رسالة إلى جِنّيّة


وليم نصار
2017 / 3 / 25 - 00:00     

أينها الجنية …
من قرأ علي سحرا أسودا؟
من حاك معك مؤامرة لاخراجك من القمقم .. وتتلبسيني؟

كتبت الجنية:

( هل يحتاج هذا الطفل إلى من يعلمه الحقد؟ هل يحتاج مدرس خصوصي؟ ألا يكفيه أن يتذكر فقط من سلخه عن ثدي أمه ليصبح مفخخا بحب الأرض، يا أحمق؟)..

( لو تركت أمي هناك لمنعت يوسف من الموت … لو أنني شجعتها على السماح له بالقدوم معنا لما أعدمه الصهاينة .. لو قتلتني الرصاصة لافتديت أخي ..)

( أفتح كفي للريح وأقول لها .. لم يبق في يدي شيء .. فماذا بعد؟ من أي جزء من جسدي ستقطع سكين الأيام؟ ما عاد فيّ أجزاء تقطع …)

( استرقت السمع إلى صديقتي وهي توشوش حبيبها بكلمات .. فعدت أدراجي إلى البيت باكية … لم لا أملك أنا أيضا حبيبا مثلها؟ لم تاهت طفولتي وتاه صباي؟ ؟؟..
رحت أكتب هذه الكلمات على الجدار المخبأ داخل مخزن البيت .. آملة أن يأتي الفارس على حصان أبيض فيقرأ رسالة العتاب تلك:
– في محرابي معك .. وفي تلك الزاوية الخاوية .. جيث كنت ألتقي وجهك الذي كان زائري الوحيد … رسمتك آلاف المرات .. حتى امتلأ الجدار كما امتلأ خاطري بالأماني الكاذبات … كنت تأتيني محملا بالحكايا ناسيا كل الهدايا …فتعتذر كما كنت دائما تعتذر .. لم أعاتبك لأنك زائري الوحيد … لم أجادل .. ولم أتذمر كي لا تهرب مني فتسكنني الوحدة .. ولم أدرك كم كنت معك وحيدة حتى غادرتني … وعندما غادرت .. فتشت عنك في الجدران … في خاطري .. في رسومات لوجهك غادرتها الألوان .. فعرفت بعد أعوام أنك لم تأتيني … بل كنت ظلا لشخص زار بيت الجيران) ..

( ها أنا أخرج من رحم جبين من ضاعت طفولتها وهي تبحث عن شكل أمومتها المبكرة .. سأعيد رسم الجدار أملا بعابر يتقن لغة الطفولة … ليقرأها .. ثم يتلوها على مسامعكم ..
بعد أن فاضت ذاكرة الجنية بما لديها لم يتبق سوى قليل من الأسئلة:
هل جربتم مذاق دمع من عين طفلة لا ترى في الكون امرأة إلا أمها؟
هل راق لكم شكل ضفيرتها التي لفحتها الشمس عند باب السجن فابيضت؟
إليك يا قاتل أخي .. أتمنى أن تخلع بزتك العسكرية ذات يوم .. وتأتي لزيارة بيتنا … أريدك أن ترى ما فعلت يداك .. أريدك أن تعرف معنى الحياة في بيت حكمت عليه بالموت.) …



يااااااااه أيتها الجنية ..

استنزفت روحي حتى آخر قطرة … وضاقت بي الأرض …
كل ما أريده الآن أيتها الجنية حضنا دافئا …. وثدي أمي …
هل يستطيع سحرك تحقيق تلك الأمنية؟؟