ملاحظات سريعة على خطاب 29 يوليوز 2017


عبد الله الحريف
2017 / 8 / 2 - 21:53     


أكد هذا الخطاب حقائق لم يتوقف النهج الديمقراطي عن طرحها:

1.السلطة الحقيقية في يد المافيا المخزنية، وأساسا جناحها الأمنيي (إشادة الخطاب بقوى القمع واضح في هذا الصدد).


2.هذه السلطة في خدمة الكتلة الطبقية السائدة: البرجوازية الوكيلة وملاكي الأراضي الكبار: وهذا ما يعبر عنه امتداح القطاع الخاص.


3.تأكيد التبعية للإمبريالية الفرنسية والإشادة بدورها “التنموي” من أجل كسب رضاها ودعمها لمواجهة الغليان الشعبي.


واعتبر الخطاب أن المسئولية عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المتردي تقع على:

– الأحزاب والمؤسسات التي لا تقوم بدورها التأطيري وتغلب مصالحها على الصالح العام. وهو تأكيد على أن الحقل الرسمي في واد والشعب في واد.

– الإدارة المتقاعسة في القيام بدورها التنموي وبالاهتمام بقضايا المواطنين والمواطنات.
– القوى “العدمية” التي تدفع الشعب إلى الاحتجاج.
طبعا لا كلام عن مسئولية المخزن، وعلى رأسه القصر، باعتباره القابض على السلطة ولا على دوره المخرب للعمل السياسي والأحزاب وكافة الحقول الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واستفراده بالحكم وتحويله لغالبية الأحزاب والمؤسسات الرسمية إلى مجرد أدوات في يد وزارة الداخلية وقمعه للقوى المعارضة. فكيف لمن مارس هذا التخريب الممنهج لأدوات النضال الشعبي خلال عقود أن يلوم أدوات صنعها للمساهمة في الكذب على الشعب وتخديره على فقدان الشعب الثقة فيها؟ إنها الثمار المرة لسياساته المبنية على الاستفراد بالسلطة والهيمنة المطلقة على النسق الرسمي بكل أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومحاربته الشرسة لأية معارضة حقيقية. ثم أليس المخزن هو الذي عمل جاهدا لترسيخ فكرة أن على الشعب أن يبتعد عن السياسة من خلال محاربته لأي عمل سياسي نبيل؟
ألا يعني هذا الهجوم على الأحزاب ومختلف الوسائط وتمجيد دور قوى القمع الميل نحو المزيد من السلطوية وعمليا ممارسة حالة استثناء غير معلنة، على غرار ما لجأت إليه العديد من برجوازيات الدول “الديمقراطية” للدفاع عن مصالحها في مواجهة الغليان الشعبي المتنامي من تدهور الأوضاع الاجتماعية.
أليس الهجوم على الوظيفة العمومية وتمجيد دور القطاع الخاص مؤشر على أن النظام سيصعد من سياسة التقشف لتسديد الديون للمؤسسات المالية الإمبريالية؟ هذه الديون التي لا يعرف الشعب كيف صرفت. إن تقليص عدد الموظفين العموميين في إطار ما تسميه النيولبرالية “دولة أقل” لن يمس قوى القمع والإدارات التي تخدم مصالح الكتلة الطبقية السائدة والإمبريالية التي ستتضخم، بل سيتركز على الخدمات الاجتماعية والثقافية وغيرها من القطاعات التي تلبي الحاجيات الشعبية، والتي ستعرف بالنتيجة مزيدا من الخوصصة أي فرض مزيد من الأعباء على الشعب؟

إن تحميل المسئولية للموظفين هو من باب “طاحت الصمعة، علقوا الحجام”. فالأمراض الحقيقية التي تعاني منها الإدارة المغربية ليست سوى أحد تمظهرات الفساد والإفساد الذي تتقنه المافيا المخزنية، بل جعلت منه أحد أهم أركان سياسة الضبط الاجتماعي من خلال تشكيل شبكات من الزبائن تدين الولاء للمخزن عوض القانون ومصلحة الشعب. فالمحاسبة، لتكون، ليس عادلة فقط،، بل فعالة تؤسس لتغيير حقيقي يجب أن تتصدى لأصل البلاء، ألا وهي المافيا المخزنية. فكما يقول المثل:”الدروج تتغسل من الفوق” إلى تحت وليس العكس.

يلقي الخطاب جزءا من المسئولية على ما سماه “العدميون”. وهو بذلك يقصد كل من يناضل ضد هذا الوضع الفاسد، إما من داخل المؤسسات الرسمية و/أو من خارجها وأساسا في الشارع. فهو بذاك يريد ترهيب القوى المناضلة ويعمل جاهدا على تأبيد الوضع القائم. مما قد يدخل البلاد في نفق مسدود معبد بالقمع والمزيد من تفقير. اللهم إلا إذا وعت القوى الحية دقة الظرف الحالي وغلبت مصلحة الشعب على الحسابات الضيقة وتجاوزت الخلافات وجعلت من هذه الأزمة العميقة مناسبة لتوحيد صفوفها في إطار جبهة واسعة للنضال من أجل تغيير حقيقي يتمثل، الآن وهنا، في التخلص من المخزن وبناء نظام ديمقراطي. فمزيدا من الجرأة ومزيدا من الصمود والنضال ومزيدا من الوحدة.
•عبد الله الحريف، في 02 /08 /