معارضة الأغلبية


محمد باليزيد
2017 / 7 / 9 - 18:59     

["وتساءل (ساءل) فريق البيجيدي لفتيت ، عن المسؤول عن إعطاء التعليمات لاستخدام العنف لتفريق وقفة احتجاجية سلمية؟ وما هو الأساس القانوني الذي استند عليه؟ وماهي الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها لمحاسبة المسؤولين عن المس بالحق في التظاهر السلمي؟"] http://lakome2.com/politique/28936.html
فريق برلماني من أقوى الأحزاب المشكلة للحكومة حيث أن رئيس الحكومة منه، فريق كهذا هل يشرفه طرح هذا السؤال على وزير الداخلية؟
المفترض أن وزارة الداخلية هي جزء من الحكومة وأن هذه الأخيرة لها رؤية منسجمة وموقف واضح موحد خاصة اتجاه ملف عمره أشهر ولم يعد مفاجئا كي تقبل فيه التصرفات الاجتهادية، من طرف هذا الوزير أو ذاك. ملف بمستوى حراك الريف والتظاهرات المساندة له لم يعد مقبول فيه "الخطأ ثم مساءلة المخطئ".
وحتى لو أننا أمام استعمال للعنف في وجه حملة ملف مفاجئ ، لم يكن لدى الحكومة الوقت الكافي لتدارسه، فإن من عليه طرح ذلك السؤال الذي طرحه فريق البيجيدي هو فريق من فرقاء المعارضة وليس فريق من فرقاء الأغلبية. إن طرح السؤال من طرف فريق من فرقاء الأغلبية يجعلنا أمام أمر من الأمور التالية أو أمامها جميعها:
- فريق البيجيدي بطرحه هذا السؤال يضع نفسه في موقع البريء من تصرف وزارة الداخلية وهو بهذا إما أنه:
* لا يفهم معنى العمل الحكومي.
*أو يفهم ذلك جيدا ويريد تدويخ الشعب المغربي بحيث يبقى رصيده الجماهيري المعتمد على معارضته (حين كان خارج الحكومة) يبقي على هذا الرصيد حيا رغم أنه المسؤول الكبير الآن عن الممارسات التي كان ينتقد يوم كان يستقطب الجماهير المقهورة. وبهذا التصرف فإن هذا الحزب سيكون مسؤولا عن تمييع ما بقي لم يميع من السياسة إذ أن هذا سوف يؤدي بنا إلى الخلط في مفاهيمنا بحيث لن نعد نميز بين حزب في المعارضة بين حزب في الحكومة مسؤول عن السياسة المنتهجة.
- وزير الداخلية فعلا خارج عن سلطة الأغلبية التي لا تُسَير سوى "الفتات" من أمور البلاد. وأمام هذا الوضع، نرى أنه على حامي الدين وكل أطر البيجيدي إن ما يزالون يعتبرون أنفسهم ذوي مصداقية (في وجه مريديهم). يجب عليهم أن لا يبقوا داخل حزب يبيع الوهم لمريديهم وللشعب المغربي كافة. إن حزبا يضع رجْلا في الحكومة من خلال وزرائه ورجْلا أخرى في المعارضة من خلال من لم يستوزروا واعتبروا أن كل من لم يستوزر من حزب الأغلبية من حقه أن يضع رجله في المعارضة، إن حزبا كهذا لا يعبر سوى عن بلادة سياسية أو محاولة تبليد الشعب المغربي.
إن الحلقة المفرغة: "ممارسة جزء من الدولة للشطط والخروج عن النصوص القانونية والدستورية ثم خروج بعض ذوي الحناجر في البرلمان، بعد أن يشربوا كأس شاي ومودة مع السيد الوزير، ليتساءلوا بحرارة أمام الكاميرا عن المسؤول عن الشطط ومن أعطى الأوامر ثم ينسى المغاربة ذلك أو يتناسوه كرها .... ثم يتكرر نفس السلوك السلطوي كلما دعت "دواعي أمن البرجوازية والمفسدين" ذلك وهكذا. إن هذا لم يعد ينطلي على المغاربة الذين وعوا أن برلمانهم لم يعد سوى قاعة تسلية وتمثيل، ليس تمثيلهم، يضحكهم حينا ويستفزهم أحيانا دون أن يحل مشاكل البلاد العويصة.
لقد مر البرلمان المغربي ب"مرحلة تمثيلية" أولى حين كانت فرق الأقلية المعارضة "بايعة الماتش" ولم يكن صراخها أمام الكاميرا سوى تمثيلا. والآن نحن في مرحلة "أرقى" حيث على الأغلبية أن "تمثل" دور المعارضة "الممثلة أصلا". ابتكارات لم يخطر على بال "مبتكري الديمقراطية"، المفكرين والسياسيين والفلاسفة الغربيين، لم يخطر على بالهم أن ابتكارهم سيتطور عبر التاريخ إلى صور كهذه، وفي الرقع المتخلفة من الأرض وهنا المفارقة.