فوز حماس اتى من الاحتلال و الارهاب و الفساد وليس من صناديق الاقتراع


آسو كمال
2006 / 1 / 31 - 09:34     

نتيجة لاستمرار اوضاع الحرب، الاحتلال الاسرائيلي، الارهاب الاسلامي و الفساد الاداري و المأزق السياسي لفتح ،حصلت حركة حماس على اغلبية الاصوات في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية. ان هذا الفوز لحماس ياتي بقلق أكبر لشعب فلسطين و مستقبل السلام في فلسطين والشرق الاوسط.
ان هذه الاحداث السوداء التي جرت في الانتخابات العراق والفلسطين ، تظهر الحقيقة التالية بان الانتخابات في الشرق الاوسط اصبحت وسيلة صعود القوى التي تغرق المجتمع في الارهاب و عدم الامان الى السلطة حتى تستطيع تثبيت انفسها على الجماهير كبديل قسري واجباري. اِن الاسلام السياسي في فلسطين و العراق هما، وجراء الارهاب و الاحتلال، ينال السلطة و يدير هذا الارهاب و عدم الامان الى أن يثبت سلطته الرجعية.
اِن تصاعد الاحزاب اليمينية و المتطرفة الاسرائيلية و استمرار احتلال فلسطين هي ارضية تنامي و تصاعد الاحزاب اليمينية و المتطرفة الاسلامية في الطرف المقابل، فلسطين. وبالاخص، في الوقت الذي تواجه الحركة القومية العربية و التيار الحاكم في فلسطين مأزقاً سياسياً في انهاء الاحتلال الاسرائيلي، وكان الفساد الاداري خلال 10 سنوات المنصرمة قد ترك ثقلاً لاتحتمله الجماهير المحرومة في فلسطين، ولهذا السبب فان منظمة التحرير الفلسطينية وفتح ليسا جواباً سياسياً و أقتصادياً في هذه الانتخابات وفق راي الشارع و الرأي العام الفلسطيني. اِن الجماهير المحرومة التي لم تبقى لها ادنى فرصة للتفكير في ظل الحلقة الدموية للاحتلال والارهاب و الجوع ، تعد الانتخابات تعبير اجباري عن اعتراضها الموجه للذين في السلطة الى الآن. لكن نتائج الانتخابات هذه لن تجلب حلاً سياسياً و أقتصادياً للفلسطينين بل اِن صراع الجناحين اليمينين لكلا المجتمع الاسرائيلي و الفلسطيني يساق نحو اوضاع اشد و يطيل من عمر الاحتلال والارهاب. في ظل الحرب و سلطة جبهة اليمين و التطرف الاسلامي و الاسرائيلي لن تتحرر فلسطين من الاحتلال و لن يحل السلام في الاسرائيل. فوز حماس رسالة سوداء لاطالة امد الاحتلال و الارهاب و الشعب الفلسطيني هو اول الذين يدفع ضريبة قاسية.
اِن الاسلام السياسي في الشرق الاوسط، وبفضل اشاعة اجواء الارهاب ووجود الاحتلال الامريكي والاسرائيلي ، وفي ظل سلطة الجمهورية الاسلامية الايرانية والدعم السعودي، اصبح قوة تفرض نفسها كشريك في السلطة على الصعيد الاقليمي. اِن موقف الناسيوناليستية العربية هو في مد و جزر الهجوم و المساومة لتقليص مدى قوة هذه الشريك الاسلامي. اِن أمريكا وأوروبا ايضاً محاصران في حلقة مفرغة من حرب الارهاب ولذلك تدفعهم اجباراً مقاييسهم البراغماتية للقبول بشراكة الاسلام السياسي كجزء من تركيبة السلطة في المنطقة.
خلافاً لكذب و دعاية تنامي الديمقراطية في الشرق الاوسط، ان نتائج الانتخابات في العراق و فلسطين هي تصاعد واعطاء زخم سلطة الرجعية الاسلامية في المنطقة. ان هذا الواقع يضع مستقبل الشرق الاوسط امام خطر جدي. من جهة، هناك أمريكا و أسرائيل لايريدان انهاء الاحتلال في العراق و فلسطين و يواصلان حرب ارهاب طويلة الامد لحفظ سيادة سلطتهم وان يكن هم تحت ضغط مستمر من قبل حلفائهم. وفي الجهة الاخرى ،ان الاسلام السياسي، وعبر تهديدات بن لادن و حماس و حزب الله و السلطة الشيعة في العراق وصولاً للتهديدات بحق ايران في امتلاك السلاح النووي، يفرض نفسه كشريك في السلطة التي خنقت واشاعت ظلام امام بقاء وسيطرة أمريكا في المنطقة. اِن هذا التوازن غير المستقر ترك مستقبل المنطقة في هاوية عدم وضوح و عدم امان يمسح يوماً بعد يوم كل مظاهر حياة مدنية في هذه المجتمعات و يسهل الارضية لتفوق الرجعية الاسلامية و القوى اليمينية و الدينية في المنطقة.
اِن سبيل خلاص الشرق الاوسط و حل مشاكل فلسطين والعراق لاتكمن في الانتخابات الجارية، بل على العكس، ان هذه الانتخابات، وفي ظل الاحتلال و الارهاب و الفساد فقط تدفع بالقوى اليمينية و الاسلامية لبلوغ السلطة و بقائها. ان السبيل اليوم يكمن بانهاء الاحتلال الامريكي و الاسرائيلي و الارهاب الاسلامي و فساد الاحزاب الحاكمة التي يجب أن تقوم به الاحزاب و القوى اليسارية والشيوعية في فلسطين و العراق و اسرائيل و أيران و المنطقة. اِن تقوية و الظهور الميداني لقوى اليسار والشيوعية و دعم العالم المتمدن و الداعي للحرية يستطيع أن يسد الطريق على المستقبل الاسود و المظلم التي تدفع بهذه المجتمعات نحوه.
اِن الموقف الذي يجب أن تتخذه جماهير كردستان من مثل هذه الانتخابات في العراق و الفلسطين هو أن تبعد مستقبلها من سلوك مثل هذه الانتخابات واوضاع الاحتلال والارهاب والفساد. ان هذه الاوضاع والانتخابات جلبت الاسلاميين الى السلطة و سلمتهم مصير المجتمع واصبحت كردستان كجزء من العراق في خضم حرب الارهاب هذه و سيطرة الاسلام السياسي. لقد غدا الآن الاسلام الشيعي والسني و النايوناليستية العربية القوى الرئيسية في العراق وغدا معه مستقبل كردستان مرهون باقتتال هذه القوى على السلطة. في ظل مسألة الفساد الاداري للاحزاب الناسيوناليستية الكردية(الاتحاد الوطني الكردستاني و الحزب الديمقراطي الكردستاني) والمأزق السياسي لمشروعهم الفيدرالي، يعد من الممكن أن يتكرر سيناريو فوز حماس اخر من جانب الاسلاميين بطرق أخرى. ان نتائج تطابق الناسيوناليستية الكردية الحاكمة لنفسها مع ظروف الاحتلال الامريكي و الارهاب الاسلامي، وكذلك استمرار الفساد الذي خلقته أداراتهم بوسعه أن يدفع بمصير كردستان نحو الخطر الذي يواجه الفلسطينين الان. لذلك ان سبيل انفصال كردستان و أقامة دولة مستقلة هما سبيل حل وحيد و ملائم لابعاد كردستان من شبح ذلك المستقبل المظلم الذي يغط به الشرق الاوسط في ظل الحرب الارهابية الامريكية و الاسلامية السياسية وصراع القوى القومية و الاسلامية على السلطة كذلك.

‏26‏/01‏/2006