الشعوذة الكوزمولوجية الكبرى للدكتور زغلول النجار!


جواد البشيتي
2017 / 5 / 8 - 23:02     


جواد البشيتي

سألته كم استغرق من زمن خلق الله للسماوات والأرض وما بينهما فأجابني بخريطة زمنية مستوحاة من شعوذات الدكتور زغلول النجار!
مُكْتَشِف "الإشارات القرآنية (إلى كل الاكتشافات والحقائق العِلْمية من فيزيائية وكوزمولوجية وكيميائية.."، الدكتور النجار اكتشف "إشارات قرآنية إلى عُمْر الكون".
وفي أمْر هذا "الاكتشاف" قال الآتي:
لقد ذكر القرآن الكريم في كثيرٍ من آياتـه أنَّ الله تعالى خلق الكون في ستـة أيام.. "وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (ق ـ 38)"؛ أمَّا عن الأيام فالمقصود بها مراحل أو حقب زمنية لخلق الكون وليست الأيام التي نعدها نحن البشر بدليل عدم وجود عبارة "مم تعدون " في جميع الآيات التي تتحدث عن الأيام الستة للخلق كما في قوله تعالى: "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (هود ـ 7)". وقوله: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (السجدة ـ 4)".
وهنا نلاحظ أنَّ اليوم في سورة السجدة آية (4) يمثل مرحلة من مراحل الخلق، أما اليوم في الآية (5) فهو من آياتنا التي نعدها بطلوع الشمس كل يوم. والسؤال الآن هو ما هي هذه الأيام أو المراحل الستة وكيف يمكن تقسيمها كونياً؟ والعلم يقدر عمر الكون بين 10 ـ 20 مليار سنة .
الإشارة القرآنية: قال تعالى: "قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (فصلت ـ 9)".
طبقاً لهذه الآيات فإنَّ الأيام الستة للخلق قسمت كما أجمع المفسرون إلى ثلاثة أقسام متساوية كل قسم يعادل يومين من أيام الخلق بالمفهوم النسبي للزمن .
أولاً: يومان لخلق الأرض من السماء الدخانية الأولى:"قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (فصلت ـ 9)". و"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (الأنبياء ـ 30)".
ثانياً: يومان لتسوية السماوات السبع: "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (فصلت ـ 11)". وهذا يشير إلى الحال الدخانية للسماء بعد الانفجار الكوني العظيم بيومين حيث بدأ تشكل السماوات فقضاهن سبع سماوات في يومين .
ثالثاً: يومان لتدبير الأرض جيولوجياً وتسخيرها للإنسان. قال تعالى: "وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (فصلت ـ 10)"، مما يشير إلى جبال نيزكية سقطت واستقرت في البداية على قشرة الأرض فور تصلبها بدليل قوله "من فوقها"، و"بارك فيها أقواتها"، أي قدر أرزاق أهلها .
"في أربعة أيام سواء للسائلين"، أي تمام أربعة أيام كاملة متساوية بلا زيادة و لا نقصان للسائلين من البشر عن مدة خلقها وما فيها. و يرى جميع المفسرين أنَّ هذه الأيام الأربعة تشمل يومي خلق الأرض و يومي التدبير الجيولوجي لها.
ويتضح مما سبق:
1ـ تساوي الأيام زمنياً، وإلا لما أمكن جمعها وتقسيمها إلى ثلاثة مراحل متساوية.
2ـ التدبير الجيولوجي للأرض حتى وصول السائلين (الإنسان ) أستغرق يومين من أيام الخلق الستة، أي أستغرق ثلث عمر الكون. وحيث أن التدبير الجيولوجي للأرض منذ بدء تصلب القشرة الأرضية وحتى ظهور الإنسان قد استغرق زمناً قدره 4.5 مليار سنة طبقاً لدراسة عمر الأرض إذاً عمر الكون يساوي 13,5 (4,5 × 3) مليار سنة. وهذا الرقم يقارب ما توصلت إليه وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مؤخراً و ذلك باستخدام مكوك فضائي مزود بمجسات متطورة جداً لدراسة الكون حيث قدرت عمر الكون بـ 13,7 مليار سنة.
انتهت "المقالة ـ الاكتشاف".
أوَّلاً، وقبل أن نبدأ، لا بدَّ من إظهار "السبب الخفي" الذي حَمَلَ الدكتور النجار على نَبْذ تفسير "أيام الخَلْق الستة" على أنَّها ستة أيام من الأيام الأرضية.
إذا وُلِدَ عشرة أطفال، مثلاً، في ستة أيام فإنَّ الولد الأخير، أو العاشر، ومهما كَبْر عُمْراً، يظلُّ أصغر من الولد الأوَّل بما لا يزيد أبداً عن ستة أيام، فإذا أصبح عُمْرُ الولد الأوَّل 100 يومٍ، مثلاً، فإنَّ عُمْر الولد الأخير لن يكون أبداً أكثر من 100 يومٍ، أو أقل من 94 يوماً. مهما كبر الولدان الأوَّل والأخير فإنَّ الفَرْق في العُمْر بينهما يظلُّ ثابتاً لا يتغيَّر، ويظلُّ دائماً أقل من ستة أيام؛ وهذا الفَرْق هو ما يسمَّى في الرياضيات "ثابت التغيُّر".
قياساً على ذلك، لا يُمْكِن أبداً أن يزيد الفَرْق في العُمْر بين كوكب الأرض والشمس، مثلاً، ومهما كبرا عُمْراً، عن ستة أيام، فإذا كان عُمْر الشمس الآن (والمخلوقة قبل كوكب الأرض بحسب علوم الكون) 5000 مليون سنة فإنَّ عُمْر كوكب الأرض يجب أن يكون أقل من 5000 مليون سنة بيومٍ، أو يومين، أو ثلاثة أيام، أو أربعة أيام، أو خمسة أيام؛ لكنَّه لن يكون أبداً أقلَّ من عُمْر الشمس هذا بسبعة أيام، أو بألف يوم، أو بمليون سنة، أو ببليون سنة.
وفي مثال آخر، يجب أن يكون كوكب الأرض أكبر عُمْراً من النوع البشري بيومٍ، أو يومين، أو ثلاثة أيام، أو أربعة أيام، أو خمسة أيام، فقط.
لقد أراد الدكتور النجار الخروج من هذه الورطة "الرياضية ـ الكوزمولوجية" فأوقع نفسه في ورطة أكبر.
والآن، لِنَبْدأ من الآية 38 من سورة "ق"، والتي جاء فيها: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ".
لو عُدْنا إلى "التفاسير القديمة"، أي إلى ما قبل "تفسير النجار"، لَمَا عَثَرْنا على أيِّ معنى من المعاني التي تَضَمَّنها "تفسير النجار"، ففي "تفسير الجلالين" على سبيل المثال وَرَدَ الآتي:
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَات وَالأرْض وَمَا بَيْنهمَا فِي سِتَّة أَيَّام" أَوَّلهَا الأحَد وَآخِرهَا الْجُمُعَة، "وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب"، أي تَعَب، نَزَلَ رَدًّا عَلَى الْيَهُود فِي قَوْلهمْ: إنَّ اللَّه اسْتَرَاحَ يَوْم السَّبْت وَانْتِفَاء التَّعَب عَنْهُ لِتَنَزُّهِهِ تَعَالَى عَنْ صِفَات الْمَخْلُوقِينَ وَلِعَدَمِ الْمُمَاسَّة بَيْنه وَبَيْن غَيْره "إنَّمَا أَمْره إذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون".
"الخالق" إنَّما هو الله؛ و"المخلوق" إنَّما هو "السماوات والأرض وما بينهما"؛ و"مُدَّة الخَلْق" هي "ستة أيام"، هي، في "التفاسير القديمة"، أيام الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة؛ أمَّا "يوم السبت" فـ "معناه القرآني" يختلف تماماً عن "معناه اليهودي (أو التوراتي)"، فالله لا يَتْعَب (لأنَّه الله) حتى يَصْدُقَ زَعْم اليهود أنَّه "استراح" في ذلك اليوم.
العبارة القرآنية "ولقد خَلَقْنا" إنَّما تعني أنَّ "الخَلْق"، الذي يعني "خَلْق السماوات والأرض وما بينهما"، فِعْلٌ إلهي انتهى وتمَّ، أي أنَّه، لغةً، "فِعْلٌ ماضٍ"، فهو ليس بـ "مضارع"، وليس بـ "مستقبل". لقد بدأ (بحسب "التفاسير القديمة") يوم الأحد، وانتهى مساء الجمعة.
وأنتَ يكفي أنْ تفهم "أيام الخَلْق الستة" في معناها هذا، أي على أنَّها من أيام الأسبوع الأرضي، حتى لا ترى من حاجةٍ إلى تضمين تلك الآية (وأشباهها) عبارة "مِمَّا تَعُدُّون"، فهل بَطُل "عَجَب" الدكتور النجار بعدما وَضُحَ "السبب"؟!
"المُنْجِد"، "المُبْدِع"، لم يَرُقْهُ هذا التفسير (القديم) فقد تناهى إلى سمعه أنَّ "ناسا" حَسِبَت "عُمْر الكون"، فتوصَّلت إلى أنَّه 13.7 بليون سنة (13700 مليون سنة).
الآن، اُنْظروا إلى ما قام به هذا "العبقري".
لقد أَخَذَ الرقم 13.7 بليون (سنة) وقَسَّمَهُ على الرقم 6 (أي أيام الخَلْق الستة) فكانت النتيجة هي الرقم 2.2 بليون (سنة).
ولو كان لهذا "العبقري" أنْ يعيد كتابة تلك الآية لكتبها على النحو الآتي: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي 13.7 بليون سنة وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ"!
وأنتَ يكفي أنْ تُتَرْجِم العبارة القرآنية "ستة أيام" بـ "الرقم النجَّاري" 13.7 بليون سنة حتى تَفْقِد العبارة القرآنية "وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ" معناها، فإنَّ هذه العبارة تَسْتَمِدُّ معناها ليس من "إطالة" مُدَّة الخَلْق، وإنَّما من "تقصيرها"!
إذا أنتَ كنتَ صحافياً، وكَتَبْتَ مقالة صحافية طويلة جدَّاً في ستة دقائق، فقد أسألكَ في دهشة قائلاً: "ألَمْ تتعب؟!"؛ أمَّا لو كتبتها في ستة أشهر فإنَّ الحاجة إلى هذا السؤال (المليء دهشةً) تنتفي!
لو سُئِل الدكتور النجار عن "مقدار كل يوم من أيام الخَلْق الستة" لأجاب على البديهة قائلا: "2.2 بليون سنة أرضية"؛ أمَّا أنا فأسأل السؤالين الآتيين:
ما مقدار كل يوم من أيام الخَلْق الستة إذا ما توصَّلت "ناسا"، أو غيرها، مستقبلاً، إلى أنَّ "عُمْر الكون" أكبر، أو أصغر، من 13.7 بليون سنة؟
ولو ظل الدكتور النجار على قَيْد الحياة إلى أنْ كَبُرَ الكون أكثر، وأصبح عُمْره، مثلاً، 50 بليون سنة، فكم يصبح مقدار كل يوم من أيام الخلق الستة؟
لا شكَّ في أنَّ السؤال الثاني قد يصعق القائل بقول النجار أكثر من السؤال الأول، فإذا ما أراد أنْ يجيب عنه، بما يوافِق المنطق المتهافت ذاته للنجار فلا مناص له من أنْ يجيب قائلاً: "إنَّ كل يوم من أيام الخَلْق الستة يَعْدِل 8.3 بليون سنة"!
لقد خلط بين أمرين لا يخلط بينهما إلاَّ "رَجُل خَلْط"، فـ "مُدَّة الخَلْق (خَلْق الكون)" هي شيء، و"عُمْر الكون" هو شيء آخر مختلف تماماً. إنَّه لم يميِّز "عُمْر الكون" من "مُدَّة خَلْقِه"!
لقد ابتنى الدكتور النجار منزلاً فخماً له من اتِّجاره بالأوهام التي لها في مجتمعنا سوقاً واسعة مزدهرة. ابتناه في زمن مقداره 6 أشهر. وقد انتهى من بنائه سنة 2009 مثلاً.
لو سألْتَ هذا "العبقري" الآن (أي سنة 2017) عن "مُدَّة" خَلْقِه لمنزله لأجابكَ على البديهة قائلا: "نحو 8 سنوات"!
ولو سألته السؤال نفسه سنة 2019 لأجابكَ على البديهة قائلاً: "نحو 10 سنوات"!
إنَّه لا يُمَيِّز "عُمْر" منزله، والذي هو الآن (أي سنة 2017) نحو 8 سنوات، من "مُدَّة" خَلْقِه لهذا المنزل، والتي هي 6 أشهر؛ ولسوف تظلُّ إلى الأبد 6 أشهر!
إذا كان الرقم 13.7 بليون سنة يَعْدِل "عُمْر" الكون و"مُدَّة" خَلْقِه أيضاً، فهذا إنَّما يعني أنَّ الله قد انتهى من خَلْق الكون قبل بضعة آلاف من السنين، أو غداة مَوْلِد النجار!
وهذا المعنى إنَّما يعني أنَّ الله لَمْ ينتهِ بَعْد من خَلْق الكون؛ ذلك لأنَّ الكون مستمرٌ، يَكْبُر عُمْراً!
وفي مثالٍ افتراضي آخر نقول:
لقد ابتنى الدكتور النجار بناية مؤلَّفة من ثلاث طوابق، اسْتَغْرَق بناؤه لها 13.7 بليون سنة، فكم "عُمْرها"؟
إذا انتهى من بنائها قبل 3 أشهر فَعْمرها الآن 3 أشهر؛ أمَّا إذا انتهى من بنائها (الذي اسْتَغْرَق 13.7 بليون سنة) قبل 13.7بليون سنة، فَعْمرها الآن 13.7 بليون سنة.
عُمْر الكون 13.7 بليون سنة.. وبحسب "اكتشاف" الدكتور النجار، اسْتَغْرَق "خَلْق" الكون 13.7 بليون سنة، تَعْدِل "الستَّة أيَّام"!
في سورة "السجدة"، وفي الآية 4 منها، نقرأ: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ"؛ أمَّا في الآية 5 منها فنقرأ: "يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ".
الدكتور النجار، وعن عمد، ضَرَب صفحاً عن الآية 5 من سورة "السجدة". وضَرَب صفحاً عن الآية 47 من سورة "الحج"، والتي نقرأ فيها: "وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ".
الله خَلَق "السماوات والأرض وما بينهما" في ستة أيام أرضية، هي (بحسب "التفاسير القديمة") أيام الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة؛ أمَّا في الآية 5 من سورة "السجدة" فثمَّة حَدَثٌ إلهي، إذا استغرق حدوثه يوماً واحداً، بحسب "الساعة الإلهية"، فإنَّ هذا اليوم الواحد يَعْدِل ألف سنة أرضية. وهذا "الحَدَث" تشير إليه العبارة القرآنية "ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ".
وإذا كان هذا "اليوم الواحد" هو "اليوم عند الله على وجه الإطلاق" فهذا قد يعني (أقول "قد") أنَّ الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام "إلهية" تَعْدِل 6000 آلاف سنة أرضية.
ولو فسَّرنا ذلك اليوم (الإلهي) الذي يَعْدِل ألف سنة أرضية (أو مِمَّا نَعُدُّ) بما يوافِق "نسبية الزمن" عند آينشتاين لتوصَّلْنا إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ "الزمن الإلهي" متمدِّد، أي بطيء، وأنَّ "الزمن الأرضي" متقلِّص، أي سريع، فـ "اليوم الإلهي" إنَّما يَعْدِل ألف سنة أرضية.
والزمن، بحسب نظرية آينشتاين، لا يتمدَّد، أي لا يتباطأ، إلاَّ في إحدى ساعتين: الساعة في جسم تسارع حتى قارب سرعة الضوء، والساعة في جسم كوني (كوكب أو نجم مثلاً) قوي الجاذبية؛ أمَّا "الكاف" في عبارة "كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" من الآية 47 من سورة "الحج" فتؤثِّر في معنى "اليوم" في العبارة القرآنية "وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ". وهذا التأثير قد يجعل لـ "اليوم" في هذه الآية معنى "اليوم عند الله على وجه الإطلاق"، فيجوز، من ثمَّ، أنْ نَسْتَنْتِج أنَّ الله خلق السماوات والأرض وما بينهما في 6000 آلاف سنة أرضية. وبسب "الكاف" يمكن أنْ نَقِفَ على معانٍ أُخرى.
والتجاهل الأعظم كان تجاهل الدكتور النجار للآية 4 من سورة "المعارج"، والتي جاء فيها: "تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ"؛ فهنا، أيضاً، ليس من ذِكْرٍ لعبارة "مِمَّا تَعُدُّون"!
وإذا كان (أو صحَّ أنَّ) اليوم عند الله يَعْدِل 1000 سنة "مِمَّا نعد نحن البشر"، أو 50000 سنة، فإنَّ اليوم (من أيَّام الخَلْق الستَّة) يَعْدِل عند الدكتور النجار 2200 مليون سنة أرضية؛ فاخْتاروا أحد "الحسابين للزمن".. "الحساب الإلهي" أو "حساب النجار"!
والآن، اسْتَعِرْ من هذا "العبقري"، الدكتور النجار، عقله حتى يَسْهُل عليكَ الاقتناع بأنَّ الله أنْفَق من وقته نحو 9 بلايين سنة (لا غير) في خَلْق وإتْمام خَلْق "كوكب الأرض"، وبأنَّ "ما بقي من الكون"، أي السماوات وما بينها وبين الأرض، والذي يَعْدِل 99.9999999999999999999 منه قد اسْتَغْرَق خَلْقه نحو 4.5 بليون سنة!
مجنون يحكي وعاقل يَسْمَع.. كوكب الأرض، الذي يَعْدِل قطرة في بحر، بل في محيط، الكون، اسْتَغْرَق خَلْقُه نحو 9 بلايين سنة؛ وسائر الكون اسْتَغْرَق خَلْقُه نحو 4.5 بليون سنة فحسب!
أُنْظروا الآن في "خُطَّة الخَلْق (الإلهية)" كما بسطها لنا الدكتور النجار. بحسب هذه "الخٌطَّة"، بدأ الخَلْق بخَلْق "الأرض"؛ وقد اسْتَغْرَق هذا الخَلْق نحو 4.5 بليون سنة. وفي "المرحلة الثانية" من "الخُطَّة"، خَلَق الله "السماوات السبع"؛ وقد اسْتَغْرق هذا الخَلْق نحو 4.5 بليون سنة. وفي "المرحلة الثالثة (والأخيرة)"، عاد الله لـ "يِسْتَكْمِل" خَلْق "الأرض"؛ وقد اسْتَغْرَق هذا العمل الإلهي نحو 4.5 بليون سنة.
بالله عليكم جيئوني ولو بعالِمٍ كوني واحد يجرؤ على أن يُخْبِر طفلاً أنَّ "كوكب الأرض" هو أوَّل ما خُلِقَ من الكون (خُلِقَ حتى قبل أن تُخْلَق الشمس)!
"العبقري" النجار قال، وكأنَّ مستمعيه قَوْمٌ من الأغبياء، إنَّ الله، وفي يومين، "خَلَق الأرض من السماء الدخانية الأولى"؛ وهذه "السماء الدخانية الأولى" هي، بحسب "اكتشافه" هو أيضا، ما تَمَخَّضَ عنه "الانفجار العظيم" Big Bang. وهذا "الانفجار" يفهمه الدكتور النجار على أنَّه الأمر الإلهي بـ "الفَتْق".
في "آية الخَلْق الكبرى" نقرأ: "أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ".
إذا كان "الانفجار العظيم" هو "الفَتْق" فغنيٌ عن البيان أنَّ "الأرض" لم تُخْلَق من "السماء الدخانية الأولى"، التي جاء بها هذا "الانفجار".
وغنيٌ عن البيان أيضا أنَّ "الأرض" كانت قبل "الانفجار العظيم"، أي قبل "الفتق".. كانت "ملتصقة، ملتزقة، بالسماء، فبدأ "الخَلْق"، من ثمَّ، بـ "فَصْل" إحداهما عن الأخرى.
قبل أن يبدأ الخَلْق مع أيَّامه الستَّة، كانت "الأرض" و"السماء" مُرتتقتين؛ ثمَّ فَصَلَ الله بينهما إذ أصْدَر أمْر "الفَتْق"، الذي يفهمه الدكتور النجار على أنَّه "الانفجار العظيم".
ويتطرَّف الدكتور النجار في "عبقريته"، فـ "يكتَشِف" أنَّ "الجبال" في الأرض قد أسْقَطَها الله عليها من فَوْق، أي من السماء. وعليه يسمِّيها "الجبال النيزكية"!
ودليله على ذلك هو الآية "وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا..". ومعنى الآية الحقيقي، والذي لا يحتاج التوصُّل إليه إلى كل هذه "العبقرية"، هو أنَّ الله جَعَلَ فوْق الأرض (وليس تحتها) جبالاً؛ فإذا أنتَ جَعَلْتَ "منزلاً" فوق قطعة من الأرض قد يُفَسِّر الدكتور النجار وجود هذا "المنزل" فوْق الأرض على أنَّه "منزل نيزكي" أسْقَطَه الله على قطعة الأرض تلك من السماء!
بحسب الدكتور النجار انتهى الله من خَلْق السماوات السبع، بما فيها من مجرَّات ونجوم..، قبل نحو 9 بلايين سنة؛ ثمَّ شرع يَسْتَكْمِل خلق "الأرض"؛ وهذا "الاستكمال" استغرق، على ما يَزْعُم، نحو 4.5 بليون سنة.
لِنَعُدْ إلى "آيات الخَلْق الكبرى" في القرآن، ولنحاول فهم معانيها بمنأى عمَّا دسَّه فيها الدكتور النجار من معانٍ، في سعيه إلى إقامة الدليل على أنَّ بذور النظريات الكوزمولوجية الكبرى، وفي مقدَّمها نظرية "الانفجار العظيم"، كانت كامنة فيها حتى بعثه الله ليُظْهِر ما كان كامناً؛ ولنقارِن، من ثمَّ، أو في أثناء ذلك، بين فهمنا لتلك الآيات وبين تأويله لمعانيها، والذي قوامه التدليس بوجهيه اللغوي والعلمي.
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (ق ـ 38)".
"ولقد خلقنا..".. فِعْل "الخَلْق"، هنا، انتهى؛ ولقد انتهى منذ زمن طويل؛ وإتمامه وانتهاؤه مؤكَّدين، لغوياً، بـ "قد"؛ ومؤكَّدين، معنوياً، أي بحسب المعنى، هنا، بالعبارة "وما مسَّنا من لغوب"، فلو أنَّ فِعْل الخَلْق هذا لم ينتهِ بعد، أو لم ينتهِ عند نزول هذه الآية، لانتفت الحاجة إلى قوله "وما مسَّنا من لغوب".
وإذا كان خلق "السماوات والأرض وما بينهما" هو "فِعْلٌ"، أو "حَدَث"، فإنَّ لهذا "الفعل"، أو "الحدث"، "بداية" و"نهاية" في "الزمان"؛ ولقد استغرق "ستة أيام"، أجمعت التفاسير القرآنية السابقة على أنَّها أيام الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، والخميس، والجمعة؛ أمَّا إذا اعترض أحد المُحْدِثين، كالدكتور النجار، على هذا التفسير لـ "الأيام الستة" فإنَّنا نَعْتَرِض على اعتراضه قائلين إنَّ "اليوم" في تلك العبارة القرآنية، أي عبارة "الأيام الستة"، إمَّا أن يكون "يوماً من أيام الأسبوع الأرضي" وإمَّا أن يكون "يوماً من الأيام عند الله"؛ ولن نقبل أبداً "اليوم النجَّاري"؛ لأنْ لا القرآن يُقِره ولا علم الكون.
و"اليوم عند الله"، وبحسب النص القرآني، لا يقلُّ عن ألف سنة أرضية، ولا يزيد عن خمسين ألف سنة؛ أمَّا بحسب "علم الغيب" فإنْ اختلف مقداره عن هذين المقدارين فلن نعرف أبداً هذا "المقدار الافتراضي المُخْتَلِف"، فقد يكون أقل، أو أكثر، من يومٍ أرضي، أو من ألف سنة أرضية، أو من خمسين ألف سنة أرضية.
ومع ذلك، ها هو الدكتور النجار يجرؤ على الادِّعاء بأنَّه عرف شيئاً من "علم الغيب" في هذا الأمر، فهو زعم أنَّ الله قَصَدَ "مراحل زمنية (طويلة)" إذ قال "في ستة أيام"؛ ولقد أجاز لنفسه أن يقول إنَّ اليوم من تلك الأيام الستة يَعْدِل نحو 2200 مليون سنة أرضية، متَّخِذاً من "عدم وجود" العبارة القرآنية "مِمَّا تُعِدُّون" دليلاً على صدق زعمه، فما قوله في الآية 4 من سورة "المعارج"، والتي جاء فيها: "تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ"؟!
هنا، ذَكَر الله كلمة "يوم"، مُقَدِّراً إيَّاه إذ قال "كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ"؛ لكن من غير أن يقول "مِمَّا تُعِدُّون"!
إنَّني لا أعرف من ذا الذي أخبر الدكتور النجار أنَّ "اليوم" من "أيام الخلق الستة" يَعْدِل 2200 مليون سنة "مِمَّا نَعُدُّ"؟!
الله يُخْبِرنا أنَّه قد خلق "السماوات والأرض وما بينهما" في ستة أيام؛ ونظرية "الانفجار الكبير" تُخْبِرنا أنَّ هذا "الانفجار (السحري الغامض)" هو الذي خلق "كل شيء (المادة والكتلة والطاقة والقوى والمكان والفضاء والزمان والجسيمات..)" في زمن يُقاس بأجزاء من الثانية؛ أمَّا الدكتور النجار، الذي له أُفْق يَسَع كل شيء ولا يسعه شيء، فيُخْبِرنا أنَّ الله قد خلق الكون في زمن مقداره 13.7، هو ذاته "مقدار عُمْر الكون" بحسب خبر "ناسا" الذي تناهى إلى سمعه.
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (السجدة ـ 4)".
إنَّنا ندعو الدكتور النجار إلى أنْ يُفكِّر ملياً في العبارة القرآنية "ثمَّ استوى على العرش".
الفعل "استوى" إذا جاء بعده حرف الجر "على" فمعناه، عندئذٍ، هو استقرَّ، أو جلس، على العرش؛ أمَّا إذا جاء بعده حرف الجر "إلى" فمعناه، عندئذٍ، قَصَدَ الشيء، أو توجَّه إليه.
لقد انتهى، منذ زمن طويل، ذلك الفعل الإلهي، أي فعل "خلق السموات والأرض وما بينهما"، بدليل قوله "ثمَّ استوى على العرش"، فكيف لله أن يستوي على العرش إذا كان فعل الخلق لم ينتهِ بعد، أو إذا ما كانت "مُدَّة الخلق" هي ذاتها "عُمْر الكون"، الذي، على ما نعرف، وعلى ما يعرف الدكتور النجار، لم ينفد عُمْره بَعْد؟!
أنتَ يكفي أن تقول بالتماثل بين "مُدَّة الخلق" و"عُمْر الكون"، وبأنَّ "عُمْر الكون" لم ينتهِ بَعْد، حتى يقودكَ هذا "الإيمان" إلى "الكفر"؛ ذلكَ لأنَّ معنى قولكَ بهذا وذاك هو أنَّ الله لم يستوِ بَعْد على العرش!
وأنتَ يكفي أن تقول بهذا التماثل، وأن تزعم، من ثمَّ، أنَّ "أيام الخلق الستة" تَعْدِل 13.7 بليون سنة أرضية حتى لا تَجِد مفراً من أن تزعم عندما يصبح عُمْر الكون 50 بليون سنة، مثلاً، أنَّ "أيام الخلق الستة" ما عادت تَعْدِل 13.7 بليون سنة، وإنَّما غدت تَعْدِل 50 بليون سنة، أي أنَّ اليوم من تلك الأيام الستة، والذي كان حتى كتابة هذا السطر يَعْدِل 2200 مليون سنة، أصبح (إذ أصبح عُمْر الكون 50 بليون سنة) يَعْدِل 8300 مليون سنة؛ ولن ينتهي أبداً هذا التغيير في "المُعادِل الزمني الأرضي" لـ "يوم الخلق"!
"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (هود ـ 7)".
في هذه الآية، نقف على بعضٍ من معاني "الخلق"، فالله الذي عرشه في السماء مُذْ انتهى من خلق "السماوات والأرض وما بينهما" كان عرشه "على الماء" إذ شرع يخلق "الكون".
إنَّ "الله الذي عرشه كان على الماء" قد شرع يخلق "السماوات والأرض وما بينهما، فهل من إشارة قرآنية إلى "الكيفية"، أي إلى كيفية خلق الله للسماوات والأرض وما بينهما؟
أجل، هناك إشارة في الآية 30 من سورة "الأنبياء": "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ".
إذا كان الدكتور النجار يريد لنا أن نفهم خلق "السماوات والأرض وما بينهما" على أنَّه هو ذاته، أو ذاته تقريباً، "الانفجار العظيم" Big Bang، في لغة "الكوزمولوجيا"، فإنَّني أقترح عليه أن ينبذ نظرية "الانفجار العظيم" وأن يأخذ بنظرية "الفتق العظيم"، فـ "الخلق القرآني" لـ "الكون" إنَّما هو فعل "فَتْق" لشيئين كان (قبل الخلق) مرتتقين، ملتصقين، ملتزقين، هما "السماوات" و"الأرض".
وأنتَ يكفي أن تأخذ بـ "الجدول الزمني للخلق"، كما بسطه الدكتور النجار، حتى تتوصَّل إلى استنتاجات لا يقرها عقل أو عِلْم؛ ومن هذه الاستنتاجات أنَّ "الأرض" هي "أقْدَم" شيء في الكون، فهي وُجِدَت ليس قبل وجود الشمس فحسب، وإنَّما قبل وجود مجرَّتنا، مجرَّة "درب التبانة"، وقبل وجود كل ما في الكون من أجسام.
ومنها، أيضاً، أنَّ خلق "الأرض"، على مرحلتين، قد استغرق زمناً مقداره نحو 9 بلايين سنة، في حين لم يستغرق خلق سائر الكون، أي كله تقريباً، أكثر من 4.5 بليون سنة.
وما يسميه الدكتور النجار "التدبير الجيولوجي" للأرض (وهو "أُستاذ علوم الأرض") بدأ إذ "تصلَّبت القشرة الأرضية"؛ وقد استغرق هذا "التدبير الجيولوجي" زمناً مقداره، بحسب حساباته، 4.5 بليون سنة؛ أمَّا القشرة الأرضية فلم تتصلَّب، وبحسب حسابات "أُستاذ علوم الأرض"، إلاَّ بعد انقضاء 4.5 بليون سنة على خلق الله للأرض.
لو أنَّ "أُستاذ علوم الأرض" كتب في رسالته، التي بفضلها نال هذا اللقب الأكاديمي الرفيع، أنَّ خَلْق، أو تكوين، كوكب الأرض قد استغرق (في "مرحلتيه") زمناً مقداره 9 بلايين سنة (لا غير) لقرَّر مانحو هذا اللقب، أو تلك الدرجة، إعادته إلى المرحلة الابتدائية من التعليم المدرسي!
الله خلق آدم في الساعة الأخيرة من "زمن الخلق" الذي استغرق ستة أيام، فلو سُئِل "أُستاذ علوم الأرض" عن "عُمْر" كوكب الأرض عند خلق الله لآدم لاضطُّر، عملاً بمبدأ "اتساق الفكر مع نفسه"، إلى أن يجيب قائلاً: "كان عُمْره 13.7 بليون سنة"!