- موت المؤلف - والتاريخ الاسلامي - القولي والفعلي


داود سلمان الشويلي
2017 / 2 / 14 - 19:38     

" موت المؤلف " والتاريخ الاسلامي " القولي والفعلي "
داود سلمان الشويلي
موت المؤلف من اجتراح الناقد " بارت " لكل نص مكتوب " خاصة النص الادبي " عندما يكون تحت يدي الدراسة والتمحيص والنقد ، لاننا نعد هذا النص مستقلا عمن كتبه بعد ان شاع بين الناس ، فهويتكون من مجموعة من النصوص التي جمعها ونسقها ونظمها كاتبها، اي ان النص هو مجموعة من خراف " نصوص " مهضومة في بطن اسد او ذئب ، وقد اجترحت الناقدة " جوليا كريستيفا ".مصطلح " التناص " ليرتكز عليه هذا المصطلح تعبيرا عن ان النص المحرر بلا مؤلف ، وانما له كاتب يكتبه ، يجمعه وينظمه وينسقه من النصوص التي سبقته ، او جايلته ، او من نصوص الكاتب السابقة .
وليس من باب نقص ما نشعر به ( عقدة الخواجة) ، نقول ان هذه الشيء الذي جاء به اوربي هو قد ذكر في مصادرنا العربية وقد جاء به عربي قبله ، فإن مصطلح " موت المؤلف " قد ذكر في اقوال الاقدمين العرب ليس بهذا العنوان " موت المؤلف " وانما جاء في سياق حديثهم عن القول وقائله ، اي انه لم يحض بهذه السعة من الدراسات والبحوث التي درسته دراسة جعلت له اسسا ومقومات ، وبقي هذا المصطلح على المستوى العربي غير مقنن ، و غير مدرك ، ولا مؤشر .
سأل رجل اثناء معركة الجمل الامام علي بن ابي طالب قائلا : أيمكن أن يجتمع الزبير وطلحة وعائشة على باطل؟
فقال علي للرجل :(إنك لمبلوس عليك، إن الحق والباطل لا يعرفان بأقدار الرجال، اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله).
في هذه العبارة يجمع الامام علي بين القول وقائله ، وبين الفعل وفاعله ، إذ لم يستخدم الامام علي لفظة قول بل استخدم لفظة "الحق " وهذه اللفظة تتطلب القول والفعل في ان واحد ، لان كلمة الحق تقال للكلام وتقال للفعل .
وهذه العبارة تؤكد ان القول هو المفحوص وليس القائل ، اي ان القائل نكرة غير معروف طالما العبارة " القول " هي المعروفة عند الناس ، ان كانت حقا او كانت باطلا ، وهذا ليس معناه اننا نقيسها من وجهة نظر اخلاقية ، وانما من وجهة نظر ادبية .
عليتا ان ننتبه الى القول وليس الى من قال ، لان من قال هو في الكثير من الاحوال غير معروف ، وغير مطلوب هذه المعرفة ، وهذا يعني موته المعنوي .
***
وقيل ايضا : ( لا تنظرْ إلى من قال، ولكن انظرْ إلى ما قال.)
وينسب هذا القول الى الامام علي بن ابي طالب ( راجع : شرح كلمات أمير المؤمنين (ع) - عبد الوهاب لد خوجه امير ادنه وهو ابراهيم بن پير پاشا - لتأريخ 18 / 4 / 1349 ه‍. ش.).
فيما ينسبها البعض الى ابي حيان التوحيدي : ( راجع كتاب" الإمتاع والمؤانسة "، عني به ـ عبد الرحمن المصطاوي، دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت، ط1/ 2004/ ص218) .
هذه العبارة تلخص المعنى الحرفي لما ذكر في القول الاول (اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف أهله).
والقول هذا الذي يمكن ان يكون من ضمن مكونات العقلية الانسانية ، ومنها العقلية العربية ، لم تطبق عند جمع الاثر النبوي على سبيل المثال ،والاخبار التاريخية الاسلامية .
في صحيح البخاري ، وكذلك الصحيحات والمسانيد الاخرى، وايضا في كتاب الكافي للشيخ المفيد ومن جاء بعده ، نظروا الى القائل وفحصوه فحصا دقيقا وتركوا القول الذي ذكره ولم يسألوا انفسهم السؤال الذي مفاده : هل صحيح الحديث ، ام انه عار من الصحة ، وموضوع .
لهذا نجد اغلب ما وصلنا من احاديث نبوية تتعارض مع النص القرآني ، وغير معقولة او مبررة عقليا ، وغير واقعية ، تحمل من الخرافات والفنتازية واللامعقول الكثير ، دون فحص هذا القول .
لهذا نجد الجامعين المسلمين للاثر النبوي قد استخدموا منهجية واحدة وهي منهجية الاسناد المستند على القائل دون القول . ( راجع دراستنا المعنونة " منهجية ( العقل الاسلامي) قراءة اولية في منهجية الاسناد " المنشورة على موقع الحوار المتمدن -العدد: 5395 – 7 / 1 / 2017 ).
ان مصطلح موت المؤلف يفيدنا كثيرا عندما نضع الاثر النبوي (قول وفعل ) تحت مبضع الدارس والباحث للوصول الى الحقيقة .