حول أحداث سورية


حسني كباش
2017 / 4 / 21 - 23:19     

تدور اليوم في سورية رحى حرب كانت قد ابتدأ بانتفاضة جماهيرية نظمت بتنسيقيات ثورية قائمة على التنظيم الذاتي , ثم و بعد التسليح وجدنا أنفسنا أمام مجموعة كبيرة من الفصائل المقاتلة التي تحارب جميعها باسم الثورة , ثورة كانت قد انطلقت تحت شعارات الحرية , الديموقراطية , و الكرامة ثم تحولت اليوم إلى شرزمة لا يعرف له هدف , فهل السبب هو التسليح ؟
نبدأ بأن التاريخ لم يعرف ثورة سلمية , أما ما حدث مما يعرف باسم الثورات الملونة فكان نتيجته سقوط ديكتاتوريات و قدوم نفس الفاسدين الماركسيين الذين كانوا في السلطة قبل سقوطهم , أمر ليس ببعيد عن ثورة اليوم في سورية التي لم تترك فاسدا و لم ترحب به في قيادتها في الخارج , التي لم تعد تعرف إسما إلا و شابه الفساد , أما ما حدث في مصر و تونس فكان نتيجة دخول الجيش إلى العاصمة لأن اعتصاما جماهيريا ضخما حدث في أحد ساحات العاصمة , فلم يعرف التاريخ دخول جيش إلى العاصمة إلا و كانت نتيجته سقوط الحاكم , كاقتحام الجيش لكلية الهندسة في اليونان عام 1973 و دهس الطلاب الذي كان نتيجته مغادرة الرئيش و قدوم وزير الدفاع الذي غادر بعد الحرب القبرصية التركية عام 1974
أما ما كان يجب أن يرافق التسليح فهو سيادة تنسيقيات الثورة على السلاح و انتخاب و عزل قيادات الجيش الحر من قبل التنسيقيات , ليكون الجيش الحر هو جيش التنسيقيات و بالتالي جيش الشعب الثائر برمته - تحت الشعار الذي رفعه المفكر الأناركي ميخائيل باكونين في رده على نيتشاييف (( المجتمع فوق الثورة )) - و ليس عدم الحصول على السلاح من الخارج , فنحن الأناركيين لا نرفض استغلال الخارج بهدف الحصول على السلاح - فداعش كانت تتاجر بالبترول بهدف الحصول على السلاح و لكن ذلك لا يجعلها أفضل من غيرها من الفرق المسلحة في الشارع السوري - و لكننا نرفض أن يكون الحصول على السلاح مرتبط بالولاء للخارج , هذا و لا تقوم الأناركية على شعار الولاء للوطن الذي لا يعني إلا الولاء للرأسمالية , فالوطن يحمل في جعبته الرأسمالي و العامل , و الوحدة الطنية تعني وحدة الرأسماليين مع العمال , التي لا تقوم إلا بقياد الرأسمالي , و بديلا عن كل ذلك تطرح الأناركية ولاء الفرد للجماعة لذلك كان الرفيق مازن كم الماز أول من طرح شعار كل الحكم لتنسيقيات الثورة , تلك التنسيقيات التي كانت إبداعا جماهيريا في مجال التنظيم الذاتي
هذا عدى عن الخطاب الطائفي و الإثني , فتعبير الشرفاء من العلويين الذي لم يسمع إلا على الألسنة الطائفية , لم يحمل في فحواه إلا معنى وجود أقلية خيرة من بين الأقليات يحق لها العيش في سورية ما بعد الثورة , تعبيرا رأى فيه الكثيرون بعبع الخلافة الإسلامية التي ظهرت كحقيقة فيما بعد
أما إثنية البايادي فلم يكن من نتائجها إلا أنانيتهم , إذ رأينا من كانوا ينادون بالمشاعة يحاربون فيما بعد بقيادة ضباط أميركان , أمر كان نتيجة منطقية لنشاط حزب ذو طابع مركزي مهتم فقط بإقليم للأكراد , فالمشاعة هي هدف لا يمكن الوصول له إلا من خلال نضال تجمعات قائمة على التنظيم الذاتي
و لم يكن ذلك فقط ما شاب الثورة السورية بل كانت العقلية التمثيلية التي ظهرت من تعابير مثل (( أنا أتكلم باسم كل الشرفاء )) أو (( فلان يمثلني )) أما الأناركية فهي ترفض كل شكل من أشكال التمثيلية الإكراهية أو الاقتراعية , فلا يمثل امرء إلا نفسه , و لا ينطق باسم التجمع المنظم ذاتيا إلا البيانات الصادرة عن اجتماعاته , و ليس هنالك شخص يمثل بل هنالك رأي يعبر , و بهذا يصبح رأيي رأيك إن عبرك و تلغى حقوق الملكية الفكرية , و عليه تبقى الأناركية هي الطريق الوحيد للشعوب الساعية لتقرير مصيرها بنفسها دون من يحكمها يضطهدها و ينطق باسمها تحت الشعار الذي رفعه المفكر الأناركي برودون (( أن يحكموك يعني أن يضطهدوك )) في عمله ماذا يعني أن يحكموك