النقد الادبي و النشر الالكتروني والناقد داود سلمان الشويلي


احمد خويلدي
2017 / 5 / 13 - 20:40     

النقد الادبي و النشر الالكتروني والناقد داود سلمان الشويلي
حاوره :احمد خويلدي - تونس
الناقد والروائي والقاص العراقي داود سلمان الشويلي غني عن التعريف ، فقد اصدر منذ عام 1986 وحتى عام 2000 سبعة كتب في العراق وسوريا ، وبعد عام 2003 نشر كتبه ودراساته على الانترنيت في مواقع فكرية و ادبية مهمة ، ومازال ينشر ما يكتبه من دراسات نقدية في الشعر والرواية والقصة في اهم الصحف والمجلات العراقية والعربية ،وفي المواقع الادبية ، وله دراسات في الفكر الاسلامي ، طرحنا عليه بعض اسئلتنا فكان هذا اللقاء .
س / باعتباركم من النقاد المعروفين في الساحة الادبية والنقدية العربية, ما هو وضع النقد العراقي؟
ج / قبل كل شيء انا استخدم كلمة ( فحص ) بدلا من النقد ، وعندما استخدم هذه المفردة يجب ان يفهم منها ما اقوم به من فحص للنص ، أي نص ، وبناء على ذلك اقول :لا يمكن ان نفصل بين الحالة العامة للحياة في العراق او الوطن العربي عنها في الكتابة الادبية ، ذلك لان الصراعات ان كانت سياسية او دينية او ايديولوجية او غيرها ستؤثر حتما على انجاز النقاد بصورة مباشرة او غير مباشرة لانها تؤثر في الكتابة الادبية ، شعرا او رواية او قصة.
"النقد" هو ممارسة ثقافية لا تأتي من فراغ ، انها تتبع النص المكتوب ، الا انها تفترق عنه في الآن نفسه ، لان ما تريد قوله يختلف عما قاله النص .
النقد في العراق وقع تحت هذه الطائلة.
هناك مدرستان للنقد في العراق ، احداهما تقدم انطباعات عن النص ، والاخرى تدرس النص لفحصه وتحليله (النص الحقيقي ادبيا وجماليا ) لبيان كفاءته الجمالية ، وبلاغته النوعية المطلوبة .
أن الغاية من النقد في النهاية هو إقامة صلة نقاشية مع النصوص المنقودة، لاستنطاقها واظهار ما فيها ، وهذا يحيلنا الى سؤال النقد المطروح في الساحة وهو هل المطلوب نقد ادبي او نقد ثقافي ؟
س / كنت اريد ان اسالك عن ذلك فيما بعد وطالما طرحت هذا التساؤل فانا اسالك عنه .
ج / في عام 1997 في تونس اطلق الناقد عبد الله الغذامي دعوته عن موت النقد الادبي واحلال النقد الثقافي بدلا عنه ، اي في تحويل الاداة النقدية من النقد الادبي ، اي من قراءة الجمالي الخالص الى اداة لقراءة الخطاب وكشف انساقه ، لان النقد الثقافي يبعدنا من التفريق بين النص الراقي والنص الهابط ، بين الشعبي والنخبوي لتجنب المواقف الايديولوجية .
النقد الثقافي الى حد ما ، مارسته في دراساتي الاربعة عن الف ليلة وليلة التي ضمها كتابي (الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية) المنشور عام 2000 في سوريا ، اذ تقاسمها النقد الادبي والنقد الثقافي الى حد ما، اذ درست انساق الخطاب الالف ليلي ، وكذلك استخدمته في كتابي الاخر (الذئب والخراف المهضومة) ،وفي جميع دراساتي الاخيرة .
س / كيف تفرق بين الاثنين .
ج / توقف الى حد ما النقد الذي معناه " تقويم وتقيم و تميز الجيد من الرديء " لدراسة النص الادبي منذ الستينيات من القرن الماضي في العراق على اقل تقدير ، واخر ناقد كان يتناول النص الادبي بالنقد الادبي من هذا النوع هو الدكتور علي جواد الطاهر ، وكذلك ما كتبه الدكتور عبد الاله احمد اذ قدما ما يمكن ان يكون نقدا ادبيا للنص السردي خاصة.
في الستينيات والى حد ما في بداية السبعينيات من القرن الماضي بدأت حركة ثقافية تتصاعد في المجال الادبي فقدمت بحذر وحياء نقدا ثقافيا للنصوص الادبية وتناست التقويم والتقيم ، اذ اتجهت كليا نحو نقد النص نقدا ثقافيا من خلال تقديمه كشوفا ثقافية تنهل من كل مجالات الموروث الذي امتلأ فيه النص الشعري او السردي ، من اساطير وخرافات وعادات وتقاليد ... الخ من موروثاتنا العربية او الاجنبية ، كاستخدامات الشاعر السياب لاساطير الاغريق والرومان ، وبعدها بدأ استخدام الاساطير بشكل واسع وعريض ، فاحتاج النص عند ذلك الى نقد يدرس العلاقة التي تربط النص بهذه الموضوعات ، فبرز عند ذاك النقد الثقافي الذي درس النص من كل جوانبه.
ارى ان النقد الثقافي قد وسع من مجال الابداع .
س / هل يعاني النقد من أزمة ؟ وهل هي ازمة مناهج؟
ج/ صدقني لا اجانب الصواب عندما اقول ان الازمة هذه قد بدأت منذ ان وجد النقد وستبقى مرافقة له حتى ينتهي النقد من الوجود عند انتهاء الكتابة فكرية او ادبية ، لانها – أي الازمة - في الاساس هي عبارة عن اسئلة تطرح على النص الابداعي والفكري .
النقد هو كذلك فما دام هناك نقدا فأن هناك ازمة ايضا ، وسبب هذه الازمة هو النص الابداعي وليس النص النقدي اذا صحت التسمية .
فعندما تخلق نصوص ابداعية جيدة حسب شروط النوع ، يخلق معها النص النقدي ، لانه لا وجود للنص النقدي بعيداً عن النص الابداعي ، فهما متكاملان ، احدهما يكمل الاخر .
ان وجود العشرات من المناهج النقدية (الاوربية حتما ) فإنها مطروحة في الطريق كما يقول الجاحظ عن المعاني الشعرية ، النص هو يأتي بمنهجه لكي يفحص ويحلل ،وعندما تقرأ النص تتشكل عندك ملامح ذلك المنهج النقدي ، وعندما تنتهي من كتابتك فانك ستجد ذاك النص قد فحص وحلل من قبل منهج ما لا تعرف ما هو في البداية ،ربما هو المنهج النفسي او المنهج الواقعي او .. او .. او مجموعة مناهج اشتركت في تحليل وفحص ذاك النص.
س/ ما هو رأيك بالنشر الالكتروني ؟
ج/ لكل زمان آلياته وادواته ، فاذا كان السومريون يكتبون على لوح طيني برأس قصبة ، والفراعنة يكتبون على الواح البردي ، ثم تقدمت آليات الكتابة الى القلم والورقة في وقت تداخلت فيه الاليات حيث وصل الامر الى الورقة الافتراضية والكيبورد ، فحتما سيتقدم النشر ، وهو طريق جديد لزيادة القراء بلا ثمن ، وبلا رقيب .
النشر الالكتروني فتح افاقاً جديدة امام االاديب والفنان والمفكر فعليهم حسن استخدام هذه الوسيلة المتقدمة .
س/ هل وجدت كتبك ودراساتك في هذه الوسيلة طريقاً للنشر ؟
ج/ نعم ، نشرتها كلها ، الكتب الفكرية والكتب الادبية ، وكذلك كتبي غير المنشورة على الورق قبل ان يصلنا الانترنيت وتنتشر المواقع الالكترونية التي تعني بنشرها.
س / الى أي الكتابة تميل ؟ الى النص الابداعي ام الى النص النقدي على الرغم من انه نص ابداعي ايضا ؟
ج/ نعم، الاثنان ابداعيان .
الذائقة النقدية والفكرية هي البوصلة التي تهديني إلى قول شيء ما وفي أيّ مجال كان من تلك المجالات،فحتّى النّقد والبحث الإسلامي فيهما إبداع ، وإذا كنت قد أبدعت في مجال القصّة أو الرّواية فإنّني أجد كتاباتي الأخرى ليست بعيدة عن الإبداع ، إنّها من صميم الإبداع ، وفيها الكثير منه.
لا فرق عندي بين الإثنين ، الكلّ فيه إبداع ، والإبداع يأتي من ذائقة الكاتب الإبداعية، وليس من الموضوع ، أو التخصصّ ، طالما أنّك تحب الإثنين.
شكرا على الإجابة و اتمنى لك التطور والازدهار فيما تكتب .
الاديب داود سلمان الشويلي قد صدر له الكتب التالية:
– القصص الشعبي العراقي من خلال المنهج المورفولوجي – دراسة – بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة -1986 .
- ابابيل – رواية – بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة- 1988 .
- طائر العنقاء – قصص قصيرة – بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة- 1988 .
- طريق الشمس – رواية – بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة -2001 .
- الف ليلة وليلة وسحر السردية العربية – دراسات – اتحاد الكتاب العرب – دمشق – 2000 .
- الذئب والخراف المهضومة – دراسات في التناص الابداعي – بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة- 2001.
- النهر يجري دائما – نصوص ابداعية فائزة في المسايقة الابداعية لوزارة الثقافة لعام 2000 – مع مجموعة من الادباء - بغداد – دار الشؤون الثقافية العامة –2000.
وله اكثر من ثلاثين كتاباً منشورا في المواقع الالكترونية المعنية بنشر الكتب .