حوارات التمدن: حواري مع سمير نوري حول افاق الصراع الطبقي في العراق في خضم المرحلة السياسية العالمية الجديدة والاستقطابات الاقليمية!


ماهر عدنان قنديل
2017 / 6 / 22 - 16:11     

الأستاذ سمير نوري ضيف سلسلة حوارات التمدن:

تعريف بالأستاذ سمير نوري: سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي (المصدر: الحوار المتمدن).

البداية:

* ماهر عدنان قنديل: تحياتي الأستاذ سمير نوري، بسبب هذا المد الطائفي المتصاعد في المنطقة تحولت الصراعات الطبقية إلى صراعات طائفية ولم يعد العامل العراقي البسيط يجد ما يجمعه مع من يوازيه طبقيًا رغم المشتركات الاجتماعية والحياتية الكثيرة بل أصبح كل همه النضال لنصرة أبناء طائفته غير مبالي بالتفاوتات الطبقية الموجودة في طائفته نفسها وهذا لب الموضوع حسب رأيي بحيث لم تعد النضالات الطبقية تجدي نفعًا في عصر غسيل العقول بالفتاوى الطائفية والعرقية الذي تعيشه المنطقة وهو ما يشكل تحول اجتماعي دراماتيكي خطير يعيشه الشرق الأوسط عمومًا؛ فلم يعد هناك اليوم من يهتم بالنضال الطبقي في سبيل تحسين مستواه المعيشي والنهوض بالمجتمع بل كل النضال أصبح مرتكزًا على التعارك الطائفي والعرقي، وأصبح البعض مُستعدًا حتى للتضحية بنفسه وحياته من أجل نصرة طائفته رغم أن المُنتصرون والمُستفيدون في الأخير هم طبقة برجوازية معينة هنا أو هناك..

* سمير نوري: اخ العزيز ماهر عدنان شكرا لمشاركتك و مرورك ، و اني يهمني التركيز على النضال الطبقي و نظرية النضال الطبقي، و مستوى النضال الطبقي. اولا وجود النضال الطبقي لا تعتمد على تقسيم المجتمع عل ألأحزاب و الميليشيات و القوى الرجوازية و سيطرة افكار و افاق الحركات الأجتماعية البرجوازية وما هو السائد في المجتمع. المجتمع العراقي حال حل أي مجتمع اخر في المنطقة مجتمع رأسمالي اي العلاقات الأجتماعية- الأقتصادية فيه مبني على استغلال العمل المأجور ومنقسم بين طبقتين رأيسيتين هما الطبقة البرجوازية و الطبقة العاملة . و الطبقة العاملة لا تستطيع ان تعيش بدون اعتراض بدون نضال وبدون اضرابات و بدون تنظيم نفسها في ادنى مستوياتها الى اعلى مستوياتها، لهذا عدم وجود نضال طبقي غير صحيح بتاتا و نحن شكلنا حزبا سياسيا على اساس و جود هذا النضال بالذات. الأضرابات العمالية اصبح ظاهرة واضحة كاضراب عمال الطاقة الحرارية في الزبيدية و اضراب عمال معمل سمنت كركوك و نضالات عمال شركة نفط الجنوب ضد الخصخصة و مظاهرات عمال النظافة في الشطرة و الناصرية و هناك عشرات الأضرابات العمالية لم تسجل و لم تنشر من قبل الأعلام. و هناك نقابات و مجالس عمالية فرضوا قانون العمل على الحكومة بنضالهم الدؤوب و الآن هناك نضال جاري حول قانون الضمانات الأجتماعية و تشارك في ذالك النضال القادة و المنظمات العمالية و نحن لنا دور جدي في هذه النضالات. اننا نعتر النضال من اجل العلمانية و النضال من اجل مساواة المرأة بالرجل و النضال من اجل حرية التعبير نضالات طبقية و تشكل ميادين للنضال الطبقي. و لكن دور وتأثير التقسيم الطائفي و الديني و القومي واضح على تطور هذا النضال ليس فقط في العراق بل في المنطقة قاطبتا. ان البرجوازية العالمية و المحلية سعيا منها لايقاف الربيع العربي و سلسلة الثورات في المنطقة خلق اكبر الحروب لغرق الجماهير في بحيرات الدم. علما ان هناك نظريات و منهج فكري تنكر حتى وجود الطبقة العاملة و ليس فقط النضال الطبقي و هذه النظريات ترجع لليسار التقلدي و اليسار البرجوازي، على عكس من هذه التصورات و النظريات نحن سمينا انفسنا شيويعون عماليون و نحن نعتبر الشيوعية العمالية قبل ان تتواجد في الأفكار هي موجودة على الأرض الواقع و شي مادي و اجتماعي و نحن ننتمي لذالك الحركة كما عبروا عنها ماركس و انجلز في البيان الشيوعي.

* ماهر عدنان قنديل: قد تكون هناك مسببات لهذا الخلاف اليساري في العراق وأنا أتفهم وجهة نظركم لكن مع التراجع الذي تشهده الحركة اليسارية عمومًا دوليًا وإقليميًا، ألا تعتقد أن هذا الانقسام والتجزؤ في الحركة اليسارية سيزيد الطين بلة ويعقد من أدوارها سياسيًا وإجتماعيًا في العراق؟

* سمير نوري: اني لا اوافقك بان اليسار متراجع في الوقت الراهن، بل اني ارى ان الحركة اليسارية بدأت بالرجوع الى لعب دورها ، طبعا هذا الكلام في زمان و مرحلة معينة. اذا نقيس وضع اليسار ببداية التسعينات لما بدأت البرجوازية بحملتها الشرسة بعد سقوط الكتلة الشرقية و سقوط جدار برلين و اعلانهم بموت الشيوعية و نهاية التاريخ، اكثرية الأحزاب الشيوعية غيروا اسمائهم و راياتهم الحمر برايات و اسماء اخرى. هل تعرف نسبة بيع كتب كارل ماركس و الرجوع الى كارل ماركس باي نسبة ازدادت في هذه المرحلة حتى شخصية بورجوازية مثل بيل كيت قال فقط الأشتراكية هي الحل. اننا الآن نعيش فترة الرجوع و فترة مرض النمو.
سبب الخلافات ليس التراجع بل السبب ترجع الى الأنتمائات الطبقية و الحركات الأجتماعية على صعيد المجتمع. هناك يسار قومي و وطني و هناك يسار عمالي و اجتماعي. هناك تيارات سياسية و فكرية و مكاتب عالمية تؤثر على القوى اليسارية في العراق. هناك التروتسكية و الاورو شيوعية و الأحزاب التقليدية على خط الأتحاد السوفيتي و هناك ماوية و هناك شيوعية عمالية و تيارات اخرى داخل اليسار ، لا يمكن اذابة الجميع في بودقة واحدة.
اننا نتحدث عن الشيوعية العمالية و اليسار الأجتماعي الشيوعية التي تنمو داخل الطبقة العاملة و اكثرية الجماهير الكادحة ومعترضة ضد الرأسمالية و تناضل من اجل عالم افضل و اننا نسعى لتنظيم هذا الصف في حزب واحد وثوري و هذا التيار تيار اجتماعي و مادي و اسع و في نمو متسارع و خاصتا بعد الأزمة البرجوازية العالمية و نزول ملايين من الناس الى الشوارع ضد البرجوازية.

* ماهر عدنان قنديل: اجتماعيًا، أنا أوافقك تمامًا أن اليسار يشهد تصاعدًا في المنطقة، في حين أنه سياسيًا يشهد تراجعًا منذ نهاية الحرب الباردة لم يستطع معها فرض نفسه على الساحة السياسية وذلك لعدة أسباب، لذلك أعتقد أن على اليسار في المنطقة وفي العراق بالتحديد استغلال هذا المد المجتمعي لتوحيد الخطاب والتوجهات تساعده على تحقيق مزيد من النجاحات السياسية، على كل هذا مجرد رأي يحتمل الصواب والخطأ، كما أنكم في موقع يسمح لكم بملامسة الصواب أكثر منا..
كسؤال أخير حتى لا أثقل عليك أخ سمير وهو سؤال اعتيادي سألته لمعظم من مر من هنا يتعلق ينظرتك لمستقبل المنطقة ولمستقبل الصراع ما بين الرجعية والتقدمية؟ هل أنت كمناضل تلامس الوقائع متفائل بمستقبل المنطقة؟ أم أن الأوضاع تتجه من سئ إلى أسوأ؟

* سمير نوري: اني اوافقك يجب استغلال هذا المد المجتمعي لتقدم الى الأمام و تطوير الحركة الثورية و الشيوعية والعلمانية و المساواتية .و نحن لا نتردد ان نمد اليد و العمل مع اي قوى لتطوير الحركات العمالية و الثورية في المجتمع و للحصول على المكاسب و التغير في التوازن القوى لصالح التقدم لانجاح الثورة الأجتماعية للطبقة العاملة.
اني ارى ان المجتمع تتوجه نحو اليسار و التمدن و الشيوعية و بهذا المعني اني متفائل و اني ارى انتهى المرحلة التي بدأت في بداية التسعينات من القرن الماضي واني اعتبره اسوء مرحلة مرت بها العالم مع بزوغ الدموي لنظام العالمي الجديد. في ذلك الفترة الكلام عن الشيوعية و الثورة كانت تواجه السخرية لكن ذالك المرحلة انتهت بعد ثورات الربع العربي و حركة 99% في امريكا و الغرب والتوجه نحو اليسار و نزول الملايين الى ساحات التحرير و الشوارع و خاصتا الرجوع الى كارل ماركس اصبح شيئا ملموسا لو ما كان ذلك لا سانردز في امريكا و لا كوربين في بريطانيا ( و لو انهم يمثلان اليسار البرجوازي)لم يحصلا على نسبة كبيرة من الأصوات في الأنتخابات. في الحقيقة التغير واضح لكن هذا صراع سياسي و اجتماعي و نحن نواجه بورجوازية شرسة و بربرية نجاحنا و نصرنا نحو الأفضل مرتبط بعملنا و براكتيك طبقتنا و دور الشيوعيين الثوريين للقيادة في الوقت الراهن و تشكيل الأحزاب الشيوعية العمالية من اجل هذه المهام.

(انتهى)