تهنئة الى رفيقاتي ورفاقي بمناسبة 8 مارس


محمد الحباسي
2017 / 3 / 9 - 21:42     

• تهنئة الى رفيقاتي بمناسبة 8 مارس.
يقول ك. ماركس: إذا أردت أن تعرف مدى تقدم مجتمع ما، فانظر إلى وضع المرأة فيه."
هكذا جعل الفيلسوف الفذ، الذي اعاد تنصيب الفكر الانساني على ساقيه، من مكانة المرأة في المجتمع مقياسا للحكم على مستوى التطور الحضاري الذي بلغه هذا المجتمع. ان تاريخ الانسان هو تاريخ نظرته للمرأة وتاريخ النظرة الى المرأة هو تاريخ الانسانية وتاريخ الانسانية هو تاريخ الصراع الطبقي. ولاتزال وضعية النساء في العالم دون المستوى الجدير بالانسانية المتحررة طالما ان شروط استغلال الانسان لاخيه الانسان لاتزال تني بكلكلها حائلة دون تحرر الانسان وبلوغه سن الرشد الحقيقي.
فالمجتمعات القديمة وباستثناء المرحلة المشاعية قامت كلها على استغلال المرأة والتاطي ككائن مستضعف في التوزيع الاجتماعي للعمل. فمع ظهور الملكية الخاصة خسرت المرأة عرشها الذي افتكه الرجل وتحولت المرأة الى كائن دوني اختصر دوره في القيام بالشؤون المنزلية وتربية الاطفال والعمل في ارض الرجل –زوجها او كبار الملاكين العقارييين-ومع دخول البشرية في مرحلة النظام الاقطاعي الذي ركزت فيها الطبقات الاقظاعية بتحالف مع رجال الدين حكمهم على اساس المشروعية التيوقراطية اللاهوتية اصبح وضع المرأة اكثر فضاعة فتم امتهان كرامتها تحت غطاء الدين وقانون الحرام والحلال وهي الايديولوجيا الجديدة التي اعتمدتها الطبقات المسيطرة انذاك لادامة سيطرتها على النساء وعلى الكادحين عموما ( الزواج الشرعي، الاخلاق الدينية...)وهي ايديولوجيا تقدس الملكية الخاصة وتدعمها باليات حماية متكاملة الوظائف وكانت الاسرة التقليدية القائمة على الرباط الديني المقدس هي اكبر واق لمؤسسة الملكية.
أما المجتمعات الرأسمالية فان وضع المرأة لم يعرف في ظلها تحسنا كبيرا، فالرأسمالية التي لا يهمها الا الربح ومراكمته لم تتعامل المرأة اكثر من كونها اداة انتاج غير مكلفة ولذلك فلئن تزامنت التشكيلة الراسمالية في خروج المرأة الى العمل واكتسابها لاستقلالية نسبية ازاء الرجل فان اضطهاد المرأة في العهد الراسمالي اصبح مزدوجا؛ استغلال داخل الاسرة باعتبار ان المرأة واصلت تحمل مسؤولية الاعباء المنزلية والتربوية التي ورثتها عن العهود القديمة بالاضافة الى عملها الشاق والمضني في المعمل في ظروف الاستعباد الراسمالي ،والاستغلال الجنسي او الاسري هو في نهاية الامر نتيجة للاستغلال الاقتصادي باعتبار ان المحافظة على الشكل القديم للزواج وللعائلة مع تحميل الاسرة وحدها تكاليف الاسرة وتربية النشئ هي سمة ملازمة لنظام حكم البرجوازية التي لا يهمها الا في تحقيق الربح عبر امتصاص دم الكادحين نساء ورجالا.وحتى وان ابدت بعض النسوة البرجوازيات النيرات تمسكا بالدفاع عن التحرر الكامل للنساء فان الشروط الموضوعية التي تعمل الطبقة الحاكمة بنسائها ورجالها على تابيدها لا تسمح للمرأة بتحقيق اشياء ذات بال على طريق التحرر وهي الظروف نفسها التي تفسر استمرار الشكل القديم للزواج الشكل الذي يكون فيه الزواج وحدة اقتصادية تقوم على المصلحة والمنفعة الاجتماعية بدل ان يكون التقاء حرا بين نفسين يتبادلان الاحترام والتقدير. فالمرأة التي تخشى من صروف الزمن وماتخفيه لها منعرجاته تبحث عن زوج يضمن لها ولأبنائها الاستقرار والأمن اما الزوج فيبحث عن امرأة قادرة على مقاسمته تكاليف الحياة الراسمالية الباهضة ويتحول الخوف على مستقبل الزواج والخشية من خسارة العمل وعدم ارضاء المسؤولين في العمل ونتائجه الوخيمة على مصدر الرزق الى سيف مسلط على رقاب الزوجين وهكذا تؤدي الزواج الرسمي البرجوازي وظيفته في الادماج الاجتماعي واعادة انتاج نمط الانتاج الرأسمالي بالاضافة الى الشروط المادية والتربوية والثافية المختلفة التي تتفاعل كلها وتتكامل لتحقيق زظيفة واحدة واحدة هي وظيفة سيطرة الطبقة البرجوازية على الطبقة العاملة وعموم الطبقات والفئات الكادحة والمفقرة. ولتحقيق مزيد من الربح شيأت الرأسمالية كل شيء فحولت المرأة الى وعاء جسدي يمتهن في الاغراء والاستغلال الجنسي وافساد الذوق وفي تخريب الذوق العام بالاضافة الى ماتعانيه المرأة من اضظهاد نتيجة انتعاش الفكر الظلامي التي ينمو ويترعرع في حواضن الفقر التي لا تني تتسع نتيجة سياسة الافقار والتبعية الرأسماليين. هذا الفكر الذي يتبنى رؤسة جسمانية تسيء للمرأة وتختزل وظيفتها الاجتماعية الى مجرد أداة للمتعة والانجاب وتعاملها كعورة ومثار للغرائز الحيوانية الكامنة في الرجل (وكأن الرجل وحش جنسي يثار بمجرد رؤيته لجسد المرأة أو جزء منه) لتجد المرأة نفسها مشدودة باصفاد الاستغلال العديدة؛الاستغلال المادي والجنسي والظلامي التي يعمل الطبقات الرجعية المختلفة بوجهها العصراني الكاذب ووجهها الظلامي القروسطي اعلى تثبيتها بكل الوسائل المادية والمعنوية وتعمل على تشويه شروط تحرر المرأة الحقيقية وتمييع الصراع حتى لا تهتدي المرأة الى حليفها الحقيقي في التحررالكامل و المتوازن ببعديه المادي والمعنوي هذا التحرر الذي لن يكون الا تحت راية الطبقة العاملة طبقة المستقبل التي يعود اليها اقامة فجر الانسانية الوضي فلا تحرر للمرأة الا بالقضاء على الاضطهاد الاقتصادي وعبودية الرأسمال طالما ان كل مصائب المرأة تنبع من وضعيتها الاجتماعية.
لقد توصلت النساء بفضل نضالهن العنيد والدؤؤوب الى انتزاع عدة مكاسب تحاول الرأسمالية المعولمة بكل الوسائل التراجع عنها وضربها لان هذه المكاسب تحد من فرص الربح الاقصى للرأسماليات العالمية وربيباتهات المحلية الجشعة النهابة( انتشار اشكال العمل الهشن، التراجع على تعميم التغطية الاج، اطالة ساعات العمل ) وعلى نساء الطبقة العاملة حمل لواء التحرر النسوي على قاعدته المواطنية والطبقية و مزيد رص الصفوف من أجل افتكاك مكاسب جديدة تسند النساء في نضالهن الطويل من اجل تحرير النساء جنبا الى جنب مع رفاقهم الرجال الذين توحدهم ظروفهم المادية وتدفعهم للتنظم وخوض المعركة ضد عدوهم المشترك ( الرأسمالية العالمية وتوابعها المحلية الطفيلية)
لقد حقق النساء في تونس عدة مكاسب لعل اهمهما البنود التقدمية التي تضمنها دستور 2014 ولابد من النضال من اجل تطوير الترسانة التشريعية حتى تتلائم مع الروح التقدمية للدستورعلى غرار فرض قانون لمناهضة العنف ضد النساء بابعاده المتعددة واقرار التناصف في القوانين الامتخابية في انتظار خوض معركة تعديل القوانين الشغلية والاحوال الشخصية من اجل كسب خطوات اضافية على درب التحرر الحقيقي الذي لن يكون ناجزا الا باقتلاع الجذور الطبقية لاظطهاد الانسان التي تعمل الراسمالية على تثبيتها وترسيخها ولن تتوصل الانسانية الى تحررها الحقيقي الا بدق اخر مسمار في نعش الرأسمالية البربرية.
فالى الامام رفيقاتي ورفاقي من اجل غد افضل للنساء ولعموم الانسانية وكل عام ونحن اقرب الى ذلك.