سوريا وطن الجميع ومسؤولية الجميع


بدر الدين شنن
2017 / 7 / 31 - 12:21     

سيكون وضع سوريا أفضل ، في نهاية العام ( 2017 ) . وسينعقد أربع مؤتمرات للمعارضة السورية في جنيف خلال هذه المدة .. هكذا صرح المندوب الأممي " دي مستورا " ، إثر انتهاء مؤتمر " جنيف 7 " الأخير .
وكر السيد سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا ، مضمون تصريح المندوب الأممي .. بتصريح لاحق .
وكلا التصريحين غير مضموني التحقق ، ولا جدوى مؤكد تحت سقف جنيف ، في مفاوضات باردة كما هو الحال سابقاً .
بيد إن كلا التصريحين ، يفسران دون لبس ، أن المسألة السورية ، لن تنتهي هذا العام ، وهي مستمرة الحضور ، برسم التفاوض في جنيف ، في زمن قادم غير محدد ، وأن الحرب مستمرة ، والمعارضة المصونة قابعة في منصاتها .. وفي فنادق إقامتها المختارة .. مستمرة . ومعاناة السوريين ، في مختلف أماكن تواجدهم .. في منازلهم المهددة ، أو المحاصرة ، والنازحين ، والمهجرين ، في الداخل والخارج مستمرة ،

وذلك لأن بنود الصفقة الدولية ، الأم للصفقة المحلية ، لم تكتمل بعد ، ومعوقاتها كثيرة .. تـتجا ذبها أشكال حسب عدد ووزن الفاعلين المتدخلين في الأزمة السورية . وأكثرها تداولاً هي مسألة تقسيم سوريا إلى دويلات ، تشبع شغف الأقليات الانفصالية ، المتفهمة خطأ للظروف الدولية ، و شكلت منظمات ، ونظمت جيوش ، واحتلت بعض المواقع ، التي تعتبرها جغرافية دولتها المقبلة ، وقبلت أن تكون أدوات غبية في اللعبة القذرة ، لتمزيق وطنها وضياعه ، وتشبع شغف المعارضات السورية المأجورة ، بالتربع على كراسي السلطة ، والتمتع بالهيبة والثروة . وتشبع شغف الدول الكبرى ، وخاصة أميركا للهيمنة على الشرق الأوسط ، واستكمال حصار روسيا والصين والهند ، التي تهفوا .. بحق .. إلى قيام عالم متعدد الأقطاب والنفوذ .
ومتى سيتم التوصل إلى هذه الصفقة .. لا أحد يعلم . وتبقى إجراءات إنجازاتها ، تجري فوق وتحت الطاولة ، وبشكل خاص عبر التحركات العسكرية الميدانية .. تبقى .. مستمرة .

وفي هذا المشهد المؤلم ، يبرز الدور الخارجي ، التد خلي ، في الشأن السوري ، الذي صادر أو كاد ، قرار المصير السوري . هو الفاعل الأول ، المخطط ، والطامع في كل مراحل الأزمة والحرب . وهو يدعم ويقود مجمعات معارضة يائسة من الوصول إلى السلطة ، بالوسائل المتوفرة لديها فقط . وهو من يدعم ويقود جماعات الإرهاب الدولي ، التي أنشأها ، وساقها إلى سوريا ، مدربة .. مسلحة .. إنه الأميركي المغامر .. والمستضعف للشعب السوري .

أما الدور الخارجي الآخر، في المشهد ، فهو الروسي ، الذي طلبت منه الحكومة السورية ، التدخل لمساعدتها في الحرب ضد الإرهاب ، ومساعدتها لتأمين الاستقرار في البلاد .. فإنه رغم دوره الداعم الصديق ، ضد الإرهاب ، ومساعدة الحكومة على تأمين الاستقرار في الداخل ، إلاّ أنه ، باعتباره الأقوى ، ومصدر قوة الأصدقاء ، فإن له خصوصيته ورأيه وقراره المميز في الشأن السوري ، في المسائل المفصلية الأساسية ، السياسية والعسكرية .

ويبرز في المشهد أيضاً ، دور الداخل ، الحكومي ، الذي يتحمل بالضرورة مسؤولية الحفاظ على الوطن ، والدفاع عنه ، ضد عدوان الإرهاب الدولي ، وكافة التدخلات الدولية المعادية . والمطلوب الآن تأمين مقومات ومقويات هذا الدور ، بالتعامل مع قوى الداخل ، حيث لابد من مخرج للصراعات ، التي كونت المعارضة ، أو استغلت من قبل الغير الأجنبي ، لتأجيج أزمة البلد المتراكمة ، في مرحلة انقضاض "" الربي العربي " ، خدمة لقوى الخارج التآمرية المخادعة . ومن أسف أن هذا المخرج لم يتم التوصل إليه . وتأزمت العلاقات بين المعارضة والحكومة ، ما أدى إلى فشل الجهود المبذولة ، خاصة من الدول الصديقة ، في جمع الطرفين ،مباشرة ، تحت سقف واحد هو سقف الوطن .

وليس من الصعب تحديد المسؤول عن هذا الفشل، الحكومة .. أم المعارضات . والدليل لمعرفة ذلك هو عدد من الأسئلة الموضوعية ، هي أولاً .. من يقود قوى ميدان القتال ضد قوى الإرهاب الدولي المدمرة المتوحشة ، الذي هو مستمر منذ سبع سنوات ومازال ..وهو يتابعه يومياً في أصعب الظروف . ومن يدفع الدماء ثمناً للدفاع والهجوم في هذا القتال . والدليل أيضاً هو من يبذل كل طاقته ، لحماية المدن والبلدات والقرى من ظروف الحرب الكارثية المدمرة ، ومن النهب واستباحة الدماء السورية .. ومن آثر الدأب في المعارضات في الحرب الوطنية المستعرة ليل نهار على مواصلة العداء الداخلي مع الحكومة وغيرها . والدليل أيضاً .. من يقاوم .. ومن يساوم .. ومن يتمنع عن مخرج الحل السياسي الوطني .
ومن المؤسف الميكي ، أن المعارضات المتحالفة مع قوى الإرهاب ، تصر على أنها هي أقوى من الحكومة ، ومن حقها أن تكون هي بديلاً لها .

واللافت أكثر في وضع المعارضات الهزلي ، أنها مقسمة إلى تكتلات متباعدة في مراكز سميت .. منصات . وهي موزعة بين الدافعين والمانحين لنفقات المعيشة الفخمة . والمعلن منها حتى الآن هي .. منصة الرياض .. ومنصة موسكو .. ومنصة القاهرة . ولم يعترف بعد بمنصة باريس . واكتفت استانبول بإيواء المجلس الوطني .
وفي هذه التنوعات والتفرعات ، يزداد المشهد السوري بؤساً . ففط الجيش السوري يكرس ويرسخ العمل الميداني العسكري الذي انتزع الأهمية الأولى المشرفة في المشهد السوري . وهو ينشر المناخ الوطني بانتصاراته المتوالية ..وما على المعارضات وغير المعارضات السورية إلى القبول بالاستقالة .. او المتابعة الوطنية المؤدية إلى الانتصار

إن المصلحة الوطنية العليا تتطلب ، إنها ء من المنصات ، وتوحيد الجهود والمواقف ، لإنهاء الحرب ، واستعادة قرار المصير السوري ، واستعادة الأمن والاستقرار واللقمة الكريمة لكافة أبناء الشعب .
إن الحقيقة المؤكدة في ظروف الحرب الوطنية .. والخسائر الكارثية .. أن لا أحد ضمن القوس السوري .. براء من المسؤولية .. المادية .. أو السياسية .. أو الوطنية .. أو الأخلاقية .. إزاء حماية الوطن ووحدته .. داخل الحكم وخارجه .. معارضاً سياسياً .. أو معارضاً غير مسلح .. أو غير معارض ..

ولأن الجميع يدعي الحرص على أن يكون الوطن للجميع ، فإن حماية الوطن ، والحفاظ على وحدته وتقدمه هي مسؤولية الجميع .