ماذا ينوون من الاستفتاء في إقليم كردستان العراق؟!


جمال احمد
2017 / 7 / 11 - 11:08     

ان الاستفتاء المزمع إجراءه في أيلول القادم قد أخذ حيزا كبيرا في النقاشات بين الأوساط السياسية وبدوره أيضا انعكست في النقاشات اليومية بين جميع فئات الشعب الكردي وعموم العراقيين.
وكما في الكثير من المسائل المهمة ، تطفو إلى السطح جبهات الموالاة والمعاداة وفي جعبتهم الكثير من الحجج ,( لا تهمني تصريحات الكتل القومية والدينية كي يضمنوا مصالحهم ويصفوا حساباتهم), لكن أسفي على قسم من اليسار في التطبيل والتزيين للجوقة القومية وإغماض أعينهم عن الكوابيس والكوارث المخبأة في جعبة القوميين الأكراد. لكن الأمل في أصوات الشيوعيين التي علت للتحذير من مغبة اللعبة المخفية في الاستفتاء وكذلك الجماهير العريضة المستاءة من السلطة الحاكمة في الاقليم والتي لا تثق بها مطلقا ، وايضا جيل الشباب الحالي والذي لا يعرف معنى للظلم القومي ولم يعايشوه ولا يبالون بحله بقدر ما يريدون حياة مدنية معاصرة وحقوق إنسانية .
كي نفهم هذا الاستفتاء صراحةً ، لايمكن الانطلاق من ادعاءات القوميين ومن الجمل الرنانة لإخفاء مقاصدهم ( هناك ظلم قومي على الأكراد وان الاكراد يحق لهم تكوين دولة خاصة بهم ، وعليه سيمهد الطريق للاشتراكية) ، وانما في التحليل للأوضاع القائمة الآن وماذا ينوون من الاستفتاء!!.
هناك استقطابات عالمية وإقليمية ومحلية حادة برزت الى الوجود بشكل واضح بعد الأزمة الاقتصادية عام 2008 ،وكل قطب اتكأ على حلفاءه ومعاداة أعداءه، يريد ان يضمن استحقاقاته المحلية والإقليمية . ان الاستفتاء الحالي المطروح من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني لهو مشروع تركي للضغط على الجانب الإيراني (إقليميا ) لتأمين مصالحه في العراق وسوريا (او ضمه في أسوء الاحتمالات ) وستكون ورقة غربية لطرحه امام المحور الروسي بعد فشل داعش في لعب دوره في المنطقة.
بهذا الاستفتاء يريدون تحويل المنطقة الكردية الى ساحة تصفية الحسابات بين الإطراف المتناحرة وجرها لحروب كارثية والذي هو في غنى عنها.
ليس هناك مصلحة للطبقة العاملة ولا للشيوعيين في إقليم كردستان في الارتماء في حضن امريكا او روسيا ام في حضن تركيا او ايران او التصفيق للحزب الديمقراطي الكردستاني او الاتحاد الوطني الكردستاني.
******************
مع الاقتراب من نهاية داعش ، تكون تركيا قد خسرت احدى أقوى أوراقها في المنطقة ، وانها لاتريد ان تخرج خالية الوفاض ، وان إنتاجها الوطني تحتاج لأسواق واسعة يجب الحصول عليها باي ثمن . وان كردستان العراق وبقيادة مسعود البرزاني هي ورقته الوحيدة الآن ، فلن تتخلى عنه ابدا للحصول على مبتغاها .
قبل عشر سنوات سمعت بمشروع استقلال كردستان العراق والتحاقه او إلحاقه بتركيا ، والآن ومن خلال هذا الاستفتاء يخطون لتطبيق تلك العملية. واني أرى سيناريوهات عديدة من وراء هذا الاستفتاء :

اولا: استخدامه كورقة ضغط على الحكومة العراقية بتأمين سوق رائج لتركيا في العراق( وكذلك الحصول على الامتيازات في سوريا) ، وهذا ما لا يستسلم له لا ايران ولا الكتلة الشيعية الحاكمة في العراق ولا روسيا ولا حكام سوريا.

ثانيا: إعلان الدولة الكردية في شمال العراق ودخوله مع تركيا بحلف او معاهدة كي يلبي طلبات تركيا أولا والاستمرار بالتحرش بالعراق على المناطق المتنازعة (وهذا يؤدي إلى حرب وصدامات قومية طويلة الأمد).

ثالثا: في حال فشل البرزاني في التوصل الى بناء ذلك الحلف او المعاهدة ( نتيجة الضغط الداخلي ) فان تركيا ستدخل بناءاَ على طلب رسمي من الحكومة الكردية ( ان بقى البرزاني في الحكم) او دخوله عنوة ( ان سقطت سلطة البرزاني ) كما فعلت في القبرص.

رابعاَ: وامريكا ستستغله أيضا في صراعاته مع المحور الروسي.

ان جر المنطقة الى الحرب بالوكالة نيابة عن هؤلاء اللصوص المتحاربين من اجل اقتسام الغنيمة لهو جريمة دنيئة بحق البشرية وبحق سكان الإقليم وعموم العراق.
وان السؤال الأهم الذي يراوح في رؤوس عامة الشعب الكردي حول هذا الاستفتاء هو ، هل الاستفتاء سيحسن وضعهم المعيشي العام؟؟ اي هل يستطيع المواطن الحصول على راتبه؟ وهل ستتحسن الخدمات الصحية والتعليمية المتاحة للعامة ؟هل سيتوفر الأمن والأمان ، وتنتهي عصر المليشيات والشقاوات؟هل سيتوفر العمل والسكن ؟ والكثير من المطالب الأخرى .
بالتأكيد أقول ستصبح أردأ واسوأ ، من جراء النتائج المباشرة والعرضية لتلك النوايا من الاستفتاء.

وان الحديث عن الحصول على الكرامة والعزة القومية وصيانتها للمواطن الكردي ليس الا دعاية فارغة ، و مهانة له و انتهاك لكرامته مسبقا من قبل السلطة الحاكمة في الإقليم بأحزابها وأجهزتها القمعية ، قبل اي قوم غريب! .