادهم الأصلية منقسمون ولكل قسم مسجده. وطبعا يقوم الإمام في خطبة يوم الجمعة بشتم المسحيين بقوله" اللهم شتت شملهم واقطع دابرهم ونشف بذرتهم إلى آخرة من الشتائم والمسؤولون وحتى المواطنون يعلمون بذلك. ومع كل هذا يطالب المسلمون بتطبيق الشريعة الإسلامية على المسلمين المقيمين او من حملة الجنسية. ولقد قام رئيس الجمعية الإسلامية في التشيك وهو سوداني الأصل بتقديم طلب إلى المسؤولين يحثهم على تطبيق الشريعة الإسلامية.
الكراهية تجاه المسلمين وصلت حدا أن البرلمان السلوفاكي أصدر قرارا بعدم الاعتراف بالدين الإسلامي، لا في الوقت الحاضر ولا مستقبلا. كما أن التجار المسلمين وأصحاب المطاعم شعروا بانخفاض عدد المشترين وزبائن المطاعم.
يرفع المثقفون المسلمون التنويرين في البلاد العربية شعار العلمانية كحل للمأزق السياسي والفكري الذي تعيشه بلادنا وهو شعار صحيح ويعني فصل الدين عن السلطة السياسية ولكنه لا يكفي. لأن العلمانية لن تصل إلى عمق المجتمع المسلم وستكون الدولة العلمانية في واد وجماهير الشعب المسلم في واد آخر. بالإضافة إلى العلمانية، يجب السعي لتحرير عقل المسلم من سطوة رجال الدين ومن سطوة الخطاب الديني الأصولي. كما يجب غربلة الخطاب الديني من كل الأفكار المتحجرة والعدائية والعنصرية. ، نحن في مأزق يتعمق يوما بعد يوم وإذا لم نسارع إلى علاجه فإن مجتمعاتنا ستفرخ جيوشا من الدواعش وامثالها.